العدد 474 - الثلثاء 23 ديسمبر 2003م الموافق 28 شوال 1424هـ

الحكومة سبب في ضياع أموال الهيئتين

لجنة التحقيق البرلمانية في إفلاس هيئتي التقاعد والتأمينات: (2)

عباس بوصفوان comments [at] alwasatnews.com

.

اعتبر رئيس لجنة التحقيق البرلمانية في إفلاس هيئتي صندوق التقاعد والتأمينات الاجتماعية النائب فريد غازي «التدخل الحكومي المباشر وغير المباشر سببا رئيسيا في تدهور أوضاع الهيئتين». بالإضافة إلى التقصير الإداري والاستثماري في الهئيتين.

وشدد على أن التدخل المباشر من قبل الحكومة في عدم استقلالية قرار الصندوق وجهازها التنفيذي يتضح جليا في «فرض الحكومة القسري لاستثمارات وقروض في مؤسسات ومشروعات تخص الحكومة، وشطبها بعد ذلك».

وحمَّل تقرير اللجنة وزير المالية والاقتصاد الوطني عبدالله حسن سيف بصفته رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لصندوق التقاعد، ووزير الشئون الاجتماعية السابق وزير الدولة حاليا عبدالنبي الشعلة بصفته رئيسا سابقا لمجلس التأمينات الاجتماعية «مسئولية التجاوزات المالية والإدارية»، في الهيئتين، التي كلفت خسائر بـ «ملايين الدنانير»، إضافة إلى تحمل وزير العمل والشئون الاجتماعية الحالي مجيد العلوي مسئولية «جزئية».

وتنشر «الوسط» اليوم الحلقة الثانية من تقرير اللجنة البرلمانية، وتركز فيه على ملاحظاتها (اللجنة) بشأن الهيئة العامة لصندوق التقاعد، وتستكمل غدا الحلقة الثالثة. وكانت نشرت أمس حلقة أولى خصصت للملاحظات بشأن الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية.

عوائد استثمار

لاحظت لجنة التحقيق، بحسب غازي، جوانب قصور عدة في عوائد استثمار الهيئة العامة لصندوق التقاعد، وانخفاضا واضحا في معدل العائد على صافي الاستثمارات من 7,23 في المئة العام 1993 إلى 3,7 في المئة العام 2002، مع ملاحظة أن هذا الانخفاض قد بدأ من العام 2001 وحتى 2002.

ومضى غازي موضحا ان قروض الموظفين التي يقدمها «الصندوق» بلغت 100 قرض من دون فوائد، بمبلغ وقدره 478 ألف دينار، بحسب الموازنة المنتهية في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2002. كما لوحظ أنه لا توجد موازنة محددة لقروض الموظفين التي بلغت العام 2002 نصف مليون دينار مع احتمال الزيادة في المستقبل.

واعتبر غازي ذلك مخالفة للقانون وإجراءات القروض الممنوحة من الصندوق للمشتركين الذين يتم احتساب فوائد على القروض الممنوحة لهم.

قروض المؤسسات

وأوضح غازي أن بند القروض الممنوحة للمؤسسات المالية بدأ في الظهور بموازنة الصندوق العامي 2001 و 2002 فقط. وأشار إلى أن إجمالي القروض الممنوحة من الهيئة للمؤسسات المالية في العام 2001 م بلغ نحو 22,62 مليون دينار بنسبة 2,63 في المئة من إجمالي موجودات الصندوق، وقد قدمت القروض إلى بنك البحرين والشرق الأوسط، وبنك الخليج الدولي.

وأشار إلى أنه في العام 2002، وبسبب تكوين الصندوق، اضمحل القرض الممنوح إلى بنك البحرين والشرق الأوسط، وانخفض الرصيد الممنوح لهذه القروض إلى مبلغ 18,6 مليون دينار، بما يعادل 1,92 في المئة من إجمالي موجودات الصندوق.

واعتبر أن تكوين مخصص الاضمحلال يعتبر «تجاوزا تترتب عليه آثار مالية، لأنه يعني بالضرورة خصم المبلغ من مستحقات المنتفعين».

وأشار إلى إن هذه القروض المساندة لمؤسسات مالية معسرة يعرض أموال الصندوق للمخاطر، وعدم تحصيل تلك القروض والفوائد يسبب خسارة مالية للصندوق.

خسائر المصارف

وفصّل غازي ذلك قائلا: إن الصندوق قدم قرضا إلى بنك البحرين والشرق الأوسط في يونيو/ حزيران 2001، بلغ حجمه 3,7 ملايين دينار، تحتسب عليه فوائد 5 في المئة سنويا إضافة إلى 3 في المئة كعائد، وقد حقق هذا البنك خسائر خلال العام 2000، وفي نهاية العام 2001 تم تكوين مخصص اضمحلال للقرض بنسبة 50 في المئة.

وبشأن القرض المقدم إلى بنك الخليج الدولي، قال غازي انه اضمحل، لكن صندوق التقاعد أودع لدى البنك ودائع بلغت في العام 2002 نحو 43 مليون دينار. «وهذا يعد مبلغا كبيرا ومخالفا لسياسة الحيطة والحذر التي تقتضي عدم وضع البيض في سلة واحدة، حفاظا على موجودات الصندوق».

وأضاف غازي أنه اتضح من «فحص موازنة الصندوق العام 2002 أن المدقق الخارجي للصندوق لم يفصح عن قرض الخليج الدولي، بل وضعه في الموازنة تحت مسمى قروض تمويل مؤسسات، ونحن نرى أن هذا تعتيم، فأصول المهنة تقتضي الإفصاح عن القروض ضمن بنود الموازنة». ويتضح من ذلك، كما يقول غازي، تحقيق خسائر استثمارية كبيرة، إذ خسر صندوق التقاعد في بنك البحرين والشرق الأوسط 80 في المئة من استثماراته، و46 في المئة من استثماراته في بنك البحرين الدولي، و54 في المئة من إجمالي استثمارات في البنوك ومن بينها المؤسسة العربية المصرفية.

