العدد 4648 - الجمعة 29 مايو 2015م الموافق 11 شعبان 1436هـ

سرت الليبية.. في قبضة «داعش»

اقترب المتطرفون أمس، خطوة جديدة من مناطق النفط الغنية في ليبيا، بعدما سقطت مدينة سرت الساحلية ومسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي، بالكامل في قبضة تنظيم «داعش» الإرهابي، بعدما ألحقت عناصر التنظيم هزيمة فادحة بميلشيات ما يسمى «فجر ليبيا» و«الكتيبة 166» التابعة لحكومة طرابلس، التي انسحبت من أماكن تمركزها بشكل مفاجئ لتقدم المدينة على طبق من ذهب للمتطرفين.

وقالت مصادر عسكرية وشهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، إن الكتيبة 166 التي كانت تتولى بتكليف من المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته حماية المدينة، قد تخلت عن مواقعها من كامل المدينة بما في ذلك قاعدة ‫‏القرضابية مطار المدينة الدولي.

وسيطر المتطرفون على مطار هذه القاعدة التي تبعد نحو 20 كلم عن وسط مدينة سرت، الذي يعتبر أول مطار في ليبيا وربما القارة الأفريقية يصبح في قبضتهم.. وعناصر «داعش» تهيمن منذ فبراير (شباط) الماضي على الأجزاء الكبرى من مدينة سرت وغالبية المباني الحكومية فيها.

وقاعدة القرضابية تضم مطار المدينة الذي لطالما استضاف رؤساء دول ومسؤولين في عهد النظام السابق. وأبدت مصادر ليبية مخاوفها من أن يتحول اتجاه المتطرفين لاحقا وفي وقت قريب إلى التفكير في السيطرة على ما يعرف بمنطقة الهلال النفطي بشرق ليبيا وهي أغنى مناطق البلاد بالنفط.

وتضم منطقة الهلال النفطي مجموعة من المدن بين بنغازي وسرت وتتوسط المسافة بين بنغازي وطرابلس، كما تحوي المخزون الأكبر من النفط إضافة إلى احتوائها على مرافئ السدرة ورأس لانوف والبريقة الأكبر في ليبيا.

وفى محاولة لحفظ ماء الوجه، زعم مسؤول بالحكومة الموازية غير المعترف بها دوليا في طرابلس، أن الطيران العسكري التابع لحكومته هاجم مواقع لـ«داعش» في سرت ومحيطها؛ لكنه نفى علمه بأن التنظيم استولى على قاعدة القرضابية الجوية القريبة من مطار سرت المدني. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن محمد الشامي رئيس المركز الإعلامي لغرفة العمليات المشتركة التابعة لرئاسة الأركان العامة الموالية لسلطات العاصمة، إن «قاعدة القرضابية في أيدي داعش»، مضيفا: «أخلت القوة التي كانت متمركزة في القاعدة مواقعها في وقت متأخر من مساء أول من أمس، في إطار عملية إعادة تمركز تهدف إلى التركيز على تأمين منطقتي المحطة البخارية (15 كلم غرب سرت) وهراوة (70 كلم شرق سرت)».

وتابع: «دخل بعد ذلك عناصر داعش إلى القاعدة التي أخليت بالكامل ولم يتبق فيها سوى طائرة عسكرية لا تعمل ولا يمكن تصليحها».

وقال تنظيم داعش في بيان له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، إن قواته تسيطر على القاعدة وإن اشتباكات تدور بين الجانبين في نقاط رئيسية في سرت، معلنا «السيطرة الكاملة على قاعدة القرضابية الجوية»، فيما قال ساكن يقيم بالقرب من القاعدة، إنها «بالفعل تحت سيطرة التنظيم».

وأقام التنظيم نقطة استيقاف قرب مدينة سلطان الأثرية شرق سرت، كما شوهدت آليات عسكرية، وسط توقعات باحتمال إقدام «داعش» على شن هجوم للاستحواذ على هراوة التي هاجمها أكثر من مرة مؤخرا.

وغادرت في هذه الأثناء عائلات كثيرة مساكنها بسرت تخوفا من أي طارئ بعد انسحاب الكتيبة 166 من كامل مواقعها. لكن عمليات الجيش الوطني الموالي للشرعية في ليبيا لمحت أمس، عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» إلى حدوث خيانة، وقالت إنه تم تسليم مدينة سرت بالكامل لتنظيم داعش وسط ما وصفته بانسحاب مفاجئ لميليشيات «166» التي تركت أسلحتها وعتادها، مشيرة إلى أن العناصر المتطرفة في مدينة درنة التي تعد المعقل الرئيسي للميلشيات الإرهابية احتفلت على طريقتها وسط المدينة بسيطرة «داعش» على ‏سرت.

في سياق ذلك، تداول نشطاء محليون صورا تظهر جسدا من دون رأس مصلوبا على سيارة ضمن موكب لعناصر «داعش» في درنة خلال أجواء احتفالية على مقربة من مقر الحسبة التابع لقيادة التنظيم.

في غضون ذلك، رحبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالاتفاق الذي توصل إليه وفدا مصراتة وتاورغاء أثناء اجتماع في تونس أول من أمس، وقالت في بيان لها، إنها «تعتبره خطوة إضافية مهمة نحو تحقيق العدالة وضمان حق عودة سكان تاورغاء بأمان وكرامة إلى مدينتهم».

وكشفت البعثة النقاب عن أنها قامت بتيسير هذا الاجتماع بين الوفدين، كما تعهدت باستمرار دعم هذه العملية خاصة اللجنة المشتركة للمتابعة التي اتفق عليها كلا الطرفين، والتي سوف تعمل بالاستناد إلى القانون الدولي والمعايير الدولية بغية تحقيق المساءلة والعودة الآمنة والطوعية لسكان تاورغاء والمصالحة.

وأعربت البعثة عن اعتقادها بأن هذا الاتفاق يعد خطوة هامة على صعيد بناء الثقة، حيث إن من شأنه أن يساهم في الجهود الشاملة الرامية إلى إحلال السلام والأمن في ليبيا وضمان وحدة البلاد، مؤكدة أهمية وضرورة تشكيل حكومة وفاق وطني قادرة على تحمل مسؤولياتها فيما يتعلق بمعالجة هذه القضية وغيرها من القضايا الوطنية الملحة.

وأصدر وفدا مصراتة وتاورغاء بيانا تضمن تسع نقاط في إطار المصالحة تنص على حق أهالي تاورغاء المهجرين قسريا في الرجوع إلى مدينتهم، مناشدا جميع الأطراف بناء الثقة بين أهالي المدينتين، واتخاذ التدابير اللازمة من خلال توحيد الخطاب الإعلامي الداعي إلى المصالحة.

وشدد البيان على «أهمية جبر الأضرار للطرفين، وتشكيل لجنة مشتركة لإعداد خريطة طريق لدراسة العوائق ووضع حلول وحصر المدة الزمنية لتعويض الأضرار للطرفين في أجل أقصاه 15 يوما».

ودخلت المدينتان الليبيتان في نزاع بعد سقوط نظام القذافي، حيث تم ترحيل وتهجير سكان تاورغاء بحجة أنهم كانوا من الموالين له، حيث يعيش سكان تاورغاء في طرابلس بنغازي وبعض البلدات الأخرى، في مساكن صفيح متهالكة منذ نحو أربع سنوات.

وليست هذه المرة الأولى التي يتوصل فيها أعيان أهالي مدينتي مصراتة وتاورغاء إلى مثل هذا الاتفاق، حيث سبق لهم التوقيع على اتفاقيات مماثلة داخل ليبيا وخارجها، أبرزها الاتفاقية الموقعة في 30 يناير (كانون الثاني) الماضي في سويسرا على هامش مفاوضات الحوار الليبي.

غير أن تطبيقها لم ير النور بسبب الكثير من العراقيل، منها عدم السماح لأهالي تاورغاء بزيارة أقاربهم بالسجون في مدينة مصراتة والاطمئنان على أوضاعهم وأحوالهم الصحية.

من جهة أخري، أشاد المكتب الإعلامي لعملية فجر ليبيا بالتعديل المفاجئ الذي أجراه البرلمان السابق على التعديل الدستوري بحذف كلمة «باسم الشعب» من كل بنوده وجعل المرجعية للشريعة الإسلامية.

وأصدر البرلمان السابق تعديلا على المادة الأولى في الإعلان الدستوري لتنص على أن «ليبيا دولة مسلمة مستقلة، الشعب فيها مصدر السلطات، عاصمتها طرابلس، ودينها الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر كل تشريع.. ويعد باطلا كل تشرع أول عمل أو تصرف يصدر بالمخالفة لأحكامها ومقاصدها».

كما نص التعديل الذي يقول البرلمان الذي لا يحظى بأي اعتراف دولي، إنه اتخذه الأحد الماضي؛ لكنه كشف عنه أمس، فقط على أن «الدولة تكفل لغير المسلمين حرية القيام بمشاعرهم الدينية».





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 2:45 ص

      بوتوفيق

      اعتقد الشعب الليبي يقول ياليتنا لم نطيح برئيسنا
      المثل يكول اكعد على اينونك لايك اين وياريت اين الى ادمر واين بعد

اقرأ ايضاً