العدد 4503 - الأحد 04 يناير 2015م الموافق 13 ربيع الاول 1436هـ

رئيس الوزراء: نريد من إيران حسن الجوار وأن نلتزم جميعاً بعدم التدخل في شئون الغير

في حوار مع «الرسالة الدبلوماسية» الفرنسية... إقرار الأمن بربوع الوطن أمر لا تهاون فيه

غلاف مجلة الرسالة الدبلوماسية الفرنسية
غلاف مجلة الرسالة الدبلوماسية الفرنسية

أكد رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة أن كل جهد تنموي يحتاج إلى سياج من الأمن والاستقرار ليحميه، وأن عملية التطوير والتحديث في مملكة البحرين مستمرة ومتواصلة بحسب المستجدات والمتغيرات، ووفق ما يتلاءم مع احتياجات البحرين ومتطلبات كل مرحلة من مراحل العمل الوطني.

وقال سموه في حديث نشرته مجلة «الرسالة الدبلوماسية» الفرنسية في عددها لهذا الشهر: «إن البحرين مقبلة على مرحلة جديدة في مسيرتها التنموية وفق ثوابت ومرتكزات تضمن تحقيق مقومات الأمن والاستقرار، ولن يكون هناك مكان لأي تجاوزات أو خروج عن القانون».

وأضاف سموه أن مملكة البحرين لن تدخر جهداً في حماية كل منجز وطني، وأن إقرار الأمن وبسطه في ربوع الوطن أمر لا تهاون فيه، ولن يجني من يريد النيل من استقرار البحرين وشعبها عن طريق الترويع والإرهاب والتخريب سوى الخذلان.

وقال سموه: «إننا في عالم تغمره تحديات كبيرة وعلينا أن نعمل بشجاعة وحكمة توازي هذه التحديات، كما أن نظرتنا يجب أن تختلف وأن تواكب الحركة المتسارعة في العالم، لمواجهة المتغيرات على المستويين الإقليمي والدولي».

وشدد سموه على ضرورة تثبيت دعائم الأمن والاستقرار على أكمل وجه سواء في أوطاننا أو على المستوي الإقليمي والعالمي، وقال سموه إن «علينا في سبيل ذلك تبني استراتيجيات وأساليب تقود إلى بناء القدرات الوطنية والإقليمية التي من شأنها إرساء الذي ننشده».

وتطرق سموه في حديثه إلى المجلة الفرنسية إلى مسألة أسعار النفط، حيث أكد سموه أن ارتفاع أسعار النفط سيكون لها تبعات، وأن انخفاض أسعار النفط ليس جديداً، وهو أمر واجهته المنطقة ودول العالم أكثر من مرة، وهناك العديد من الاحتياطات التي اتخذتها مملكة البحرين لضمان عدم التأثر به على نحو كبير وخصوصاً عند إعداد الموازنة العامة والتي تعتمد على أسعار تقلّ بكثير عن السعر العالمي.

وأضاف سموه أن مملكة البحرين تعزز سياسة «تنويع الاقتصاد» إدراكاً منها لمخاطر الاعتماد على مصدر وحيد للدخل وآثاره السلبية على مسيرة التنمية، مؤكداً سموه أن البحرين ركزت جهودها على تهيئة البيئة الاقتصادية وتحسين بيئة الاستثمار لجذب الاستثمارات الأجنبية والإسهام بشكل إيجابي في عملية التنمية، وما يهمنا هو أن نكون في الموقع الأفضل دائماً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وأن نتمكن من تطوير بلادنا، وتحقيق أفضل المستويات المعيشية والحياتية لمواطنينا».

وحيّا سموه حرص البحرينيين على المشاركة الشعبية في الانتخابات البرلمانية والبلدية، مؤكداً أن المشاركة الشعبية تلقى كل المساندة والتقدير، فالبحرين بلد يهتم بهذه المشاركة ولا توجد أبواب مغلقة بين المسئولين والمواطنين وإنما هناك تواصل دائم بين الجميع.

ونوه سموه إلى أن المشاركة في الانتخابات هي خيار وحق متاح للجميع، وقد حرصت الحكومة على تهيئة الأجواء لضمان سير العملية الانتخابية في أجواء آمنة ومستقرة، مشيداً سموه بما حققته الانتخابات من ناجح باهر.

وقال سموه: «إن من تابع تقدم الراغبين في الترشح للانتخابات والنتائج النهائية لتلك الانتخابات يدرك أن عدد من تقدموا هذه المرة كان أكبر ممن تقدموا في الانتخابات السابقة وهذا يؤكد اهتمام شعب البحرين بالاستحقاق الانتخابي».

وحذر من خطورة الفكر المتطرف والإرهاب ومخططات الفوضى والتخريب التي تهدف إلى تدمير الأوطان، مؤكداً أن الارهاب أصبح ظاهرة لم تعد أي دولة في العالم بمنأى عن مخاطرة وانعكاساته التدميرية على مستقبل الشعوب والتنمية.

ورأى سموه أن الجماعات الإرهابية لا تعدم وسيلة في سبيل تنفيذ مخططاتها التدميرية، وأنه للأسف الشديد فإن العديد من هذه الجماعات يحظى بدعم وتمويل من دول لا يهمّها استقرار العالم، بل وتسعى إلى زعزعته خدمة لأهدافها، أو أهداف دول أخرى تتحالف معها.

وأكد أن التصدي للإرهاب لن يتحقق إلا بمشاركة وجهد دوليين، قائلاً سموه: «إن الإرهاب ظاهرة خطيرة تتمدد وتتوسع وتتشعب خلاياها وتضرب في كل اتجاه، وهي ظاهرة تدعونا للتساؤل مجدداً عن من صنع الإرهاب وساهم في تغوله إلى هذا الحد».

ونوه سموه إلى أن البحرين لا تألو جهداً في المساهمة مع المجتمع الدولي في التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة، وقد استضافت في هذا المجال العديد من المؤتمرات والاجتماعات كان آخرها اجتماع المنامة بشأن سبل مكافحة تمويل الأعمال الإرهابية، والذي خرج بتوصيات نأمل أن تأخذ طريقها إلى حيز التنفيذ لتجفيف منابع تمويل الإرهاب.

وشدد على أن المواطن هو الغاية والوسيلة وأنه لا يتم التعامل في البحرين مع المواطنين وفق تصنيفات مذهبية أو طائفية، فالجميع هم مواطنون بحرينيون ولا شيء غير هذا، ولا يتم التفرقة في ذلك بين الانتماءات، لافتاً إلى أن البحرين لم تعرف النعرات الطائفية والمذهبية، إلا عندما رفعها البعض في السنوات الأخيرة شعاراً لتحركات مشينة بشكل بعيد عن كل القيم الديمقراطية المتعارف عليها.

وأضاف سموه «إننا نؤمن بأهمية الحوار مع الثقافات والأديان، وأنه لا يمكن للعالم أن يزدهر وينمو إلا بالحوار والتواصل المستمر بين مختلف الديانات والثقافات»، منوهاً إلى نتائج مؤتمر «كل الحضارات في خدمة البشرية» الذي استضافته البحرين في مايو/ أيار الماضي وانعكاساتها على الحوار بين الثقافات وبين الأديان في البحرين، قائلاً: «نحن بلد عُرف بتنوعه الديني والثقافي... ففي بلادنا يتعايش الجميع من جميع الأجناس والديانات والثقافات بمحبة ووئام، وعلى مدى التاريخ».

وفيما يتعلق باللجنة المستقلة لتقصي الحقائق، أكد سموه أن البحرين خطت خطوة متقدمة وتاريخية بتشكيل هذه اللجنة التي تعتبر أمراً نادر الحدوث في العالم، وقد حظيت بإشادة وتقدير واسع، وأنشئت بأمر من عاهل البلاد الملك حمد بن عيسى آل خليفة.

وأشار سموه إلى أن هذه المبادرة جاءت لتؤكد حرص مملكة البحرين على إظهار الحقائق كافة وبكل شفافية من خلال لجنة مستقلة جمعت نخبة من الخبراء القانونيين الدوليين.

ولفت إلى أن مملكة البحرين كانت قد بادرت بتشكيل فريق عمل حكومي لدراسة التوصيات وبلورة المتطلبات التنفيذية لها، وكان من أبرز نتائج ذلك، إنشاء مفوضية السجناء والمحتجزين، وإنشاء مكتب الأمانة العامة للتظلمات، ووحدة التحقيقات الخاصة بالنيابة العامة، كما تم إقرار العديد من الخطوات التنفيذية والقوانين التي تعزز احترام وصون حقوق الإنسان.

وبيّن سموه أنه كل ذلك أسفر عن تنفيذ معظم التوصيات ولم يتبقَّ سوى التوصيات التي تتطلب تعديلات تشريعية وبرامج هي في طور الإعداد.

من جانب آخر، أعرب صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء عن اعتزازه بدور المرأة في البحرين وما تمثله من عنصر فاعل في المجتمع وشريك للرجل في كل مناحي الحياة، وتتمتع بالمساواة في الحقوق والواجبات، وتبوّأت أعلى المناصب القيادية كمنصب الوزيرة والسفيرة وعضو البرلمان وغيرها من المناصب الرفيعة الأخرى، مستشهداً سموه بنموذج الشيخة هيا بنت راشد آل خليفة التي ترأست الدورة الحادية والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة.

وأكد أن يعتز بتكريمه من الاتحاد الدولي لسيدات الأعمال والمهنيات ومنحه الجائزة الذهبية لما يمثله هذا الاتحاد من مكانة رفيعة، معتبراً سموه أن هذا التكريم هو تكريم لكل البحرينيين وبصفة خاصة المرأة البحرينية التي نفخر بدورها ومساهماتها المهمة في بناء البحرين ودعم مسيرة العمل الوطني.

ورداً على سؤال عن رؤية سموه لتقوية العلاقات بين دول مجلس التعاون وخاصة بالنسبة لمشاريع الوحدة النقدية والتوسع إلى دول أخرى، جدد التأكيد أن الوحدة هي ضرورة في عالم التكتلات والكيانات الكبيرة، وأنه لهذا دعم مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة بالدعوة إلى تحول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من حالة «التعاون» إلى حالة «الاتحاد».

وأضاف سموه أنه في وجود «الاتحاد الخليجي» سينظر كل طرف إلى مصالحه في الإطار الجماعي لمصالح دول التعاون مجتمعة، وقال: «نحن نؤكد دائماً في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على أهمية تلاقي قادة دول المجلس وتواصلهم الدائم من خلال اجتماعات ولقاءات لتبادل الآراء وتقريب وجهات النظر وألا يقتصر ذلك على القمة السنوية فقط».

وفيما يخص العلاقات البحرينية الآسيوية، فقد أكد صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء أن مملكة البحرين لديها بالفعل علاقات تعاون وثيقة مع دول آسيا كما أن هناك اجتماعات ولقاءات وتعاون مستمر بين مجلس التعاون الخليجي ومجموعة «الآسيان»، انطلاقاً من أهمية الدول الآسيوية كامتداد طبيعي لنا بحكم انتمائنا إلى تلك القارة وما يربطنا مع العديد منها من علاقات تاريخية واقتصادية.

وفيما يتعلق باتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي، أشار سموه إلى أن المفاوضات الخاصة بهذه الاتفاقية استغرقت وقتاً طويلاً، ونرى أن التعاون مع المجموعة الأوروبية مهم لدول مجلس التعاون الخليجي، بقدر ما هو مهم لدول الاتحاد الأوروبي، فلدينا على الجانبين مصالح مشتركة كثيرة.

وفيما يرتبط بالعلاقات بين البحرين وإيران، أوضح سموه أن البحرين كانت ولاتزال تنظر إلى إيران باعتبارها دولة جارة مسلمة، والمسلم يتوقع من جاره الخير دائماً، ولا ينتظر أن يلقى منه غير ذلك، وهذا هو ما نتطلع إليه من الجارة المسلمة إيران.

وقال سموه: «نحن نريد منها حسن الجوار، وأن نلتزم جميعاً بمبادئ العلاقات الدولية، وفي مقدمتها عدم التدخل في شئون الغير، فنحن لا نتدخل في شئون غيرنا، ومن حقنا في المقابل ألا يتدخل أحد في شئوننا الداخلية، فهي أمر يخصنا وحدنا».

وتطرق سموه في حديثه إلى العلاقات البحرينية الفرنسية، حيث أعرب سموه، عن اعتزاز مملكة البحرين بعلاقات التعاون والصداقة مع الشعب الفرنسي، مؤكداً أهمية الدور الفرنسي الفاعل على الساحة الدولية لتعزيز السلام والاستقرار وحفظ الأمن بالعالم.

وقال: «نحن نتواصل ونتشاور مع الأصدقاء في فرنسا تجاه مختلف القضايا في المنطقة والعالم، ونثق في أن المسئولين في البلدين الصديقين على اختلاف مواقعهم يحرصون على التعاون والتواصل وتحقيق الاستفادة المتبادلة في مختلف المجالات، وأن المستقبل القريب سيشهد المزيد من هذا التعاون والوصول به إلى المراحل التي يتطلع إليها الشعبين الصديقين».

ونوه صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء إلى أن البحرين تمتلك العديد من الفرص الاستثمارية في قطاعات عدة وتعتمد سياسة الاقتصاد الحر والأسواق المفتوحة، هي ترحب بالمستثمرين الفرنسيين للاستثمار وإقامة المشروعات في البحرين، مؤكداً أن المجال مفتوح أمام المستثمرين الفرنسيين لاختيار ما يناسبهم من مشروعات أو طرح مبادرات وأفكار للدخول في مشروعات بحرينية - فرنسية مشتركة، فضلاً عن أن مملكة البحرين تحرص على الاستفادة من التطور التكنولوجي الفرنسي في مختلف المجالات.

العدد 4503 - الأحد 04 يناير 2015م الموافق 13 ربيع الاول 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً