العدد 4735 - الإثنين 24 أغسطس 2015م الموافق 10 ذي القعدة 1436هـ

التظاهرات ضد أزمة النفايات تعبّر عن امتعاض اللبنانيين إزاء السياسيين

شباب لبنانيون يتظاهرون في بيروت - AFP
شباب لبنانيون يتظاهرون في بيروت - AFP

تحولت الاحتجاجات الشعبية في لبنان على خلفية أزمة النفايات إلى متنفس للتعبير عن الغضب والامتعاض من الطبقة السياسية والفساد المستشري والمشاكل المزمنة التي تعاني منها البلاد منذ انتهاء الحرب الأهلية.

وأطلقت حملة «طلعت ريحتكم» المنظمة للتحرك والتي تضم ناشطين في المجتمع المدني نداءً جديداً للتظاهر السبت المقبل ضد «الطبقة السياسية الفاسدة» تزامناً مع دعوة رئيس الحكومة تمام سلام مجلس الوزراء إلى عقد «جلسة استثنائية» الثلثاء للبحث في «وضع النفايات الكارثي».

وقال مروان معلوف وهو أحد منظمي حملة «طلعت ريحتكم» في مؤتمر صحافي مساءً إن «معركة النفايات هي معركتنا الأساسية التي بدأنا نتحرك بها (...) وهناك معركة عامة نخوضها ضد الطبقة السياسية الفاسدة».

وتظاهر الآلاف من اللبنانيين من مختلف الأعمار والمناطق في نهاية الأسبوع في ساحة رياض الصلح في وسط بيروت القريبة من مقري البرلمان والسراي الحكومي (مقر رئاسة المجلس)، داعين إلى حل أزمة النفايات وصولاً إلى المطالبة باستقالة الحكومة في تحرك شعبي لافت تحت عنوان مطلبي غير حزبي.

لكن التحركات السبت والأحد انتهت بمواجهات بين عدد من المتظاهرين والقوى الأمنية تسببت بوقوع عشرات الجرحى من الجانبين بعد رشق شبان القوى الأمنية بالحجارة وعبوات المياه المملوءة بالرمل ما دفع الأخيرة إلى الرد بإطلاق خراطيم المياه وإلقاء الغاز المسيل للدموع.

لكن منظمي التحرك اتهموا «مثيرين للشغب» بالتسلل إلى صفوف المتظاهرين والعمل على استفزاز القوى الأمنية.

وقرر منظمو التحرك على خلفية هذه المواجهات تأجيل تظاهرة كانت مقررة مساء أمس (الاثنين) وحددوا السادسة من مساء السبت المقبل موعداً جديداً للتظاهر من دون تحديد مكان التجمع.

ودعا معلوف إلى التظاهر ضد نتائج فض العروض المالية لمناقصات النفايات التي أعلنها وزير البيئة محمد المشنوق الاثنين وفازت بموجبها ست شركات قريبة من القوى السياسية الرئيسية التي اتهمها بـ «سرقة المال العام».

وبدأت التحركات على خلفية أزمة النفايات قبل نحو شهر بعدما غرقت شوارع بيروت ومدن وبلدات محافظة جبل لبنان، وهي من المناطق السكنية الأكثر كثافة، في النفايات المنزلية، إثر إغلاق مواطنين في 17 يوليو/ تموز الماضي بالقوة المطمر الأكبر في البلاد الذي كانت تنقل إليه النفايات على مدى السنوات الماضية.

وتفاقمت المشكلة مع انتهاء عقد الشركة التي كانت تتولى عملية جمع النفايات من الشوارع من دون تجديده، وانقسام القوى السياسية حول الجهة التي ستستفيد من العقد الجديد.

ورأى محللون أن مطالب المعتصمين بعد شهر تخطت أزمة النفايات لتركز على الخلل العام في أداء الدولة.

وقالت الباحثة في مركز كارنيغي للشرق الأوسط مها يحيى لوكالة «فرانس برس»: «نزل الناس إلى الشوارع لأنهم يشعرون بأن أحداً لا يصغي إليهم».

وأضافت «تدهورت الخدمات الأساسية في البلاد، لدى الناس هموم عدة تتعلق بالكهرباء والماء والوظائف والتربية والصحة».

ويشهد لبنان عادة تظاهرات أو تحركات احتجاجية بناءً على دعوة من الأحزاب السياسية، لكن نادراً ما يتم التحرك ضد الطبقة السياسية وتحت عناوين مطلبية اجتماعية.

لكن هذه المرة أعرب الآلاف من المتظاهرين عن سخطهم أيضاً من تقنين التيار الكهربائي المستمر منذ عقود ونقص المياه والفساد المستشري في الإدارات والانقسام السياسي الذي يحول دون انتخاب رئيس للبلاد منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في 25 مايو/ أيار 2014.

ودعا المتظاهرون سلام إلى تقديم استقالته مع فشل حكومته في أداء واجباتها، ما أثار الخشية من الوقوع في فراغ سياسي كامل.

وحذر رئيس الحكومة اللبنانية في مؤتمر صحافي الأحد من أنه «لا لزوم لمجلس الوزراء» في حال لم يعقد جلسة مثمرة.

واعتبر سلام أن استمرار القوى السياسية في تعطيل عمل مجلس الوزراء سيوصل البلاد إلى «الانهيار»، مشيراً إلى أن تلويحه في وقت سابق بتقديم استقالته لايزال خياراً مطروحاً على الطاولة.

ويرأس سلام حكومة تضم ممثلين لغالبية القوى السياسية وتتولى بموجب الدستور صلاحيات رئيس الجمهورية في ظل فشل البرلمان في انتخاب رئيس للبلاد منذ أكثر من عام.

وقالت أستاذة العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف في بيروت فاديا كيوان لوكالة «فرانس برس»: «لست متمسكة أبداً بهذا النظام لكن ما البديل في حال إسقاطه؟ الفوضى».

ورأت أن على المتظاهرين التركيز على أزمة النفايات و»ممارسة الضغوط على الحكومة» لإيجاد الحلول المناسبة.

واعتبرت يحيى من جهتها أن من شأن إسقاط الحكومة أن «يفتح الباب أمام مزيد من الفوضى».

من جهته، أكد السفير الأميركي في بيروت ديفيد هيل دعم بلاده لجهود رئيس الوزراء لتتمكّن الحكومة من العمل على العديد من «القضايا الملحة». ودعا إلى «ضبط النفس»، مشيداً في الوقت ذاته بتعبير «المجتمع المدني اللبناني النابض بالحياة عن إحباطه إزاء الشلل السياسي» في لبنان.

العدد 4735 - الإثنين 24 أغسطس 2015م الموافق 10 ذي القعدة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً