العدد 4746 - الجمعة 04 سبتمبر 2015م الموافق 20 ذي القعدة 1436هـ

صنقور: مَنْ هم في موقعِ القرارِ معنيُّونَ ببذلِ كل جهد يسهم في خلق المناخات الصالحة للتعليم

الشيخ محمد صنقور
الشيخ محمد صنقور

شدد الشيخ محمد صنقور في خطبته أمس الجمعة (4 سبتمبر/ أيلول 2015) بجامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، على أن «مَنْ هم في موقعِ القرارِ معنيُّونَ ببذلِ كل جهد يسهم في خلق المناخات الصالحة للتعليم».

وفي خطبته، قال صنقور: «إن الرواياتُ الواردةُ عن الرسولِ (ص) وأهلِ بيتِه عليهم السلام في الحثِّ على طلبِ العلم وبيانِ فضلِه والآثارِ التي يحظى بها مجتمعٌ أو فردٌ سعى في تحصيلِ العلمِ، الرواياتُ في ذلك تفوقُ حدَّ الإحصاءِ إلا بمشقَّة، وذلك ما يُعبِّر عن شديدِ عنايةِ الإسلامِ بتحصيلِ العلوم، حيثُ إنَّه يقعُ في سياقِ الغايةِ من خلْقِ الإنسانِ والتي هي الكمالُ، فلا يُتاح الوصولُ إلى هذه الغايةِ دون التوسُّلِ بتحصيلِ العلمِ والمعرفة».

وأضاف «ونحنُ على أبوابِ عامٍ دراسيٍّ جديدٍ يجدرُ بنا جميعاً أنْ نقفَ مليَّاً كلٌّ من موقعِه للبحث عمَّا يدفعُ باتَّجاهِ الارتقاءِ بالتعليمِ حيثُ المستوى اللائقِ بإمةٍ كان شعارُ انطلاقتِها اقرأ باسمِ ربِّك الذي خلَق، وكانت وصايا روَّادِها هي التأكيدُ على أنَّ العلم هو رأسُ الفضائل وغايتُها وجماعُ الخيرِ كلِّه، وهو الشرفُ كلُّ الشرف كما أفاد أميرُالمؤمنين عليه السلام، ولذلك فالارتقاءُ بالتعليمِ مسئوليةٌ ينوءُ بأعبائِها كلُّ أبناءِ الوطنِ بمختلفِ مواقعِهم، فمَنْ هم في موقعِ القرارِ والمسئوليةِ معنيُّونَ ببذلِ كلِّ جهدٍ يُسهمُ في خلْقِ الأجواءِ والمناخاتِ الصالحةِ للتعليم، وهم مسئولونَ عن مواكبةِ الأممِ المتقدِّمةِ في توفيرِ وسائلِ التعليمِ الحديثةِ، وكذلك فإنَّهم مسئولونَ عن المراجعةِ الدائمةِ وإعادةِ النظرِ في مناهجِ ومقرَّراتِ التعليمِ في مختلفِ حقولِ المعرفةِ لاعتمادِ ما هو أكثرُ صلاحاً وتداركِ ما وقعَ القصورُ من جهتِه، وذلك يتمُّ بتكليفِ ذووي الكفاءةِ ممَّن يُقدِّسونَ العلمَ والمعرفةَ ولا يشغلُ اهتمامَهم سوى الارتقاءِ بالتعليمِ وطلابِه من كلِّ أبناءِ الوطن».

وتابع صنقور «وكذلك يتعيَّنُ على مَن هم في موقعِ القرارِ والمسئوليةِ العنايةُ الفائقةُ بالمدرِّسينَ والمدرساتِ والمشتغلين بالشئونِ الإداريةِ المباشرةِ في الدوائرِ التعليميَّة، فبهؤلاء يتهيأُ النجاح لمجملِ الحَراكِ التعليميِّ والتربويِّ أو يكون حظُّه الفشلَ، فالرعايةُ لمشاعرِهم، والتقديرُ لجهودِهم وبالغِ تأثيرِهم، وتحفيزُهم بمختلفِ المحفِّزاتِ دون تمييز، والعملُ الدائمُ والدؤوبُ على التطويرِ من كفاءاتِهم كلُّ ذلك يُساهمُ في الارتقاءِ بالتعليم، وكذلك فإنَّ العنايةَ بالطلبةِ والرعايةُ لأحوالِهم المعيشيَّة والتفهمُ لظروفِهم الصحيَّة وتفاوتِهم في استعدادتِهم الذهنيَّة والنفسيَّة، والدراسةُ لمناشئ الإخفاقِ والنجاحِ في كلِّ مدرسةٍ أو مرحلةٍ دراسية كلُّ ذلك وما يُشبهُه يُسهمُ في الارتقاءِ بالتعليم».

وقال صنقور: «ثمة أمرٌ يُضاهي كلَّ ما ذكرناه أو يفوقُه في الأهميَّة وهو التحييدُ للمؤسسةِ التعليمية برُمتِها والنأيُ بها عن المناكفاتِ السياسيَّةِ والمشاحناتِ الطائفيَّةِ، وفرضُ ذلك في كلِّ قرارٍ أو إجراءٍ أو سلوكٍ أو خطابٍ عامٍّ أو في أروقةِ الفصولِ الدراسية، إنَّ المؤسسةَ التعليميَّةَ هي بوابةُ الرُقيِّ للوطن، والدولُ التي تقدَّمتْ انطلقتْ من دوائرِ التعليمِ ومؤسساتِه، فأيُّ قرارٍ أو إجراءٍ ينشأُ عن خلفيَّةٍ سياسيةٍ أو طائفيَّةٍ يكونُ جنايةً بحقِّ التعليمِ وهو في المآلِ جنايةٌ في حقِّ الوطنِ ومستقبلِ أبنائِه، وثمة شريحةٌ مِن المجتمعِ لا تقصُرُ مسئوليتُهم في الارتقاءِ بالتعليمِ عن مسئوليَّةِ مَن هم في موقعِ القرار، وهؤلاءِ هم أُسرُ الطلبةِ والطالباتِ وأولياءُ أمورِهم، فهم معنيُّونَ بشديدِ الحُرصِ والعنايةِ والرعايةِ لأبنائِهم، وذلك بحثِّهم وتشجيعِهم وتوفيرِ ما يلزمُهم وخَلْقِ بيئةٍ صالحةٍ في المنزلِ للمذاكرةِ ومساعدتِهم في تحصيلِهم العلمي والمتابعةِ لأحوالِهم النفسيَّة وتذليلِ العقباتِ التي قد تُصادفُهم في مراكزِ التعليم والتواصلِ مع المعنيينَ بتعليمِهم للوقوفِ على أحوالِهم ومستوى تحصيلِهم، كلُّ ذلك يحظى بأهميةٍ قُصوى».

وأشار صنقور إلى أن «ثمة أمرٌ يجدرُ بالآباءِ أنْ يُولوه عنايةً خاصَّة، وهذا الأمرُ هو المتابعةُ المتأنيةُ والحكيمةُ لعلاقاتِ الأبناءِ وصداقاتِهم، فهي السببُ الرئيسُ الذي ينشأُ عنه ما نشاهدُه من تأخُّرِ الأبناءِ أو تقدُّمِهم في التحصيلِ العلمي، وهي السببُ الرئيسُ الذي ينشأُ عنه ما نشاهدُه من تغيُّرٍ في سلوكِ الأبناءِ وأخلاقِهم وأحوالِهم النفسيَّة، إنَّ الغفلةَ عن ذلك قد يقودُ ابنَك إلى الهاويةِ أو الفشلِ الذريعِ الذي يعسرُ معه التدَارُك، وهنا لا بدَّ من التنبيهِ استطراداً على أمرٍ وهو إنَّ العديدَ من الأولادِ وصغارِ الشباب الذينَ خرجوا من السجنِ فلم نعبأُ بما تلقَّوه من ثقافاتٍ في داخلِه ولم نرعَ أهميةً للتأثيراتِ النفسيةِ التي نشأتْ عمَّا كانوا قد عاينوه أو كابدوه لذلك لم نحرصْ على إعادةِ تأهيلِهم، وغفلنا كذلك عن علاقاتِهم التي تكوَّنت في داخلِ السجن وامتدَّتْ إلى خارجه فساقت بعضَهم إلى الملاهي الليليةِ ودفعت بآخرينَ إلى تعاطي المخدرِّات واجتراحِ الفواحش، ووقع بعضُ هؤلاءِ ضحيةً للابتزاز».

وذكر أن «المسئوليَّةَ الدينيَّةَ والأخلاقيةَ تفرضُ على الآباءِ والأُسر اليقظةَ والحذرَ الشديدين والمتابعةَ الدقيقةَ والمتأنيةَ لعلاقاتِ أبنائِهم وبناتِهم والحرصَ على المعرفةِ التفصيليةِ لأحوالِهم وسلوكِهم في داخلِ البيت وخارجِه وفي المدرسةِ والجامعةِ دون أنْ يترتَّبَ عن ذلك التأثيرُ على ثقتِهم بأنفسِهم والاحترامِ لإرادتهم وبعضِ خصوصياتِهم الواقعةِ في سياقِ البناءِ لشخصياتِهم».

وتابع «الشريحةُ الثالثةُ التي تقعُ على عهدتِها مسئوليةُ الارتقاءِ بمستوى التعليم هم المدرِّسون والمدرساتُ، وهذه المسئوليةُ الدينية أولاً والأخلاقيةُ ثانياً تُحتِّمُ عليهم الدأبَ على التطويرِ من كفاءتِهم العلميةِ المتصلةِ بتخصصاتِهم، والتطويرِ من كفاءاتِهم التربوية وذلك بالإكثارِ من البحثِ والقراءةِ والمتابعةِ لما يستجدُّ من وسائلِ وطرقِ التعليمِ والتربيةِ، وليس لهم تبريرُ الإغفالِ لذلك بدعوى أنَّ التطوير من كفاءة المدرِّسين هي من مسئوليةِ الوزارة، فإنَّ ذلك وإنْ كان صحيحاً إلا أنَّه لا يُعفِي المدرِّسين والمدرسات من مسئوليةِ التطويرِ الذاتي لكفاءاتِهم. وكذلك فإن قلَّة المحفِّزات أو انعدامها وتكليفَ المشتغلينَ بالتدريسِ بأكثرَ مما يُطيقون كتكليفِ كلِّ واحدٍ منهم بالتدريسِ لفصولٍ ثلاثةٍ أو أربعةٍ أو خمسة، وكلُّ فصل منها يتجاوزُ عددُ طلابِه الثلاثين يكونُ المدرسُ مسئولاً عن الرعايةِ والاهتمامِ بكل واحد منهم، وعلى الناس أن يقتنعوا بسلامة البيئةِ والحاضنةِ التعليمة لأبنائِهم وأنَّه لا حاجة للمزيدِ من المدارسِ والفصولِ التعليمية، وليس من حاجةٍ للمزيدِ من المدرسين والمدرسات فعلى من تم توظيفُهم في السنينِ الغابرةِ أن يتبوأَ كلُّ واحدٍ منهم موقعَ الاثنينِ والثلاثة».

ولفت إلى أن «هذا الوضع الذي يبعثُ بطبعِه على الإحباطِ والتململِ لدى المدرسين لا ينبغي أن ينعكسَ على نشاطِهم وحسنِ أدائهم أو يصرفَهم عمَّا ينبغي أنْ يكونوا عليه من حرصٍ وإخلاصٍ لأبنائِهم الطلبة، وليتذكروا دائماً أنَّ أبناءَهم الطلبةَ وديعةُ اللهِ التي أودعَها في عهدتِهم، لذلك فهم مدعوُّن لمضاعفةِ جهودِهم وبذلِ أقصى ما في وسعِهم وتحرِّي مختلفِ السُبلِ المفضيةِ للرقيِّ بأبنائِهم الطلبةِ والتنميةِ لمداركِهم والصقلِ لمواهبِهم والدفعِ بهم حيثُ القدرة على تحمُّلِ الأعباءِ التي تنتظرهم، ذلك هو ما يقتضيه الإخلاصُ لدينِهم ووطنِهم، وذلك هو ما يتأملُه فيهم آباءُ الطلبة وأمهاتُهم مقدِّرين لهم عناءَهم، شاكرين لجميل إحسانِهم ورعايتِهم لأبنائِهم».

وأوضح صنقور أن «الطلبةُ الأعزاءُ هم المدار، وإليهم تطمحُ الأبصار، وهم عزُّ الوطنِ وعمادُه وهويتُه، فهم المعنيُّون بمجملِ هذا الحراك التعليمي، فأنْ يخفِقوا فقد خذلوا آباءَهم وخذلوا إمهاتِهم، وفرَّطوا بحقِّ وطنِهم، ولم يرعوا ماندبَ إليه دينُهم، ليس لهم أنْ يعتذروا بالفقر ولا بقسوةِ الظروف ولا بترادفِ مقتضياتِ الإحباط، فإنَّ ذووي الهِممِ العالية شأنُهم المكابرةُ للتحدِّيات ومجالدة الصعاب».

وتابع «أختمُ الحديثَ بدعوةٍ إنسانيَّةٍ تُخاطبُ مشاعرَ كلِّ قادرٍ على الاستجابةِ لها هي أنْ لا يُحرَمَ طالبٌ يوماً واحداً من حقِّه في التعليم، فطلبةُ المدارسِ والجامعاتِ المُودعونَ السجنَ محلُّهم المقاعدُ الدراسيَّة، فليتمحَّضِ النظرُ في هذا الشأنِ من الزاوية الإنسانيَّة، فتكون خطوةً على طريق الانفراجِ الذي يطمحُ فيه كلُّ أبناء الوطن».

العدد 4746 - الجمعة 04 سبتمبر 2015م الموافق 20 ذي القعدة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 3:36 ص

      صحيح

      لايوجد حرص فى المدارس الحكومية على مصلحة الطلبة في البحرين وفقط الضغط على المعلمين

    • زائر 1 | 11:57 م

      قرارات فاشلة تحرم ابناؤنا من التعليم المتميز

      شيخنا الكريم انت تحدثت عن الوزارة تضغط على المعلمين بحشر 30 طالب او اكثر في الصف الواحد وهذا ما يصعب عملية اهتمام المعلم بكل طالب وهذا صحيح لكن هناك مشكلة تتمثل في بعض الادارات المدرسية كمدرسة الخميس الابتدائية مثلا فيها صفوف مغلقة وبعض الصفوف نرى فيها 30 طالبا وهذا يحدث الكثير من المشاكل لابنائنا الذين يتكلمون عن الفوضى التي تحصل في الصفوف هناك دون رادع و السؤال ما يضر الادارة لو قامت بتوزيع الطلبة ع الصفوف المغلقة لتكون عملية التعليم اكثر انتاجا اين وزارة التربية التي تدعي الحرص ع مصلحة الطلبة

اقرأ ايضاً