العدد 4551 - السبت 21 فبراير 2015م الموافق 02 جمادى الأولى 1436هـ

تعالوا نفرز شيئاً من الأوراق

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

ما بين 14 فبراير 2001 و14 فبراير 2011، عشر سنوات، تخللها فصلان تشريعيان، وثالث كان قائماً إلى حينها، وتعاقبت فيها ثلاث حكومات، تكرّرت وجوه وأداء أفرادها إلا الندرة، وتكررت برامجها طوال كل تلك السنين، والناس تعبت أعناقها وهي مشرئبة، وصبرت يوماً بعد يوم، وشهراً بعد شهر، وسنة بعد سنة، وفصلاً تشريعياً بعد آخر، وتصريحات المسئولين تتردد في آذانهم، وتتراءى لأعينهم، وكل يوم ينقضي دون تحققها، كان يزرع بذور اليأس في نفوس المواطنين.

ربما لم تجتمع حيوية كل تلك البذور، وحتمية فلق جميعها عما حوته من يأس، لأن المواطنين ظلوا يسقونها بماءٍ آسنٍ ضد اليأس في جانب، وماء صاف لنبت الأمل في غدٍ يمحو كدر الأمس، في الجانب الآخر.

إلا أن الجهات الرسمية في الدولة، لم تكترث لا كثيراً ولا قليل، ولم تبذل أي جهد، ولم تُرِ الناس، أي بارقة أمل تنقل المجتمع، من الشك إلى اليقين، للإنتقال بهم وبمؤسسات الدولة، من فترة سبعة وعشرين عاماً من سياط قانون ومحاكم أمن الدولة، إلى رحابة الدولة المدنية التي وعد بها ميثاق العمل الوطني، بنظام دستوري ديمقراطي، على غرار الممالك الدستورية العريقة. ولم يتم الالتزام بمرسوم عفا الله عما سلف، إلا بشكل انتقائي في أمرين، الأول بما يتعلق بفترة الإعداد للتصويت على الميثاق، في قرارات وممارسات من جانب السلطات، تمثلت في إطلاق سراح المعتقلين، وعودة المنفيين، وإلغاء قانون ومحكمة أمن الدولة، وتعويض قلة منتقاة من متضرّري مرحلة قانون أمن الدولة، دون جموع المواطنين الغفيرة المتضررة، والثاني في العفو والتعويض والترقيات للمحسوبين على أجهزة الدولة.

ولم يكن ذلك كل ما في الأمر، بل أبانت لواحق الأيام ما أبانت من تباينات ما بين الرؤية الشعبية ورؤية السلطات الرسمية، حول العلاقة ما بين الميثاق والدستور القائم، المتلخصة في قوامة دستور 1973 إلى ما قبل إصدار دستور 2002، الذي ألغي بموجبه دستور البلاد الذي أقره مجلس تأسيسي منتخب، وقد نص في متنه -أي دستور 1973- على آلية معينة لتعديله، إلا أن الأمور سُيِّرَت على خلاف ذلك.

ليس هذا فحسب، إنما على مدار السنوات العشر ما بين فبراير 2001 الى فبراير 2011، تلمس غالبية شعب البحرين من بعض الممارسات، ما أوقع في القلوب، من اتباع سياسات التمييز، ما بين طائفتي المجتمع، وتنفيذ سياسة التجنيس، من أجل فقط خلق ما يدعى من توازن طائفي، والذي تبين لاحقاً أيضاً عدم صدقيته إلا بما ينال بالأذى والتمييز طائفةً في المجتمع، إضافةً الى المعارضين لهذه السياسة، بما لمسوا من سوئها الحالي والمستقبلي، على جميع مواطني البحرين.

في فبراير 2011، تنادى جمع من الشباب، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، للتجمع في ساحة دوار اللؤلؤة، وسرعان ما شارك في التجمع فئات تضررت من سياسات مرحلة قانون أمن الدولة، سواء في أشخاصهم أو أهلهم وذويهم، وقد يئسوا من الوعود التي لم يروا لها من أثر طوال العقد الماضي، وكيف يكون لجهةٍ أبدعت في تنفيذ سياسات مرحلة قانون أمن الدولة، ما هو مرتجى من وعود.

لقد قاد اليأس الناس من الالتزام بالعدالة وتطبيق المساواة، لصلاح العباد والبلاد، وقادهم يأس جامع، إلى التجمع في الدوار، للمطالبة بحقوق مهدرة، وبعدالة غائبة، وبدستور متوافق عليه وديمقراطية حقيقية، في مملكة دستورية عريقة مأمولة، وذلك باستخدام وسيلة سلمية مشروعة للمطالبة الجماعية، بما ورد في الدستور من نص على مبدأ «الشعب مصدر السلطات جميعاً».

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4551 - السبت 21 فبراير 2015م الموافق 02 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 9:41 ص

      بارك الله فيك

      نسأل الله الفرج لهذا الوطن الجريح

    • زائر 10 | 7:34 ص

      هذا المقال

      هذا المقال بعضه صحيح و لكن فعلا هناك تغييرات كثيرة حصلت ولكن اللذي عنده عقدة المظلوم لن يحس بها و لن يرضى عنها. ثم اذا قارنت البحرين بدول اخرى فنحن في نعمة يجب ان نشكر الله عليها

    • زائر 8 | 1:17 ص

      مقال رائع

      أتمنى من المفكرين ان يسمعوا كلامك ويستفيدوا منه ولا يختزن الثورة بالصراع الطائفي الذي وجد فقط لودها

    • زائر 7 | 1:16 ص

      العدالة غايبة منذ عقود

      الى الله اشكو لا الى الناس اشتكي

    • زائر 5 | 12:42 ص

      بل ازيدك ظهر لنا تقرير مثير زاد قلق الطائفة الشيعية على مستقبلها وفعلا حصل

      لم يتقدم الفصلان التشريعيان بشيء بينما ظهر الى الناس حقيقة امر يدبّر بليل مستهدفا طائفة بأكملها علاوة على انها لم ترى شيئا من هذا البرطمان رأت في مخطّط يستهدفها في مكونها

    • زائر 4 | 12:07 ص

      ------

      خلاصة القول إن من يوقع على بياض ويدع الآخرين يكتبون ما يشاءون فلا يلومن إلا نفسه. مالفائدة من البكاء على اللبن المسكوب؟ أليس هذا هو الواقع الذي نهرب منه ؟

    • زائر 3 | 11:40 م

      من لا يريد العدالة والإصلاح

      ولكن يا اخي الكريم التجمع أعلن قيام الدولة الاسلامية وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها كيف تريدنا نعود الى غياهب العصر الحجري ؟ الكلام عن العدالة جميل لكن ماحدث كان مريعا في البحرين ونحن الان نعاني يا استاذنا الكريم من الفعل " التجمع " وردة الفعل ".........." انظر ماحدث في تونس اليمن مصر لولا تدخل السيسي و العراق سوريا الجماعات الاسلامية تحكم وهذه كارثة كبيرة

    • زائر 2 | 11:39 م

      من لا يريد العدالة والإصلاح

      ولكن يا اخي الكريم التجمع أعلن قيام الدولة الاسلامية وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها كيف تريدنا نعود الى غياهب العصر الحجري ؟ الكلام عن العدالة جميل لكن ماحدث كان مريعا في البحرين ونحن الان نعاني يا استاذنا الكريم من الفعل " التجمع " وردة الفعل "......." انظر ماحدث في تونس اليمن مصر لولا تدخل السيسي و العراق سوريا الجماعات الاسلامية تحكم وهذه كارثة كبيرة

    • زائر 1 | 9:49 م

      رحم الله والديك اليوم من على راسه بطحه سيتحسسها

      كفيت ووفيت موضوع مختصر ومفيد وفي الصميم ووضعت النقاط على الحروف والآن من ضحك على من ونقولها لن نرجع لبيوتنا قبل تحقيق حقوقنا ومحاسبة من انتهك حقوقنا وهدم مساجدنا

اقرأ ايضاً