مركز المعارض

وتحدث غازي عن القرض الذي منحه صندوق التقاعد إلى مركز البحرين الدولي للمعارض من دون فوائد، ومقداره 2,6 مليون دينار، وأشار إلى أن القرض «شطب بالكامل بقرار مجلس الإدارة في 13 مايو/ أيار 1998، وهو ما يشكل هدرا حقيقيا لموارد الصندوق وموجوداته».

كما قدم صندوق التقاعد قرضا إلى شركة الفنادق الوطنية قدره 2 مليون دينار العام 1979، وقد شطبت قيمة الفوائد المتراكمة كتسوية لسداد هذا الدين وخسر الصندوق الفوائد التي تقدر بنحو 2 مليون دينار.

وأضاف أنه على رغم سوء إدارة الاستثمارات فإن الهيئة استمرت في ضبابية القرار الاستثماري من دون سجلات واضحة، و«لم يسأل عنها مجلس الإدارة، ولم يراقبها جهاز الاستثمار ومن ذلك الأرض الواقعة بالقرب من جسر الشيخ عيسى بن سلمان الرابط بين جزيرة المحرق والمنامة».

يذكر أن الهيئة العامة لصندوق التقاعد لموظفي الحكومة تم إنشاؤها بموجب المرسوم بقانون رقم 13 لسنة 1975 لتنظيم معاشات ومكافآت التقاعد، ونصت المادة 48 من القانون المذكور على أن يكون للهيئة كمؤسسة عامة الشخصية الاعتبارية ولها موازنة مستقلة، تلحق بالموازنة العامة للدولة، وتخضع لإشراف وزير المالية.

وأوضح غازي أنه على رغم تبعية الصندوق لوزارة المالية فإنه «يفترض أن تعامل الهيئة كمؤسسة عامة ذات شخصية اعتبارية لها موازنة مستقلة، إلا أن تبعيتها الحكومية موغلة، ما أفقد الصندوق التوازن المالي والإداري».

وبين أن التدخل الحكومي في الهيئتين «جعل هناك تماثلا واضحا في المشروعات التي تدخل في الهيئتين، مثل مركز المعارض، وشركة الفنادق الوطنية، وأرض الهوليدي إن، وشركة تطوير المنطقة الجنوبية، وشركة البحرين للغولف».


غازي يدعو إلى جلسة علنية لمناقشة التقرير

نفى رئيس لجنة التحقيق البرلمانية في إفلاس هيئتي صندوق التقاعد والتأمينات الاجتماعية النائب فريد غازي أن يكون ما ورد في التقرير «مزايدات بل هي حقائق أكدها خبراء مستقلون»، معبرا عن الأمل في أن تكون جلسة النواب الاستثنائية التي من المقرر أن تعقد خلال الأسبوعين المقبلين علنية وليست سرية، انطلاقا من مبدأ الشفافية في عرض الحقائق على الرأي العام.

وأضاف أعتقد أن الرأي العام انتظر نتائج التحقيق البرلماني فترة طويلة منذ أن أعلن مدير عام الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية الشيخ عيسى بن إبراهيم آل خليفة في ابريل/ نيسان 2003 الإفلاس الاكتواري للهيئتين.

وشدد غازي على أن محتويات التقرير «من رأي ونتائج وتحليل للبيانات المالية والمؤشرات الاستثمارية دقيقة وموثقة، وكانت نتيجة سياسة العمل الحرفي المهني المستقل».

وأوضح أن التقرير أعد من تسعة من النواب هم أعضاء اللجنة، والفريق المساند من خبراء متخصصين، موضحا أن عدد الذين أعدوا التقرير بلغ قرابة الثلاثين شخصا.

وبشأن ما أشيع من أن الحكومة وجهت ضغوطا إلى لجنة التحقيق بعد نشر «الوسط» الحلقة الأولى منه، قال غازي: «لا يمكن للحكومة أن تمارس على نواب الشعب أية ضغوط»، وأشار إلى أن العاملين في الهيئتين كانوا في منتهى التعاون، وقدموا البيانات المطلوبة، وحضروا في جميع الاجتماعات.

واستدرك قائلا: «لوحظ في الفترة الأخيرة توجيه عتب شديد (من قبل بعض الجهات الحكومية) على نتائج التحقيق». وأردف «نقول لهم إن لجنة التحقيق البرلمانية توصلت إلى هذه النتائج التي تضعها بين يدي مجلس النواب، مستمدة سلطتها من إرادة الشعب وتوجهات جلالة الملك الإصلاحية».

وأضاف «أعتقد جازما ان أحد مهمات هذه المرحلة هو الضرب بيد من حديد على بواطن الفساد الإداري والمالي، وخصوصا نحن نتحدث عن شقاء العاملين في القطاعين الخاص والعام»، مشددا على أن أموال الهيئتين «حقوق لأرامل وأيتام تركها من هم في اللحود ومن بلغ منهم السن عتيا».

وعبر غازي عن الأسف من أن المعارضة المقاطعة «لم تتعاون البتة في شأن مهم كهذا الذي نطلع به، ويمس كل قطاعات المجتمع البحريني بجميع فئاته»، وتمنى أن توحد الجهود «لتعزيز كل من شأنه محاربة الفساد المالي والإداري في الدولة»

العدد 474 - الثلثاء 23 ديسمبر 2003م الموافق 28 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً