العدد 4663 - السبت 13 يونيو 2015م الموافق 26 شعبان 1436هـ

الأفراد ما بين حماية الدولة والحماية الذاتية

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

تبدأ مسئولية حماية الدولة لمواطنيها، من لحظة التوافق على ذلك، لحظة الإقرار حسب ما يرد في الدساتير بمثل نص المادة (30) البند (ب) من دستور 2002 المعدل ونصها «الدولة وحدها التي تنشئ قوة الدفاع والحرس الوطني والأمن العام، ولا يولى غير المواطنين هذه المهام إلا في حالة الضرورة القصوى، وبالكيفية التي ينظمها القانون». وهي المادة ذاتها، بالترقيم ذاته الواردة في دستور 1973 ولكن بنص أعم مختلف، ونصها «الدولة هي وحدها التي تنشئ القوات المسلحة وهيئات الأمن العام، ولا يولى...إلخ».

ومعلوم لدى الجميع، المحلي والإقليمي والدولي، الرسمي والشعبي، الفرق بين آليتي إقرار الدستورين، فالأول تعاقدي توافقي، مَحَّصَ مواده تفصيلاً آنياً ومستقبلياً، المجلس التأسيسي الممثل لشعب البحرين من خلال أعضائه المنتخبين، ولحكومة البحرين من خلال وزرائها، وللحكم من خلال تعيين الأمير آنذاك لمن يمثله في المجلس، أما الثاني، فقد صدر بما ورد في ديباجته وتحقيقاً لها، «استناداً إلى ما ورد في ميثاق العمل الوطني الذي أجمع عليه الشعب في الاستفتاء، وبعد الإطلاع على الدستور» (والمعني هنا دستور 1973، الذي نص على آلية تعديله، المتوجب اتباعها في مواده الخاصة بذلك)، وعلى الأمر الأميري رقم (17) لسنة 2001 بالتصديق على ميثاق العمل الوطني، وبناء على عرض رئيس لجنة تعديل بعض أحكام الدستور، المشكلة بالمرسوم رقم (5) لسنة 2001، (بالمخالفة للدستور القائم) وبعد إطلاع مجلس الوزراء، صدقنا على هذا الدستور المعدل وأصدرناه».

وعلى الرغم تحفظنا على دستورية إجراءات التعديل على دستور 1973، بالخلاف لما نصت عليه مادته 104، والذي تم بتجاوز الجهة التي خولها الدستور ذلك، وبما ورد نصاً بالمخالفة للدستور القائم حينها، بحسب ديباجة دستور 2002 المعدل، بما يسقط عبارة «وبعد الإطلاع على الدستور» التي تعني أنها ديباجة للإستناد على مواده، فلا يجوز خلافها، إلا إننا سنتناول المادة الدستورية التي أوردناها عاليه، كونها تبدلت نصاً في دستور 2002 المعدل عن أصلها في دستور 1973، ففي الأصل منع النص الدستوري على غير الدولة، إنشاء أية قوات مسلحة، وأية هيئات للأمن العام، بصفة التعميم، أما في التعديل فقد خصّ المنع أجهزة بعينها بالنص على قوة الدفاع وقوة الحرس الوطني وقوة الأمن العام، وهذه مؤسسات مختصة قائمة، بما يعني أن إنشاء أجهزة مثيلة لها، في اختصاصها أو غير اختصاصها مباح، ما لم تتسم بأسمائها، حتى لو نص أي قانون على منع ذلك، إذ لا دستورية لأي قانون يخالف الدستور.

نحن هنا لا ندعو إلى ما يتبدى من إباحة دستورية غير مقصودة، ربما استغلها بعض المتنفذين، بما حدث في التجاوزات التي فلت مقترفوها من العقاب، أو أي طرف شعبي تمت عدالة وحقوقية محاسبته، بقدر ما ندعو إلى الحوار الذي أشار إليه المفوض السامي لمفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، بين الحكومة والمعارضة، ونؤكد على هذين الطرفين، بحكم الاختلاف بينهما، فحوار المتفقين لا يأتي بجديد، ولن يأتي بحل للأزمة المستمرة منذ فبراير 2011 وما زالت، والمثال على ذلك ما أوردناه من خلاف النصين، الأول نتيجة لعمل مجلس تأسيسي، مكوناته مختلفة ومتكاملة، بتمثيلها مكونات المجتمع البحريني أو الدولة البحرينية، بما جمع الشعب، والثاني لجهة حكمية حكومية منسجمة، لا مخالف لها.

وأياً كانت أطراف الحوار، فلا يجوز أن يكون من بينها من يمس بمبادئ العدالة و«الحرية والمساواة»، (البند (ج) من المادة (120) دستور 2002 المعدل، وكذلك البند نفسه من المادة (104) دستور 1973، سواء كانت حكمية أو حكومية أو شعبية، وسواء عبر القول أو الفعل، وبذا ليس للطائفيين وزارعي الفتنة وهادمي الوحدة الوطنية، أي موطئ قدم في مثل هذا الحوار، وبما يلزم أن تكون البحرين دائرة انتخابية واحدة، لضمان وحدوية ووطنية المنتَخَبين في حال لزم الأمر.

ومعلومٌ إنسانياً ووفقاً للحرية والمساواة والعدالة، أن قيام الدولة بحماية المواطن، لا تستوجب بالضرورة سلبيته في صد الأذى والاعتداء، ولا سلبيته في التَّحَسُّب له في حال التقدير باحتمال وقوعه، بل تَحَسُّب الفرد وصده، هو الحق بالحرية، جمعاً بواجب الدولة الذي هو المساواة.

وليس بمعيوب من يفقد الثقة بالدولة جراء الممارسات العملية التي تفقده الثقة فيها من حيث قيامها بواجبها على قدم المساواة لجميع المواطنين، فقد حدث خلال الحراك الشعبي، أن سحبت الدولة قواتها من الشوارع، وتركت للبعض في بعض المناطق، حمل السلاح الأبيض وغيره، بما منحهم كل الاطمئنان، بل تمادى بعضهم للزحف على أهل المناطق الأخرى بالتصنيف الطائفي، والاعتداءات في مناطقهم. وهذا ما أشارت إليه «اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق» في تقريرها، وبعدها سادت حالة من الاعتداءات على الممتلكات الخاصة لطائفةٍ معينة، كان واضحاً فيها تقاعس الدولة عن واجبها في حماية المواطن المعني، وهناك من المخالفات الدستورية الكثير، ليس أقلها عدم الالتزام بنص المادة (30) في الدستورين، كما عاليه، في جزئها «ولا يولى غير المواطنين هذه المهام إلا في حالة الضرورة القصوى، وبالكيفية التي ينظمها القانون»، وقد تم استثناء ذات الطائفة من هذه التولية، عدا عن تولية غير البحرينيين بطريقة غير طبيعية.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4663 - السبت 13 يونيو 2015م الموافق 26 شعبان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 4:29 ص

      سنة العراق مهمشين

      اوكيه احنا قابلين بما لهم من حقوق حاليه على الاقل قادة بعض القطاعات سنه وامري الافواج من السنه يدخلون الكليات العسكريه وكل المناصب

    • زائر 5 | 3:21 ص

      كيف نثق في من ينتهك حرمة بيوتنا

      في الاسلام البيوت لها حرمة
      في القوانين والاعراف الدولية البيوت البيوت لها قانون يمنع اقتحامها والتعدي عليها
      لكن في البحرين لا حرمة لمنزل ولا قانون يحفظ دار الفقراء فهي عرضة للاقتحام الليلي والبارحة 8 بيوت في عالي

    • زائر 4 | 1:52 ص

      المواطن من الطائفة الأخرى المغضوب عليه لا حماية له والدلائل كثيرة

      حسبنا الله ونعم الوكيل _وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد -لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين _ماشا الله ولا قوة الا بالله

    • زائر 3 | 12:20 ص

      وكيف تبعث الارواح

      عندما ينغمس الانسان في الحلال والحرام ولا يريد أن يلتفت الى باقي الناس فليس هناك حل الا القانون الرجوع له يشكل حلا للمختلفين ولكن تنبه بني ادم لذلك وقال القانون لايطبق علينه .
      الى الماء يسعى من يغص بلقمة
      الى اين يسعى من يغص بماء

    • زائر 1 | 11:23 م

      ..

      هموم وشجون الوطن لا نكاد ننتهي منها.. اسأل الله العلي القدبر أن يبعد عنا كل الهموم ... شكرا للكاتب القدير على اهتمامه بقضايا الوطن

اقرأ ايضاً