العدد 4550 - الجمعة 20 فبراير 2015م الموافق 01 جمادى الأولى 1436هـ

الحاجّة أم عيسى: أمارس مهنة السفّة منذ 50 عاماً... لكن الناس لا تثمن قيمتها

الحاجّة أم عيسى تمارس مهنة السف في منزلها
الحاجّة أم عيسى تمارس مهنة السف في منزلها

التراث لا يقف على رجلٍ واحدة ولا يصفق لتجاعيده المنحوتة على جباه أصحابه إلا بيدين، تماماً كما تفعل المهن القديمة لمن يزاولها في ظل الصراع من أجل بقائها.

الحاجة أم عيسى (ستينية العمر) تزاول مهنة «السفّة» منذ أكثر من خمسين عاماً في بيت يقع على مشارف قرية الحجر، أحنت ظهرها وتناولت خوص النخلة، جمعته وباشرت عملها في نسجه وراحت تنسج معه بدايتها مع السفة.

وفيما يلي نص اللقاء معها:

لو عدنا للماضي، لبداياتكِ مع «السفّة» كيف كانت؟

- بدأت بالسف وعمري 10 سنوات مع أمي وجدتي ونساء الحي اللاتي كن يجتمعن في منزلنا ويقمن بسف «التواجي»، وهي ظروف يحفظ فيها التمر، وكانت تباع بـ 6 روبيات حينها، كنت أراقبهن وهن يصنعن ذلك، حتى انتقلنا لسف «الحصير» بنوعيه «اليوسفي والمقسومة»، والذي كانت عمتي تبيعه في جدحفص بنصف روبية، فيما يباع الآن بخمسة دنانير.

ألا تشعرين أنكِ كنتِ صغيرة على هذه المهنة الشاقة؟

- لا، أبداً، اعتدت على ذلك فصار الأمر سهلاً بالنسبة لي.

رغم حداثة سنكِ هل يتجاوب معكِ الآخرون في الشراء؟

- كان عمي هو المسئول عن جمع منتجات السفة وبيعها في السوق، ومن ثم توزيع المردود المادي علينا كل بحسب عدد منتوجاتها من الحصير الذي قامت بسفه.

على ماذا تعتمدين فيها من مواد؟ وكيف تحصلين عليها؟

- اعتمادي الأول على الخوص، وهو ورق النخل الذي كنت أحصل عليه من نخيل قريتي، أما الآن فأشتريه من أصحاب النخيل.

كيف تقومين بعملية السف؟ وما هي الخطوات التي تتبعينها؟

- في البداية، إذا كان الخوص أخضر أقوم بتيبيسه، ومن ثم سحته ونقعه في الماء، ومن ثم طيه في «خيشة» لكي لا ييبس تماماً ويتكسر، وبعدها أقوم بعملية السف والتي تعني «نسجه بأصابع اليد»، وبعد عملية السف أضعه في الشمس حتى ييبس، ومن ثم أقوم بتنظيفه من الخوص البارز في أطرافه وبعدها أقوم بخياطته.

هل هناك وجه مقارنة بينها وبين الآن، من ناحية توافر المواد المستخدمة ألا وهي منتجات النخلة، هل تأثر توافر هذه المواد مع تراجع العناية بالنخيل وزراعتها في البحرين؟

- نعم، الآن نحصل على الخوص بصعوبة بالغة بسبب قلة النخيل، ونضطر لشرائه من أصحاب المزارع، ومقارنة بالماضي فكان الحصول عليه بالأمر السهل، ولو اشتريناه فسعر الكيلو لا يتجاوز الروبيتين، أما الآن فكيلو الخوص العادي بدينار، والملون بدينارين.

أم عيسى، ما هي الأسباب التي دفعتكِ للعمل في هذه المهنة؟ ظروف المعيشة أم عشقها؟

- السفة هواية قبل أن تكون مهنة لكسب الرزق، اعتمدت عليها لتلبية احتياجاتي بعد وفاة والدي كوني البنت البكر في العائلة، وحين توفي كان عمري 5 سنوات تقريباً فكنت مضطرة للعمل بها في هذا العمر المبكر.

نرى أن عملية السف شاقة، ألا يوجد معين لكِ في ذلك؟

- متعبة لكنها مسلية، ولا يوجد معي معين فيها، أعتمد على نفسي وأجزئ العمل على أيام الأسبوع، فالمخبزة مثلاً تستغرق أربعة أيام لسفها وخياطتها.

ما هي منتجات السفة، وفيما تستخدم؟

- منتجاتها متعددة، وأهمها: السفرة وفي الماضي تستخدم للأكل عليها في المآتم والأفراح، أما الآن فغالباً ما تستخدم للزينة فقط، والحصير يستخدم كسجادة تفرش في حوش المنزل كما يستخدم لتكفين الأموات، و «التواجي» وهي ظروف لحفظ التمر، والمخبزة بحجمها الكبير وتسمى «زبيل» لوضع الملابس قديماً وحديثاً للمصلاة، والحجم المتوسط للخبز، والصغيرة تسمى «القفة» للمكسرات، والجراب يحفظ فيه الطعام ويعلق على الجدار، و «جيس الناصفة».

بين الماضي والحاضر، بين «السفرة « التي تتوسط حوش العريش و «المهفة» التي تزين جدران البيوت الفارهة تعددت الاستخدامات والصناعة واحدة، ما هو الفرق بين الزمنين في ذلك؟

- في الماضي لا تدخل العروس بيت زوجها إلا بعد تأمين «زبيلين»، لملابسهما بدلاً من خزانة الملابس وحصير أو اثنين وسفرة ملونة، أما الآن فلا تستخدم منتوجات السفة إلا للزينة أو الديكور في الأعراس، إضافة إلى بعض المناسبات الدينية كأضحية عيد الأضحى.

كم تتراوح نسبة أسعار منتجات السفة؟ وعلى أي أساس تقدر الأسعار؟

- على حسب الخوص والمدة في سفه وخياطته.

بالنسبة للمردود المادي العائد من منتجات السفة، هل يتناسب مع المجهود المبذول؟

- لا أفكر في هذا الأمر، الأهم بالنسبة لي هو شعوري بالسعادة وأنا أقوم بعملية السف سواءً حصلت على مردودٍ مالي جيد أم لا.

من هم زبائن أم عيسى؟

- لا يوجد لدي زبائن معينون. وللأسف، البحرينيون لا يقدرون قيمة هذا الموروث الشعبي. ورزقي ليس مقترناً بمكان أو زمان محدد.

ما هي الكلمة التي توجهينها للمعنيين بحفظ التراث والسفة كموروث شعبي في طريقه للاندثار كبقية الموروثات والمهن الشعبية؟

- مهنة السفة لم تندثر بعد، ومازالت تمارس في قريتي وقرية أبوصيبع لكن الناس كما قلت لا تثمن قيمتها.

لو خيرتِ بين السفة ومهنة أخرى، ماذا تختارين؟

- السفة طبعاً، فعلى رغم كل متاعبها وشقائها فإنني لن أتركها مادمت بصحة وعافية، والدينار الذي أحصل عليه من ورائها ينسيني كل تعب وشقاء، أعشق السفة ولن أتخلى عنها أبداً.

العدد 4550 - الجمعة 20 فبراير 2015م الموافق 01 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 3:48 ص

      شكرا‏ ‏للوسط‏ ‏على‏ ‏المواضيع‏‏ ‏‏الجميلة

      الله‏ ‏يعطيها‏ ‏الصحة‏ ‏و‏ ‏العافيه‏ ‏و‏ ‏يرزقها‏ ‏من‏ ‏حيث‏ ‏لا‏ ‏تحتسب

    • زائر 6 | 2:20 ص

      بو نواف

      شفتون يا بنات جدي النسوان الي قبل ادا بغت تشتغل تدور ليها شغل في بيتها ومع نسوان فقط مو بنات هليام من مجمع
      لمجمع ونن مطعم لمطعم ولا يدرون وين الله حاطهم زمن لول المراة قايمة بوجبات بيتها على اكمل وجة من تربية اولاد وخدمة الزوج ام هدا الجيل .....انتون كملو

    • زائر 5 | 1:49 ص

      التقرير مميز

      التقرير جدا راقي ومتميز .. بالتوفيق ان شاء الله

    • زائر 4 | 1:03 ص

      يا جريدتنا الموقرة

      ممكن اعرف رقم الحجية محتاج اسوي طلبية عندها

    • زائر 2 | 10:56 م

      تراثنا

      يعطيها الله ألف عافية

    • زائر 1 | 10:52 م

      عمل فني جميل

      ام عيسى فنانة روحها جميلة ، السفًّة عمل جميل يحتاج رعاية و حماية ، كم هذه البلد جميلة بطيبة اَهلها وحبهم لها وجمال روحهم .

اقرأ ايضاً