العدد 4675 - الخميس 25 يونيو 2015م الموافق 08 رمضان 1436هـ

اجتماعات «الزمالة» تروي قصص متعافين قضوا سنوات الإدمان في الخرائب وشهدوا انتحار أصدقائهم

تحتفي زمالة المدمنين المجهولين هذا العام (2015) بمرور 30 عاماً على إنشائها في مملكة البحرين وذلك بعد أن انطلقت في مارس/ آذار 1985، لتكون بذلك أول زمالة في الشرق الأوسط، هذا وتروي اجتماعات الزمالة قصصاً وتجاربَ لمتعافين من الإدمان لزملائهم من المدمنين الراغبين في التعافي لمساعدتهم، والتي منها قصة مدمن متعافٍ «م. أ» التقته «الوسط»، والذي أخذ أول جرعة وهو بعمر الـ 15 عاماً وجعل تاريخ الثالث من مارس/ آذار 2012 مولداً جديداً له؛ اليوم الذي شهد أخذه لآخر جرعة.

اليوم يبلغ السادسة والعشرين وهو متزوج ويعمل وله حياته الطبيعية، تحدث بفخر ممزوج بندم عن تلك المرحلة، ندم على تلك السنوات التي أضاعها وهو يعتبر المخدر صديقه الوحيد بعد أن خسر كل من حوله وفخر لما هو عليه اليوم وتغلبه على تلك المرحلة السوداء من حياته.

وقال: «مشيت في طريق الإدمان مبكراً حينما كنت طالباً في المدرسة وكنت حينها أمارس كثيراً من السلوكيات الخاطئة؛ أبعدت هي والإدمان جميع أصدقائي عني لأرى نفسي صديق المخدر فقط ومن حولي مدمنون تتراوح أعمارهم ما بين 40 و50 عاماً».

وكان متيقناً بفكرة أن من يدخل هذا الطريق لا يمكن أن يخرج منه أبداً إلا مسجوناً أو منتحراً أو ميتاً، وقد رأى نماذج كثيرة من ذلك إلا أن صوتاً بداخله يرن في مسمعه بضرورة التوقف والعودة عن هذا الطريق، إلى أن أدخله أهله إلى المصحة للتعافي وهناك التقى بالزمالة وأعضائها ليتردد الصوت الذي بداخله مجدداً لينظم لهم ويبدأ مشوار العلاج لبلوغ التعافي.

وبين: «أعلم جيداً أن حطام الماضي كبير والضريبة التي دفعتها بحجمه، إلا أني اليوم منتج في المجتمع وعلاقتي بربي قوية واستعدت ثقة أهلي ولم أتعرض لأية انتكاسة لإيماني بأني لا أريد أن أقضي بقية حياتي في ذلك الطريق».

زميله في الزمالة «م.ح» (53 سنة) هو الآخر مدمن متعافٍ، قضى سنوات الإدمان يحمل «كارتوناً» ليفترشه بالقرب من الحاويات وفي الخرائب والشوارع لينام فيه بعد أن رفضه الجميع بسبب إدمانه وخسر علاقته بزوجته وأهله وجيرانه، يقول: «عشت في بيئة مستقرة جميع من فيها من الناس الأسوياء والناجحين وإلى اليوم لا أعلم سبب سلوكي هذا الطريق حينها، الطريق الذي بسببه رفضني الجميع وعشت لسنوات طويلة وحيداً مع أدماني».

ويصف المرحلة التي وصل لها بالحضيض بعد أن تركته زوجته وخسر أبناءه ولجأ لبيع جميع محتويات منزل عائلته لشراء المخدر، وخلال تلك الفترة الطويلة حاول مراراً الإقلاع لدرجة أنه انعزل لشهور محاولاً الإقلاع عن المخدرات وعاد له إلى أن جاء يوم كان فيه في المصحة ورأى أحد أعضاء الزمالة وسمع كلامه إلا أنه لم يكترث له ليقينه أن كل ما يقال هو حديث إنشائي لا يمكن تطبيقه على الواقع، إلا أن كلماتهم كانت تجول في أذنه ولاسيما أنهم يعرضون عليه الانتماء والرفقة والزمالة التي يفتقدها لتبدأ خطوته الأولى لتلقي العلاج في الزمالة من خلال حضور الاجتماعات إلى أن تمكن من الإقلاع والاستمرار على ذلك واليوم هو متزوج مجدداً وجد ويعمل وعادت علاقته بأهله ولا يخشى الانتكاسة كونه واثق بأنه قادراً على مواجهتها وعدم العودة للوحدة في ذلك الطريق.

من جانبه، قال رئيس العلاقات العامة في الزمالة محمد أحمد لـ «الوسط» إن برنامج الزمالة يقوم على 12 خطوة وفي كل خطوة عدد من المبادئ بهدف مساعدة المدمن الراغب في التعافي، مشيراً إلى أن تلك الخطوات تبدأ بالاعتراف بأن الإدمان ليس جريمة وإنما مرض، الإيمان بالقدرة على الصواب واتخاذ القرار لتحقيق ذلك، فضلاً عن الاعتراف بالخطأ والتقرب إلى الله وأن المصلحة المشتركة تأتي في المقام الأول وشرط العضوية الوحيد هو الرغبة في الامتناع عن التعاطي إلى جانب حمل المتعافي الرسالة لكل مدمن والتأكيد أن الزمالة جهة مستقلة ذات نشاط إنساني غير هادف للربحية.

هذا وأكد أن الزمالة تحمل على عاتقها مبدأ السرية في عملها واجتماعاتها وترفض أية مساعدات وتبرعات مالية أهلية أو رسمية وذلك من منطلق قناعتها بأهمية الاعتماد على النفس وعليه تعتمد لسد مصاريف فعالياتها على مساهمات الأعضاء فقط.

وتابع أن السرية شعار الزمالة التي تمنح لأعضائها فرصة حضور اجتماعاتها بكل أمان وبلا خوف من القيود القانونية والاجتماعية بعيداً عن الرسمية والتكلف.

ونوه إلى أن الزمالة في البحرين تضم 6 مجموعات وأنه يقارب أعداد المتعافين فيها نحو 100 عضو منتظم وغير منتظم وأن أصغر متعافٍ يبلغ من العمر 17 عاماً وأن المطلب الوحيد للعضوية في الزمالة هو الرغبة في التوقف عن التعاطي، موضخاً أن الزمالة تعقد اجتماعاتها بشكل يومي بهدف حمل رسالة للمدمن الراغب في التعافي والذي مازال يتعاطى، فضلاً عن مساعدة المتعافي لمواجهة أية انتكاسة، وتستقبل المكالمات على خطها الساخن 17533558، وأن الاجتماعات يحضرها زهاء 30 إلى 35 عضواً.

وذكر أن للزمالة تعاون مثمر مع كل من وزارة الداخلية ووزارة الصحة وأن لجنة المصحات والسجون تعنى بتقديم الأمل والقوة للمدمنين من السجناء.

وقال: «كل مدمن لدية الرغبة في الإقلاع عن الإدمان والتوقف لكن كثيراً منهم لا يعلمون الطريقة، وأود أن أشير هنا إلى أن جميع المدمنين في قرارة أنفسهم يرغبون في التوقف ولكن اتخاذ القرار هو الفرق بين شخص وآخر والأهم من ذلك كله هو القدرة على الاستمرار» .

وتحدث عن ضرورة تطبيق ما لجأت له كثير من الدول المتقدمة في التعامل مع أحكام المدمنين المتعافين بجعلها مدة خدمة في المجتمع عوضاً عن محكومية في السجن وذلك لا عطائهم الفرصة.

وبشأن نظرة المجتمع قال: «لن نكون مثالين وغير واقعين ونقول إن المجتمع لم يعد يتخوف من المدمن المتعافي، إلا أنه اليوم وبعد كل تلك السنوات بات المدمن المتعافي شخصاً منتجاً في المجتمع، لدية حياة جديدة بعد التعافي ويعيش حياة طبيعية يصعب على الكثيرين تصديق أنه كان في يوم من الأيام يتعاطى ليعيش ويعيش ليتعاطى فقط».

العدد 4675 - الخميس 25 يونيو 2015م الموافق 08 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 6:16 ص

      الله يحفظكم

      الله يحفظكم ويفتح اليكم كل دروب الخير والامان ويبعد عنكم كل شر والله ينور حياتكم بحق الصلاة على محمد وال محمد ...الى الامام وفي طريق النجاح والعزم يارب يااااااااااارب.....والله معاكم ...

اقرأ ايضاً