العدد 4740 - السبت 29 أغسطس 2015م الموافق 15 ذي القعدة 1436هـ

معرض ملكة روايات الجريمة أجاثا كريستي يعكس جانباً من حياتها وأعمالها

يحوي بعض مقتنياتها... وينطلق في 11 سبتمبر حتى 18 أكتوبر...

أجاثا كريستي (وسط) قال عنها حفيدها كانت مليئة بالطاقة
أجاثا كريستي (وسط) قال عنها حفيدها كانت مليئة بالطاقة

أن تكتب قصة أو رواية في الجريمة، يتطلَّب ذلك قدرات عالية من جهة معرفة النفس البشرية: خريطتها، كيف تفكِّر؟ ما هي الطرق والأساليب التي يمكن لعقل بشري نابه وفريد أن يحيط بها، ويلم بتفاصيل ودقائق لا تخطر على الذهن البشري؟ ولكن أن تبرع في كتابة عمل إبداعي بتلك المواصفات، يحتاج قدرات وطاقات ومواهب واشتغال يفوق ذلك بكثير. إلى أين يذهب تفكيرنا ساعة التطرق إلى رواية الجريمة؟ إلى رائدتها الأولى من دون منازع في التاريخ الأدبي كله: أجاثا كريستي، التي أنجزت ما يربو على 80 رواية، ومئات القصص؛ علاوة على الروايات الرومانسية التي وقَّعتْها باسم ماري ويستماكوت، إضافة إلى عدد من المسرحيات التي حقق بعضها أطول فترة عرض حتى وقتنا الراهن.

في الذكرى المئة والخامسة والعشرين لمولدها، يتم الاحتفال في بلدة توركى، جنوبي لندن، من خلال مهرجان أجاثا كريستي الدولي 2015، الذي يتضمن برنامجاً على مدى تسعة أيام، من الأحداث الجديدة والفريدة من نوعها، بعضها ابتدأ في «بانك سايد» في العاصمة البريطانية (لندن)، في الفترة ما بين 26 أغسطس/ آب، ويستمر حتى 6 سبتمبر/ أيلول 2015، وآخر في «توركى»؛ حيث ولدت، في الفترة ما بين 11 سبتمبر و 18 أكتوبر/ تشرين الأول المقبلين.

مارك براون، من صحيفة «الغارديان»، كتب تقريراً يوم الأربعاء (26 أغسطس 2015 )، عن المناسبة، وعمدت «الوسط» إلى تضمين هذا التقرير الذي تنشره، عدداً من التقارير من الصحيفة نفسها، واستخلصت منه ما يفي بتغطية الحدث والشخصية المُحتفى بها.

رياضة الأمواج والتزلُّج

من بين الصور التي سيحويها معرض ملكة روايات الجريمة أجاثا كريستي الذي سيقام في الفترة ما بين 11 سبتمبر و 18 أكتوبر المقبلين في بلدة توركى بمدينة ديفون بجنوب إنجلترا (تبعد عن العاصمة لندن 308 كيلومترات)؛ حيث ولدت كريستي، وصورة لها وهي تمارس رياضة ركوب الأمواج في شاطئ موزينبرغ بجنوب إفريقيا، وصورة أخرى ترتدي فيها ثوب السباحة بلون الزمرد في هونولو، وثالثة تبدو فيها بتنورة تتزحلق على الجليد في بلدة توركى.

صور تقدم جانباً آخر لأجاثا كريستي، وهي بعيدة عن الصورة التي عرفها الناس عنها باعتبارها كاتبة رويات الجريمة بامتياز. في كثير من تلك الصور غالباً ما تبدو امرأة مسنَّة وهي تمارس كتابة أعمالها على الآلة الكاتبة.

وبحسب حفيدها، ماثيو بريتشارد «نأمل أن يحصل الناس على رؤية كاملة عن شخصيتها». وقال: «أحبَّت لعبة التنس، وركوب الأمواج، كما أحبَّت التزلج ... كانت مليئة بالطاقة».

وتعمل أسرة كريستي على فرز صورها من خلال الأرشيف لاختيار الصور التي تظهر الجانب المألوف وغير المألوف عن امرأة تُعدُّ المؤلفة الوحيدة التي انتشرت كتبها على نطاق واسع، وفي كل العصور، وكانت الأكثر مبيعاً؛ باستثناء الكتاب المقدَّس ومؤلفات شكسبير.

يتولى حفيدها بريتشارد رعاية ممتلكات كريستي، ويبدو واضحاً أنه يستمتع بالمساعدة في تنظيم المعرض. كما أن لديه عديداً من ذكريات جدته وزوجها الثاني، عالم الآثار ماكس مالوان. وبحسب بريتشارد «كانت أفضل من يصغي ممن قابلتهم في حياتي». مضيفاً «جزء من شخصيتها كان السبب في كونها مؤلفة ناجحة، كانت تصغي فعلاً إلى ما كان يقوله الناس... لم يكن من الصعب بالنسبة لها أن تفكر في الحبكات الروائية».

موقع نمرود و«داعش»

خلال مهنته المتميزة، كان مالوان المسئول عن الحفريات في نمرود، الموقع الآشوري القديم الذي تم تدميره على يد مسلحي «الدولة الإسلامية» (داعش) في وقت سابق من العام الجاري (2015).

ويستعيد بريتشارد معرفته عن مالوان بالقول: «كان عالم آثار بشكل طائش، ولم يكن سعيداً حقاً في عمله؛ إلا إذا كان يتعامل مع لِقى وقطع لها من العمر 2000 عام على الأقل. كانوا مولعين جداً به. وقد استحق بالتأكيد مكانه في هذا المعرض».

توفيت كريستي في العام 1976 بعد حياة مهنية ناجحة، أنجزت خلالها أكثر من 80 رواية في مجال الجريمة ومجموعات قصصية، وكانت شخصية هركيول بوارو والآنسة ماربل من أشهر إبداعاتها. كما كتبت 19 مسرحية وست روايات تحت اسم ماري ويستماكوت.

في وسط المعرض، صورة لكريستي تعود إلى العام 1969، والتي لم تغادر عادة منزل بريتشارد، رُسِمت من قبل الفنان التعبيري النمساوي أوسكار كوكوشكا، احتفالاً بعيد ميلادها الثمانين.

ولدى بريتشارد ذكريات عن كوكوشكا، والذي يمكن أن يكون - وقتها - في الثمانين من عمره، وهو يفتح زجاجة من المشروبات الروحية في كل مرة يجلس فيها مع كريستي. «جدتي لا تتعاطى المسكرات، وذلك ما أزعجه حقاً، لكنه بدا كحجر بارد ورصين، ولا أعرف إذا ما أنهى الزجاجة لكنه بالتأكيد بدأ بها. بعد الجلسة الأخيرة معها ذهبنا لتناول طعام الغداء في النادي الذي أرتاده (Boodles)... وهناك تناول نوعين من الشراب أيضاً».

كريستي... صورة لم تنتهِ

سيجد زوار المهرجان الدولي في دير توري ما أطلق عليه «المحور»؛ حيث ستتوافر تذاكر الدخول للوصول إلى المنزل والحدائق وخيمة الكتاب؛ فضلا عن برنامج مجاني من الأنشطة اليومية ومعرض خاص جداً سيحمل عنوان «أجاثا كريستي: صورة لم تنتهِ».

وفي الاحتفال بالذكرى، سيتم تقديم صورة بدون تشطيب (غير منتهية)، في معرض سيسلط الضوء على صور نادرة من الأرشيف الشخصي للعائلة. صور آسرة، تعرض جنباً إلى جنب مع الطبعات الأولى من أعمالها التي تحوي الأسرار الأكثر شهرة، وجانب منها يبرز روح الفكاهة والذكاء؛ علاوة على تاريخ من السفر والمغامرة، كما تشمل لحظات العطاء مع الأسرة والأصدقاء.

الكاتبة الفرنسية آن مارتنيتي، ستعيد تقديم وصفات من كتب كريستي، مستوحاة من أعمالها في إخفاء السم كمكون إضافي. مثل أي محب لشخصية الآنسة ماربل أو بوارو الشهيرين، لا يملك إلا أن يظهر لاحتساء فنجان قهوة الصباح، أو على مأدبة غداء خفيفة، أو حفلة شاي بعد الظهر لأحد الضيوف ليسقط على الطاولة وهو يمسك بحلْقه، وقد تحول إلى اللون الأزرق.، (ضمن أجواء تفاعلية سيخلو الطعام والشراب من أي من تلك السموم التي تضمَّنت أعمالها). لا يبرز الطعام بشكل كبير كأداة مميتة دائماً، في كتب كريستي وحياتها الحقيقية.

ستتحدث مارتنيتي وتطبخ في البيت المُحبَّب لكريستي الذي تقضي فيه عطلتها (غرين وراى) المنزل الذي وصفته بـ «أجمل مكان في العالم»، والذي هو الآن تحت رعاية الصندوق الوطني.

المنزل الجورجي

وتظهر صورة فوتوغرافية من أرشيف كريستي وهي تعمل في المطبخ القاتم؛ بدلاً من المنزل الجورجي الجميل على نهر دارت (نهر في ديفون، ويطلق مياهه في بحر دارتموث، وهو ضمن وادٍ ومنطقة محيطة به تعد مكاناً للجمال الطبيعي الأخَّاذ)؛ حيث حفيدها ماثيو لا يزال يتذكر الوجبات اللذيذة التي تطبخها غراني.

إلى ذلك تعود مارتنيتي إلى الحديث بالقول: «أنا معجبة ومتحمسة جداً لطهي الطعام في المكان نفسه الذي كانت فيه أجاثا كريستي، وخصوصاً عندما أرى صورتها بالمئزر في المطبخ». وأضافت «ستكون تجربة رائعة بالنسبة لي، وآمل أن روح (أو ربما شبح) أجاثا ستشم/ يشم النفح من الوصفات والتمتع بها. أعتقد أنني سأتقاسم الكعكة التي تُدْعى (الموت اللذيذ) التي أعدَّت في رواية (إعلان عن جريمة). إنها كعكة شوكولاته رائعة. ربما أقوم أيضاً بإعداد زبدة السمك، التي كانت سلاحاً في رواية (السرو الحزين)».

من جانبها، قالت بليندا سميث من الصندوق الوطني، إن المعرض الدولي سيكون حدثاً فريداً من نوعه، ونحن نعلم أن أجاثا وعائلتها استمتعوا بالوقت الذي تم قضاؤه في منزل عطلتهم، متناولين الوجبات معاً على الطاولة التي سيستخدمها ضيوفها على الغداء أيضاً»

كان السم السلاح المفضل في كتب كريستي، وعلى رغم ذلك قالت مارتنيتي: «لو كنت سأقتل شخصاً أعتقد أنني سأستخدم سلاحاً عنيفاً كما هو الحال في مسرحيات شكسبير». كريستي ألمّتْ بالموضوع جيداً، فقد عملت في صرف الأدوية كمتطوعة في الحربين العالميتين. سيكون السم ميزة في العديد من الفعاليات الأخرى التي يتضمنها المهرجان، بما في ذلك الجولات المصحوبة بمرشدين للنباتات السامة في حديقة دير توري إلى جانب محاضرة كاثرين هاركاب، مؤلفة الكتاب المقبل «A» والحرف يرمز إلى الزرنيخ (Arsenic) وهو مجموعة كتب في كتاب، يتضمن تحليل السموم من الزرنيخ إلى وغيره، في أعمال كريستي.

إخفاء طعم مرارة السم

إلى ذلك تكمل مديرة المهرجان آنا فارثنغ قائلة، إن قلقاً انتاب المنظمين من أن الناس قد يعتقدون بأن المهرجان يقدم طريقة بكيفية استخدام السموم «(...) مع تقنيات الطب الشرعي الحديثة، والتي كما تعرف بالتأكيد سيتم من خلالها القبض عليك، وستتم إدانتك لتقضي بقية حياتك في السجن».

ومع ذلك، تتفق مارتنيتي وهاركوب على أن الشيكولاتة الداكنة ذات النوعية الجيدة مثالية لإخفاء طعم مرارة السم. «الموت اللذيذ» جعل الكعكة تظهر في رواية «إعلان عن جريمة»، والذي يوصف بأنه كتاب كريستي الخمسون في ترتيب إصداراتها، ونشر في العام 1950، وتم الاحتفاء به في صحيفة «الغارديان»، التي قالت عنه بأنه يشخِّص القتل متجوِّلاً على الأرض في لعبة أجريت في صالون ببراعة». وعلى حد وصف تم صوغه من قبل مارتنيتي، المكونات الباذخة - بما في ذلك 250 غراماً من الشوكولاته الداكنة، 12 بيضة، وغيرها من المكونات ستكون بعد سنوات من تقنين ما بعد الحرب، والتي فاجأت القراء في خمسينيات القرن الماضي بالقدر الذي فوجئوا بالمكوِّن النهائي: «الإستركنين». (الإستركنين مادة شديدة السمية عديمة اللون، تستخدم كمبيد للآفات، وخاصة لقتل الفقاريات الصغيرة مثل القوارض والطيور، عند استنشاقها، أو بلعها أو مصِّها تترك أثرها سواء عن طريق العينين أو الفم، وينتج عن التسمُّم تشنجات في العضلات، تؤدي إلى الموت اختناقاً في نهاية المطاف).

وبحسب تصريح ديفيد براون، من دار نشر كتب كريستي (هاربر كولينز)، فإن الرقم الذي كثيراً ما يُستشهد به، ذلك المتعلق بعدد نسخ إصداراتها، والذي نعتقد أنه صحيح، هو مليارا نسخة، منها مليار نسخة بالإنجليزية، ومليار نسخة أخرى بلغات عالمية، ولا تزال رواياتها وأعمالها تبيع بمعدل 4 ملايين إلى 5 ملايين نسخة سنوياً. وبالنسبة إلى الرقم (2,000,000,000 نسخة) فقد تم تحديده ووصلنا من خلال منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) قبل نحو 10 سنوات، وبذلك يكون الرقم قد ارتفع منذ ذلك الحين؛ لكن واقعاً، بعد أول مليار نسخة أو نحو ذلك، من الذي سيقوم بالعدِّ»؟

ضوء على السيرة

أجاثا كريستي كاتبة إنجليزية تُعرف أيضاً بالسيدة مالوان. ولدت في 15 سبتمبر 1890، وتوفيت في 12 يناير/ كانون الثاني 1976. بالإضافة إلى شهرتها في روايات الجريمة، كتبت روايات رومانسية باسم مستعار هو ماري ويستماكوت. تعد أعظم مؤلفة روايات جرائم في التاريخ، وترجمت أعمالها إلى أكثر من 103 لغات.

بعض أعمالها

من بين رواياتها وقصصها «قضية ستايلز الغامضة»، «العدو الغامض»، «جريمة في ملعب الغولف»، «ذو البدلة البنية»، «أسرار المداخن»، «مقتل روجر أكرويد»، «الأربعة الكبار»، «لغز القطار الأزرق»، «لغز المنبهات السبعة»، «السيد كوين الغامض»، «جريمة في القرية... الآنسة ماربل»، «جريمة في قطار الشرق السريع»، «صورة غير مكتملة» (باسم ماري ويستماكوت)، «موت وسط الغيوم»، «جريمة في بلاد الرافدين»، « السرو الحزين»، «مغامرة كعكة العيد وقصص أخرى» «الخطيئة المزدوجة وقصص أخرى»، وغيرها من عشرات الروايات والقصص والمسرحيات؛ علاوة على الأعمال التي صدرت باسمها المستعار: ماري ويستماكوت.

... وهي في مكتبها تكتب إحدى رواياتها بالآلة الطابعة
... وهي في مكتبها تكتب إحدى رواياتها بالآلة الطابعة
ملصق المهرجان
ملصق المهرجان

العدد 4740 - السبت 29 أغسطس 2015م الموافق 15 ذي القعدة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً