العدد 4585 - الجمعة 27 مارس 2015م الموافق 06 جمادى الآخرة 1436هـ

الموازنة في نظر «الموالين» بين 2011 و2015

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ونحن نعيش أزمة الموازنة العامة والدين العام، وما يحوم حولهما من لغط وشد وجذب، في ظل أزمة أسعار نفط عالمية، أدت لإرباك الموازنات والحسابات الخليجية كونها من أكبر مصدري النفط للعالم، يثور حديث للبحث عن مخارج بحرينية لتلك الأزمة التي اتضحت معالمها بحرينياً مع عدم القدرة بعد على تحديد سعر برميل النفط الذي ستحتسب على إثره الموازنة العامة.

ما هو ثابت ومؤكد، لدى جميع الاقتصاديين والخبراء العالميين ووكالات التصنيف العالمية (عدا طبعاً المسئولين)، أن البحرين ستواجه تحديات صعبة إذا ما هبط متوسط سعر النفط عن 50 دولاراً للبرميل، وبالتحديد عند 45 دولاراً، إذ أن الإيرادات عند هذا السعر لن تكون كافيةً لتغطية بند رواتب الموظفين والعاملين في القطاع الحكومي، وقد تشهد أزمة عدم القدرة على تسديد الرواتب لموظفي الحكومة.

كما نعلم جيداً أن إقرار 60 دولاراً سعراً لبرميل النفط، سيجعل من الحكومة تتجاوز أزمة تسديد أجور رواتب الموظفين بـ «قليل»، إلا أن ذلك سيؤدي لتوقف مشاريع كثيرة، وهو ما أكد عليه وزير المالية أيضاً.

نعلم أيضاً أنه منذ بدء العام الجاري (2015) وسعر برميل النفط لم يستطع تخطي حاجز الـ 60 دولاراً، وأنه بلغ في أدنى مراحله لما هو دون الـ 50 دولاراً، وهو ما جعل من الكويت مثلاً تقر موازنتها لهذا العام باحتساب سعر البرميل بـ 45 دولاراً، رغم قوة احتياطيها، معلنة الدخول في حالة التقشف.

وكالات التصنيف العالمية رأت أن احتساب حكومة البحرين في موازنتها السابقة سعر برميل النفط بـ 90 دولاراً شابه الكثير من المبالغة، وأثر على قدرتها المالية، وأدخلها في حسابات صعبة.

على إثر تلك المعضلة المالية، تحدث وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة عن أن الحكومة «ليس لديها حكر على الحلول والحكمة»، بعد أن تحدث نائب برلماني في جلسة النواب (10 مارس/ آذار 2015)، واعتقد أنه غير جاد بشأن قدرته على تقديم موازنة عامة دون عجز للحكومة!

ربما وزير المالية والحكومة بأكملها وكذلك جل الموالين يرون أن حل معضلة الموازنة سيكون صعباً، في ظل التراجع الكبير لأسعار النفط واعتماد البحرين على نحو 90 في المئة من مدخولها عليه.

الخيارات المطروحة، ولو نظرياً حالياً، إعلان التقشف العام، تقليص المصاريف المتكررة، إعادة هيكلة الدعم للسلع الأساسية، المزيد من الاقتراض الحكومي الداخلي والخارجي، توقف مشاريع كبرى، طلب الدعم الخليجي، وغيرها.

في ظل كل تلك الخيارات المطروحة، تستبعد الحكومة، والسلطة التشريعية، والقوى الموالية أي حديث سواء من قريب أو بعيد بشأن تقليص النفقات الأمنية والتي يقال أنها تستحوذ على جزء كبير جداً من الموازنة العامة، بالإضافة إلى الإنفاق غير المعلن أو السري لبعض الجهات والمؤسسات، كون ذلك الحديث يمثل خطاً أحمر.

في سابقة ليست غريبة أبداً وثق في 27 فبراير/ شباط 2011 ، عندما خرجت المنظرة لبعض الجهات الرسمية عبر تلفزيون البحرين تتحدث عن الموازنة العامة، والإنفاق العسكري والأمني، بل طالبت بإعادة ترتيب الموازنة وتقليص المخصصات الأمنية لحساب دعم أجور الشعب الفقير الذي يعاني.

حل طالما طالب به الكثيرون، وهو أن مشاكل البحرين لن تحل أبداً بزيادة المخصصات الأمنية، وتقديمها على الاحتياجات الخدماتية كالإسكان والصحة والتوظيف والأجور وغيرها.

لو خرجت تلك «المنظرة» حالياً لن تجدها تعيد ذلك الكلام السابق، ولن تتحدث عن أولويات ترتيب الموازنة، وعن أن مستوى معيشة الناس أحد دعائم الاستقرار والأمن في البلاد، وأن «قيمة دبابة قد تعدل أوضاع عشرات الأسر البحرينية يشربون ويأكلون ولها مسكن»، بل دعت لتأجيل الأولويات الأمنية، وأن ما حدث في 2011 عادل «مليون تجهيز وتجهيز»، ولو أعادت ترتيب الموازنة وجعلت راحة ولقمة عيشه وسكنه لم حدث ذلك.

تحدثت أيضاً عن معرض بـ «خمسة ملايين دينار»، في قبال احتاجت الحكومة عشر سنوات لإقرار رفع سقف من رواتبهم أقل من 300 دينار وبكلفة نصف مليون دينار، وخمسة ملايين في معرض!

في ذلك الوقت شخصت «المنظرة» السياسية أن «أصحاب الأجور المتدنية قنبلة موقوتة، وجماعة إرهابية ولم يُفكر بهم من قبل لإيجاد صندوق لدعم الرواتب كأولوية أمنية وليست اقتصادية أو اجتماعية»، مؤكدة أن ذلك كان السبب الرئيسي لما حدث في «الدوار» (فبراير 2011).

حديث تلك «المنظرة» كان في العام 2011، وهو بالتأكيد حديث، لا يمكن الأخذ به حالياً، ففي ذلك الوقت لم تكن الأمور تتطلب الغموض والخداع والتملق والتدليس، بل كانت محاولة يائسة لاستعطاف المحتجين، وفتح الأبواب المغلقة والمحرمة، وإيهام الناس وبالخصوص المتواجدين في دوار اللؤلؤة أن الأمور ستتغير، وأن الموالين وتلفزيون البحرين فتح الباب للحديث عن الأمور المحرمة!

تلك الصراحة لـ «المنظرة» و«المحنكة»، لن تجرؤ على تكرارها حالياً أو فتح أبوابها، كون الأوامر لم تصدر لها، وبالتالي قد نشهد حديثاً معاكساً لها يشدد على خنق المواطنين وزيادة الموازنة الأمنية كون البحرين مقبلة على حرب عالمية وعلى الشعب أن يقبل بالخبز طعاماً كون الأمن أولوية حتمية حالياً.

حل أزمة الموازنة العامة في 2015 يكمن بصدق كما قالت تلك «المنظرة» في لحظة مصارحة داخلية مع الذات، وهي في إعادة ترتيب الأولويات، وعدم تضخيم الأمور، فالخيار الأمني يزيد من التعقيد، الحل يكمن في أن توجه الموازنة لخدمة الشعب، لا لمواجهته، وكما أكدت عليه «المنظرة» السياسية للسلطة ولم تتمسك به بل انقلبت عليه كعادتها.

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 4585 - الجمعة 27 مارس 2015م الموافق 06 جمادى الآخرة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 6:24 ص

      كلما

      كلما المسؤلون والموالون ابتعدوا عن الله وشرعه فسدت الارض لو يتركوون عنهم الاحقاد وادية الناس البحريين الاصليين الي يطالبون بحقهم لكانت البلد فى احسن الاحوال شوارع البلد صارة امعسكرة من اجياب الشغب كانه داخلين حرب والمسئله كلها مطالبت الناس بحقهم ويريدون الناس لاتحرق الشوارع اعطوهم حقهم ولاراح اشوفونهم يحرقون الشوارع ليش ماتطبقون دين الله الحق لماذا ما خدين الشيطان حليفكم

    • زائر 12 | 5:34 ص

      الموازنة من جديد

      واقع الموازنه مر والحل في اعادة ترتيبها من جديد وفق متطلبات شعبية

    • زائر 11 | 5:32 ص

      لا لا ما قصروا اكرمونا بالكرامة ، وهذا سيذكره التاريخ وتتناقله الاجيال

      هتك للاعراص ، قتل الشباب وحبسهم وتعذيبهم ،هدم للمساجد ،قطع الارزاق ،بث السموم في كل بيت وفريق وشارع ، الرعب والخوف القلق والاجهاض والتشويه للمواليد والاجنة ، المطاردة للشباب الهجوم في الليالي الملاح ،التسفير وسحب الجوازات ، سجن الحرائر مع اطفالهم الرضع ، التضيق والتفتيش وقطع الطرق بالاشواك الحديدي والمسابط الاسمنتية ، وحبس الرموز والعلماء وتعذيبهم .

    • زائر 10 | 4:58 ص

      بنت عليوي

      الله يفرج عن شعب البحرين من كل فاسد وظالم، فوضنا امرنا للمنتقم الجبار

    • زائر 8 | 1:36 ص

      المنظرة السياسية ستطلب ما يلي

      المنظرة السياسة ستطلب من الشعب تقديم النفس والاموال لأجل الوطن لان أنتم عليكم واجبات للوطن ولم تقدموها والآن وجب عليكم تقديمها مثل ما أعطاكم الوطن اعطوه ، الوطن علمكم والوطن شغلكم والوطن اسكنكم وأنتم ماذا قدمتم للوطن فعليكم بشد الأحزمة ، المنظرة السياسية مدام تستسلم الراتب الخيالي الذي لا تستحقه ، المنظرة السياسية ريموت كنترول

    • زائر 7 | 1:20 ص

      نسأل الله الفرج و الامان.

      نسأل الله ان يصلح حال وطننا الغالي و يمن على أهله الامن و الطمائنينة.

    • زائر 6 | 1:02 ص

      ألمنظره السياسية وأمثالها

      نحن نقول دائماً الى هؤلاء لو كُنْتُمْ قريبين من الناس وترون كيف يعيش الفقراء والمعوزين لابدعتم في وضع سياسه وحلول لهذا البلد لاستطعتم في وضع موازنه عامه على ضؤ التغيرات الحالية ولكن طالما أنتم تعيشون في بروجكم العالية فكيف تستطيعون إنقاذ البلد وأبعاد العجز الحكومي من موازناتكم?

    • زائر 5 | 12:34 ص

      منطق : ما يهزّك ريح يا سعادة الوزير

      هذا المنطق هو السائد لدى البعض حتى لو رأى البلد قد اوشك ان ينزلق الى الهاوية.

اقرأ ايضاً