العدد 4592 - الجمعة 03 أبريل 2015م الموافق 13 جمادى الآخرة 1436هـ

الظاهرة «الكردشيانية»

ياسر حارب comments [at] alwasatnews.com

عندما تسأل أحداً: «هل تعرف كيم كردشيان؟» سيقول نعم أعرفها. ثم تسأله: «وماذا تعمل كيم؟» سيسكت قليلاً ثم سيبدأ برمي التخمينات «عارضة أزياء، مغنية، ممثلة، فنانة...»، فتُسْعِفُه بالإجابة المبهمة الشافية: «تقصد مشهورة». فيضحك ويقول نعم هي كذلك.

حصل هذا مع عدة أشخاص سألتهم عنها، فكان أول شيء قالوه إنها نجمة أفلام إباحية، رغم أنها ظهرت في مقطع فيديو واحد فقط مع صديقها حينها المغني الأميركي راي جاي، الذي قام بتصوير ونشر المقطع، وليست نجمة – بالمفهوم المقيت للنجومية.

ويعرفون عنها أنها عارضة أزياء، رغم أنها ليست كذلك حقاً، لكن بعد شهرتها التي لا يعرف أحد كيف صارت، بدأت دور الأزياء والعلامات التجارية العالمية تدفع لها مبالغ طائلة لكي تُدشِّنَ أحد محلاتهم، أو تلبس شيئاً من بضائعهم، أو تتحدث عنهم في «تويتر» أو «انستغرام»، حيث تدفع لها الشركات عشرة آلاف دولار مقابل نشر تغريدة واحدة فقط عنهم.

ويعرف الناس عنها أيضاً أنها ممثلة، رغم أنها ظهرت في برنامج الواقع، وليس في فيلم أو مسلسل شهير، ثم صار لها برنامج خاص بها وبأسرتها، تُسجَّل فيه أحداث يومهم بالتفصيل.

إذاً، لا أحد يعرف من هي، أو ما هي، ولماذا هي شهيرة، لكن ربما تضافرت مجموعة من العوامل – التي لا نعرف ما هي أيضاً - فأصبحت كيم كردشيان من أشهر مشاهير العالم، إلى جانب ممثلي هوليوود والسياسيين والمغنين. وعندما تتابع وسائل التواصل الاجتماعي تجد كثيراً من الناس تحوّلوا إلى نجوم وبدأوا يبرزون على الساحتين الإعلامية والاجتماعية دون أن يعرف أحد لماذا! فتجدهم يُدعون للفعاليات، وتُدفع لهم مبالغ للدعايات والترويج، ويتجاوز عدد متابعيهم في الوسائط الاجتماعية حاجز المليون متابع، لكنهم ليسوا أصحاب هوية واضحة. وعندما أقول «هوية» فأنا لا أتحدث عن إنجازات، بل عن ماهية، أو ربما حتى عن مهنة أو حرفة أو هواية... أو أي شيء يُعرفون به. لكنك لن تستطيع تعريف أولئك الأشخاص أو حتى وصفهم، وكل ما ستستطيع قوله هو إنهم معروفون في «السوشيال ميديا».

ولا يمكن لأحد أن ينكر أهمية هذه الوسائط الاجتماعية، التي يَنْفذُ الإنسان من خلالها إلى قلوب الناس. ففي فيلم «الرجل الطائر» (بيرد مان)، تدور أحداث القصة حول رجل كان مشهوراً في شبابه لأنه كان نجماً في سلسلة أفلام شهيرة يمثل فيها دور البطل الخارق أو الرجل الطائر. لكنه كبر الآن، ويحاول أن يقنع نفسه، من خلال أداء دور في مسرحية في برود واي بنيويورك، بأنه ما يزال شهيراً. لكنه يفشل ويظل مغموراً إلا أنه ينكر تلك الحقيقة، ويظلّ في صراع داخلي بين اعتقاده بأنه البطل الخارق الذي يحب الناس مشاهدته، وبين الواقع الذي يقول له عكس ذلك. وفي إحدى مشاهد الفيلم تواجهه ابنته بالحقيقة، وتقول له: «إنك تمقت المدونين على الإنترنت، وتسخر من تويتر، وليست لديك صفحة في فيسبوك»، ثم تُردِف: «أنت غير موجود... لكنك تحاول أن تقنع نفسك بعكس ذلك لأنك خائف، ككثيرٍ منا، ألا تكون ذا قيمة. وفي الحقيقة، أنت حقاً لستَ ذا قيمة».

وسؤالي هو: من أين تأتي قيمة الإنسان؟ من شهرته أم من عمله؟ وهل يكون للعمل قيمة حتى إن لم يعرف العالم عنه؟ أعتقد أن قيمة الإنسان تأتي من قيامه بشيء مؤثر، بغض النظر عن حجمه صغيراً كان أو كبيراً، فيشعر بالرضا عن نفسه. وإن حدث واشتهر ذلك العمل فإنه بالطبع سيكون ذا تأثير أكبر، لكن الشهرة لن تغيّر قيمته في عين من يقوم به، لأنه يفعله لحبه له ولإيمانه به.

قبل أشهر حضر أحد أصدقائي حفل جائزة الأوسكار، وفي الاستراحة اتجه إلى الممثلة ميريل ستريب وقال لها: «حصلتُ على تذكرة دخول بصعوبة، لا يهمني كل المشاهير الموجودين، وأتيت لأصافحك وأقول لك إنك أفضل ممثلة على الإطلاق». وبعد حوار قصير خرج من القاعة فرأى جينيفر أنيستون أو (ريتشل) نجمة المسلسل الكوميدي الشهير «فريندز». كانت واقفةً لوحدها، فسلم عليها وقال لها إنه صافح ميريل، فقالت له: «في يدك الآن من المواهب ما يعادل نصف المواهب الموجودة في حفل الأوسكار». وسؤالي هو: جينيفر أشهر من ميريل بسبب «فريندز»، ولكن من منهما قدّم قيمة أكبر للسينما والأدب في العالم؟

قبل أيام تم اختراق حساب أحد مشاهير الإعلام الاجتماعي وتم مسح كل شيء فيه، فقال أحد المتابعين: «فكّر الآن، هل قيمتك تكمن فقط في السوشيال ميديا؟» فكان جوابي: نعم، لأننا أصبحنا كردشيانيين.

إقرأ أيضا لـ "ياسر حارب"

العدد 4592 - الجمعة 03 أبريل 2015م الموافق 13 جمادى الآخرة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:57 ص

      ليس للإنسان الا ما سعى

      باختصار قال عزّ وجل،،
      (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ، ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى)
      مقال ممتع و ملهم كعادتك استاذ ياسر .. بوركت و دمت متألقا .. لا كنجوم الشاشة بل نجوم المعرفة!
      تحياتي

    • زائر 1 | 1:01 ص

      انا اعرفها حضرت البحرين

      وقالت بان البحرين اجمل بلد في العالم وقالت أيضاً كلام كثير عنا وبعد معروف عنها اباحيتها ولم يتكلم احد من النواب ضدها بسوء وسمح لها بالدخول لان من دعاها صاحب امر كبير والجميع سكت عكس الشاعرة الحداد التي أقام النواب الصوت ضدها واستطاعوا منعها من الدخول البحرين جفت باني املك المعلومة

اقرأ ايضاً