العدد 4477 - الثلثاء 09 ديسمبر 2014م الموافق 16 صفر 1436هـ

البحرين في اليوم العالمي لحقوق الإنسان... ضحيتان جديدتان... و«الوطنية لحقوق الإنسان» متفائلة

11 مؤسسة حقوقية رسمية وأهلية... والتضاد سيد الموقف

نبيل رجب-عبدالله الدرازي
نبيل رجب-عبدالله الدرازي

استقبلت البحرين، اليوم العالمي لحقوق الإنسان، والذي يصادف اليوم الأربعاء (10 ديسمبر/ كانون الأول 2014)، بضحيتين (رجل أمن ومواطن)، أعقبت سقوطهما في اليومين الماضيين، حملة اعتقالات ومداهمات بقريتي دمستان وكرزكان.

رغم ذلك، تحدث نائب الأمين العام بالمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي، بلغة طغى عليها التفاؤل، معتبراً في تصريح لـ «الوسط» أن «الواقع الحقوقي في البحرين يسير للأفضل، أما الحوادث الإرهابية فهي تحدث في جميع دول العالم ولا يجب أن توقف مسيرة العمل الحقوقي».

في السياق ذاته، امتدحت الأمانة العامة للتظلمات دورها، وبيّنت في ردها على أسئلة «الوسط» أن الأمانة، التي تسعى لتحسين الواقع الحقوقي في البحرين، تعتبر جهازاً فريداً من نوعه على مستوى دول الخليج».

نقيض ذلك، يرى ناشطون حقوقيون أن حقوق الإنسان في البحرين تواجه تحديات جمة، رغم وجود 11 مؤسسة رسمية وأهلية تنشط في الساحة الحقوقية.

«أمانة التظلمات»: نسعى لتحسين الواقع الحقوقي... والشكاوى تَرِدُنا يومياً

توجهت «الوسط» ببعض ممّا في جعبتها من أسئلة للأمانة العامة للتظلمات، والتي قالت: إن دورها يتمثل في العمل على تحسين واقع حقوق الإنسان في البحرين، وتحدثت عن تلقيها شكاوى بصورة يومية.

وتعتقد الأمانة العامة للتظلمات، التي جاءت من رحم التوصيات الصادرة عن اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، أن دورها في تحسين الواقع الحقوقي هو «دور تنفيذي مستقل محدد المهام والصلاحيات، يهدف إلى احترام حقوق الإنسان، والكرامة الإنسانية، وضمان المسائلة في العمل الشرطي».

ولم يفلح اعتبار الأمانة العامة ذاتها، «الجهاز الأول من نوعه خليجياً»، في الحيلولة دون انتقادها من قبل جمعيات سياسية وحقوقيين، ذلك ما يشير إليه الناشط الحقوقي نبيل رجب في رده على سؤال بشأن لقائه الأخير مع الأمين العام للتظلمات نواف المعاودة.

يجيب رجب «بشكل عام نحن مع ما تقوله المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، من وجوب استنفاد كل الأطر المحلية، وهو أمر يوفر مصداقية للشكاوى التي ترفع للمنظمات الدولية، كما أننا مع تشجيع أي مؤسسة حتى لو كانت نتائجها 1 في المئة».

وأضاف «لا نستبعد أن يكون الهدف من تشكيل هذه المؤسسة هو تحسين صورة الحكومة، لكن ذلك لا يمنع من قبولنا بالعمل معها»، مؤكداً أن ذلك لا يعطي أية مؤسسة صك البراءة، بقدر ما يوفر قدرة موضوعية على تقييمها في وقت لاحق.

وتابع «تقييمنا للمؤسسات لا يأتي من دافع سياسي، فنحن نشجع أية مبادرة يمكن لها أن تدفع باتجاه تحسين واقع حقوق الإنسان، والأمانة العامة للتظلمات تبدو غير قادرة على حل الكثير من الإشكاليات والانتهاكات، دون أن يمنع ذلك من العمل معها، ففي العمل الحقوقي لا وجود لحالة القطيعة التامة». معلوم أن دور عمل الأمانة العامة للتظلمات، يتركز على تلقي الشكاوى والتحقيق في أية شكوى بحق أيٍّ من منتسبي وزارة الداخلية، في حال ارتكاب أي فعل مؤثَم، ومخالف للقوانين ولمدونة سلوك الشرطة.

تعليقاً على ذلك، نوّهت «أمانة التظلمات» بصلاحياتها، بما في ذلك زيارة السجون وأماكن رعاية الأحداث وأماكن الحبس الاحتياطي والاحتجاز، والتي توفر لها إمكانية التحقق من قانونية الإيداع وعدم تعرض النزلاء والمحبوسين والمحتجزين للتعذيب، أو المعاملة اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة، لتصبح بذلك أول جهاز مستقل بعد السلطة القضائية يملك صلاحية زيارة السجون وأماكن التوقيف.

ولا تخفي الأمانة العامة للتظلمات، بعض من التحديات التي تعترض طريقها، موضحةً ذلك بالقول: «من أبرز التحديات التي واجهتنا وخاصةً خلال فترة التأسيس الأولى، إعداد الكوادر البشرية المؤهلة والمدربة للعمل في مجال مبتكر ومختص لتلقي الشكاوى وزيارة السجون ومراكز الحبس والتوقيف».

وأضافت «لهذا تم الاهتمام بشكل كبير ببرامج التدريب والتطوير للكوادر البشرية، التي تضم موظفين من الجنسين من ذوي التخصصات القانونية، من محققين ومفتشين وغيرهم، وحظي هؤلاء الموظفون بالتدريب الضروري الذي وفَّره لهم خبراء من داخل وخارج البحرين، وبالطبع كان موضوع ثقة الجمهور هدفاً رئيساً نصب عين الأمانة العامة للتظلمات باعتبار أنها جهاز خدمي في المقام الأول».

ورداً على سؤال حول عدد الشكاوى التي تلقتها الأمانة منذ إنشائها حتى اليوم فضلت الأمانة إحالة الأمر إلى تقريرها السنوي الأول الصادر في مايو/ أيار 2014، والذي تضمن الشكاوى التي تلقتها منذ تدشينها في يوليو/ تموز 2013 حتى نهاية أبريل/ نيسان 2014.

ونبّهت إلى أن شمول الإجراءات المتخذة بخصوص ذلك أشكالاً عدة منها التحويل للجهات المختصة مثل النيابة العامة، وحدة التحقيق الخاصة، إدارة النيابة العسكرية بوزارة الداخلية، إلى جانب تسوية بعض الشكاوى، وحفظ البعض الأخرى لأسباب عدة منها عدم الاختصاص أو عدم وقوع فعل مؤثم.

وفي معرض تعليقها على أعداد السجناء في البحرين والذين يبلغ تعدادهم بالآلاف وفقاً لنشطاء حقوق الإنسان، أكدت الأمانة أن أعداد السجناء في البحرين لا تشكل لها عبئاً، على اعتبار أن مجال عملها يتعلق بمدى حدوث تجاوزات بحق هؤلاء أو بعضهم، وكذلك حول أسلوب المعاملة وظروف المكان المتواجدين فيه، مشيرةً إلى أن الأمر نسبي ويختلف بين فترة وأخرى بحسب الشكاوى الواردة إليها وبحسب ما يتم رصده من ملاحظات يتم على إثرها تقديم توصيات في موضوعات متعددة.

وأضافت «كان آخر تلك التوصيات (منع أي من أفراد السلطة العامة أو مأموري الضبط القضائي من الاتصال أو سؤال أيٍّ من المحبوسين احتياطياً أو النزلاء الصادر ضدهم أحكام قضائية إلا بإذن من النيابة العامة)، وقد استجابت وزارة الداخلية لهذه التوصية».

الدرازي: تقريرنا لـ 2014 لن يقلَّ جرأة عن سابقه

بدوره، كشف الأمين العام للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي لـ «الوسط»، عن عمل المؤسسة في الوقت الحالي على تقريرها السنوي للعام 2014، على أن يكون جاهزاً بحلول مارس/ آذار 2015.

ولفت إلى أن تقرير 2014 لن يقلَّ جرأة عن تقرير العام 2013، والذي أصدرته المؤسسة قبل أكثر من شهرين، وأقرّت فيه بوجود حالات تعذيب من قبل بعض قوات الأمن، كما أكدت وجود سياسة الإفلات من العقاب.

ورداً على الحوادث الجديدة التي سجلتها البحرين مؤخراً في مجال انتهاك حقوق الإنسان، قال: «وإن، فمسيرة حقوق الإنسان يجب أن تستمر، وهي كمسألة يجب أن تحظى بالاحترام على مدار الساعة، والانتهاكات ستبقى مادام هنالك إنسان، على المستويين الفردي والرسمي».

وشدد على أهمية التركيز على القضايا الرئيسية، تماماً كما فعل التقرير السنوي للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، والتي شكلت منعطفاً في مسار حقوق الإنسان في البحرين».

واعتبر أن حوادث اليومين الماضيين ستؤثر من دون شك في جهود تعزيز حقوق الإنسان، قبل أن يستدرك ويجدد ضرورة العمل على محاربة الاحتقان الطائفي والفساد والتمييز، بسبب تأثيراتها السلبية على الأفراد وتمتعهم بالحريات العامة.

وذكر أن التقارير السنوية الصادرة عن المؤسسات الوطنية بحقوق الإنسان، تمثل أحد أهم أدوات التقييم الذي تجريه لجنة التنسيق الدولية التابعة لمكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان، بوصفها الجهة الدولية المعنية بمراقبة المؤسسات الوطنية في جميع دول العالم.

وبيّن أن تقرير المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، قوبل بإشادة رسمية محلياً وإقليمياً ودولياً، بما في ذلك الأمم المتحدة، وتوّج يوم أمس (الثلثاء)، عبر استلام المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان لجائزة شايو، والصادرة عن 27 دولة من دول الاتحاد الأوروبي.

واعتبر أن الحصول على الجائزة، يمثل شهادة على الدور الذي تقوم به المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان منذ إنشائها، واعترافاً بأهمية التقرير السنوي الصادر عنها، والذي طغت عليه المهنية بشكل كبير، الأمر الذي يضعنا أمام تحدٍّ كبير في سبيل إصدار التقرير السنوي المقبل.

وفيما يتعلق بمصير التوصيات الصادرة عن تقرير المؤسسة للعام 2013، قال الدرازي: «وجّهت التوصيات للسلطات الثلاث التنفيذية، التشريعية، والقضائية، إلى جانب توصيات أخرى تختص بمؤسسات المجتمع المدني»، منوهاً بالإشادة التي لقيها التقرير وتوصياته من قبل مجلس الوزراء، ليعقب ذلك تشكيل لجنة لتنفيذ التوصيات، ومعتبراً أن ذلك يعبر عن رد إيجابي، وسط مطالبات للحكومة الجديدة بمتابعة عملية تنفيذ التوصيات، وخاصة الجزء العاجل منها، وصولاً لحماية حقوق الإنسان وتعزيزها.

وأضاف «في حال تم تنفيذ توصيات التقرير، إلى جانب تنفيذ ما تبقى من توصيات بسيوني، فإن الواقع الحقوقي في البحرين سيصل لمستوى جيد، داعياً السلطات الثلاث والمجتمع المدني لمواصلة هذه الجهود، والسعي لحوار مستقبلي ونبذ العنف بجميع أشكاله.

ورداً على هواجس البعض من ألا يتجاوز التقرير الحبر الذي كتب به، قال الدرازي: «علينا أن نعلم أن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ليست سلطة تنفيذية، دون أن يعفينا ذلك من المسئولية، وهو الأمر الذي نطقت به توصيات التقرير، والتي تتطلب دوراً تكاملياً من قبل الجميع».

في هذا الصدد، وجه الدرازي نقده لغالبية الجمعيات السياسية والحقوقية، مطالباً إياها بتجاوز حالة السلبية والتعبير عن موقفها إزاء تقرير المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بشكل رسمي وواضح، وبصرف النظر عن موقفها من المؤسسة.

واعتبر أن اقتصار الإشادة على المنظمات الدولية دون المؤسسات الأهلية في البحرين، يعبر عن حالة من عدم الإنصاف إزاء التقرير والذي لا يقلّ شأناً عن تقرير بسيوني.

وأضاف «مؤسسات المجتمع المدني هي مؤسسات ضغط، وفي حال تخلَّت عن دورها هذا، فإن السلطة التنفيذية لن تجد ما يدفعها لتنفيذ ما هو مطلوب».

ورفض الدرازي القول بأن الكم يطغى على الكيف في الساحة الحقوقية البحرينية، معتبراً أن الحالة تطال جميع مؤسسات المجتمع المدني، ومعقباً «لا ضير في وجود نحو 11 مؤسسة حقوقية في البحرين، والأهم هو تكاتف الجهود والعمل ضمن إطار تنسيقي موحد، ومن دون تسييس».

أما فيما يتعلق بإلغاء وزارت شئون حقوق الإنسان في البحرين، فأشار الدرازي إلى أن تكليف رئيس الوزراء في 8 مايو/ أيار 2014، لوزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، من أجل تولي ملف حقوق الإنسان، وتكليفه أيضاً برئاسة اللجنة التنسيقية العليا لحقوق الإنسان، كل ذلك حول الملف بالكامل لوزارة الخارجية، وهذا يعني أن إلغاء وزارة شئون حقوق الإنسان لا يعني إلغاءً للملف.

العدد 4477 - الثلثاء 09 ديسمبر 2014م الموافق 16 صفر 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً