العدد 4654 - الخميس 04 يونيو 2015م الموافق 17 شعبان 1436هـ

إدمان «الهواتف الذكية» وسيلة للترويح أم سارق للألفة ؟

عندما تغزو التكنولوجيا عالمنا الصغير

محمد الحاج - زهراء الزين
محمد الحاج - زهراء الزين

المنامة - فاطمة زكريا

تكنولوجيا الهواتف الذكية اجتاحت حياتنا مؤخراً لتصبح جزءاً منا، وتمكننا من طواف العالم في دقائق معدودة، ودائمي التواصل مع الأشخاص مهما بعدت المسافات عنهم، ومطلعين على الأخبار من شتى بقاع الأرض، لكن مع هذا التطور التكنولوجي، كيف أثرت هذه الهواتف على علاقاتنا الاجتماعية؟ هل سرقتنا من بعضنا بعضاً وجعلتنا نعيش في حالة انزواء ونحن منكبون على شاشات هواتفنا؟ من منطلق هذه الأسئلة أجرينا التحقيق التالي:

بدأنا الحديث مع محمد الحاج (موظف)، إذ قال: «الهواتف والتطور التكنولوجي له أثر كبير على حياة الفرد الاجتماعية، وهذا التطور السريع أحدث تأثيراً في اللغة الحسّية المباشرة بين الأفراد، بدأت تتلاشى هذه اللغة شيئاً فشيئاً فأصبح الناس في المجالس العائلية والملتقيات الاجتماعية متوجهين بعيونهم وفكرهم إلى الهاتف متناسين ما حولهم من الناس تائهين في العوالم الإلكترونية التي أصبح لهم فيها مجتمع خاص يفضلونه على عالمهم المباشر».

وتابع «من وجهة نظري أن هذا التأثير والظاهرة قللت من أخلاقيات التحدث المباشر بين الأشخاص وأزاحت لطف الحديث بينهم».

وأضاف «لا ننسى هذا التأثير على الأطفال الذين أصبحوا يميلون للانطوائية والعزلة وإدمان الهواتف والأجهزة التكنولوجية. ما هيأ إلى جيل تنقصه الكثير من القيم الأخلاقية».

واقترح الحاج «على الآباء التركيز في تربية أبنائهم بالالتزام بالقيم وإرشادهم إلى أفضل الطرق لاستخدام الهواتف، والتقرب من الأبناء وعدم الانشغال بالهواتف أمامهم وعلينا جميعاً أن نراعي ونلتزم بأخلاقيات العلاقات الاجتماعية».

زكريا حسن (موظف في إدارة المرور) وافقه الرأي بشأن الاستخدام السلبي للهواتف الذكية، وبدأ كلامه بآية قرآنية «تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى». وقال «مما يحزّ في نفسني وأتأسف أن أجلس مع عائلتي وأقربائي وعيونهم وقلوبهم مع شاشات هواتفهم». مضيفاً «نراهم مجتمعين في المكان نفسه وكل شخص يتحدث مع آخرين خلف الشاشات أو ينشغلون في الأخبار ومتابعة البرامج أو الانشغال بالألعاب متجاهلين التواصل المباشر بين الأفراد. وأحاول دائماً تنبيه أبنائي إلى ضرورة ترك هواتفهم أثناء التجمعات العائلية».

وتابع «الهواتف الذكية لم تؤثر فقط على العلاقات الاجتماعية بل أثرت على حركة الشوارع وزيادة الحوادث بسبب انشغال الناس طوال الوقت بالهواتف حتى أثناء السياقة».

التأثير السلبي

من جهتها، قالت مروة الموسوي (طالبة) «بدايةً الهواتف الذكية قبل أن تؤثر على علاقاتنا بالأفراد المحيطين بنا فإنها تؤثر سلباً علينا من الناحية الصحية والنفسية نظراً لكونها عنصراً رئيسياً لا نتخلى عنه في يومنا مطلقاً».

وتابعت «كما أن البعض أصبحت حياتهم الاجتماعية لا تتعدى محيط هذه الشاشة الصغيرة، ما يجعل التفاعل مع الآخرين وجهاً لوجه جافّاً ورتيباً ويعمل على زعزعة الرابط الاجتماعي الحقيقي بينهم، إذ أصبحت المجالس تخلو من روح المرح الإنسانية ويصبح الجو ممتلئاً بالتوتر لكون الهواتف مصدراً يجعل الفرد شارد الذهن متقلب المزاج ما يجعل العلاقات تنزلق لمنحدر خطر».

وتضيف «جانب آخر أصبحت هي الوسيلة الأسرع لنشر الإشاعات والأخبار الكاذبة والمعلومات غير المفيدة واختراق الخصوصية للأفراد بشمل ملحوظ ومؤثر وانتشار العلاقات المحرمة أصبح سهلاً جداً لكثرة البرامج الموجودة بالهواتف، لذلك يتوجب علينا رقابة أنفسنا وأبنائها من هذه الآفة التي تهدد العلاقات بقوة، بالمقابل للهواتف الذكية إيجابيات كثيرة لا تعد ولا تحصى لولا أن الغالبية العظمى لا تحسن ولا تدرك استغلالها بالشكل الصحيح».

ومن جانبها، قالت جنان مهدي (طالبة) «من وجهة نظري أرى التأثير الإيجابي للهواتف الذكية أكثر من السلبي، فأراها قرّبت بين الناس أكثر وأصبحت العلاقات والتواصل أسهل وأسرع». وتابعت «لا ننكر سلبية انشغال الأغلبية بالهواتف أثناء التجمعات ولكن إيجابيات الهاتف تغلب على السلبية، فالهاتف ساعدني كثيراً في الدراسة وفي تقريبي من صديقاتي وقريباتي وسهل عليّ أيضاً حتى التسوق عبر المواقع».

من جهتها، قالت دعاء الشملان (طالبة) بشأن استخدام الهواتف الذكية «مما لاشك فيه تطور التكنولوجيا في عالمنا بشكل ملحوظ، وخاصة أنها في الآونة الأخيرة اقتحمت البيوت حيث إن امتلاكها أصبح سهلاً وبالنسبة للجميع قد يكون ذلك إيجابياً وقد يكون سلبياً».

وتابعت «ربما يكون إيجابياً بالنسبة لمعظم الناس حيث سهّل التواصل بين الناس بصورة إيجابية وأصبح يختصر المسافات وزاد من ترابط الناس ومعرفة أخبارهم بشكل أسرع، وطور العلاقات بينهم حتى أصبح جزءاً مهمّاً في حياتهم، ولكن تأثيره السلبي على الأفراد أكبر سواء في المنزل أو مع الأصدقاء أو حيثما كانوا كلٌ على انفراد في انطواء مع هاتفه ومنعزل تماماً عن العالم الخارجي». مضيفة «أيضاً قلل استخدام الهواتف الذكية من تواصلهم مع العالم الخارجي حيث إنه أصبح التواصل إلكترونياً، وقلل الحديث مع حولهم بحيث أصبحت الكتابة هي الأسلوب الأمثل المتعارف بين الناس، ولكل ذلك أثر نفسي عائد على الشخص، حيث انعدم الأسلوب الإيجابي بالحوار مع الناس وأصبح في عزلة تامة مع نفسه».

وذكرت «برأيي هذا يعكس حالة الشخص ومدى إرادته بهروبه من الواقع والاختباء في عمق خطورة هذا الجهاز، والكثير من الناس شكلت التكنولوجيا في حياتهم سلبيتها وكأنما لا يعلمون مدى إيجابيتها من حولهم وكيفية الاستفادة منها، والأهم عدم السماح لها بتهديم علاقاتهم مع الآخرين».

سهولة التواصل

ونواصل الحديث مع مروة عبدالرضا (طالبة)، إذ تقول «برأيي قرّبت وسائل الاتصال الحديثة بين الأشخاص المتباعدين جغرافيّاً، وجعلت العالم يبدو بحق كقرية صغيرة من حيث سهولة التواصل وتبادل المعلومات والخبرات».

وتضيف «إن كانت هذه القرية الصغيرة اتصالاً، لاتزال عالماً متنائياً متنافراً أفكاراً وقيماً، ولكن المفارقة المدهشة في ثورة الاتصالات أنها قرّبت المتباعدين وأبعدت المتقاربين، فالمرء يتواصل بانسيابية واستمتاع مع أشخاص من أقاصي الأرض، ويخصص لذلك أوقاتاً غالية، ولكنه يستثقل أن يمر على أمه للاطمئنان عليها، أو أن يمنح أبناءه ساعة من نهار يتعارفون خلالها، أو أن يفارق مقعده ليتنزه مع أصدقائه الحقيقيين».

اما زهراء الزين (طالبة)، تقول «أثرت الهواتف الذكية على الأسرة إذ إنهم أصبحوا لا يتحدثون مع بعضهم البعض وجهاً لوجه، وهذا التأثير سلبي حين تم استخدامها بشكل غير صحيح وتسبب ذلك في انعزال الأطفال حيث أصيب البعض بالأمراض بسبب الإدمان على الهواتف الذكية مثل أمراض السمنة، إذ تحتل البحرين المراتب الأولى عالميّاً في مرض السمنة».

وأضافت «من منطلق آخر، طوّرت الهواتف الذكية في شخصية الكثير من الناس حيث إنهم أصبحوا يستخدمون برامج متعددة مثل برامج التواصل الاجتماعي خاصةً الكبار في السن، كما إنها تطور وتزيد من معلوماتهم وتسهل تعليم الأطفال وأنها سهلت التواصل مع الأفراد من مختلف البلدان في أي وقت».

ومن جهته، قال علي مريضي (طالب) «الهواتف الذكية حاليّاً أصبحت جزءاً مهمّاً في حياتنا لدرجة أننا أصبحنا لا نستطيع التخلي عنها حيث أصبح استخدامها روتيناً يوميّاً بالإضافة إلى أنها تشكل إدمان خطر على الحياة الاجتماعية بين الأفراد وبعضهم».

حدود الاستخدام

وأضاف «المشكلة ليست في استخدام هذه الأجهزة بل الإشكالية في وضع حدود لطريقة استخدامها حتى لا تصل إلى الإدمان الذي يأتي من أضراره عدم الاتزان في النوم بسبب إجبار النفس على البقاء إلى وقت متأخر ما يؤثر على المزاج ما يؤثر على العلاقات الاجتماعية، إضافةً إلى ذلك ضياع الوقت الذي يمكن استغلاله في أشياء مفيدة بدلاً من استخدام الهواتف دون جدوى».

وأشار علي الحاج عن رأيه إذ قال بأن «الهواتف الذكية تؤثر بشكل سلبي إلا أنها مهمة جدّاً لعملية التواصل في الوقت ذاته إذ إنها توطد العلاقات بين الأفراد البعيدين عنا، حيث نستطيع التواصل معهم في أي وقت كان بسهولة تامة جدّاً».

المتخصصة في علم الاجتماع بجامعة البحرين سوسن كريمي، عبّرت عن رأيها بشأن استخدام الهواتف الذكية في حياتها، وقالت إن «استخدام الهواتف له إيجابيات وسلبيات مثل الأكل والرياضة». وأضافت «المشكلة ليست في الجهاز بل في الإنسان نفسه وفي تربيته فإذا تربيته صحيحة يكون استخدامه لهذه الأجهزة صحيحاً، وإذا كانت سيئة يكون استخدامه لها سلبيّاً وسيئاً».

وتابعت أن «المشكلة الأساسية في مجتمعنا الخليجي ككل أنه لديه سوء في إدارة ما يحصل عليه من خير، فمجتمعاتنا تستهلك ولا تعرف قيمة الوقت ولا تنتج. وبرز الاستخدام الإلكتروني لشباب والأطفال والكبار يقضون الوقت على الهواتف ويجعلونها مساحة استعراض وتفاخر وإشباع العقد، عقد الجمال والثراء وحتى الفقر».

وأكملت حديثها «في الأخير رأيي أجد المشكلة في الإنسان نفسه ويجب على كل شخص الانتباه لنفسه ولطريقته في استخدام الهواتف الذكية».

من خلال الآراء المتنوعة في هذا التحقيق، نرى أن الهواتف فعلاً أحدثت أثراً كبيراً في حياة الفرد والمجتمع بالسلب والإيجاب، وأن التطور كان سلاحاً ذا حدين، إذ قرب البعيد وبعّد القريب، وعلينا أن نحاول قدر الإمكان ترك الهواتف أثناء المجالس العائلية والملتقيات الاجتماعية واحترام الآخرين أثناء وجودهم وعدم الانشغال عنهم بالعوالم الإلكترونية».

زكريا حسن
زكريا حسن
مروة الموسوي - علي الحاج
مروة الموسوي - علي الحاج

العدد 4654 - الخميس 04 يونيو 2015م الموافق 17 شعبان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 9:24 ص

      سارق الالفة

      سارق للألفة ومؤجج للخلافات بين الأهل والأصدقاء للأسف
      ياما بيوت خربت والسبب هالهواتف لان فيه نفوس سوداء تستخدمه الإستخدام الخاطئ
      وين أيام زمان وين الحين !! في بعض الأحيان ينرسل شي ع حسن نيه يفهمه الطرف الآخر بفهم خاطئ
      انعدمت جلسات الأهل مشاهد مو طبيعيه الكل في ايده تلفون
      لدرجه الأم تتفاهم مع ولاادها بالتلفون
      لاشك فيها الإيجابي بس أشوف السلبي أكثر ...

    • زائر 3 | 6:02 ص

      استخدمها بشكل سليم.

      سلبيات و إجابيات الأجهزة بيد الإنسان وحده

    • زائر 2 | 12:07 ص

      تكنولوجيا العصر بين الإجابيات و الآثار المدمره للمجتمعات

      فعلا ، و كما ذكر الإخوه فإن مع وجود الإيجابيات للتكنولوجيا الحديثه و منها مثلاسهولة نقل المعلومات و الإستفاده منها في شتى المجالات العلميه و الحياتيه ، إلى اننا لا نغفل الأثر البالغ الذي تفتعله مثل هذه التكنولوجيا ، و خصوصا على المستوى الأسري و الأجتماعي و الصحي ايضاً ، بالإضافه الى ازدياد وتيره الحوادث المروعه بسبب الإستخدام الخاطأ لهذه التكنولوجيا.

    • زائر 1 | 11:33 م

      المنقذ

      ربما لم أستفد من الهاتف الذكي من ناحية المعلومات كون الجهات التي أتابعها غير موثوقة دائما . لكني أعتبره المنقذ الأول ضد زملائي الموظفين ثقال الدم و الذين يتكلمون عن فلان وعلان و يقذفون أعراض الناس و معظم حديثهم عن الجنس. وطبعا لا أنسى أن استخدامه يعتبر الاستفزاز الأكبر للزوجة في حال عاندتني أو قامت تقول قصص طويلة جدا عن صديقاتها.

اقرأ ايضاً