العدد 4677 - السبت 27 يونيو 2015م الموافق 10 رمضان 1436هـ

رؤية في رسالة إبراهيم شريف

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

رسالة القائد الوطني إبراهيم شريف عشية خروجه من سجنه السياسي، هي رسالة ذات شقين، الشق الأول هو من شعب البحرين، تَوقهُ إلى الكرامة والحرية، والمساواة في حفظ الحقوق وإيكال الواجبات وتكافؤ الفرص، والتي لا يأنس لها التَوْق، إلا شراكة لجميع مكونات شعب البحرين المضياف، فللمواطنين جميعاً دون تفرقة حقوق المواطنة والإنسانية، وللوافدين والمقيمين، حسن الضيافة بالحق الإنساني.

هذه الرسالة أوكل بها جُلّ شعب البحرين، ليحملها إبراهيم شريف ويعلنها حال خروجه من السجن الذي دخله بتهم لم يمحصها ميزان العدالة بما يجب، بل جاءت أقرب من إرث مرحلة قانون أمن الدولة سيئة الصيت. تلك المرحلة التي جعلت البحرين، في أدنى درجات السلم من حيث التزام الدول بحقوق الإنسان المدنية والسياسية، وأهدرت إنسانية الدولة تجاه سلب حرية وإنسانية المواطن، بما جعل دول العالم تقف موقفها الضاغط، تجاوباً لمطالبات شعب البحرين وقصص المعاناة من التعذيب وغيره من انتهاكات حقوق الإنسان. ولم يُيئِس جُلَّ شعب البحرين بشاعة الانتهاكات آنذاك طوال سبعة وعشرين عاماً، بل أثمر سعي المعارضة الشعبية، وحوارها مع الحكم والحكومة، مرحلة التقاط الأنفاس لكلا الطرفين، من أجل البناء الديمقراطي لمملكة دستورية فتية.

فكان ميثاق العمل الوطني، الفرصة التي أتيحت للبحرين للإنتقال إلى روض الديمقراطية، المحكومة بنظام حكم المملكة الدستورية، وبدءًا من العشر سنوات الأولى من عمر التجربة/ الفرصة، لم تَبنِ السلطات الأمل والثقة لدى شعب البحرين، بإجراءات تُطوّر من كفاءات وإمكانيات أجهزة الدولة، بما يتلاءم ومتطلبات المملكة الدستورية، بل فوجئنا بما مارسته السلطة إزاء الأزمة منذ 17 مارس/ آذار 2011 إلى اليوم، من إجراءات أمنية مفرطة في القوة، وسالبة لحقوق المواطن السياسية والمدنية. وأثبتت السلطة بما لا يقبل الجدل، ما دعا الكثيرين من المطالبين بالحقوق، إلى التريث بالشك في مصداقية أي وعد يُطلق، وإلى الحاجة للتوثيق الدولي وبشهادة الشهود.

إضافةً إلى أن الجموع التي تظاهرت في دوار اللؤلؤة، أوكلت إلى قياداتها، التي بما يبدو من الثقة التي يطرح بها إبراهيم شريف، أنها متوافقة في الحد الأدنى، على «وثيقة المنامة» لإعادة لإصلاح الأمور، بضرورة إيجاد صيغة دستورية جديدة تحظى بموافقة الأغلبية الشعبية عبر جمعية تأسيسية أو استفتاء شعبي، كما جاء في رؤية سمو ولي العهد في أحد مبادئه السبعة، ومطالبها الأخرى الستة بما يلي:

1.حكومة منتخبة «تمثل الإرادة الشعبية» يكون للمجلس النيابي مساءلة أعضائها أفراداً، وكذلك جمعاً ممثلين في رئيس الحكومة.

2. نظام انتخابي عادل يحقق المساواة بين المواطنين وفق المبدأ العالمي «صوت لكل مواطن».

3. سلطة تشريعية من غرفة واحدة منتخبة، لها كامل الصلاحيات التشريعية والرقابية، لأوضاع الدولة القانونية والحقوقية والسياسية والمالية.

4. سلطة قضائية موثوقة الاستقلال، المالي والإداري والفني والمهني، لضمان استقلال الإجراءات والأحكام القضائية عن أي من السلطات، باعتمادها على العناصر القضائية الكفوءة والمحايدة والمستقلة والجريئة، وهي التي تُعَيَّن وفق آليات تضمن الكفاءة والشفافية في ظل إشراف وسيطرة مجلس مستقل للقضاء، يُنشأ ويُعين أعضاؤه ويُمنحون الاستقلالية والسيادة القضائية، واعتماد نظام تفتيش قضائي قادر على تحقيق أمانة القضاء وعدالته في وجه أي تعدٍ من أجهزة الدولة.

5. الأمن للجميع، عبر مشاركة المواطنين في الأجهزة الأمنية والعسكرية، وتقرير العقيدة الأمنية وسياساتها، بما يحقق خدمة الوطن والمواطنين سواسية، على قاعدة احترام حقوق الإنسان والحريات العامة.

6. التنفيذ الكامل والشامل، لتوصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق (23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011)، وتلك الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في المراجعات الدورية.

تلك هي عناصر الوثيقة التي تقدّمت بها الجمعيات الوطنية المعارضة، وهي الجهة التي طالبت المفوضية السامية لحقوق الإنسان والأمين العام للأمم المتحدة، سلطات الحكم في البحرين بالحوار وإياها تحديداً.

ولكننا نضيف، أن الحوار الحقيقي المثمر هو بين السلطة (لتمثيل النظام والموالين الشعبيين)، وبين المعارضة (الممثلة للشق الشعبي المعارض)، وإنه يتطلب إطلاق سراح جميع المعتقلين من السجون على خلفية الأزمة، وخصوصاً رموز المعارضة، فلا تفويض لأيٍ خارج السجن من أيٍ داخل السجن.

والشق الثاني من رسالة إبراهيم شريف، هي رسالة شخصية، وبدورها ذات شقين أيضاً، شقها الأول، «إني شخصياً أسامح» كل من عذّبني جسدياً ولفظياً، وسب وشتم عِرضي في نفسي وزوجي ووالدي وأهلي، والشق الثاني « إني لن أنسى وطني وشعبي ما حييت»، وهاأنذا، لا أكتفي بالوقوف أمام صور من ظلمتهم الدولة وأجرت عليهم ما أجرته عليّ، وأقبعتهم في السجون لسنوات تصل إلى المؤبد، بل أزور أهليهم وأشد أزرهم، بالقادم القريب الذي سأسعى من أجله، سعياً لنيلهم حريتهم وحقوقهم، امتناناً لَوُدٍّ وصداقة وأهلية، جمعتني بهم طوال أربع سنوات وثلاثة شهور، تشاركت معهم اللقمة والسكن، وتشاركت معهم سبّ وشتم عرض أمهاتنا وأزواجنا وأنفسنا، وعذاباً جسدياً ونفسياً نالنا، الأمر الذي جمعنا بصفتنا مواطنين مطالبين بالحقوق، وفي الوقت ذاته، فإني لا أنكر حق الآخرين من ذوي الشهداء والمعانين نفسياً وجسدياً، والمسجونين على ذمة الأزمة، بل وأدعم حقهم في جبر الضرر والتعويض، من بعد مقاضاة من أساء بحقهم. وإني أعلنها اليوم وأنا خارج السجن، أن عزمي أشد مما كان قبلاً، لمواصلة العمل من أجل تحقيق مطالب الشعب، في مملكة دستورية ديمقراطية على غرار تلك العريقة، سالكاً ومتدبراً سبل النضال السلمي، التي انطلق بها الحراك الشعبي منذ 14 فبراير 2011.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4677 - السبت 27 يونيو 2015م الموافق 10 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 5:41 م

      إبراهيم الدوسري

      ايش تتكلم انت روح إقراء عبارات السقيط على الجدران لا تقول جهالوه انتو ناس لا تعترفون بالخطأ على فكره إبراهيم شريف طلع بعفو ملكى ......

    • زائر 4 | 4:56 م

      الفرق

      الفرق واضح في طرح ابراهيم شريف الوفاق وحق وآمل والفاتح ونحن الناس الصامتة او العادين نقول يجب على الحكومه تأخذ الزين من الكل وتوضع ورقتها بقوه وسوف تحصل على التأيد انشاء الله

    • زائر 3 | 11:16 ص

      ما تغير شي

      اهل الفاتح لا يريدون التغير واهل الدوار يريدون التغير
      وفي النهاية نقول الله يحفظ البحرين وشعب البحرين والله يوفق ملكنا حمد وحكومتنا الموقرة

    • زائر 2 | 4:15 ص

      ما تفعله السلطة يزيد من قناعات الناس

      عسكروا البلد كلها ولم تتغير قناعات الناس بل زادت يقينا بحتمية التغيير

اقرأ ايضاً