العدد 4486 - الخميس 18 ديسمبر 2014م الموافق 25 صفر 1436هـ

الدوحة تناقش السياسة والاقتصاد الخليجي في ظلّ الاضطراب الكبير

على رأسها تحديات الهوية والنفوذ الإيراني وصعود «داعش» وتراجع العلاقات مع الولايات المتحدة

عبدالله النيباري يترأس إحدى جلسات المؤتمر
عبدالله النيباري يترأس إحدى جلسات المؤتمر

نظم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، مؤتمره السنوي الثالث لمراكز الأبحاث العربية في الريتزكارلتون، تحت عنوان: «دول مجلس التعاون الخليجي: السياسة والاقتصاد في ظلّ المتغيرات الإقليمية والدولية»، في الفترة ما بين السادس والثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2014.

المؤتمر حضره أهمُ مراكز الأبحاث العربية، وعددٌ من مراكز الأبحاث الأجنبية، وأسهل أعماله صباح السبت بندوة تحت عنوان «الهوية والدولة والمجتمع في دول مجلس التعاون الخليجي»، ترأسها باقر النجار، وتحدث فيها الوزير البحريني السابق علي فخرو عن «تحدّيات الهوية في دول مجلس التعاون»، باعتباره موضوعاً وجودياً يجب أن يناقش بصراحة تامة، ولم يعد موضوعاً سياسياً فقط، فالوجود العربي في هذه المنطقة سيعتمد على معالجته. وقال: «عندما كان الخليج منطقة صحراوية لم يكن يسكنها إلا القليل، ولكن بعد الثروة البترولية ولقلة السكان وضعف الإمكانات البشرية والإدارية، اضطرت لاستجلاب العمالة الأجنبية».

الاقتصاد والسياسة وتحدي فقدان الهوية

وتحدث فخرو عن نوع الاقتصاد السائد بالمنطقة، فهناك سبعة ملايين نسمة سكان الخليج في السبعينيات، مليونان منها عمالة أجنبية، أي نسبة 29%، أما الآن فقد أصبحت نسبة العمالة الوافدة 69%، القسم الأعظم منها لا تتكلم العربية، فكيف ستكون النسبة بعد 30 عاماً؟ وأشار إلى ما تطرحه منظمات الأمم المتحدة من مسألة تمثيل الجاليات في المجالس البلدية ثم المنتخبة... حيث توقع أن تكون لها الكلمة الفصل في السياسات مستقبلاً.

وتطرق فخرو إلى إشكالية قديمة تعانيها المنطقة، حيث طلبت الأمانة العامة لمجلس التعاون عند بداية تأسيسه، من مفكري المنطقة لوضع استراتيجية، وقد ركّزت هذه الاستراتيجية على أن تكون عائدات النفط «مالية عامة»، والانتقال من الاعتماد على النفط إلى الاقتصاد الإنتاجي، وإصلاح التعليم، «ولكن كل ذلك لم يؤخذ به لأن الاقتصاد يدار بعقلية تجارية».

وأشار إلى الإشكالية الأخرى الخاصة بالسياسة، حيث لم تكن هناك مشكلة لو أتت السلطات بعمالة عربية ووطّنت من يريد البقاء، لكن الأنظمة الخليجية كانت تخشى بأن تأتي العمالة العربية بإشكالياتها السياسية. وانتقد تخليها عن مسئوليتها عن التعلم، فالمدارس الخاصة تنتشر وهي تتخلّى عن اللغة العربية، وكان بإمكانها أن تشترط عليها للتخرج اجتياز امتحان في اللغة العربية، «فمن لا يستطيع إجادة لغته لن يقرأ القرآن أو الشافعي وطه حسين... ربما يجيد فولكنر والواشنطن بوست. وأقول بصراحة أن الأنظمة لا تبدو واعية بالمخاطر التي ستواجهها في المستقبل». وختم بالقول: «نحنح مشغولون بحل مشاكل الآخرين، نذهب إلى مصر لإسناد النظام وحل مشكلة سورية... ونترك المشاكل الأخرى العميقة لدينا دون حل».

ولاء مقابل خدمات وامتيازات

أستاذة التاريخ بجامعة الإمارات فاطمة الصائغ تناولت مجتمعات الخليج باعتبارها من أكثر مجتمعات العالم تغيراً من الناحية الديمغرافية والحضارية، والإمارات منذ ظهورها تواجه تحديات مستمرة تؤثر على التنمية المستدامة. وقالت إن العولمة والتقدم التكنولوجي الكبير طرح تساؤلات حول مفهوم الهوية والمواطنة، مع وجود تركيبة سكانية فريدة وغير متجانسة ثقافياً، ولا تتوافق مع الواقع الاجتماعي، في دولة صغيرة يشكل الوافدون فيها 85 في المئة من السكان، ولا يتجاوز سكانها الأصليون 15 في المئة، ما دعا الإمارات إلى إعلان العام 2008 «عام الهوية الوطنية» التي ترتبط بـ «السكان الأصليين».

وقالت الصائغ: «المشكلة كانت منذ أيام الاستعمار البريطاني، حيث كان الإنجليز يسمحون قبل خمسين عاماً بدخول العناصر الآسيوية، والطفرة النفطية التي شهدتها الإمارات فاقمت من مشكلة المواطنة والخلل السكاني وما يتبعه من مشاكل اجتماعية». وأشارت إلى إشكالية غيّرت مفهوم «المواطنة»، لربطها بالسلطة والدولة وليس للإرتباط بالأرض، وهو تحريف يحتاج إلى إعادة المعنى لمفهوم المواطنة... «فالسلطات تريد الحصول على ولاء بشكل امتيازات تقدمها للمواطنين وحاملي الجنسية، والتجنيس في دول الخليج حتى الآن يستخدم كسلاح سياسي فقط. وقد ساهم ذلك في المرحلة الأولى في تعزيز السلطة، وانتقال الولاء من القبيلة إلى الدولة، ولكن مع تطوّر المجتمع وتذبذب أسعار البترول، تتذبذب المواطنة بسبب تأثر الهبات والخدمات التي تقدمها الدولة».

الخليج وحركات «الجهاد»

أستاذ الاجتماع السياسي بجامعة القضارف بالسودان، أشرف عثمان، طرح موضوع «سياسات الهوية وإنتاج الآخر»، وتطرق إلى تاريخ العلاقة بين السعودية وحركة الجهاد في أفغانستان، حيث كانت في حالةٍ من التماهي، حتى حرب تحرير الكويت، حيث بدأت الإشكالات تطرح بقوة حول دخول القوات الأجنبية للجزيرة العربية. ومع صعود النفوذ الإيراني قدّمت السعودية نفسها حاميةً للإسلام السني، خصوصاً بعد احتلال العراق. وبعد أحداث الربيع العربي، عمل «دعاة الجهاد» على الدعوة لنصرة «السنّة السوريين». ومع هذه الموجة الثالثة للجهاد، انتقل الصراع من الجهاد ضد غير المسلم، إلى الجهاد ضد المسلم غير السني، وتوجيه الحرب ضد الأقليات والشيعة في هذه البلدان... وتصاعد هذا المد ليصل التهديد إلى السلطات نفسها.

وفي المداخلات، تحدث النائب الكويتي السابق عبدالله النيباري قائلاً بأن الهوية تم اختصارها في بلداننا في شعار: «أنا بترولي وافتخر»، والنتيجة تنمية مشوّهة ترفض الإصلاح السياسي، وتركّز على السلطة بدل مشاركة المواطن، حيث تركز النظرة القُطْرِية حتى بين دول الخليج، ما يقود إلى تمزّق داخلي في الدولة نفسها، طائفياً وفئوياً وعرقياً. وأضاف: «لذلك نرى تمييزاً خليجياً ضد المواطن الخليجي الآخر، ونظرة دونية للوافد العربي حتى لو كان أستاذاً بالجامعة، مع عدم وجود مناهج عربية موحّدة، بدل المناهج التي تخدم السلطة، لترميم ما تبقى من هذه الهوية الممزقة». أستاذ علوم السياسية بجامعة الكويت شملان العيسى قال: «كنا في الخليج نعتمد على الآسيويين وعلى خبرات الدول الأخرى ومنفتحين عليها. الآن انقلبنا على الآسيويين والعرب وأصبحنا ننظر لهم نظرة دونية، وهذه النظرة العنصرية لا تجوز. كما أننا ركّزنا على الهوية الإسلامية، ولكن من يريد الآن الهوية الإسلامية بعد ظهور «داعش»؟.

مشكلة الجاليات

وتحديات العمالة الوافدة

الجلسة الثانية كرست لمناقشة «الجاليات الأجنبية والعربية في الخليج العربي... الواقع والتأثير»، وقدمت أستاذة علم الاجتماع بجامعة الدمام عائشة التايب «قراءة سوسيولوجية في التحديات الاقتصادية والاجتماعية للعمالة الأجنبية، التي رغم ما تتعرض له العمالة الوافدة غير الشرعية من حملات ترحيل دائمة، فإن يستمر استقدام نفس العمالة أيضاً، فيما يستمر توطين الوظائف بشكل ضعيف، ما يشير إلى وجود أسباب عميقة لمشكلة العمالة الوافدة، وبالتالي معالجتها ليس كمشكلة اقتصادية فقط، بل كمشكلة ثقافية، حيث تستمر النظرة الاجتماعية لـ «مهن العار»، مع استمرار تحويلات الأجانب 15 مليار دولار للخارج، حيث يبلغ عددهم 16 مليون وافد، يتكلمون 50 لغة، من 70 جنسية، وهناك 600 مدرسة تدرس أبناءهم، وبالتالي ليس لعاقلٍ أن يتوقع ألا يكون لهم تأثير على مجتمعات الخليج.

وتطرقت التايب إلى العمالة المنزلية الوافدة، وما ينتج عنها من مشكلات تلقي ظلالها على الأسرة الخليجية، حيث توجد 818.000 عاملة منزلية في السعودية، و400 ألف أخرى في الكويت، و66 ألفاً في عمان، وفي بعض دول الخليج هناك عاملة واحدة لكل اثنين من المواطنين. وبالتالي فهي لم تعد مشكلة ديموغرافية بل ثقافية واجتماعية عميقة.

الفلسطينيون في الخليج

القضية الأخرى طرحها أنيس فوزي قاسم (المستشار القانوني للوفد الفلسطيني في مفاوضات مدريد) عن وضع الجاليات الفلسطينية بدول الخليج، حيث اعترف بعدم وجود دارسات محددة عن هذه الهجرة، إلا أن الكويت أكثرها استقبالا للاجئين الفلسطينيين، ويعود ذلك إلى زيارة المفتي الحسيني للكويت (1936) طلباً لنجدة العرب، وكان الكويتيون أول من قاموا بحملة تبرعات من العرب. وذكر ان سعد العبدالله (رئيس الوزراء الكويتي الأسبق) هو الذي أنقذ حياة عرفات في مجزرة أيلول 1970 بالأردن، كما أن للكويت دوراً في إصدار قانون اعتبار الصهيونية حركة عنصرية في الأمم المتحدة في منتصف السبعينيات. وكان عددهم 430 ألفاً عند غزو صدام للكويت، وهو ضعف عدد المصريين آنذاك، وشكلوا 48% من القطاع العام في الكويت، ومع ذلك عوملوا كأي وافد، دون تشريعات خاصة بهم.

وأشار قاسم إلى أن الكويت استقبلت أول بعثة فلسطينية تعليمية في 1936، ومع ظهور النفط احتاجت لليد العاملة الماهرة حيث جذبت الكثير من الفلسطينيين، واستمر الحال حتى الحرب الأهلية في لبنان 1975 حيث تحوّلت النظرة الكويتية الرسمية من قضية لاجئين إلى مشكلة أمنية، حيث بدأ يتردد حينها بيير الجميل على الكويت، وهو الذي كان دشّن نظرية الطعن في الفلسطينيين الغرباء في لبنان.

وعن الوجود الفلسطيني في العراق فقد بدأ مع اتفاقية الهدنة وانسحاب الجيش العراقي في حرب 1948، حيث اصطحب معه 3000 لاجئ نقلتهم عرباته، وشرعت قوانين خاصة لمعاملة الفلسطينيين في العمل والإقامة. وكان النظام أيام صدّام يطلب من الفلسطيني أن يكون جزءاً من النظام، وأنشيء فرع فلسطيني لحزب البعث. وبعد غزو الكويت 1990، تحوّلت عبارة «الميليشيات» إلى جزء من الفتنة الكبرى. ورفض حسين المجيد الذي نصبه صدام حاكماً للكويت، بتركز الفلسطيني في جزء واحد من الإقليم»، وقام بعملية «ترانسفير» من الكويت إلى العراق، ليعاني الفلسطيني مرة أخرى.

وختم بالإشارة إلى مصر، حيث أعطى جمال عبدالناصر اللاجئ حقوقاً ألغاها أنور السادات، وحين جاء مبارك طلب ممن تملكوا أراضٍ لاستصلاحها أن يصفُّوها. وفي لبنان هناك 70 قطاعاً من العمل ممنوعاً على الفلسطيني، أما في سورية فكان الوضع ممتازاً حتى تفجرت الأحداث الأخيرة، وانتهى باتهام الوزيرة السورية بثنية شعبان الفلسطينيين بالمشاركة فيها.

كوريا والخليج

في الجلسة الخاصة بـ «العلاقات الخليجية مع القوى الآسيوية»، تحدث جو نغمن سير (كوريا الجنوبية) عن المصالح المشتركة بين بلاده ودول الخليج في القرن 21. وتطرق إلى المراحل التاريخية، للانتقال من الاقتصاد إلى التعاون العسكرين، فمرّت بمرحلة البناء والعمل (63 – 1980)، ومرحلة انخفاض أسعار النفط وزيادة المخاطر خلال الحرب العراقية الإيرانية (80 – 1990)، ما جعلها تتطلع إلى المناطق الأبعد والأكثر أمناً مثل ليبيا، انتهاءً بمرحلة التعاون الأوسع في الألفية الجديدة، مع قيام مصانع تعتمد على التكنولوجيا، مشيراً إلى ما تسهم به الشركات الكورية في مجال البناء في الشرق الأوسط، بنسبة 44 في المئة، و 20 في المئة في الصناعة، و14% في المئة الخدمات، و11 في المئة في مجال تجارة التجزئة.

تراجع العلاقات الأميركية الخليجية

أستاذ العلوم السياسية الكويتي عبدالله الشايجي، طرح نظرة استشرافية بالحديث عن الحاجة إلى «إعادة مقاربة العلاقة الخليجية الأميركية»، حيث أشار إلى عدم تقدير إدارة أوباما للدور الخليجي، وأعرب عن خشيته من استمرار ذلك بالنسبة للإدارات القادمة. وقال إن موقف الإدارة الأميركية المتراجعة في كثير من القضايا، الخليجية والدولية، يستغله أعداؤها كما فعل الدب الروسي في قضم أوكرانيا.

وأشار الشايجي إلى وجود تحولات كبيرة في الاستراتيجية الأميركية، فمنذ قمة الكويت 2013، تغيرت الكثير من الأمور،والنفط تراجع بنسبة 40 في المئة منذ يونيو/ حزيران الماضي، بل إن التطور الأابرز –حسب تقديره- هو بروز الولايات المتحدة كأول منتج للنفط، وهو ما سيؤثر على علاقاتها الاستراتيجية مع دول الخليج. ومع ظهور «داعش» والتقارب الأميركي الإيراني، ووجود تنسيق بين أميركا وإيران حتى لو لم يعلن عنه، إلا أن المؤكد وجوده بالنسبة للملفين السوري والعراقي.

وذكر الشايجي أن الرئيس أوباما بعث بالرسالة الرابعة إلى المرشد في الجمهورية الإيرانية، تحدث فيها عن المصالح المشتركة، ودعا للتوصل إلى اتفاق نووي لتلعب إيران دوراً في محاربة «داعش». وتساءل: بالتالي هل غيّرت إيران عقيدتها عن الحسين والمقاومة إلى عقيدة الحسن والمصالحة؟

وأشار إلى التحول الجاري في المنطقة بعد الربيع العربي قائلاً: «الآن تحوّل الخليج إلى القلب، والقلب تحوّل إلى أطراف». وأضاف: نعيش في إقليم عربي بدون نظام، مع عدم قدرة مجلس التعاون على تحقيق أمن جماعي يمنع ويردع الخصوم، ولم تنجح مبادرة السعودية في الاتحاد، والآن يتراجع المجلس أكثر، مع وجود حرب باردة بين دول الخليج وإيران، وتراجع النظام العربي لصالح العناصر والحركات (الخارجة عن سيطرة الحكومات)، ولم يوجد أي إنجاز لأوباما يمكن أن يخلده في التاريخ.

وأضاف الشايجي: «دول الخليج تعلم أن أميركا ستبقى متراجعة، وستبقى مسيطرة على الأمن بالمنطقة للسنوات العشر المقبلة، وستنظر إلى إيران باعتبارها دولة قوية، والمرشد تكلّم عن التفاوض البطولي معها، بينما في تعاطيها مع مجلس التعاون باعتبارها ثلاثة أطراف: قطر، ومحور السعودية والإمارات والبحرين، والوكيت وعمان. وقد صدمنا بعد أن خُدعنا، حين اكتشفنا أن هناك مفاوضات سرية كانت تدور وراء ظهورنا وفي دولةٍ منا، ولم نكتشفها إلا بعد سبعة أشهر».

الخليج... هموم وتحديات

المؤتمر الذي حضره نائب أمير قطر الشيخ عبدالله بن حمد آل ثاني، ورئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني، وشارك فيه أكثر من 200 باحث وأكاديمي وإعلامي، من دول الخليج وآسيا والغرب، افتتح رسمياً مساء السبت، بكلمة للأمين العام السابق لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبدالرحمن بن حمد العطية، عن «تجربة مجلس التعاون الخليجي: تحديات وعناوين للإصلاح»، بدأها بأكبر التحديات، وهي ظاهرة الإرهاب، «فالمُناخ الذي يسود المنطقة، مع استفحال ظاهرة الإرهاب وبروز نزعات التطرف الديني والسياسي والمذهبي يدعو إلى تحديد مكامن الخلل، وتحسّب الإرهاب الذي تمثله «داعش» بعدما أعلنت عن أهدافها بلا مواربة، ما يتطلب الدعم الرسمي والشعبي للمنظومة الأمنية الخليجية لتبقى أكثر تماسكاً وتكاملاً، مع ضرورة إشراك أصحاب الرأي والاختصاص للبحث في تحصين الشباب من ظاهرة الغلو والتطرف في عالم مفتوح». ونبه العطية إلى «أن المشهد يؤكد أنه لا توجد دوله خليجية بمنأى عن المخاطر الأمنية التي أفرزتها الأوضاع المضطربة في المنطقة، وفي صدارتها اليمن».

وأشار العطية إلى التحدي الثاني في الخليج، حيث «الهويّة الوطنية تواجه تحديات كبيرة، في مقدمتها العمالة الوافدة، التي تشكّل بأعدادها الكبيرة وخصائصها الثقافية ونسبتها المرتفعة هجيناًً وجودياًً يهدد الهويّة الوطنية في دول الخليج». مستدركاً بأن إلى القرارات التي صدرت عن وزراء العمل في مجلس التعاون وممثلي 12 عشرة دولة آسيوية مصدرة للعمالة في اجتماع الكويت مؤخراً، جاءت لتعزز حقوق العمال، «لأن حقوق الإنسان أصبحت عناوين تحدد مسارات السياسة والعلاقات الدولية».

وتطرق العطية إلى تحدي البطالة المتزايدة بين الشباب، وما يتطلبه ذلك من توفير فرص العمل، ومواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات السوق، وتطوير العملية التعليمية وتوطين الوظائف، والمساواة بين مواطني دول المجلس العاملين في الدول الأعضاء الأخرى. وأشار إلى ضرورة تعديل آلية اتخاذ قرارات القمم الخليجية وضمان تنفيذها؛ وإلى تحدي قضايا الإصلاح والتنمية السياسية، وما تتطلبه عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية من مواكبتها بعملية تحديث سياسي بإيجاد صيغ للتشاور والانفتاح بين القيادة والمواطن، وضرورة تطوير البناء المؤسسي للمجلس لضبط إيقاع الخلافات بينها».

وأشار العطية إلى التحديات الإقليمية، قائلاً إن العلاقات الخليجية الإيرانية تحتاج إلى المزيد من تدابير بناء الثقة، لأن حقائق التاريخ والجغرافيا لا يمكن القفز عليها، ولغة الحوار والاحترام المتبادل هي السبيل لحل المشكلات».

من جانبه طرح المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر تجربته في حلحلة المشكلة اليمنية، وقدم مجموعة من المقترحات والأفكار تمكّن المجلس من تطوير دوره في الوساطات وفض النزاعات والإسهام في بناء السلام، من خلال علاقاته السياسية وشبكة اتصالاته الواسعة وموارده الكبيرة. أعقب الافتتاح الرسمي ندوةٌ حواريةٌ حول «آفاق تطوير مجلس التعاون ودوره في ظلّ الظروف الراهنة»، تحدث فيها الكاتب الكويتي محمد غانم الرميحي، والكاتب السعودي أنور ماجد عشقي، والباحث البحريني باقر النجار، والباحثة الإماراتية فاطمة الصايغ، وأدارها عبد الله باعبود من عمان.

العدد 4486 - الخميس 18 ديسمبر 2014م الموافق 25 صفر 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 10:08 م

      وجب الاستفادة من تجربة البحرين بال.....

      تجربة عامرة بالخبرات في كيفية صناعة شعب اخر لم تخضع لها المناقشات انها تجربتنا الفريدة في دمج الطاقات الوافدة في وطنها الجديد بعد تجني......تجربة رائدة وجب تعميمها على دول مجلس التعاون

اقرأ ايضاً