العدد 4564 - الجمعة 06 مارس 2015م الموافق 15 جمادى الأولى 1436هـ

الخوف من إيران «العتيقة»

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

الخلاف الأميركي الإسرائيلي حول النووي الإيراني هو حديث الساعة اليوم. لماذا اختلف الحليفان وعلى ماذا؟ وربما يتساءل البعض: كيف للولايات المتحدة الأميركية التي استخدمت الفيتو 61 مرة في الأمم المتحدة لصالح «إسرائيل»، بل وقطعت المعونات المالية عن «اليونيسكو» فقط لأنها منحت الفلسطينيين عضويةً فيها، أن تقرّر التوقيع على «صفقة العصر» مع إيران في ظل رفض إسرائيلي لها؟ هذا تساؤل مشروع.

الحقيقة، أن ما يجب أن يُعرَف هو أن الخلاف الأميركي الإسرائيلي ليس على «الأصل» في المشروع النووي الإيراني بل على «الفرع» فيه. بمعنى أن كلا البلديْن يريدان «قتل» ذلك المشروع، لكنهما يختلفان على طريقة التخلص منه. وعند الرجوع إلى تفاصيل التفاصيل سنجد أن الرفض الإسرائيلي ليس ذا مسار واحد بل هو مركَّب ويجر معه ملفات أخرى تتعلق بالعقوبات التي إذا ما أزيلت فإن شوكة إيران ستقوى أكثر فأكثر.

دعونا هنا نفسِّر ذلك من خلال ما يقوله الإسرائيليون أنفسهم، والذي تنقله عنهم صحف غربية قريبة من دوائر القرار. مؤخراً نشرت «واشنطن بوست» مقالاً لأحد كتابها وهو ديفيد إجنيشس (وترجمه الزميل قاسم مكي) غطَّى فيه المقابلة الصحافية التي أجرِيَت مع وزير المخابرات الإسرائيلي يوفال شتاينيتز في الثامن عشر من الشهر الماضي.

فكلام الرجل الأول في منظومة الأمن الإسرائيلية بيَّن العديد من غوامض الأمور المتعلقة بالملف النووي الإيراني، ووجدت أنه من الواجب التطرق لذلك اللقاء كونه يعطي تقييماً أمنياً لمدارات المعركة النووية بين «إسرائيل» وإيران في المدى المنظور.

في اللقاء معه، قال شتاينيتز: «إن الاتفاق النووي الذي يفكر فيه أوباما من شأنه أن يقبل بوضع إيران كدولة (عتبة) نووية، وإن الفترة الفاصلة بين شروع إيران (المُفترض) في إنتاج السلاح النووي وبين إنتاجه فعلاً والمحددة بعام واحد والتي تسعى واشنطن لإقرارها غير كافية». وهو ما يعني أن «إسرائيل» ترى أن الاتفاق هو لا يجعل من إيران دولة نووية، لكنه وفي الوقت نفسه لا يُرجعها إلى دولة غير نووية، بل دولة مستعدة لأن تكون دولة نووية كاملة.

ثم يبدأ شتاينيتز في شرح ذلك بالقول: «منذ البداية أوضحنا (كإسرائيليين) أن لدينا تحفظات حول هدف المفاوضات (النووية). لقد اعتقدنا أن الهدف يجب أن يكون التخلص من التهديد النووي الإيراني وليس التحقق منه أو تفتيشه».

لكن المهم في الموضوع كله هو ما كشفه شتاينيتز، من «سر» الطلب الأميركي من إيران أن تُجمِّد برنامجها النووي لمدة عشرة أعوام والإبقاء على ما وصل إليه الآن، وهو أن أوباما هدفَ من ذلك (من وجهة نظرها)، تحييد وتقييد البرنامج النووي لإيران حتى مجيء الجيل الثاني من أبناء الثورة الأقل تشدداً من المرشد الأعلى الحالي آية الله خامنئي الذي يسير في العقد السابع.

إذاً، فالخلاف الأميركي الإسرائيلي هو على الوقت لا أكثر. فالإسرائيليون يعتقدون أن هذا الرأي الأميركي هو استصحاب معاكس. بمعنى، أن الزمن لا يعطي ضمانةً أكيدةً لما ستكون عليه إيران بعد عقد من الآن، خصوصاً وأن هذا التفكير الأميركي لا ينظر إلى إيران باعتبارها بلداً «تفكر مثل قوة كبرى عتيقة الطراز» في العالم على حد وصف شتاينيتز.

فـتل أبيب ترى بأن ظروف الاتفاق، وبالتحديد إطلاق يد إيران في التجارة الإقليمية والدولية، وفي كارتلات الغاز، سيجعل منها قوة صلبة، ما يعني عدم زهدها في فرض حدود لنفوذها السياسي في المنطقة والعالم (وهو ما أشار إليه نتنياهو خلال خطابه في الكونغرس قبل أيام حين أشار إلى التهام إيران لأربع دول عربية بالرغم من العقوبات فما بال قوتها وهي بلا عقوبات وتعيش ازدهاراً داخلياً)، وبالتالي فإن إيران العام 2025 هي ليست إيران 2015، لذلك لن يكون هناك جدوى لاحتوائها لاحقاً.

ما يعني من كل ذلك أن المعارضة الإسرائيلية هي مزدوجة بين تفكيك البرنامج النووي والعقوبات، وربما ترى في العقوبات الغليظة وسيلةً لا تقل تأثيراً عن التفكيك. فمسألة العقوبات مرتبطةٌ بقوة إيران، على مستوى القوتين الناعمة والصلبة. وهي ترى أن ترك إيران بلا منغصات اقتصادية سيعني أن خياراتها وأولوياتها السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية ستكون أكثر تحرراً، فضلاً عن جعل برنامجها النووي بلا قيود ولا محاذير، وبالتالي سيتحصَّن بشكل أكبر عن ذي قبل، الأمر الذي سيزيد من قوته.

وقد لمَّح الوزير شتاينيتز إلى ذلك بالقول: «إن الوقت الذي ستجد إيران أنه مغرٍ لها ليس الآن ولكنه سيأتي بعد سنتين أو ثلاثة أو أربعة، حين يكون الغرب مشغولاً بأزمات أخرى. وإذا اختارت التملُّص سراً من الاتفاق في وقت كهذا فإن الولايات المتحدة وحلفاءها سيحتاجون إلى شهور للتثبت من انتهاك الاتفاق وإلى ستة أشهر أخرى لتشكيل تحالف من أجل فرض عقوبات أو لاتخاذ قرار آخر حاسم. وحينها ربما يكون الأوان قد فات». انتهى.

وإلى جانب حديث وزير الاستخبارات الإسرائيلي، فإن هناك أمراً آخر ترى تل أبيب أنه مهم بالنسبة لها، وهو المتعلق بنقطة بداية ونهاية المفاوضات. فهي ترى أن الحركة التفاوضية مع إيران ليست ساكنة، وبالتالي فهي عُرضة للمساومات والتنازلات، خصوصاً وأنها مرتبطة بالظروف على الأرض ومناطق النفوذ، وهو ما جعل الأميركيين على سبيل المثال، يقبلون بـ 6500 جهاز طرد مركزي بعدما كان العدد في حدود المئات.

في المحصلة، فإن الأميركيين يبدو أنهم مُصرّون على اتفاق مع إيران يضع فرامل للقطار المنفلت، لأن عدم وضع تلك الفرامل لا يمنحها ولا يمنح «إسرائيل» ضمانة إيقاف ذلك القطار. والسنوات السابقة كانت شاهدة على ذلك.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 4564 - الجمعة 06 مارس 2015م الموافق 15 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 10:27 ص

      للزائر 14

      نجاد كان يحتج على الاصلاحيين انهم نشروا ضده في اربع سنوات اكثر من ربع مليون مادة صحفية وتجي تقول لي الحين ان ما فيه حرية!! هذا شنو تسميه؟؟ حرية طبخ مثلا!!

    • زائر 16 زائر 15 | 1:29 م

      زائر 15

      اى حرية و اى بطيخ شعب محروم من جميع وسائل الاتصال الخارجى جاى اتقول الحرية اى حرية خلى البحرين تقطع عنك جميع الاتصالات الخارجية اشوفك تحتج ولا لا ايران و كوريا الشمالية وجهان لعملة واحدة شعبهم مظتهد و لكن ما يقدرون يحتجون او يتاسون مسيرات اذا سوى مشانق او رميا بالرصاص تنتظرهم هل هذه الحرية فى رائيك

    • زائر 13 | 5:50 ص

      رد على زائر 5

      انت تقول ايران تحكم بالنار والحديد انتم تريدون ايران ان تكون منفتحة وفيها فساد لاتريدون الاسلام انه صراحة كل سنه اذهب الى ايران وارى بام عينى الشعب مرتاح والكل يعمل والاقتصاد مالهم ماشى والزوار لاتنقطع يوم واحد لدرجة ساعات ما اتحصل حجز على الطيارة او القطار ودائما اراهم فرحين لقدومهم لزيارة الامام الرضا عليهه السلام ويوجد عندهم امان لدرجة بعض الزوار الايرانيين ينامون فى الطرق وهم مرتاحين فليش يا اخى هادى السلبيات الله يحفض ايران

    • زائر 14 زائر 13 | 8:26 ص

      زائر 13

      اذا الشعب عايش مرتاح ولا يحتاج الى شيىء اذا حكومة الايرانية ليش خايفة من لا انترنت
      لا فيس بوك
      لا تويتر
      لا واتساب
      لا تعليق لو كتابة اى شيىء ضد الحكومة
      لا اتصال بالعالم الخرجى
      اهكذا يكون الشعب مرتاح
      هل تقبل ان البحرين تفرض نفس مثل ما فرضت ايران على شعبها هل انت تكون مرتاح اذا لماذا تقولون ان البحرين ما فى حرية الراى و انت تكبتب ارائك فى الجريدة كل يوم

    • زائر 10 | 2:32 ص

      هل هوا لغز?

      تحليل جدا جدا رائع...لكن معقول العالم المتطور المتحضر يفافوض هذا المارد المجهول..هل هذا المارد بالفعل لغز ام حقيقة..اذا الأيام القادمة سوف تكشف هذا الغز المجهول..

    • زائر 9 | 2:05 ص

      الاقرب

      أن تطول المفاوضات او تتوقف بدون نتيجة والاتفاق الكامل بعيد المنال فالمنطقة والعالم يمر بمخاضات عنيفة لايمكن التنؤ بها.

    • زائر 8 | 1:55 ص

      مسرحية بايخه

      ما قام به نتنياهو ما هو الا مسرحية سخيفه بايخه فالكل يعلم ان اسرائيل و ايران وجهان لعملة واحده و أنهما يعاديان الاسلام الأصيل و العروبة

    • زائر 12 زائر 8 | 5:29 ص

      متى ستفهمون ما لا تفهمونه اليوم؟

      دمرت اسرائيل الضاحية الجنوبية فقلتم مزحة، ودمرت غزة فقلتم دمرها الذي استفز اسرائيل بالالعاب النارية اولاً، وفرضت امريكا عقوبات على ايران حتى خسرت طهران 300 مليار فقلتم مزحة!! متى ستقتنعون بأن ما يجري حقيقة؟؟؟

    • زائر 7 | 1:14 ص

      ايران دولة مكافحة وذات كرامة

      تعلمنا من خلال الاربعة العقود الماضية كيف يكون المسلم صاحب كرامة وصاحب انسانية ولا يرضخ للدول المتعجرفة كامريكا وبريطانيا اللتان تتناوبان على استرقاق شعوب العالم وبالذات العالم الاسلامي

    • زائر 6 | 1:05 ص

      فرنسا على خطى اسرائيل

      فرنسا: تعهدات ايران بشأن برنامجها النووي ليست كافية

    • زائر 5 | 12:30 ص

      اهلنا هناك يشاهدون ما لا نشاهد

      الشعب الايراني يعاني منذ فتره طويله من الفقر والبطاله علي حساب البرنامج النووي ،، ايران تحكم بالقوة والنار ولا يستطيع الشعب التنفس بالكتابة والإنترنت مراقب واغلب ما فيه محظور ،،لا اعلم لماذا النظام الايراني الحالي يريد ان يكون دوله قويه (وهو الان قوي علي الورق ) علي حساب الشعب الايراني المطحون .. شكرآ للوسط

    • زائر 11 زائر 5 | 3:10 ص

      ....

      البلد من كل بستان زهرة

    • زائر 4 | 12:02 ص

      عبد علي البصري

      والله يمحمد عبد الله احلى موضوع استقرائي للحقائق . شكرا شكرا شكرا . ومن اوتي الحكمه فقد اوتي خيرا كثيرا .

    • زائر 3 | 11:58 م

      لاتخوف المرعوبين

      خب وفد من بعض الدول العربية طار لتل أبيب مرعوبا.

    • زائر 2 | 10:32 م

      عجيب

      حلو يكون الكاتب ماخصص بجانب معين..يواصل فيه بدل التنقل من مواضيع شتى بين اقتصادية او اجتماعية وغيرها...احسنت...مقالاتك دائما راقية وعميقة

    • زائر 1 | 9:38 م

      من يعتز بقدرته وكرامته يرفع مقامه

      ماحصل من تقدم لإيران في شتى المجالات لهو فخر لكل مسلم غيور على دينه مبتعدا عن براثين الطائفية وهذا التقدم برسم الدول العربية التي انعم الله عليها بالخير الوفير لكن لا توجد ليهم أدنى مقومات الديمقراطيات ليتقدموا علميا

اقرأ ايضاً