العدد 4683 - الجمعة 03 يوليو 2015م الموافق 16 رمضان 1436هـ

كيفية إعادة الاقتصاد اليوناني على سكة الانتعاش

مهما كان الحل لأزمة الديون اليونانية، يتعين على اثينا إصلاح مشاكل البنى الضريبية واستقطاب الاستثمارات الخارجية، وتعزيز نشاطات التصدير لكي يبدأ اقتصادها بالانتعاش مجددا.

وقد اضطرت اليونان في السابق إلى مواءمة سياساتها المالية مع سياسات التقشف التي فرضتها الجهات الدائنة في إطار برنامج الإنقاذ، إلا أن الخبراء الاقتصاديين يقولون أن الاقتصاد اليوناني لا يزال يعاني من ضعف هيكلي.

ولن يحدث أي نمو مستدام إلا بعد إصلاح المشاكل الآتية التي تعتبر أولوية بعد انتهاء الأزمة الحالية:

- نزع فتيل قنبلة معاشات التقاعد:

يقول مدير التحليل الاقتصادي في مؤسسة كسيرفي اوليفر باسيت إن حل «القنبلة الموقوتة لمعاشات التقاعد اليونانية (...) هو الأولوية الأولى».

وأضاف «إذا لم يتم انجاز أي شيء فإن نظام المعاشات التقاعدية قد يعاني من العجز بنسبة 7 إلى 8 في المئة من إجمالي الناتج المحلي بحلول 2030. ولا يمكن لليونان أن تتجنب إجراء هذا الإصلاح».

وتعد مسالة المعاشات التقاعدية مهمة؛ نظرا للتغير السكاني وزيادة عدد المتقاعدين وهي المشكلة التي تعاني منها حاليا معظم الدول المتقدمة.

- مكافحة التهرب الضريبي:

لتعديل وضعها المالي يتعين على اليونان تقوية أنظمتها الضريبية. وقال مدير البحث في المرصد الفرنسي الاقتصادي في باريس خافيير تيمبو «يوجد عيب واضح في نظام جبي الضرائب، كما أن هناك مشاكل تتعلق بالتهرب الضريبي. على اثينا أن تجد حلولا لذلك».

في 2012 قدر مدير خدمات تدقيق الضرائب اليونانية نيكوس ليكاس، إن المبلغ المفقود بسبب التهرب الضريبي يراوح ما بين 40 و45 مليار يورو (نحو 44 إلى 50 مليار دولار) سنوياً، أي ما يمثل 12 إلى 15 في المئة من إجمالي الناتج المحلي اليوناني.

وقال تيمبو: «لا شك في أن هناك مشكلة في الحوكمة حيث توجد حالات مؤكدة من المحسوبية والفساد» التي يجب أن تضع الحكومة اليونانية حدا لها.

- استقطاب الاستثمارات الخارجية:

ستعتمد استعادة النمو كذلك على استقطاب تدفق اكبر من الاستثمارات الخارجية إلى اليونان. ولتشجيع ذلك على اثينا تبسيط نظامها الإداري الخانق.

يقول خبراء أن وجود شفافية ومصداقية ومحاسبة اكبر في القوانين المتعلقة بالاستثمارات يتعدى مجرد استقطاب أعداد كبيرة من الاستثمارات «في قطاعات مستقبلية مثل الطاقة الخضراء» بحسب باسيت، الذي قال: «بدون الاستقرار لا يمكن استقطاب رأس المال».

- تنويع الاقتصاد:

بحسب غابريل كوليتيس، الأستاذ في جامعة تولوز والقريب من حزب سيريزا، فان المشكلة الرئيسية في اليونان هي الافتقار إلى التطوير الكافي للأنشطة الاقتصادية الأعلى قيمة - وهي إحدى تبعات عدم تنويع الاقتصاد بالشكل الكافي.

وتتمتع اليونان ببعض القطاعات الاقتصادية التنافسية مثل السياحة والزراعة وتشغيل الموانئ. إلا أن العديد من الشركات العاملة في هذه القطاعات أفلست خلال الركود القاسي الذي عانت منه اليونان. من ناحية أخرى، حاولت اثينا تعزيز وضعها معولة على قطاعاتها الأقوى وخاصة السياحة.

وقال باسيت انه لتحقيق الانتعاش الاقتصادي يتعين على اليونان تحديد وتطوير النشاطات في قطاعات رئيسية معينة.

وأضاف «يمتلك هذا البلد العديد من المقومات خاصة في قطاع الطاقة مع وجود موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وتستطيع اليونان تغطية نحو 70 في المئة من حاجاتها للطاقة من خلال مصادر الطاقة المتجددة».

- زيادة الصادرات:

سجل الميزان التجاري اليوناني العام الماضي عجزا بمقدار 20.5 مليار يورو. وكان السبب الرئيسي في ذلك واردات البلاد من الطاقة، إضافة إلى الصعوبة التي واجهتها الشركات اليونانية في الاحتفاظ بقوتها في الأسواق العالمية.

وقال أستاذ الاقتصاد الدولي في معهد الدراسات الدولية والتنموية العليا في جنيف تشارلز ويبلسز إن صادرات اليونان «قليلة وضعيفة».

وأشار إلى أن تحسين الترويج التجاري ومساعدة الشركات اليونانية على الدخول إلى الأسواق الأجنبية يمكن أن يصلح هذه المشكلة.

واضاف «في كل مكان في اوروبا تجد زيت الزيتون الايطالي والاسباني، ولا تجد اليوناني»، مضيفا ان الشركات اليونانية «تفتقر اليوم الى رأس المال وشبكات المبيعات».

- الحد من هجرة الأدمغة:

أدت الأزمة الاقتصادية في اليونان إلى ارتفاع معدلات البطالة إلى أكثر من الضعف لتصل إلى 26.9 في المئة، وتتجاوز هذه النسبة 50 في المئة بين من تقل أعمارهم عن 25 عاما وهي الفئة التي تميل إلى ممارسة حقها في الانتقال إلى دول أخرى في الاتحاد الأوروبي للعثور على عمل.

وقال تيمبو إن «البلاد غرقت في الفقر. وهذه مشكلة اجتماعية واقتصادية»، ويوصي باتخاذ إجراءات استباقية لزيادة الوظائف.

ورغم ان الهجرة إلى الدول الأوروبية الأخرى تساعد في تخفيف الضغوط الاجتماعية التي تتسبب بها البطالة على المدى القصير، إلا أنها تؤذي البلاد على المدى الطويل من خلال خسارة المهارات القيّمة.

ورأى باسيت ان «المتعلمين يلجأون إلى القطاع الخاص او يتركون البلاد (...) ويجب نقل هذه الثروة البشرية إلى القطاعات المنتجة».

العدد 4683 - الجمعة 03 يوليو 2015م الموافق 16 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً