العدد 4549 - الخميس 19 فبراير 2015م الموافق 29 ربيع الثاني 1436هـ

ورشة التنوع الحيوي توجه استراتيجي

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

التنوع الحيوي ثروة وطنية استراتيجية قدمت لعقود طويلة ويمكن أن تقدم بشكل مستدام منافع اقتصادية ومعيشية وغذائية وصحية وترفيهية وبيئية مهمة للمجتمع المحلي في البحرين. والتنوع الحيوي مقوم استراتيجي لحياة المجتمعات في مختلف البلدان.

ويشير تقرير اقتصاديات النظم البيئية والتنوع الحيوي (TEEB) لصناع السياسات المحليين والإقليميين، إلى «إننا نعتمد جميعاً على الطبيعة من أجل رفاهنا. وتوفر لنا النظم البيئية الغذاء والمياه العذبة والوقود والألياف والهواء النقي والملاذ. وتساهم موارد الغابات مباشرة بسبل عيش 90% من 2,1 مليون نسمة حول العالم يعيشون في فقر مدقع، وتعتمد 500 مليون نسمة على الشعاب المرجانية في رزقها، ويعتمد ما نسبته 80% من السكان في الدول النامية على الطب التقليدي المشتق أساساً من النباتات العشبية، لذلك ثمة أسباب جيدة كثيرة لوضع الطبيعة في الاعتبار، وهي أسباب اقتصادية وثقافية وأخلاقية واجتماعية».

تقرير حالة البيئة في البحرين (2009) في سياق معالجته لواقع الأهمية الاستراتيجية للتنوع الحيوي، يبين دوافع الاهتمام بهذا المورد البيئي، الذي «يمثل الأساس لفهم البيئة والمحافظة عليها، ويمثل إرثاً ثقافياً لكل حضارة، ويلبي الاحتياجات البشرية في الحاضر والمستقبل، ويحافظ على التوازن الطبيعي بين مكونات النظام البيئي، ويحافظ على القيم البيئية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والترفيهية بشكل مستدام». وتعزيزاً لذلك التوجه يشخص الضغوطات والمخاطر التي تهدد النظام البيئي للتنوع الحيوي ويحدّدها في «النمو الحضري والتمدد العمراني في اليابسة، والحفر والردم في البيئات البحرية الساحلية المغمورة، واستنزاف الموارد المائية الجوفية، وتدهور التربة وارتفاع ملوحتها، والصيد الجائر، وخصوصاً لبعض أنواع الأسماك والطيور».

توجه المجلس الاعلى للبيئة لتنظيم ورشة العمل الوطنية الثانية لمشروع تحديث الاستراتيجية وخطة العمل الوطنية للتنوع الحيوي وإعداد التقرير الوطني الخامس للإتفاقية المتعلقة بالتنوع الحيوي بالتعاون مع برنامج الامم المتحدة للبيئة «UNEP» وبمشاركة المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص والمؤسسات الاكاديمية والبحثية والمجتمع المحلي في مملكة البحرين، يشكل خياراً استراتيجياً ضمن منظومة العمل الوطني المؤسس في أهدافه لتعزيز نهج الشراكة الموجهة للاستفادة من قدرات ومرئيات الكوادر الوطنية المختصة في التشخيص الدقيق للمخاطر المحيطة بواقع التنوع الحيوي والاتجاهات المنهجية لصون استدامته والتمكن من بناء استراتيجية ممنهجة تستجيب لمتطلبات المرحلة في تأكيد الالتزام بمبادئ المشروع الدولي البيئي وتحديد الاتجاهات العملية والمؤسسة لبناء خطة العمل التنفيذي لبرنامج الحكومة لعام 2015-2018 بشأن صون منظومة التنوع الحيوي.

الورشة تمثل الخطوة الثانية في خطة العمل التنفيذي لبناء أسس الاستراتيجية الوطنية لصون التنوع الحيوي، وتعزيزاً للعمل المشترك والمسئولية الاجتماعية شاركنا في أعمال الورشة الافتتاحية لمشروع تحديث الاستراتيجية وخطة العمل الوطنية للتنوع الحيوي في مملكة البحرين التي عقدت في أكتوبر 2013، والتي شخّصت اتجاهات العمل والمبادئ بشأن صون التنوع الحيوي، وبحثت حالة عناصر التنوع الحيوي والتهديدات التي تواجهه وخدمات التنوع الحيوي والنظم الإيكولوجية والسياسات والبرامج والمشاريع والمبادرات الراهنة والقطاعات، والشركاء المعنيين بالحفاظ على التنوع الحيوي.

وتمثل الورشة الثانية التي يجري تنظيمها في الفترة من 24 إلى 26 فبراير 2015 خطوة مهمة لاستكمال خطة العمل الاستراتيجي الوطنية للتنوع الحيوي، وتتمثل أهداف الورشة في استعراض خطة العمل الخاصة بمشروع تحديث الاستراتيجية الوطنية وإعداد التقرير الوطني الخامس لاتفاقية التنوع الحيوي ومراجعة مسودة التقرير الوطني الخامس لاتفاقية التنوع الحيوي ومراجعة وتحديث المؤشرات الوطنية المتعلقة بالتنوع الحيوي في مملكة البحرين وصياغة أهداف الاستراتيجية الوطنية لاتفاقية التنوع الحيوي. ويجري إنجاز الأهداف المحددة للورشة بالارتكاز على مبدأ الشراكة، حيث يشارك في أعمالها شركاء محليون ودوليون.

الورشة خطوة مهمة لتأكيد العمل بقواعد الالتزامات الدولية، وتجسيد فعلي لنص المادة (6) من الاتفاقية الدولية للتنوع البيولوجي الخاصة بالتدابير العامة للصيانة والاستخدام القابل للاستمرار والتي تشير إلى أنه «على كل طرف متعاقد أن يقوم حسب أوضاعه وقدراته الخاصة وذلك وفق ما هو منصوص عليه في الفقرة (أ)، في وضع استراتيجيات أو خطط أو برامج وطنية لصيانة التنوع البيولوجي واستخدامه على نحو قابل للاستمرار، أو القيام تحقيقاً لهذا الغرض بتعديل الاستراتيجيات أو الخطط أو البرامج القائمة بحيث تمكن ضمن جملة أمور التدابير المحددة في هذه الاتفاقية والتي تكون ذات صلة بالطرف المتعاقد المعني». وتشدّد الفقرة (ب) على أهمية «دمج صيانة التنوع البيولوجي واستخدامه على نحو قابل للاستمرار، إلى أقصى حد ممكن وحسب الاقتضاء في خطط وبرامج وسياسات قطاعية أو تشمل جميع القطاعات».

الورشة حدث وطني مهم، وتتأكد قيمتها بمدى كفائتها في تشخيص المخارج التي يمكن بفعلها تحديد الأهداف والالتزامات والاجراءات والقواعد القانونية التي يمكن أن تسهم في ترشيد الخطط التنموية وردع الأنشطة والممارسات غير الملتزمة بمعايير واشتراطات العلاقة الرشيدة مع منظومة التنوع الحيوي وتشخيص الاتجاهات المنهجية لتطوير الخطط والسياسات التعليمية والتربوية والتوعوية، لبناء السلوك الاجتماعي الرشيد في العلاقة مع التنوع الحيوي.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4549 - الخميس 19 فبراير 2015م الموافق 29 ربيع الثاني 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً