العدد 4659 - الثلثاء 09 يونيو 2015م الموافق 22 شعبان 1436هـ

أمورٌ لا تخفى على الشخص السَّوِي

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

معذرةً من بعض الاخوة الذين هم مستَعبَدون، بسلطة أو بجماعة أو بفكرة أو بدين أو بمذهب، أو بمصالح شخصية أو فئوية، فإننا ندعو لهم ونبذل قصارى جهدنا صادقين، أن يعوا أنهم كقواعد في المجتمع، أهم بكثير من السلطات والقيادات، سواء الساسة أو الأفراد أو رجال الدين، وسَعْيُنا أن يدركوا أنهم المشار إليهم بالشعب، في الدساتير الديمقراطية، نصاً في مادة «السيادة للشعب مصدر السلطات جميعاً..»، فما لم يتحرر الإنسان من عبوديته لأي مخلوق كان، ليستوي ويتبَيَّن ويتبنى الحق، بما يجعل منه سوياً مساوياً لغيره في الحقوق والواجبات الأساسية، في الأخذ والعطاء، وما لم يتحرر من عبوديته لأي فكرة كانت، بالجمود وأغلال الفكر، بما لا يجعل منه إلا وعاءً أصم، يملأه الغير بما شاء من أفكار، فإنه يخرج بذلك من معادلة التكوين الشعبي صاحب السيادة والإرادة في أن يكون مصدراً للسلطات، سواء بالإنتخاب أو المحاسبة، بالوعي الحر المتمكن من استقاء المعلومة من مصادرها المختلفة، وغربلتها بميزان العقل والحق والإنسانية.

وليس بإنسان ولا مكتمل المواطنة، ذاك الذي يرى بأم عينيه، وقوع الظلم على أخيه المواطن ولا يأبه له، بدعوى اختلاف الدين أو المذهب، أو لأي فكرة تفريق كانت. وهو أيضاً بذات السوء، من رقص لحقٍّ ناله مقابل حرمان الآخر منه بالتمييز، فالإنسانية في الحق الإنساني أولاً، والمواطنة في الحق المواطني ثانياً، هما الصفتان الملازمتان لكل من عاش وأقام ووفد إلى البلاد، فلا ظالم ولا مظلوم.

فلننظر بعين هذه العدالة الحرة الواعية، ونسبر غور الأحداث، لنرى ما العلاقة بين الواقعتين في التالي:

الواقعة الأولى: تصريح المفوض السامي لحقوق الإنسان حول البحرين، وخصوصاً النص الذي ورد على لسانه بشأن الحوار بين الحكومة والمعارضة، هكذا حدّد الأطراف دون مواربة، فقد قال «إن الحل الدائم لعدم الاستقرار الذي يسود البحرين، ليس (لا يكون) من خلال الاعتماد فقط على وسائل أمنية أو إجراءات قمعية، تستهدف إسكات أصوات الاحتجاج، ولكنه بحاجةٍ إلى حوار حقيقي ما بين الحكومة والمعارضة دون شروط مسبقة». والمفوض السامي لا يغيب عن علمه نظام الحكم، فليس للشعب من خيار لتولية حكومة من اختياره، وليس له أن يحاسبها أو يقيلها. والمفوض السامي لا يغيب عن علمه، من تكون المعارضة، فليست هي جمعيات «ائتلاف الفاتح» ولا تفريخاتها من صحوة وشباب، فالمعارضة هي تلك الجموع التي نادت بالملكية الدستورية الحقيقية، في دوار اللؤلؤة، والتي تم التصدّي لها بالقوة. وهي تلك المعارضة التي ملأ أفرادها سجون القهر ومازالت، وهي من سلب أملاكها الخاصة المعتدون المسكوت عنهم، وبرصد من كاميرات المراقبة، وتكرّرت مراراً وتكراراً، دون عقاب. والمعارضة هي من تصدت لها السلطات بالفصل من الأعمال والتمييز في التعليم والبعثات والتوظيف.

والمعارضة ليست هي من يفلت من العقاب، على جرائم التحريض الطائفي، وحمل السلاح الناري والأبيض في الشوارع، وتشكيل المليشيات شاهراً ظاهراً، بما كاد يشق المجتمع لولا وعي ووطنية المعارضة.

الواقعة الثانية: بعدها بأيام فقط، تعلن وزارة الداخلية عن إحباط مخطط إرهابي، أهم ما فيه اتهام إيران والعراق وحزب الله وأفراد شيعة من البحرين، وتبث صور المتهمين ممن هم ليسوا محكومين بعد، في تجاوز للقانون الدولي للمحاكمات العادلة، على التلفزيون مع الأسماء ومناطق السكن، وتبث اعترافاتهم، مبتسرة في حكاية جداً قصيرة، يبدأ روايتها الأول... ليكملها الثاني وهكذا.

ونحن نعتقد، أنه بهذا البيان، ترد السلطات على الفقرة التالية من بيان المفوض السامي حول البحرين، «ومن أجل خلق بيئة مناسبة، (للحوار بين الحكومة والمعارضة) فعلى جميع الأطراف أن تمارس أقصى درجات ضبط النفس وتجنب الإثارة»؛ في محاولةٍ للي عنق الضرورة البديهية حسب القانون الدولي، التي أعلنها المفوض السامي، بالتبلّي على المعارضة ووصمها بالتآمر مع أطراف خارجية رصدتها السلطات في خانة الأعداء، وقد بينها المفوض السامي بعبارته «إن الطريق لمثل هذا الحل (الحوار بين الحكومة والمعارضة)، وارد بوضوح في توصيات المراجعة الدولية الشاملة لحقوق الإنسان في جنيف (الخاصة بالبحرين)، وتوصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق».

الواقعة الثالثة: تتقدم إدارة الأوقاف الجعفرية (إدارة من إدارات وزارة العدل والشئون الإسلامية، فرئيسها معين خارج إرادة شيوخ دين الطائفة المعتبرين) إلى الحكومة بطلب ترتيب تواجد أمني عند مساجد الشيعة، لحمايتها والمصلين من هجمات محتملة لـ «داعش» على غرار تفجيرات مساجد الدالوة بالإحساء والقديح بالدمام، لتستجيب السلطات بترتيب عربة أو عربتي أمن، واثنين أو ثلاثة من رجال الأمن، أو من كوادر شرطة المجتمع، عند كل مسجد. هكذا ترى السلطات خطورة تهديدات الدواعش (في حال صحة صدورها عنهم، وفي حال عدم سيطرة الأمن على عناصرها في البحرين).

كنا سنسعد بكل تدابير السلطات مهما كانت بسيطة، لو وجدناها حاسبت مثيري الفتنة الطائفية والمناطقية، وحاكمتهم بمفهوم المسّ بوحدة الوطن والسلامة الوطنية، وهم مكتوبة أسماؤهم في لحاهم، وبما تفوّهت به ألسنتهم، ولو وجدنا جديتها في محاسبة مطلقي النار التي قتلت المواطنين، بتجاوز القانون، وبتصرفات فردية كما هو الإدعاء، ولو وجدنا تنفيذاً للتعهدات بإعادة المفصولين من أعمالهم على خلفية أحداث فبراير 2011، بسلاسة يفترضها الحق الخاص والعام المنصوص عليه في الدستور والقوانين، ولو وجدناها تصدت من بعد أول اعتداءٍ على أسواق 24 ساعة، وعاقبت المعتدين والمتجاوزين للقانون، بما منع تكرار الاعتداءات عشرات المرات.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4659 - الثلثاء 09 يونيو 2015م الموافق 22 شعبان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 22 | 5:59 ص

      الحل يا استاذي

      الحل يا استاذي هو ان تفكوا التحالف مع الجمعيات الطائفية فما دام أنتم متحالفين معها فلا يمكن أبداً للطرف الاخر ان يثق بكم رجال الكهنوت من الطرفين سبب الطائفية و الاحتقان و أنتم يا من تدعون أنكم جمعيات لبرالية عليكم ان تفكوا الارتباط بهم حتى يكون للناس خيار بدل الاصطفاف المذهبي القبيح

    • زائر 19 | 4:44 ص

      دائما

      دائما نعلق الاتهام على علماء الدين ألم يكن الرسول( ص) حاكما للدولة الإسلامية ؟ لماذا هذا الخوف من الإسلام المعتدل الذي ينادي بالحقوق والديمقراطية دون العنف ؟
      ألسنا مسلمين و بلدنا مسلم ؟
      ألمريتعايش الرسول ( ص) مع جميع الديانات؟
      لماذا دائما نريد أن نفصل الدين عن السياسة والرسول كان قدوتنا في إدارة الدولة؟
      بوركت جهود الكاتب على مقاله ولكن ياريت يقرأ الآخرون ما تكتبه بوعي فقد عميت العقول والأبصار وأصبحنا أعداء بدلا من شركاء في الوطن

    • زائر 18 | 4:20 ص

      سلمت يداك زائر 2

      الحل هو منع رجال الكهنوت الشيعة و السنة من التدخل في السياسة و إغلاق الجمعيات السياسية الطائفية السنية و الشيعية! أما ما يقوله المفوض ؛ فهل رأينا من المفوض و ممن أرسله المفوض خيراً قط؟

    • زائر 21 زائر 18 | 5:57 ص

      البعض تمنعه الطائفية

      اخي الكريم البعض تمنعه الطائفية من قول الحق و ما دام هؤلاء يرفضون الاعتراف ان رجال........من الطرفين هم السبب فلن نتقدم أبداً الحل هو الاعتراف ان الطائفية لها طرفان و الا كل ما سيحدث هو المزيد من الاحتقان

    • زائر 17 | 4:20 ص

      سلمت يداك

      سلمت يداك يا استاذي ودعواتنا دائما لهذا البلد بالإستقرار
      اتمنى من الحكومة ان تستجيب ولو مرة لمطالب الناس خصوصا ان اغلب مطالبها محقة وتشمل جميع اطياف المجتمع البحريني
      كان الله في عون البحريني الفقير ودائما نردد الله كريم، والله فوق الجميع يمهل ولا يهمل سبحانه وتعالى

    • زائر 16 | 4:17 ص

      ما أدري يا أخ يعقوب تضحك علينا أو على نفسك؟2

      لقد شبعنا من توجيه اللوم و النقد إلى القيادت الأمنية و السياسية حتى ألفته، و لم يعد أحد يخاف من ذلك. و لكي تكتب أنت عن الحرية و يقتدي بك الناس - و قد آتاك الله قلماً مسموعاً - أن تكون أنت حراً أولاً. أكتب للطبقة التي لا يجرؤ إلا الأحرار الكتابة لها: الكهنوت و الوعاظ! وجه إليها أن يكفوا عن استعباد الناس. و ترك السياسة للشعب ليكون مصدر السلطات.

    • زائر 15 | 4:16 ص

      ما أدري يا أخ يعقوب تضحك علينا أو على نفسك؟1

      تطلب من "المستَعبَدين" أن يعوا أنهم أهم من السلطات والقيادات السياسية أو رجال الدين! إذاً لم أصبحوا من العبيد؟ تطلب من الغوغاء و الدهماء أن يدركوا أن السيادة للشعب مصدر السلطات جميعاً؟
      حبيبي اسم الله على قلبك ؛ و قلب إللي اكتبوا لك "صح لسانك" "سلمت يداك" "كثر الله من أمثالك".

    • زائر 14 | 4:16 ص

      شيوخ الفتنة

      أسماء شيوخ الفتنة مسجلة ف لحاهم فمن السهل معرفتهم ولجم أصواتهم النتنة اذا ما أرادت نبذ الطائفية التي تنشرها تلك الاصوات ليل نهار.

    • زائر 13 | 4:04 ص

      رائع رائع استاذ يعقوب

      شكرا على هذا المقال الجميل والذي ينم عن اخلاص شديد وتمسك ثابت بالمبادئ الأصيلة ، في وطن اصبح التمسك بالقيم عملة نادرة بارك الله فيك يا شريف .

    • زائر 12 | 3:34 ص

      اصيل

      حفظك االله استاذي الجليل وحماك

    • زائر 11 | 3:27 ص

      عقول ترفض البديهيات وترفض المساواة وترفض الاعتراف بالآخر

      عقول اقل ما يقال عنها عنصرية طائفية اقصائية . تؤمن بالإسلام اسما فقط ولكنها بعيدة كل البعد عن تطبيقه .
      اذا تحدثت معهم عن حقوق الناس في الإسلام حالوا تبرير استفرادهم بخيرات الأمة واذا تحدثت لهم عن حقوق الانسان قالوا انها جمعيات اجنبية وغربية فلا هم يريدون جوهر الاسلام ولا يريدون أي قانون يعطي للناس حقوقها .
      قانونهم قانون الغاب

    • زائر 10 | 2:52 ص

      الشعب مصدر السلطات كل الشعب وليس جماعة منه بأي مسمى لا قبلي ولا مذهبي

      وجمعيات خليط من أطياف الشعب هي الممثل الحقيقي للشعب وهي الأساس للديمقراطية هذا ما يسير عليه شعوب العالم المتحضر العريق في الديمقراطيه

    • زائر 8 | 2:28 ص

      حقيقة انك اصيل

      الحقيقة انك مواطن اصيل لك كل الحب والاحترام والتقدير وتقبل الجبين القليل القليل من هم امثالك وان وجدوا فهم من الفئة الصامت فعلا أمور لاتخفى على الشخص السَوي

    • زائر 7 | 2:22 ص

      شكراً استاذ سيادي

      شكراً لقلمك الحر ، أكثر من رائع يا استاذ .

    • زائر 6 | 1:23 ص

      هنيئا للوسط بأصوات تصدح بالحق

      عجيب جدا الطرح كل كلمة قلتها شعرت بها في أعماقي كم من الظلم تعرضنا له

    • زائر 5 | 1:21 ص

      قرأت المقال بدقة أعجبني ما ورد كلها حقائق

      سلمت يابن بلادي

    • زائر 4 | 1:20 ص

      من أجمل مقالات اليوم

      كثر الله من أمثالك حبيبي سيادي

    • زائر 3 | 12:54 ص

      صح الله لسانك

      لافض فوك ايها الرجل الشريف

    • زائر 2 | 12:22 ص

      الحل هو

      الحل هو منع رجال الكهنوت الشيعة و السنة من التدخل في السياسة و إغلاق الجمعيات السياسية الطائفية السنية و الشيعية و الا لن نتقدم الى الامام مثل بقية الأمم اما ما يقوله المفوض هذا فهو كلام فارغ و ليس واقعي أبداً

    • زائر 9 زائر 2 | 2:33 ص

      الحل هو حقوق الناس بعيدا عن الطائفية

      لو كل من كذب وفبركة وخلق مسرحية وستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للفتنه وستخدم سخد الحكومة على فئة لاانها طالبت بحقوقها وقامه يتهجم عليها باابشع الكلام والتهم والسب واتهامهم بولائهم وخلق فتنة في المجتمع وتحميل قلوب الأطفال لو أعطت الناي حقوقها لم ترى مايحدث الان مايحد الان نتيجة طبيعية ان هناك فئة مغضوب عليا لاانها طالبت بحقوقها ويستغلها التكفيري الطائفي الحقود لمارب من يواليهم ..هناك جمعيات وشخصيات وطنية شيخ على سلمان يقول امن اخي السني قبل امني وهناك خطبة مسجل صوت وصورة

    • زائر 1 | 12:04 ص

      دولة القانون!!!

      هكذا هي دولة القانون بلا قانون فعش رجباً ترى عجبا!!!!

اقرأ ايضاً