العدد 4574 - الإثنين 16 مارس 2015م الموافق 25 جمادى الأولى 1436هـ

نحو مبادرة وطنية يشترك بها الأعيان والنخب

وسام السبع wesam.alsebea [at] alwasatnews.com

أعتقد بأن الوقت قد حان، وقد دخلنا العام الخامس منذ اندلاع الأزمة السياسية، للتفكير مليًّا فيما آلت إليه أوضاعنا على كافة المستويات، بعد أن استهلكنا كل الوسائل والأدوات الممكنة في تجاوز الأزمة. ليس المهم كيف وقعت المهم كيف ستنهض، وهذا ما يجدر بالبحرينيين أن يعوه ويفكروا فيه في هذه المرحلة التي تتطلب من الجميع استنفار كل الجهود لمناقشة الوضع الانساني والسياسي والاجتماعي والأمني المتردي لوضع المعالجات للمأزق الحالي.

استمرار الأزمة في اعتقادي مبني على تصور واهم يقول بأن المكتسبات التي كان الربيع العربي يَعدُ ويُبشّر بها لازالت قائمة، والصحيح أن انفجار الوضع قبل خمس سنوات على وقع صفعة البوعزيزي في تونس والتي اتسع مداها من التأثير إلى القاهرة واليمن وليبيا، ودمرت دمشق وشردت الآلاف (215 ألف قتيل ضحايا النزاع السوري في أربع سنوات)، وأحرقت بغداد وأرسلت آلاف العراقيين في توابيت إلى ضيق اللحود، واخترقت الخليج الذي اهتز ولم يتصدّع، ومرّت سحبه الداكنة كفصل خامس هجين من فصول السنة.

تقديري أن الوقت قد حان للتفكير بشكل جدّي في تحريك مبادرة ينهض بها الأعيان والنخب ويشترك فيها كبار العلماء بهدف البحث عن مخارج وحلول واقعية وممكنة مما نحن فيه، فتلك مرحلة مضت بكل أوجاعها ومراراتها، والمطلوب وقفة صادقة وصريحة مع النفس، تأخذ بنظر الاعتبار الحصاد المرّ الذي جناه البحرينيون بكل أطيافهم، وعلى المستويين الحكومي والشعبي.

ولا أدري ما إذا كانت هذه المبادرة فيما لو تمت ستقودنا إلى نتائج مرضية فيما لو صدقت النوايا، لكن الأكيد أن استمرار الوضع وفق الإيقاع الحالي مكلف وموجع للغاية، مكلف بالنسبة لقوى المعارضة وجمهورها كما هو مقلق ومنهك للحكم، وفي الواقع فإن هذا الصراع غير المتكافيء أشبه بالدخول في دوامة عبثية لا تنتهي، وليس له من هدف وغاية سوى استنزاف الخصم وتشتيت قواه وإضعاف قدراته وشل حركته، وما من مستفيد والكل خاسر والمتفرجون في العالم ما أكثرهم.

وكما أن قوى المعارضة في الداخل والخارج قد أصيبت بضربات موجعة أبرز أمثلتها الأعداد التي دخلت السجون، والتدابير الجديدة في التجريد من حق الجنسية، وتضييق سبل الحياة والملاحقات القضائية للنشطاء، والحصار الأمني للمناطق، وغيرها من إجراءات انعكس أثرها على حجم الالتفاف والتأييد الشعبي من القوى المجتمعية تجاه قوى المعارضة الذي انحسر بشكل أو بآخر، وأخذ التماسك الداخلي لبنية المعارضة (كيانات مؤسسية وجمهور) يضعف شيئاً فشيئاً ومعه يخبو الحماس في ظل غياب أي مؤشرات حقيقية باتجاه الحل أو مكاسب تلوح في الأفق. وحيال ذلك فإن سريان حالة من الإحباط والتساؤلات المشككة بدأت تخرج من حيز الهمس إلى فضاء النقاش شبه العلني، وحين أقول «الالتفاف الشعبي» فإنني لا أقصد التضامن النفسي والشعور بالمشاركة الوجدانية، فهو متحقق دون شك؛ ولقوى المعارضة مطالب محقة لا نشكك إطلاقاً بعدالتها، إذ يتوفر للمعارضة حاضنة اجتماعية ضخمة، ومن المستبعد أن يعاكسها الناس ويقفوا على الضد منها، خصوصاً من ضحايا الأحداث وهم فئة ليست بالصغيرة؛ إنما نتحدث عن مؤشرات واقعية ملموسة على الأرض تُرصد بوضوح في الفعاليات التي دأبت قوى المعارضة على تنفيذها منذ فبراير، مع تراجع الإيمان بجدواها وقدرتها على تحقيق الضغط السياسي المرجو.

وبموازاة ذلك، فإن مؤسسة الحكم بدورها، نالها من استمرار الغضب الشعبي والحراك الميداني ضرر بالغ دون شك؛ فالبحرين لازالت عنواناً بارزاً في نشرات الأخبار العالمية، وملفها الحقوقي مشوه ومثقل بصنوف الانتهاكات، وكلفة الاستنفار الأمني ليست رخيصة، والذي يجوب شوارع المملكة ليلاً لا يخرج بانطباع ايجابي حتماً وهو يرى قوافل مركبات الأمن في كل مفرق طريق وعلى حواف الشوارع الرئيسية، وقوات الأمن يتمركزون عند نقاط التفتيش التي لا تُحصى ويتصفحون وجوه المواطنين بكثير من الشك والارتياب. هذا أمر لا يُفرح قوى المعارضة ولا يُشرّف وجه البحرين.

كنت أتحدث قبل يومين مع صديق من مدينة جده بالمملكة العربية السعودية، قال لي صادقاً: «البحرين بلد جميل وشعبها من أرقى الشعوب الخليجية، لكن للأسف دمرته الطائفية»، ولست بحاجة لأقول أنني سمعت هذا الكلام في أكثر من بلد وعلى أكثر من لسان ولهجة.

أعتقد أن هناك ضرورة وحاجة ماسة للبدء في التفكير الجدّي بإحياء مبادرة وطنية يلعب فيها – بتفويض وقبول شعبي - أعيان الطائفة الشيعية والنخب المثقفة – من ذوي القبول الاجتماعي مع كبار علماء الدين لصياغة مشروع مصالحة وطنية تنقذ البلاد من أزمته الخانقة، وتعيد أجواء الثقة بين فئات المجتمع نفسه، وتعيد العلاقة إلى نصابها الصحيح بين القوى المجتمعية ومؤسسة الحكم، وهي خطوة لازمة تتطلب إحساساً عالياً بالمسئولية والشجاعة من القوى المجتمعية ومؤسسة الحكم على حدّ سواء.

إقرأ أيضا لـ "وسام السبع"

العدد 4574 - الإثنين 16 مارس 2015م الموافق 25 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 21 | 9:10 ص

      لا

      لا والف لا
      قبل اعتراف من اجرم في حق الوطن ورفع شعارات الاسقاط بخطأه لن تكون هناك اي تغييرات. الاعتراف والاعتذار اولا ومن ثم نناقش المبادرات.

    • زائر 20 | 7:12 ص

      الى الزائر رقم 5

      صديقي زائر رقم 5 .. نحن لسنا مختلفين في اصل تحديد المشكلة ولا المسئول عن تفاقمها.. وطلب الحلول التوفقية أعمل انه طلب متكرر من القوى الوطنية.. لكن الحاجة اليوم ماسة لاشراك وجوه جديدة في حوار مجتمعي يخلص الى نتيجة واقعية يتم صياغة مخرجاتها كمبادرة حل وطني.. مودتي

    • زائر 19 | 6:34 ص

      الحل للبلد

      افراج عن جميع المعتقلين الجلووس على طاولة الحوار بين المعاضه والرمووز والسلطة وان يكوون الشعب مصدر السلطان هاده ما سنهوا الدستووور وتطبيق وثيقة المنامه وكل4 سنوات انتخابات للحكومة والبرلمان وان يكون موجوود قضاء مستقل يطبق شرع الله هاده هو الحل وغير هاده الشعب مستمر فى حراكه مهما صار من قتل او تعذيب الشعب يريد حقوقه المنزووعة والمسرووقة والشعب ماعنده شى يخسره والله ياخد الحق

    • زائر 18 | 5:32 ص

      من يجرء

      المشكلة ليست في الشعب , ولكنها بالنظام
      فالشعب من البداية يريد حلول والحلول مغلقة من طرف واحد
      والمبادرات طرحت كثيرا من اطراف عده ولكن .....
      لاحياة لمن تنادي
      هناك اطراف يسعدها استمرار الازمة

    • زائر 17 | 4:41 ص

      شكرا شكرا شكرا ولكن ...


