العدد 4460 - السبت 22 نوفمبر 2014م الموافق 29 محرم 1436هـ

الانتخابات ليست نهاية المطاف

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

يعتقد من لا يمتلكون بعد نظر سياسي وحقوقي، أن فكرة تبني العملية الانتخابية، على أنها يوم القيامة، التي ما بعدها إلا الديمومة، لفريق في الجنة وفريق في النار، ولا نتحدث هنا بالمنطق الديني، بل باللغة السياسية والحقوقية، التي يرون من خلالها أن الانتفاع بالوطن وخيراته هي الجنة، وخارج ذلك هو النار، فيرون وجوب جعل الوطن، جنة لهم وناراً على غيرهم، فيعمدون إلى التحريض على الفرقة بين المواطنين، على خلفية المعتقد المذهبي، التي تنسجم وتوجهات فريق في السلطة، ليستجدوا رضاها، لعلها تجعلهم من أهل جنة قراراتها. والسلطة بدورها تجد في هذه الفرقة الطائفية، مكسباً لها، سواء كانت في مستوى الإشاعة والأداء اللفظي، أو بالممارسة، ولكن المُسيْطَر على محدودية نتائجها، ومن ثم تداركها بما هو متاح، من أجهزة وقوى محلية، وإذا لزم الأمر، فهناك أيضاً القوى الإقليمية، وعلى الصعيد الدبلوماسي والإعلامي، فهناك فريق في المجتمع الدولي.

إلا أنه من خلال ما شاهده العالم وشهدت عليه لجنة تقصي الحقائق البحرينية، التي أنشئت بأمر ملكي وقبلت السلطة نتائجها، وكذلك تقارير وتوصيات مجلس حقوق الإنسان التابع لهيئة الأمم المتحدة، ولا نحتاج هنا إلى الإشارة إلى التقارير والتوصيات، التي أصدرتها الدول الحليفة للسلطة وغيرها، فقد كان بادياً للعيان، كل التجاوزات الرسمية تجاه الحراك الشعبي، وقياداته السياسية والحقوقية وناشطيه الأفراد، بما شكل اليوم عناصر الأزمة البحرينية، الدستورية والسياسية والحقوقية، التي أوصلتنا إلى الموقف من انتخابات 2014، أياً كانت نتائجها، وهو باكورة المواقف وليست جُلّها.

ومن حيث أن الجهات الرسمية، تعلم أن الموقف الشعبي من الانتخابات، بات هو أول مفاصل مرحلة الصراع الجديدة، هذه المرحلة المتسمة بالسلمية في أساسها، والتي تنهي المرحلة، ما بين 14 فبراير 2002 يوم التصويت على الميثاق الوطني، وما تلاه من تفاصيل، وما استتبعه من ممارسات خارج القانون، أبرزها قضايا القتل في الشوارع، والتعدي السافر على المعتقد الديني، والنيل من المعارضين في أعمالهم وأرزاقهم، والإعتقالات التعسفية والقتل تحت التعذيب في السجون، والبلاء كبير! بما حاولت السلطات إعادة التاريخ بسنها قانون السلامة الوطنية، وما ترتب على تطبيقه من تجاوزات، على اعتقاد بإمكانية تكرار مرحلة قانون أمن الدولة سيئ الصيت، الذي استمر إلى ما قبل مرحلة الميثاق، فالزمان تغيّر، والشعب استقى من مراراتها العبر.

وهذه وسيلة انتهجتها السلطة لتعطيل المبدأ الدستوري «نظام الحكم في البحرين ديمقراطي، السيادة فيه للشعب مصدر السلطات جميعاً»، تحت طائلة قانون حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية، وبما ضاعفت فيه من العقوبات، التي استخدمتها في غير مكانها لإسقاط الجنسية عن المعارضين، وبمباركة نواب الشعب، نصاً في الدستور، على خلاف الخيار الشعبي، والواقع المعاش.

هذه المرحلة الجديدة جاءت على غير ما يتمناه البعض، ودعك من سفاهات تطلق هنا وهناك، على لسان محسوبين على هذا المذهب الديني أو ذاك، بما هو خارج العقل الزماني والمكاني والتاريخي، فليس للمذهب أي دور، إلا عند الطائفيين الواهمين بالاستفراد المذهبي على الوطن وخيراته، الذي لن يستطيعوه على حساب الانتماء الوطني.

في البحرين لا يستطيع أصحاب أي مذهب، الاستفراد بالقرار الوطني، فكلا المذهبين الأساسيين، يتقاربان قوةً اجتماعيةً وعدداً، وفوارق ذلك لا توفر لأيٍ منهما الغلبة السياسية، فهناك المكونات المدنية غير الدينية، الخارجة على كلا الجماعتين، كما أن الحال ما عادت كما كانت، من العزلة والاستفراد المحلي، بما تسرح فيها الأنظمة بما ترى دون المحاسبة، وهي عارفةٌ بذلك من خلال تواقيعها على العهود والاتفاقات الأممية. إنما هي تشجّع على إثارة مظاهر الفرقة الطائفية، بالتغافل عن محاسبة المحسوبين عليها من ممارستهم الطائفية، لتشتيت الموقف السياسي وخلخلة الوحدة الوطنية لصالحها بالميل الطائفي، لصالح طرف مجتمعي ضد الآخر، استمراراً للتمييز الطائفي والسياسي، بما يطيل من أمد الأزمة، تكراراً لما عمدت إليه طوال مرحلة قانون أمن الدولة، لإرهاق المطالبين بالعدالة والمساواة، وإجبارهم على قبول الأقل، فيما نعرف أنه لابد قادم.

لذلك أضاع المستشارون بوصلة العقل الوطني، ونسوا أن للبحرين دستوراً وقوانين، مهما ساءت نصوصها، ومهما أسيء تطبيقها، فإن العهود والقوانين الدولية، تقف حائط صد للتجاوزات، فنهجوا اللعب والتلاعب بالترغيب بالأولوية في نيل الخدمات الحكومية، وتوفير المواصلات للمشاركين في الانتخابات، ثم عادوا للترهيب، بأن من لا يشارك في الانتخابات، فستحرمه الدولة من الخدمات، وربما قطعت عنه الكهرباء والماء، بل ربما سلطت عليه عمال النظافة، لجمع القمامة من أمام بيوت جيرانه المشاركين ورميها في بيته! مثل هذه التعميمات، هي إساءة لسلطات الدولة، وللشورى والنواب والقضاء، عبر السكوت عن ممارس الرشوة للمشاركين، وممارسة الإرهاب ضد المقاطعين، بما يعلم ولا يعلم، وفي سكوت السلطة إشارةٌ لرضاها بما أتوا.

والأدهى التناقض في المعلومات ومصادرها، بما يشي بأن بعض الأجهزة قد ترهّلت، إلى درجة أنها لا تملك يقين المعلومة الإحصائية، ففي حين يعلن المدير التنفيذي للإنتخابات، الذي هو رئيس هيئة التشريع والإفتاء القانوني، تعداد الكتلة الانتخابية، أي عدد المواطنين الذين يحق لهم التصويت في انتخابات 2014، نجد وزير العدل يخاطب الأموات منذ سنوات، والمحكومين بأحكام تمنع عليهم ممارسة حقوقهم السياسية، فأي مصادر المعلومات هي الصحيحة؟ مصادر الوزير أم المستشار؟

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4460 - السبت 22 نوفمبر 2014م الموافق 29 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 4:57 ص

      الدولة المدنية

      الدولة المدنية لا يمكن قيامها اوتأسيسها إلا في إطارها العلماني (الغير ديني أو طائفي)الذي بدونه يصبح الحديث عن الدولة المدنية تهريج وخرافة وضياع للجهد والمال والزمن

    • زائر 6 | 2:43 ص

      الديمقراطية

      الديمقراطية لا تصلح الا لدول العلمانية حيث هذه الدول لا يوجدبها النفوذ لاحزاب الدينية مثل الدول الاوروبية و امريكا لا تدخل السياسة فى الدين ولا دين فى السياسة لان الدين و السياسة لك اما الوطن للجميع

    • زائر 3 | 1:36 ص

      الحل موجود

      الحل هو إلغاء الجمعيات الطائفية و منع رجال الكهنوت من التدخل في الشأن العام فنحن نعيش في بلد مختلط طائفياً و الحل الوحيد هو العلمانية

    • زائر 2 | 10:04 م

      أحسنت أستاذ يعقوب كتبت عن ما بداخلنا

      قلت ونقول في البحرين أزمة سياسية وحتى حلفاء النظام الغربيين يقولون أزمة سياسية

اقرأ ايضاً