العدد 4564 - الجمعة 06 مارس 2015م الموافق 15 جمادى الأولى 1436هـ

القطان: ضعف الاستجابة لأمر الله ورسوله سبب مشكلاتنا الأسرية والاجتماعية والسياسية

الشيخ عدنان القطان
الشيخ عدنان القطان

رأى إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، الشيخ عدنان القطان، أن ضعف الاستجابة لأمر الله سبحانه وتعالى ورسوله (ص) هو سبب المشكلات الأسرية والاجتماعية والسياسية.

وقال القطان، في خطبته يوم أمس الجمعة (6 مارس/ آذار 2015)، إن: «من أعظم أسباب مشاكلنا الأسرية والاجتماعية والثقافية؛ بل حتى السياسية منها، ضعف الاستجابة لأمر الله ورسوله، وهو نفسه سبب ضعف هذه الأمة وتفرقها، فهناك من أبناء هذه الأمة مَن لا يقبلون من الدين وتعاليمه، إلا ما وافق هواهم، وسعت إليه نفوسهم، حقّاً كان أو باطلاً».

وأضاف «انظروا إلى الخصومات بين الناس، وهو مثل بسيط على مستوى البيت أو الأسرة أو الحي أو المؤسسة، وما بين الأحزاب والطوائف والجماعات والقبائل؛ ما الذي يضبط العلاقات بين الناس؟ وما هو الشيء الذي يوجه سلوكهم ويتحكم في تصرفاتهم؟ هل هي أوامر الدين كما جاءت في كتاب الله وسنة رسوله (ص)، أم أننا نحتكم إلى الهوى وحب الذات، والرغبة في السيطرة؟ وتنقلب بذلك حياة الناس إلى تعاسة وشقاء!».

وأشار إلى أن «المجتمع المسلم الأول، كان يقود الحياة في جميع جوانبها؛ انطلاقاً من أوامر الدين وتوجيهاته، ولم تكن عندهم هذه المزاجية، ولا هذا الكبر واتباع الهوى؛ بل كانوا إذا سمعوا: قال الله، قال رسوله؛ قالوا: سمعنا وأطعنا! وبادروا إلى العمل والتطبيق، ولو كان ذلك الأمر أو ذلك التوجيه يخالف أهواءهم ورغباتهم وأمنياتهم».

وأكد أنه «لن يكون مؤمناً ذاك الذي يُعرض عن أوامر الدين وتوجيهاته، ولا يستجيب لها، فإن الاستجابة لله تعالى وللرسول (ص)، هي المحكُّ الحقيقي والمظهر العملي للإيمان».

ونوّه إلى أن «الذين يستجيبون لله وللرسول ظاهراً وباطناً، هم الأحياء في عالم الأموات، وإن كانوا أقل الناس مالاً وعلماً وعدة وعدداً، وهم السعداء على رغم فقرهم وحاجتهم، وهم الأغنياء وإن قلَّت ذات أيديهم، وهم الأعزة وإن قلَّ الأهل والعشيرة؛ وغيرهم هم الأموات حقيقةً، وإن كانوا أحياء الأبدان، يَسْعَوْنَ بين الناس ذهاباً و إياباً، فعلى قدر الاستجابة تكون الحياة، فهي مراتب، كلما زاد العبد في الاستجابة لله وطاعة أوامره، زاده الله حياة طيبة سعيدة».

واعتبر أن الاستجابة لأمر الله ورسوله «عاقبتها الحياة الطيبة، ورضوان الله وجنته... ستذهب اللذات والأموال والجيوش والأتباع، ولن ينفع إلا الاستجابة لأمر الله ورسوله، وإخضاع العبد كل رغباته وشهواته للدين، والمغرور من غرته دنياه».

وأوضح أن «معنى الاستجابة لله أن تخضع رغباتك -أيها المسلم- وأهواءك وتصرفاتك لدين الله - عز وجل - في كل صغير وكبير من أمرك، ولا خيار لك في ذلك، وهي الحياة الحقيقية التي دعانا الله إليها، لكنها ليست أيَّ حياة، وإنما هي الحياة الكريمة العزيزة، الحياة الحقيقية الكاملة، التي يتميز بها الإنسان عن سائر المخلوقات، فإن هذه المخلوقات تحيا حياة بهيمية، لا تعرف لها غاية نبيلة تسعى إليها، ولا رسالة تحيا من أجلها وتكافح في سبيلها. فحسبُ مثل هذا الإنسان دريهمات يملأ بها جيبه، أو لقيمات تملأ معدته الفارغة، وثياب تكسو جسده العاري، وليكن بعد ذلك ما يكون، فهو لا يسعى إلى أكثر من هذا! وهذه الحياة أبشع صور الحياة».

ولفت إلى أن «أهل الإيمان يسارعون للاستجابة والعمل، وقد أثنى عليهم ربهم بذلك».

وتابع «يوم فتح خيبر والمسلمون قد بلغ بهم الفقر والجوع مبلغاً، حتى إن أحدهم ليربط على بطنه من شدة الجوع، ولم يكن لهم طعام سوى الماء والتمر، فتح الله عليهم بعض الحصون فوجدوا حميراً، فاختاروا عشرين منها ونحروها وسلخوها، ووضعوها في القدور، وأوقدوا تحتها النار، وراحت القدور تغلي، وبطونهم تغلي معها من الجوع. وحين نضج اللحم وأصبح جاهزاً للأكل، جاء الامتحان الرباني على لسان رسول الله (ص) فأمر أبا طلحة فنادى: (إن الله ورسوله ينهاكم عن لحوم الحمر)».

وأردف قائلاً: «انظروا: لم يأت الأمر بالتحريم قبل النحر أو قبل الذبح أو قبل السلخ أو قبل الطهي، إنما جاء الأمر الرباني بعد كل هذه الأمور في أعسر امتحان للنفس البشرية، والقدور تفور باللحم، ونفذوا الأمر بدون تردد، فكفئت القدور، ولم يتناول مسلم ولو نهشة واحدة، ولم تسجل مخالفة واحدة، إذ جاء التنفيذ كاملاً من الجميع؛ فكانت النتيجة أن فتح الله لهم الحصون، فغنموا طعاماً وشراباً وأموالاً كثيرة من الذهب والفضة وعتاداً وسلاحاً كثيراً».

وذكر القطان أنه «يوم أن جاء الأمر الرباني بتحويل القبلة من المسجد الأقصى، الذي تحاك حوله المؤامرات هذه الأيام، إلى البيت الحرام ليتميز المسلمون في كل شيء، بلغ المسلمين الخبر في أطراف المدينة وهم في الصلاة، يروي هذه الحادثة الصحابي الجليل عَبْدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ (رضي الله عنهما) فيقول: (بَيْنَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ (ص) قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا، وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّأْمِ، فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ) إنهم لم ينتظروا حتى يكملوا الصلاة، بل استداروا وهم ركوع في الصلاة، خشية أن يقعوا في دائرة معصية الله ورسوله، لقد هزموا بالاستجابة لأمر الله ورسوله، ثورة نفوسهم وحظوظهم الدنيوية، وعصبياتهم الجاهلية».

وشدد على أن «للاستجابة لأمر الله ورسوله، ثماراً في الدنيا والآخرة، فمن استجاب لله؛ استجاب الله له، والاستجابة سبب من أسباب إجابة الدعاء؛ فهي طريق لرضا الله تعالى، فتحقيق الإيمان، وامتثال أوامر الله، جعلها الله سبحانه - من شروط إجابة الدعاء».

وبيّن إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي أن «من فوائد وثمار الاستجابة لله ولرسوله (ص) مغفرة الذنوب»، محذراً من الإعراض عن أوامر الله بقوله: «إن الإعراض عن منهج الله، وعدم الاستجابة لأوامر الشرع في أقوالنا وأفعالنا وتصرفاتنا، يجلب علينا وعلى الأمة والمجتمع كثيراً من الويلات والمصائب، وتحل العداوة والبغضاء بين الناس بسبب ذلك، بين الرجل وزوجته وأولاده، وبين المدير وموظفيه، وبين المعلم وطلابه، وبين الجار وجيرانه، وبين الحاكم والمحكوم، وهي سنة الله في خلقه».

وأفاد أن «من ثمرات الاستجابة، النصر والتمكين لهذه الأمة، أفراداً وشعوباً ومجتمعات، وما فتحت ممالك الأرض شرقاً وغرباً في بلاد فارس والروم وإفريقيا والأندلس والصين وشرق آسيا وأوروبا إلا بالاستجابة لأمر الله ورسوله، وما تطورت حضارة المسلمين في جميع جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والأدبية إلا بسبب ذلك».

ونبه إلى أن «الاستجابة لأمر الله ورسوله لم تكن في يوم من الأيام عائقاً لبناء هذه الحياة بمفهومها الحقيقي، ذلك أن الإسلام يملك الطاقات الفكرية والروحية والأخلاقية التي تكفل الحياة الطيبة للإنسان المسلم -وحتى غير المسلم- بما أوجبت من حقوق وواجبات وبما شرعت من قيم وأخلاق».

وقال: ما ضعفت أمتنا وساءت أحوالنا واستبد بنا غيرنا، وما تسلط علينا الظلَمة وسفكت دماؤنا واحتلت أراضي المسلمين واستبيحت مقدساتهم، ما حدث ذلك كله إلا عندما تعلقنا بغير الإسلام، واعتقدنا أن هذه الحضارة المادية، هي طريق الحياة السعيدة، فزادت تعاستنا، وكثرت مشاكلنا، واستمر ضعفنا».

وأكد أنه «ما أحوجنا اليوم إلى أن نقيم شرع الله في حياتنا! فيعرف كل واحد منا حقوقه وواجباته، فيلتزم بها ويؤديها كما أُمِر، وما أحوجنا إلى إحياء قيم الخير في نفوسنا لنسعد في حياتنا! وما أحوجنا اليوم إلى الانطلاق من توجيهات هذا الدين، لبناء الحياة، وتعمير الأرض، والاعتزاز بهذا الدين، ودعوة البشرية قاطبة إليه وتعريفهم به».

ولفت إلى أن «من الأمور التي تدعو للتفاؤل وتبشر بالخير، أن تجد كثيراً من رجال الإسلام ونسائه وشبابه، قد أدركوا أهمية الاستجابة لله ورسوله، في استقامة النفس وصلاح الدنيا ودوام النعم، فالتزموا بذلك، ولم تغرهم كثرة الشهوات والشبهات، ولم تستعبدهم المادة ولا الحضارة المادية، وأيقنوا أن ما عند الله خير وأبقى، وهو الحياة الحقيقية في الدنيا قبل الآخرة».

العدد 4564 - الجمعة 06 مارس 2015م الموافق 15 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 9:14 ص

      الظلم

      الظلم زايد في الدنيا و في مسؤولين ما يخافون الله و رسوله في الناس همهم منصابهم على حساب حقوق الناس بشكل عام في ناس مسويين الدنيا غابة المستقوي يظلم الفقير و الضعيف و هذا الشي حتى ناس عادية جداً او حتى " مطاوعية" يقومون به

    • زائر 1 | 7:00 ص

      ....

      دائما تذكر السلبيات في الخطب ولكن ...................... من هو المسبب والسبب حتي تعالج المجتمع وقال تعالي { والذين يحبون ان تشيع الفاحشه في الذين آمنوا لعنوا } فمن ينشر الفاحشه في المجتمع الاسلامي بشكل عام وفساد المسلمين وهم ضعاف النفوس فكيف من نضع الاسباب فيخضون فيها ثم نقول لا نسمع للامر الرباني...............

اقرأ ايضاً