العدد 4639 - الأربعاء 20 مايو 2015م الموافق 02 شعبان 1436هـ

علي فخرو: مستقبل المنطقة مرتبط باستغلال «فرصة النفط» لإصلاح الاقتصاد

قال المفكر البحريني علي فخرو إن مستقبل دول الخليج والدول العربية مرتبط باستغلال فرصة الثروة النفطية في إصلاح الاقتصاد الريعي وتحويله إلى اقتصاد منتج ومستدام، والحفاظ على حقوق الأجيال المقبلة.

وأضاف فخرو خلال ندوة نظمتها جمعية الاقتصاديين البحرينية، بعنوان: «الدولة الريعية»، قائلاً: «أهم مسألتين يجب أن تطرحا وتناقشا مناقشة جادة ومسئولة، هما حق الأجيال المقبلة، وضياع فرصة التنمية المستدامة الشاملة الطويلة الأجل».

وفي بداية الندوة، تحدث فخرو عن الدولة الريعية، موضحاً أن الريع هو كل دخل من الطبيعة لا يحتاج إلى جهد أو تنظيم، مثل ثروة المناجم، والنفط، أو الموقع الجغرافي مثل قناة السويس، أو تحويل الأموال الخارجية من قبل العمال لبدانهم، وكذلك المحافظ الاستثمارية... وغيرها.

وبيّن أن الاقتصاد الريعي يؤدي إلى شرائح ريعية أخرى، مثل بيع الجنسية، بيع الأراضي، استغلال العمالة الأجنبية (الفريفيزا)، بيع السجلات، بهدف الحصول على ثروة من دون جهد على حساب الآخرين.

وقال: «الريع هو دخل من دون جهد أو تنظيم أو بحوث... والريع هو ظاهرة عامة لا تقتصر على بعض البلدان، وهو موجود في كل بلدان العالم ولكن بنسب متفاوتة، بعض الدول لديها ريع بنسبة 10 في المئة، و90 في المئة إنتاج، وبعضها 90 في المئة ريع و10 في المئة إنتاج، النسب مختلفة من بلد إلى آخر». منوهاً إلى أن الدولة الريعية لا يعتبر منتجة، ولها نمط مختلف عن الدولة المنتجة.

وأضاف «تداول مفهوم الدولة الريعية في المنطقة بشكل ملفت، عندما حدثت ثروات هائلة من النفط، الدول النفطية ليس هي لوحدها ريعية وإنما جميع الدول العربية تتصرف كريعية».

وتابع «هناك ريع خارجي، وهو ما يتم تصديره، وتحصل عليه الدولة من إيرادات، وهذا الريع الخارجي قد يحرك عجلة الاقتصاد المحلي وقد لا يحرك... وهناك ريع داخلي، ناتج عن استعمال المادة داخل السوق المحلية ويقود إلى إنتاج ومشاريع داخلية ويحرك الآلة الاقتصادية».

واستطرد «الدولة النفطية تصبح دولة ريعية، لذا ذهبت الثروة إلى فئة محدودة، وهي تقوم بالتوزيع وطرق استخدام الثروة... وهذه الثروة تقود للسلطة، والسلطة تقود لمزيد من الثروة، والبعض يرى أن السلطة والثروة توأمان».

وتابع «الاقتصاد الريعية هي نتيجة لعقلية معينة، عقلية ريعية، استهلاكية، تبدع في الصرف، والعلاقة فيها تقوم على القرب والولاء والمحسوبية، أما العقلية الإنتاجية على العكس تماماً حيث الإبداع في الإنتاجية والتطوير، وتكون فيها العلاقة بناءً على الإنتاج (علاقة إنتاجية)».

وذكر أن تركيبة الاقتصاد في الدول النفطية، أن نحو 80 في المئة من الصادرات نفطية، وتشكل الإيرادات النفطية 85 في المئة في الموازنة العامة للدولة، بينما العاملون في القطاع النفطي لا يتعدون 3 في المئة، وهذا يؤدي إلى عدم حاجة السلطة للمجتمع، وكذلك المجتمع الذي يحصل على ثروة لا يكون لديه حافز أو دافع للمطالبة».

وأشار إلى أن الدول الريعية مع بداية ظهور النفط كانت ملتزمة التزاماً أدبياً تجاه المجتمع حيث تقوم بدورها في تحقيق مستوى من الرفاهية للمجتمع من بناء مدارس ومستشفيات وبناء مساكن، وإنشاء بنى تحتية وغيرها من المشاريع، أما الآن بدأت هذه الدول شيئاً فشيئاً تترك هذا الدور».

وقال: «الدول الريعية قد تكون نجحت في توفير خدمات وبنى تحيتية وتحقيق رفاهية، ولكنها لم تبنِ اقتصاداً معرفياً من أجل إيجاد تنمية مستدامة للمستقبل، وهذه جريمة كبرى تحدث في المنطقة».

وأضاف متسائلاً «هل يحق للجيل الحاضر التمتع بالثروة الريعية بشكل من الرفاهية والراحة على حساب الأجيال المقبل». وقال: «إن لم تستعمل الثروة النفطية من قبل السلطات والمجتمعات في بناء اقتصاد مستدام، فسيكون المصير بعد 50 أو 100 سنة، مثل مصير مدن الغرب الأميركي التي كانت تتمتع بثروة من الذهب، وبعد انتهاء الذهب، أصبحت المدن خالية خرائب ينعق فيها البوم».

وقال وعلامات الألم على وجهه: «إشكالية كبرى إذا لم تستثمر الثروة النفطية قبل فوات الأوان».

وعن العلاقة بين الثروة والسياسة، قال: «الثروة تقود لمزيد من السلطة والعكس، والثروة إذا ذهبت لأيدي قليلة تؤدي إلى لسلطة القلة، وبالتالي لا توجد حياة سياسية...وهناك سؤال يطرح نفسه هل يمكن الانتقال من دولة ريعية إلى دولة ديمقراطية».

وأضاف «القصية السياسية، أن السلطة تستلم الريع الخارجي، وتوزعه على حسب الولاء والانتماء، وهذا التوزيع لا يقوم على العدل والإنصاف والالتزام الأخلاقي بالفقراء والمهمشين، وبذلك لا يمكن أن تنمو مفاهيم المواطنة في ظل التمييز والمحسوبية، وسلطة توزع بحسب الولاء... والسلطة لا تحتاج للمجتمع، والمجتمع لا يرغب بالمطالبة، وبالتالي لا يكون هناك مواطنون بل رعية ترعاهم الدولة».

وتابع «يمكن الانتقال إلى نظام ديمقراطي، إذ حصل إصلاح جذري في نظام الاقتصاد الريعي نفسه»، مشيراً إلى أن النرويج دولة نفطية وتحقق ثروات ضخمة من النفط، لكنها قررت أن تدخر إيرادات هذه الثروة للأجيال المقبلة وتمتلك نظاماً سياسياً متطوراً.

واستطرد «مستقبل الديمقراطية في المجتمعات الريعية يحتاج إلى تغيير جذري في العقلية الريعية والعقلية القبلية».

وتحدث فخرو عن التطورات الأخيرة التي حدثت في المنطقة، وعلى رأسها تراجع أسعار النفط إلى مستويات متدنية، وفشل الدول المنتجة في الحفاظ على أسعار النفط.

كما تحدث عن الإيديولوجية النيوليبريالية التي أثرت على الدول الريعية، وجعلتها تتخلى شيئاً فشيئاً عن التزاماتها الرعوية، فقد كانت الدول الريعية ملتزمة تجاه الشعب ورعاية المجتمع من حيث التعليم والصحة والسكن وغيرها من الخدمات».

وعن التطورات الأخيرة، قال: «دخل شيء آخر وهون الصراعات المكلفة، وأخذت قسماً هائلاً من الثروة التي يمكن أن تكون للأجيال...أموال ضخمة تصرف على السلاح والجهات التكفيرية في العديد من الدول العربية».

العدد 4639 - الأربعاء 20 مايو 2015م الموافق 02 شعبان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً