العدد 4581 - الإثنين 23 مارس 2015م الموافق 02 جمادى الآخرة 1436هـ

سنغافورة بعد رحيل مؤسسها

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

توفي يوم أمس الأب المؤسس، وأول رئيس وزراء لسنغافورة، لي كوان يو، عن 91 عاماً، ومن الطبيعي أن يثير نبأ وفاته اهتمام المراقبين من مختلف أنحاء العالم. فهذا الرجل حوَّل بلاده من دولة فقيرة جداً على هامش العالم الثالث، إلى دولة غنية ومتطورة بأفضل المقاييس الاقتصادية للعالم الأول. درس القانون في جامعة كامبريدج البريطانية وعاد إلى بلاده وأسس حزب العمل الشعبي، وأصبح رئيس وزراء بلاده من 1959 حتى 1990، واستمر في إرشاد القادة السنغافوريين بعد ذلك حتى وفاته.

لم يكن «لي كوان يو» ديمقراطياً، ولكنه كان مخلصاً وفعالاً وعدواً لدوداً للفساد المالي والإداري، وأنشأ أفضل بنية تحتية لبلاده، مصحوبة بنظام سكني متطوِّر لتمليك كل مواطن شقة نظيفة وتحتوي على كل الخدمات، وقدم لهم أفضل تعليم، وأفضل رعاية صحية، واستطاع جذب أفضل الشركات والمصانع العالمية لبلاده من خلال توفير البيئة الاستثمارية الجاذبة رغم أن سنغافورة تعتبر من أفقر الدول من ناحية الثروات الطبيعية؛ إذ ليس لديها سوى شعبها المتعلم جداً وخدماتها وتسهيلاتها الفعالة جداً.

سنغافورة، بفضل لي كوان يو، أصبحت أنموذجاً يُحتذى لكل من أراد أن يطوّر مدنه وبلاده، من خلال الاعتماد على إمكانات الشعب المتعلم، والخدمات المتطوّرة، والإدارة النظيفة التي ترفض الفساد وتحاربه، ومن خلال هندسة القرارات بما يحفظ التماسك الاجتماعي بحسب اتفاق كبار القوم.

على أن التحدي الذي طرحه لي كوان يو سيتضح بعد وفاته، فهو قال إن بالإمكان الانتقال إلى حالة متطوّرة من دون الحاجة إلى الديمقراطية بحسب الفهم المطروح في البلدان المتقدمة. وبحسب لي كوان يو، فإن «الحكم الصالح» يمكن أن يعتمد على الجانب الاقتصادي فقط، من خلال تقاليد وممارسات ومشروعات ومؤسسات تمارس السلطة بفاعلية ورؤية مستقبلية ومن دون فساد مالي أو إداري. وهذا التعريف أقل من التعريف الذي يشترط أيضاً آليات يُعبّر من خلالها الأفراد والجماعات عن آرائهم ومصالحهم ويمارسون حقوقهم وحل اختلافاتهم عبر المؤسسات المنتخبة ديمقراطياً.

التطوّر الذي حققته سنغافورة بفضل «لي كوان يو» كان عبارة عن «تنمية فاعلة»، وهذه ستحتاج إلى مواصلة الطريق. وفي غياب المؤسس الذي حقق ما عجز عنه الآخرون، ستبرز الحاجة إلى المؤسسات التي تصنع السياسات وتوازن بين القوى من دون قهر واضطهاد، وتحدد مدى كفاءة إدارة الموارد والخدمات العامة عبر الشفافية والمساءلة. هذه الأمور وغيرها ستحتاج إلى أكثر من الفاعلية التي حققت لسنغافورة نجاحها المبهر... إنها ستحتاج إلى الثقافة السياسية والهوية الجامعة والبيئة المحفزة باستمرار في غياب المؤسس الذي كان يستمع إليه الجميع. سيكون هناك فراغ لا تملؤه شخصية أخرى، ومن المحتمل جداً أن يتجه السنغافوريون نحو «ديمقراطية فاعلة» للحفاظ على «التنمية الفاعلة» التي أنجزوها في ظل مؤسس دولتهم.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4581 - الإثنين 23 مارس 2015م الموافق 02 جمادى الآخرة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 9:27 ص

      كانت هنا مقولة قبل أربعين عاما "البحرين ستصبح سنغافورة الخليج"

      ومنذ ذلك التاريخ البحرين تتأخر وسنغافورة تتقدم. سنفغافورة ليست متقدمة في الصناعة والبناء والتعليم فقط، الأهم أنها متقدمة في تطبيق القانون على الجميع واحترام الجميع (أعراق ولغات وديانات).

    • زائر 10 | 6:31 ص

      لي كوان خدم نفسه فقط

      بصرف النظر عن أن ما استند إليه لي كوان في بناء سنغافورا هي أمريكا والغرب ومن الشرق الأوسط((إسرائيل))والتي يعتبرها مثله الأعلى وقبلته في ذلك البناء فإن ما فعله شبيه بمن يعطي السمكة بدلاً من تعليم الصيد. والبلدان يمكن أن تبنى من خلال الأنظمة السليمة. والقائمون على الأنظمة لهم تأثيرهم ولكنه مؤقت سواء كان قوياً أو ضعيفاً فكل ما فعله لي كوان خدمه هو أكثر مما خدم بلاده فسانعافورا الآن رهينة أخلاق وسلوك من يتولى المسئولية خصوصاً بعد موته هو.

    • زائر 9 | 2:42 ص

      Do you know

      You can open a company throw the Internet without going to anywhere and finish everything while you are at home within 4 days

    • زائر 6 | 1:53 ص

      ماهو سر نجاح العمالقة في تطوير بلدانهم 0845

      لي كوان يو وغاندي ومانديلا محل تقدير من جميع شعوب بلدانهم والعالم والسر في هذا عدم حملهم أي عنصرية بالرغم من احتواء بلدانهم الأعراق المتعددة والديانات والمذاهب الكثيرة جداً فعلاً هم قدوة لزعماء الدول العربية والإسلامية وزعماء الأحزاب السياسية

    • زائر 5 | 1:34 ص

      «الحكم الصالح» من دون فساد مالي أو إداري

      فإن «الحكم الصالح» يمكن أن يعتمد على الجانب الاقتصادي فقط، من خلال تقاليد وممارسات ومشروعات ومؤسسات تمارس السلطة بفاعلية ورؤية مستقبلية ومن دون فساد مالي أو إداري

    • زائر 4 | 12:56 ص

      حتى لو كنتم غير ديموقراطيين كونوا صالحين

      نتمنى من المسؤولين العرب الاقتداء بالرئيس ( لي كوان يو ) الذي لم يكن ديموقراطياً و لكنه كان صالحاً ، و استطاع أن يصنع مجداً يسطره التاريخ مدى الحياة.

    • زائر 3 | 12:42 ص

      شعب بديل في سنقفوره.

      ..........سنقفوره مافيها شعب. الشعب الأصلي بسيط جدآ . بارك الله في الهنود والصينين. الشرطة مالتهم أكثر من النصف هنود والباقي مخلوطين بين صينيين وسنقفورين. للمطار هنود. المطاعم هنود الشركات كلها أجنبيه وفيها كله هنود وصينييين يشتغلون. .... والله العظيم. اخس ديره زرتها في حياتي. غاليه وعلى خرطي. في النهايه اللي وصل سنقفوره الي هذا التطور هم الهنود والصينيين اللي اتجنسو وحصلوا على الجنسية السنقفوريه.

    • زائر 2 | 12:24 ص

      لي كوان يو

      عرف متى يعتزل العمل السياسي و قبل السنغافوريون ابنه كرئيس وزراء جديد و استمر حكم عائلته. الرجل بنى سنغافورة بدون نفط و بنى الانسان المحلي و الوافد و ال.....من اجل حياة .. لازم يدرسون تجربته في المدارس .. الله يرحمه

    • زائر 1 | 10:10 م

      يابختهم

      اللهم لاحسد من لدينا في العالم العربي يتشدقون بالإسلام فلينظروا ماذا قدم من يحسبونهم كفره لشعوبهم

اقرأ ايضاً