العدد 4475 - الأحد 07 ديسمبر 2014م الموافق 14 صفر 1436هـ

الناقد المصري محمود قاسم يناقش العلاقة الملتبسة بين الأدب والسينما

في محاضرة بمركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث

الناقد محمود قاسم
الناقد محمود قاسم

المحرق - منصورة عبدالأمير 

07 ديسمبر 2014

تحت عنوان «الأدب والسينما»، وضمن موسم «الحلم هو الأمل»، نظم مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث محاضرة مفتوحة للكاتب والناقد السينمائي المصري محمود قاسم وذلك مساء الاثنين الموافق 1 ديسمبر/ كانون الأول 2014.

المخرج بسام الذوادي قدم الناقد محمود قاسم واصفاً إياه بالسينمائي القدير، الذي يحمل السينما كهم أساسي، والذي لم ييأس رغم كل الإحباطات والحواجز التي بنيت خلال مسيرته، بل استمر في تقديم الكلمة للسينما من خلال نقده وكتبه وقصص الأطفال والموسوعات السينمائية، وأضاف الذوادي بأن قاسم مهموم أيضاً بتاريخ السينما، وليس نقدها فقط، وله في هذا الإطار الكثير من المؤلفات.

بعدها بدأ قاسم حديثه موجهاً شكره لوزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة وللقائمين على مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث، وقال في بداية حديثه إن أفضل أفلام السينما هي تلك المستندة على روايات، وإن أقوى الأفلام في تاريخ السينما بشكل عام هي تلك التي يكون فيها مؤلف القصة ليس هو المخرج. ويضيف «لو نظرنا لتاريخ السينما المصرية سنجد أن أغلب الأفلام القوية مأخوذة عن نصوص أدبية. من منا لم يشاهد فيلم «شباب امرأة» لصلاح أبوسيف. هذا الفيلم لم يستند على رواية، لكنه قام على سيناريو كتبه المخرج مع كاتب قصة قصيرة هو أمين يوسف غراب. وبعد أن قدم الفيلم، تم تحويله إلى رواية وهذا أمر نادر في تاريخ السينما».

واستدل قاسم بأسماء مجموعة من المخرجين الأميركيين والعرب ممن تقوم أعمالهم على سيناريوهات مأخوذة عن روايات أدبية أمثال حسين كمال وعاطف الطيب، وقال «عند ما رحل هؤلاء، تحولت السينما في مصر بشكل خاص إلى «اللمبي»، وأصبح هم السينما الأميركية إحراز الجوائز لأفلام قليلة الأهمية واختفت الأسماء البارزة من السينما الفرنسية».

ومقارناً بين الرواية بشكلها الأدبي وبصورتها السينمائية، قال «متعتي منذ أن كنت صغيراً، أن أقرأ الروايات ثم أشاهد الفيلم المأخوذ منها واستمتع بالاثنين. متعتي تأتي من اكتشافي للفروق بين الاثنين. ومن أهم الروايات التي يمكنني ذكرها كمثال هنا رواية «المستحيل» للكاتب مصطفى محمود التي أخرجها حسين كمال في فيلم قدم من خلالها تجربته التجريبية في السينما، وقدم من خلاله أيضاً المصور عبدالعزيز فهمي ما يسمى بلعبة الكاميرا».

ويضيف «قرأت الرواية أولاً، ثم حين شاهدت الفيلم أذهلني الفيلم واكتشفت أن المصور ساحر. كذلك حدث الأمر لي مع رواية «في بيتنا رجل» لإحسان عبدالقدوس، وعند ذلك المشهد الذي يدور فيه حوار بين عبدالحميد ونفسه، ويمثل دوره رشدي أباظه. هذا المشهد لم يكن بالإمكان تصويره أو أن تنقل الكاميرا الحوار الداخلي الذي يدور في داخل نفس الشخصية، إلا إذا نطق بها الممثل».

ورداً على مداخلات الحضور، التي جاءت استجابة لسؤال طرحه الناقد عن الأفلام التي تلفت النظر للمقارنة مع نصوص الرواية الأصلية التي أخذت منها، وبالتحديد استجابة منه لسؤال أحد الحاضرين عن مدى إخلاص فيلم «عمارة يعقوبيان» إلى الرواية التي أخذ منها، قال قاسم «الرواية ترجمت وقرأت بشكل «مهم» للغاية في جميع الأرجاء»، مضيفاً بأنه حين حضر العرض العالمي الأول للفيلم في مهرجان برلين عام 2006 وحين غنت يسرا أغنية إديث بياف، أصيب الجمهور بالدهشة لأن تكون بياف معروفة في القاهرة. وحيد حامد كاتب سيناريو الفيلم كتب نصاً سينمائياً مبدعاً ملتزماً بشدة بالرواية، لم يغير كلمة واحدة منها.

وأضاف معلقاً «الأدب دائماً وراءه فكر، وليس قصة، الآن نصدم بأن الفكر اختفى وجاء بدله ما يسمى بسينما الضحك والإضحاك. سأعطي مثالاً من فيلم «سبارتكوس»، الذي كتبه كاتب مهم جداً هو هوارد فاست المتبني لقضايا الحريات طوال حياته، والذي تحدث فيه عن عبد تحول إلى سيد. في نهاية الفيلم مشهد يظهر فيه العبد مصلوباً، وتأتي زوجته حاملة ابنهما وتحمل معها صك حرية زوجها ثم تقف إلى جانب جثة زوجها المصلوبة خارج المدينة إلى جانب جثث الثوار المصلوبين، وتقول له «هذا ابنك يا سبارتكوس إنه حر». الفيلم في ثلاث ساعات أراد أن ينقل معنى الحرية. قليل ما نجد كتاب السيناريو في مصر والخليج لديهم فكرة».

ورداً على مداخلة للوسط حول أسباب تفوق الرواية على الفيلم أو العكس، كما حدث مع روايتين لاقتا رواجاً كبيراً وهما رواية «شفرة دافنشي» حيث ظلم الفيلم الرواية التي تحمل جمالية خاصة بتفاصيلها فيما جاء الفيلم استعراضياً هزيلاً، على عكس رواية «مذكرات غيشا» التي بدت رواية مفعمة بكثير من التفاصيل المكررة فيما تقدم عليها الفيلم بأدائه وبإخراجه وبموسيقاه.

قال قاسم «نقطة تفوق الفيلم على الرواية أو تفوق الرواية على الفيلم تعود في الأساس إلى كاتب الرواية والمخرج. هناك فارق شديد وخلاف شديد وكراهية بين كتاب الأدب وكتاب السيناريو».

وحول رواية «شيفرة دافنشي» وفيلمها، قال «الرواية عبارة عن مجموعة من الأفكار الجميلة والجريئة والمعلوماتية والرؤى الفلسفية والدينية، ولا يمكن تحويل كل هذا إلى فيلم. وبالتالي تحول الفيلم إلى أكشن ومغامرات ومطاردات. المخرج كان شاطراً إلى حد ما لكنه بأي حال من الأحوال لم يتمكن من إيصال مسألة شفرة دافنشي وقصة تابعي المسيح الاثني عشر، وصورة مريم المجدلية في لوحة العشاء الأخير. ستبقى هذه الرواية قمة أعمال دان براون. والسينما لم تستطع أن تطال قامة الرواية. بشكل عام ليس هناك قاعدة لهذا الأمر لكن هناك مخرج قوي وآخر ضعيف وكاتب سيناريو قوي وآخر ضعيف.

وفي إجابة على سؤال عما إذا كانت السينما الحديثة تشوه العمل الأدبي خاصة في ظل تصاعد التقنيات الحديثة في الإبهار البصري والسمعي حتى تحول الإبهار إلى غاية في حد ذاته، قال «لكل مخرج نقاط مضيئة في حياته» واستدل على ذلك بسيرة المخرج حسام الدين مصطفى الذي قدم في بداياته مجموعة من الأفلام الضعيفة، لكن حين قُدم له نص إحسان عبدالقدوس «النظارة السوداء» «قدمه بعلو شديد وأعطانا إحساساً أنه مخرج متمكن. وحين قدم رواية نجيب محفوظ «السمان والخريف» قدمها بشكل رائع أيضاً، ثم أخرج بعدها في الثمانينات ثلاثة أفلام مأخوذة عن روايات ديستوفسكي وهي «الأخوة الأعداء» و»سونيا المجنون» و»الشياطين» وكلها أفلام جيدة للغاية».

العدد 4475 - الأحد 07 ديسمبر 2014م الموافق 14 صفر 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً