العدد 4539 - الإثنين 09 فبراير 2015م الموافق 19 ربيع الثاني 1436هـ

السيد محسن الأمين... عدالة المؤرخ وإبداع الأديب

وسام السبع wesam.alsebea [at] alwasatnews.com

كنت قد كتبت في الأسبوع الماضي حول السيد محسن الأمين (ت 1952) والإرث الثقافي للبحرين، وأشعر أن الحديث عن هذا الموضوع لم ينتهِ بعد، فهناك تفاصيل أخرى تتعلق بمنهج السيد الأمين، أو قل طريقته في الكتابة عن علماء البحرين وأدبائها ممن ثبت عنده بأنهم من «الأعيان»، والمصادر التي استقى منها معلوماته.

كتب السيد الأمين عن حوالي 190 علَماً من أعلام البحرين من بين 10877 (عشرة آلاف وثمانمئة وسبعة وسبعين) علماً في موسوعته الشهيرة «أعيان الشيعة». وقد كانت شخصياته المختارة من عصور وأزمان مختلفة، منها المتقدم الذي يرجع إلى القرن السابع الهجري، ومنها المتأخر الذي عايشه ورآه حياً يرزق في القرن الرابع عشر الهجري.

وكانت طريقة الأمين في التوثيق تجمع بين النقل والتحليل ونقد المصادر، لكنه في بعض الحالات يعترف بعدم وقوفه على أحوال من يترجم لهم. أما المصادر والمراجع العلمية التي اعتمد عليها في هذه الموسوعة الضخمة فكثيرة، لكنه فيما يتعلق بعلماء البحرين رجع إلى عشرات المخطوطات التي وقف عليها أثناء رحلاته العلمية المتعددة إلى إيران والحجاز والعراق ومصر، واستفاد من النفائس الراقدة في مكتبات همذان وبهار وقم وطهران وكرمانشاه وطوس (مشهد)، إضافةً إلى نحو ثلاثين مصدراً أبرزها «رسالة في علماء البحرين» للشيخ سليمان الماحوزي، و»الإجازة الكبيرة» للشيخ عبدالله السماهيجي، و»لؤلؤة البحرين» للشيخ يوسف البحراني، و»تتمة أمل الأمل» لمحمد آل أبي شبانه، و»أنوار البدرين» للشيخ علي البلادي. وبالإمكان تقسيم المصادر والمراجع العلمية حسب العرض التالي.

أولاً: المخطوطات: نجد السيد الأمين وهو يكتب عن الشيخ حسين بن علي بن صادق البحراني يقول: «رأينا له رسالة في الأخلاق...»، وفي ترجمته للشيخ محمد بن علي المقابي بعد أن يورد معلومات عن المترجم يقول: «وله كتاب (مجمع الأحكام في معرفة مسائل الحلال والحرام)، رأينا المجلد الثاني والثالث منه في بهار من قرى همذان بخط المؤلف على الظاهر».

وحين يقف على مصنفات الشيخ حسين العلامة (ت 1216هـ) يقول: «له الرواشح السماوية أو السبحانية... رأينا منه نسخةً في بهار من قرى همذان في مكتبة الشيخ رضا البهاري عام 1353هـ... والنسخة بخط تلميذه الشيخ عبد علي بن علي بن محمد التوبلي الجدحفصي الأوالي الموالي منقولة عن نسخة الأصل».

ونجده وهو يوثّق سيرة الشاعر أبو جعفر الخطي يتحدث عن ديوانه فيقول: «عثرنا منه على نسخة مخطوطة قديمة في جبل عامل قد ذهب منها أول الخطبة ويسير من آخر الديوان لكنها مغلوطة»، والأمثلة في ذلك كثيرة.

ثانياً: الكتب المطبوعة والمستنسخة: فقد ارتاد الأمين المكتبات العامة والخاصة أينما حلّ، وكان شغله الشاغل خلال رحلاته العلمية انكبابه على الكتب يستنسخ ما يحتاجه، وكتب يقول: «لم يكن لنا شغل... من يوم ورودنا إلى يوم خروجنا سوى النسخ والنقل». وكان من أشهر المكتبات التي زارها في العراق مكتبة الخضراء والمكتبة الحسينية الشوشترية ومكتبة الشيخ علي كاشف الغطاء ومكتبة الشيخ محمد السماوي، ومكتبة الميرزا حسين النوري، ومكتبة السيد محمد تقي بحر العلوم.

وحين يقف على ترجمة الشيخ علي البلادي يشير إلى استفادته من كتابه «أنوار البدرين»، ويقول عنه: «وهو أحد مصادر كتابنا هذا كنا أرسلنا واستنسخناه عن نسخةٍ من بعض خزانات الكتب في النجف الأشرف، ثم أُرسل إلينا بعض أحفاد المؤلف نسخة الأصل وله أيضاً من المصنفات».

ثالثاً: المراسلات: وكان الأمين يحرص على مراسلة أهل العلم والاختصاص، ولعل من أبرز الشخصيات التي راسلهم واستفاد منهم: الشيخ آقا بزرك الطهراني والسيد المرعشي النجفي، ففي ترجمته للشيخ مفلح الصيمري البحراني كتب يقول: «... قال الآقا بزرگ الطهراني العسكري فيما كتبه إلينا...». وفي ترجمته للسيد عبدالله النسابة بن علي بن محفوظ الحسيني الصادقي المعروف بابن محفوظ النسابة (ت 1000هـ) يقول: «قال السيد شهاب الدين الحسيني فيما كتبه إلينا...».

رابعاً: الخبرة والمعايشة: وقد ألمحنا إلى الخبرة الطويلة التي راكمها السيد الأمين خلال رحلته العلمية الطويلة في العراق والشام، وهو ما ظهر أثره بجلاء في صفحات كتبه المتعددة ونتاجه الغزير. ونرى أثر هذه الخبرة على سبيل المثال في ترجمته للسيد علي بن عبد الله الحسيني البحراني حيث يقول: «هذا سيد ورد علينا من النجف وهو من سادات البحرين وأهل الشرف...».

وفي ترجمته للسيد إسماعيل الغريفي البهبهاني يشير إلى أن المترجم «والد السيد عبدالله البهبهاني الرئيس الشهير في طهران الشهيد في الانقلاب الدستوري، وتأتي ترجمته في بابها وجد السيد محمد بن السيد عبدالله العالم الشهير في طهران المعاصر الذي شاهدناه في طهران أيام قصدنا لزيارة المشهد المقدّس الرضوي سنة 1353هـ. ورأينا من فضله وعلمه ونباهته الشيء الكثير».

وإذا كان البعض يعتبر كتاب الأعيان «كتاب فريد في بابه على عيوب منهجية جمة»... إلا أنه مع ذلك يبقى مرجعاً لا غنى عنه للباحثين والمهتمين.

إقرأ أيضا لـ "وسام السبع"

العدد 4539 - الإثنين 09 فبراير 2015م الموافق 19 ربيع الثاني 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 2:26 ص

      استاذ انت جدي تحرق حمصة البعض

      أي شخص يتكلم عن تاريخ البحرين الناصع يزعج البعض ممن يخطط لتغيير هذا التاريخ الناصع العظيم

    • زائر 3 | 2:21 ص

      الشكر لك

      الشكر لك ولمرورك

    • زائر 2 | 2:12 ص

      سؤال محيرني

      رغم وجود جهابذه من العلماء والمراجع في البحرين لكن الاميه منتشره بشكل مخيف منذ ذلك المان حتى بداية القرن العشرين

    • زائر 1 | 10:59 م

      بوركت

      مقال مفيد ورائع تترقب المزيد ولك الشكر

اقرأ ايضاً