      بعد جزيل الشكر النظام مرهون لدى الغير وهو لا يملك القرار كما يبدو بدليل كلما لاحت بادرة امل وحل اطفئت
      الوضع غير مريح للجميع باستثناء تجار الازمات والمتمصلحين الدين يتسابقون بالقول والفعل اشعالا لكل ما يفرق والنمادج واضحة

    • زائر 16 | 4:33 ص

      الى تعليق رقم 10

      اخي واستاذي الاستاذ يوسف مكي.. بداية اشكر لك متابعتك.. الداء اعرفه وتعرفه امي وجدتي.. يبقى أن نناقش آلية لمعالجة الوضع السياسي الذي يعاني من انسداد يدفع الناس والضحايا أكبر فواتيره الباهضه.. وتبقى مثل هذه الافكار قابلة للنقاش والتطوير المهم ان يشترك في صياغة حلول لمشاكلهم القائمة.. اتفق معك هناك مستفيدون حتما مما يجري .. وهؤلاء لايتوجه لهم المقال ولايخاطبهم.. المقال يخاطب شريحة وطنية وفية لوطنها
      بمحبة

    • زائر 15 | 3:19 ص

      حلول بالية

      كان املطلوب ان يقوم الاعيان بتقديم ....... هذا ليس منطق ولا معقول. أساليب بالية تاجوزها الزمن وانت ترد اعادة احيائها كالجثة بعدما اصبحت رمسيم.

    • زائر 14 | 3:05 ص

      وايد حلوة

      أعيان ونخب!!!!! ولكن لازم يكون فيه فلتر قوي جدا لفلترة الطفيليين وهم كثيرين في زماننا.

    • زائر 13 | 2:55 ص

      سؤال منطقي لابد ان تجيب عليه

      والأعيان من عيّنهم؟

    • زائر 12 | 1:37 ص

      كلام لايقدم ولايؤخر

      استاذي الفاضل كلامك ليس بجديد ومنذ اندلاع الأزمة في البحرين بادر بهذا الكلام الكثيرون منهم العلماء والساسة وحتى الجمعيات ، فلو كان ثمت من يريد هذا الحل لأصغوا اليه ، ولكن تدويل الأزمة أعطاها بعداً آخر وغير استراتيجية الحل ، فلينتظروا معطيات وإفرازات الإقليم وخارطته الجديدة صرنا تحت رحمة قرارات أمريكا وايران ، الحكومة تعلم أن هناك أزمة ولكنها لاتسعى للحل ولو أرادت لسعت للحل ولكنها لاتريد

    • زائر 11 | 1:23 ص

      ومتى ما اعترفوا اننا شعب ولنا مطالب وهذه المطالب تسبب ازمة للبلد؟

      كل ما تردّده السلطة هو ان البحرين بخير والمعنى انه لا يوجد شعب ولا مطالب لذلك ستبقى الأزمة مكانها لأنهم لم ولن يعترفوا أننا شعب ولنا حقوق ومطالب في المشاركة في حكم بلدنا وهذا مربط الفرس.
      هم ماضون في نهجهم والبلد يسير للهاوية والجميع في خسران ولكن الشعب ليس لديه الكثير مما يخسر فقد الوطن وشعب بلا وطن لا تستطيع مساومته على شيء

    • زائر 9 | 1:04 ص

      نشد من ازرك للبحث عن الحل وعدم التصفيق لأي طرف0755

      لايجب أن تستمر المعاناة أكثر ويجب أن يقتنع الجميع بهذا ومزيد من ألوقت معاناة اكبر وكلنا مطالبين بالوقوف مع النخبة ولن ينساها الوطن والأجيال القادمة وكفانا فرقة والوقوف مع الشباب وحل مشاكلهم من جذورها هي الخطوة الأولى المطلوبة والملحة أم الباقي يمكن بالتدريج وهذا لا يعني نسيانها وكذلك من هم في السجون فإنشاء الله متفاءلين بسرعة ظهور النخبة المستقلة

    • زائر 7 | 1:01 ص

      سؤال

      لو قامت هذه المبادرة من جانب الطيف المجتمعي فهل دائرة الحكم ستتجاوب معها؟ النيات غير صافيه وصادقة والثقة شبه معدومه بين كليهما فمآل مايطرح ويصدح به من جانب طرف يقول قولوا ماشئتم وسنفعل مايحلوا لنا فطرف مكابر يقول لاأريكم الا ما أرى لحين يصاب بوجع حتى يقول تعالوا للحل عندي

    • زائر 5 | 12:51 ص

      مع احترامي

      مع احترامي لك استاذ وسام لكن اكثر ما ذكرته كلام انشائي بعيد عن الواقع فالمعارضة منذ اليوم الاول للازمة تطالب بحلول توافقية جادة، لا احد ينكر الاخطاء التي وقع فيها المطالبون بالتغيير و الاصلاح لكن في النهاية هؤلاء لا يملكون القوة لفرض وجهة نظرهم على الارض ................المفترض ان توجه دعوة المبادرة للسلطة فهي من تملك زمام الامور و ليس الاعيان او رجال الدين

    • زائر 3 | 12:01 ص

      شكرا

      شكرا اخي اصبت عين الصواب

    • زائر 6 زائر 3 | 1:01 ص

      شكرا لك

      اشكر مرورك.. اتمنى أن تجد مثل هذه الافكار نصيبها من النقاش المجتمعي

    • زائر 8 زائر 3 | 1:02 ص

      لم يصب

      لم يصب في شئ فالشعب رغم جراحه النازفة لم ولن يترك السعي لنيل حقوقه وكرامته وأمنه والإصرار لايزال كما هو فليترك الشعب يعبر عن موقفه في مسيرة سلمية لنرى صحة ذلك من كذبه أما نغمة الوجهاء و الأعيان فلا نأمل منها خيراً ونحن لم ننسى وثيقة النخب والأعيان التي لم يجف حبرها والتي جعلت من المظلوم ظالماً والظالم مظلوما.

    • زائر 10 زائر 3 | 1:22 ص

      ملاحظات

      استاذ وسام صباح الخير . لقد شخصت بعض جوانب الازمة السياسية المركبة. لكنك لم تشخص الداء الحقيقي وهو ان الحكم غير راغب في ايجاد حل سياسي . فقط الحل الامني .وايضا اشرت ان الكل متضرر . لااعتقد ذلك . ففي غضون 4 سنوات هناك متضررون بالتأكيد ولكن هناك مستفيدون بالتأكيد وحصلوا على مغانم ومازال الوضع مستمرا .اما حل الاعيان والنخب ورجال الدين فقد جربناه وهو في الحقيقة جزء من تكرار الازمة بعد مرور عدة سنوات من حلها. بتقديري الحل في منطق السياسة المدنية وليس في الاعيان والوجهاء . شكرا اخي وسام .يوسف مكي

    • زائر 2 | 11:58 م

      نعم نريد مبادره.

      توفقت ف مقالك ولكن ليس كله فا الشعب فعلا يريد مبادره وصادقه ولكنه لم ولن يتأثر لأنه شعب والشعوب لا تتغير ولا تتبدل واما المسؤلين فهم الى التغيير والتغيير الحقيقى وان طال المدى.

    • زائر 1 | 10:52 م

      الاعتراف بوجودها بداية الحل

      الاعتراف بوجود ازمة واتها ازمة سياسية ناشئة من ازمة حقوقية و منتجة لها . و الاعتراف بوجود بحارنة كشعب متأصل واصيل في هذا الوطن لا يمكن الغائه او تهميشة

اقرأ ايضاً