العدد 4753 - الجمعة 11 سبتمبر 2015م الموافق 27 ذي القعدة 1436هـ

صنقور: الواجب الأخلاقي والأدبي يُحتِّم على «التربية» الدفع للإفراج عن أبنائها الطلبة

الشيخ محمد صنقور
الشيخ محمد صنقور

قال الشيخ محمد صنقور، في خطبته بجامع الإمام الصادق (ع) في الدراز أمس الجمعة (11 سبتمبر/ أيلول 2015) إن العلاج للأزمة الإنسانية للطلاب الموقوفين لا يتمُّ إلا بعودتهم إلى مقاعدِهم الدراسية، منبهاً إلى أن الواجب الأخلاقيّ والأدبي يُحتِّم على وزارةِ التربيةِ أنْ تدفعَ باتّجاهِ الإفراجِ عن أبنائِها الطلبةِ؛ ليلتحقوا بمدارسِهم وجامعاتِهم، وأنْ تستفرغَ ما في وسعِها لتحقيقِ ذلك.

وفي خطبته، قال صنقور: «الحديثُ مجدَّداً عن قضيةِ الطلبةِ الموقوفين والتي ينبغي النظرُ إليها من زاويةٍ انسانيةٍ صِرفة نظراً إلى مسيسِ اتَّصالِها بهذه الحيثيَّة. فهي قضيةٌ انسانيَّةٌ بامتياز، تجرحُ المشاعرَ وتُدمي القلوب النابضة بالحياة، وتسترعي أقصى درجاتِ العنايةِ من ذوي التأثيرِ وخصوصاً بعد تفاقُمِها، فقد بلغَ عددُ الموقوفين من الطلبةِ حدَّاً لم يكنْ مسبوقاً، وفيهمُ الكثيرُ ممَّن لم يبلغوا سنَّ الاستقلالِ عن امهاتِهم، وإنْ تظاهرَ بعضُهم بذلك، فإنَّما بهنَّ تستقيمُ نفوسُهم وتنتظمُ أحوالُهم، وهنَّ مَن يرعى شئونَهم فيما يأكلونَ ويلبسونَ، وحتى حين ينامون ومتى يستيقظون، وتظلُّ إحداهنَّ ترقبُ عودةَ ولدِها لو خرجَ، فلا يقرُّ لها قرارٌ حتى يعود، وتبيتُ لا يغمُضُ لها جَفنٌ حين يشكو ولدُها ألماً أو تنتابُه حمَّى، وإذا اتَّفقَ له أنْ تنازعَ مع أحدِ زملائِه في المدرسةِ أو الجامعة أو اعترضه عارض، فإنَّ شكواه تكونُ لأمِّه، فبحنوِّها عليه يسكنُ قلبُه، ويهدأُ روعُه وبحديثِها له يستعيدُ استقرارَه، فعلاقةُ هؤلاءِ بأمهاتِهم شديدةُ الصِلة، لذلك فإنَّ فصلَهم عن أمهاتهم أشقُّ على إحداهنَّ من بترِ ساقها أو يدِها، وفصلُ هؤلاءِ عن أمهاتِهم يُنذرُ بآثارٍ كارثيَّةٍ على نفسياتِ هؤلاءِ الأولاد، إذ لا تخفى تبعاتُ فصلِ الولدِ عن أمِّه في مرحلةٍ هو أحوجُ ما يكونُ فيها إلى عطفِها ورعايتِها».

وأضاف «فليتمحَّضِ النظرُ لهذه القضيةِ الإنسانية من هذه الزاويةِ، ومن زاويةِ أنَّ التعليمَ لا يصدقُ ولا يجني من أثرٍ مرجوٍّ ما لم تكنْ أجواؤه وبيئتُه قد أُعدَّت لهذا الغرض، وهي حصريّاً أجواءُ المدرسةِ والجامعة، فمجردُ تسليمِ السجينَ كُتبَه الدراسية والإذنِ له بتقديمِ الامتحان في نهايةِ الفصلِ الدراسي لا يُنتج ولداً متعلِّماً، ولا يرفعُ عن كاهلِنا جنايةَ حرمانِه من حقِّه في التعليم. ولذلك فإنَّ ما ذكرتْه وزارةُ التربية من أنَّها ستمنحُ السجناءَ من الطلبة حقَّ الدراسةِ بالانتساب لا يعالجُ هذه الأزمةَ الإنسانية بل يؤكِّدُ مراوحتَها في مكانِها، فليس للوزارةِ أنْ ترضى عن نفسِها وتعتبرُ ذلك من انجازاتِها، فإنَّ هذا الإجراءَ لا يكفي للنأي بالنفسِ عن تبعاتِ الحرمانِ لهؤلاءِ الطلبةِ من حقِّهمُ الإنسانيِّ في التعليم، إنَّ وزارةَ التربيةِ والتعليمِ أقربُ إلى المؤسسةِ الإنسانيةِ منها إلى المؤسسةِ الرسمية؛ لذلك فهي المعنيَّةُ بالدرجةِ الأولى بهذه القضيةِ الانسانيةِ المتفاقمة».

ورأى صنقور أنَّ «علاجَ هذه الأزمةِ الإنسانيَّة لا يتمُّ إلا بعودةِ هؤلاءِ الطلبةِ إلى مقاعدِهم الدراسية، ولذلك فالواجبُ الأخلاقيُّ والأدبيُّ يُحتِّم على وزارةِ التربيةِ أنْ تدفعَ باتِّجاهِ الإفراجِ عن أبنائِها الطلبةِ ليلتحقوا بمدارسِهم وجامعاتِهم وأنْ تستفرغَ ما في وسعِها لتحقيقِ ذلك، فإنَّ هؤلاءِ الطلبةَ كغيرهم أبناؤكم تلك هي أدبياتُكم، وأنتم تُدركونَ جيِّداً أنَّ اندماجَ هؤلاءِ الطلبةِ مع زملائِهم في الفصولِ الدراسية هو الأقربُ لتحقيقِ الغايةِ من حبسِهم».

وأشار إلى أنَّ «الجميعَ يُدركُ أنَّ الخسارةَ التي يَجنيها الطالبُ من بقائِه في السجنِ غيرُ قابلةٍ للتدارُكِ، فالزمنُ لا يعود، والطالبُ حين يتجاوزُه أقرانُه في المرحلةِ الدراسية يشقُّ عليه الانتظامُ مع مَنْ هُم دونَه في السنِّ، ولذلك فهو إمِّا أنْ يمتنعَ عن العودةِ إلى الدراسةِ أو يعود ناقماً على كلِّ مَن يراهُ قد ساهمَ في حرمانِه وتأخرِه عن أقرانِه. وفي كلا الفرضينِ لم نجنِ من حبسِه إلا نقيضَ ما كنَّا نهدفُ إليه، ذلك أنَّ هؤلاءِ الطلبةَ سيظلُّ كلُّ واحدٍ منهم، وإنْ تقدَّمَ به العمرُ ناقماً على كلِّ من يراه قد ساهمَ في تأخُّرِه أو حِرمانِه من حقِّه في التعليم. وكذلك هو شأنُ أسرِهم وأقربائِهم، وليس يخفى على أحدٍ تبعاتُ هذه المشاعرِ وأثرِها القاتمِ على وحدةِ النسيجِ الاجتماعي».

وذكر صنقور أنَّ «الغايةَ التي يطمحُ العاقلُ إلى بلوغِها من طريقِ البأسِ والشدَّة لا يعوزُه أنْ يصلَ إليها من طريقِ الرفقِ والأناة، فيكونُ قد أدركَ غايتَه ولم يجنِ تبعاتِ بأسِه وشدَّتِه».

العدد 4753 - الجمعة 11 سبتمبر 2015م الموافق 27 ذي القعدة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 6:55 ص

      عزيزي صنقور

      لايكون التربية هي اللي سجنتهم
      الاباء هم من يتحملون مصير ومستقبل إبنائهم
      هذه نتيجة عدم الرقابة

    • زائر 2 | 10:30 م

      الكاسر

      ما بغيت الا وزارة التربية أطالب بإرجاع الطلبة
      خلها في القلب تجرح ولا طلها تفضح

اقرأ ايضاً