العدد 4753 - الجمعة 11 سبتمبر 2015م الموافق 27 ذي القعدة 1436هـ

أيام المال السهل باتت معدودة

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تتجه دول مجلس التعاون الخليجي للإعلان عن خطوة «مصيرية» جديدة تكمن في إعلان توحيد أسعار المنتجات البترولية، وذلك بعد إخضاع الفكرة للدراسة عبر اللجنة الوزارية للتعاون الكهربائي والمائي بدول مجلس التعاون.

وزارة النفط الكويتية وصفت المشروع الخليجي الجديد بـ «المهم جداً»، وذلك نظراً إلى ما تمر به صناعة البترول العالمية من تقلبات، والدفع باتجاه الاستقرار، ووضع الخطط والبرامج الفنية والاقتصادية والإعلامية لتصب في تطوير العمل البترولي الخليجي.

سياسة خفض أسعار النفط أكثر من النصف منذ أن بلغت ذروتها في صيف العام الماضي بسبب وفرة المعروض وتغيير سياسة منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لحماية حصتها في السوق في مواجهة المنتجين المنافسين بدلاً من خفض إنتاجها، باتت تخرج عن السيطرة، وتأتي بنتائج عكسية، حتى أعلن وزير المالية السعودي إبراهيم العساف إن السعودية قادرة على تحمل تقلبات النفط، وإن الحكومة ستواصل إصدار السندات، وقد تصدر صكوكاً قبل نهاية العام 2015 لتمويل العجز المتوقع في موازنة أكبر مصدر للنفط في العالم.

في الشهر الماضي (أغسطس/ آب 2015) هوت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها في أكثر من ست سنوات قرب 42 دولاراً للبرميل بسبب مخاوف متعلقة باقتصاد الصين أكبر مستهلك للطاقة في العالم واستمرار تخمة المعروض.

بات واضحاً أن ما كان يعرف اقتصادياً بـ «أيام المال السهل» تقترب من نهايتها في اقتصادات دول الخليج الغنية والمصدرة للنفط مع بدء ارتفاع أسعار الفائدة بسوق النقد القصير الأجل لأسباب منها الأضرار التي يلحقها انخفاض سعر النفط بالأوضاع المالية للحكومات.

مع الربط في مفهوم «المال السهل» وأسعار الفائدة بسوق النقد، إلا أن ذلك المفهوم بدأ يتحول لمفهوم عام، في ظل سياسات «تقشفية» تتبعها الحكومات، توجه عام نحو الاقتراض وإصدار السندات الحكومية لتسديد العجز في الموازنات إثر انخفاض أسعار النفط.

العالم شهد «ثلاث طفرات نفطية»، قيل إن آخرها كان ممتداً من العام 2002 وحتى 2008، وذلك بعد الطفرة الأولى في عام 1972 والطفرة الثانية في العام 1981.

تصاعدت الدعوات في العام 2008 إلى ضرورة الاستفادة من تلك «الطفرة» بطريقة مدروسة وعلى نحوٍ علمي بخلاف الطفرتين الأولى والثانية، إلا أن تلك الدعوات اصطدمت بعدم مبالاة رسمية، وبالأزمة المالية العالمية، حتى بات الاقتصاديون يتحدثون عن أزمات مالية، وانقضاء زمن «المال السهل» الناتج عن تلك الطفرات النفطية.

مر العام 2008 وطفرته النفطية، دون توجيه العوائد المالية الكبيرة نحو الاستثمار في القطاعات الحيوية في إطار تنويع مصادر الدخل وخطط التنمية الشاملة بضمنها التنمية البشرية، تحسباً لأي انتكاسات نفطية كانت متوقعة.

في العام 2015 وبعد عام وأكثر من استمرار انخفاض سعر برميل النفط عالمياً، أصبح الحديث علنياً عن أن دولاً خليجية أصبحت تعاني من عجوزات مالية، فالسعودية التي تعاني من عجز في موازنتها بدأت الشهر الماضي إصدار سندات سيادية للمرة الأولى منذ عام 2007، فيما تدرس الكويت إصدار سندات لتمويل العجز، فيما أصبح مؤكداً أن البحرين وعمان ستستمران في إصدار المزيد من السندات السيادية إذا استمر انخفاض سعر النفط.

أحدث تقرير إقليمي لصندوق النقد الدولي أفاد بأن فائض الموازنة لدول مجلس التعاون الخليجي الذي بلغ حجمه 76 مليار دولار في 2014 سيتحول إلى عجز بحجم 113 مليار دولار العام الجاري (2015)، إذ دعا الصندوق الدول الخليجية لأن تبذل المزيد من الجهود من أجل تنويع اقتصاداتها وتقليل اعتمادها على النفط، مؤكداً في الوقت ذاته أن غالبية هذه الدول اتخذت إجراءات بهذا الشأن.

نعم الصورة تتغير بسرعة كبيرة، وهناك أحاديث عن لجوء دول خليجية للصناديق السيادية لسحب مئات المليارات للاستمرار في مستوى الإنفاق نفسه، كما أن ما هو سائد في المفهوم العام من أن دول الخليج «دول رفاهية» سيكون مختلفاً مع سياسات التقشف ورفع الدعم والتوجه نحو فرض الضرائب فضلاً عن سياسات الاقتراض لتغطية العجوزات، وهو ما يؤكد أننا في البحرين خصوصاً (منذ فترة طويلة) وفي دول الخليج (حديثاً) قد دخلنا فعلياً مرحلة نهاية «المال السهل» التي لن تعود مجدداً، والتي ستفرض وضعاً اقتصادياً مختلفاً، لا يقوم على مفهوم «دول الرفاهية».

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 4753 - الجمعة 11 سبتمبر 2015م الموافق 27 ذي القعدة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 8:59 ص

      طول عمرنا تقشف

      طول عمرنا عايشين في بيت حالته حاله ولمن انبنى البيت مشلخ وحالته حاله قرقور وهواش اللحوان الجشعين زياده يقطون الام والاخت بغرفتين زرانيق وتستمر معاناة التقشف شمستفيدين ولاشي

    • زائر 13 | 6:33 ص

      ...وتدمير مصادر الشعب من بحار ومياه جوفية وزراعة والقائمة تطول

    • زائر 11 | 5:30 ص

      لم نستفيد من صعود اسعار النفط

      نسمع كل سنه عن الارباح في ميزان المدفوعات ولكن لم نرى زيادة رواتب او خدمات متميزه سمعنا عن التجنيس وعندما انخفضت العوائد بتطيح على روسنا

    • زائر 10 | 4:34 ص

      سنوات

      سوف نقبل ع سنوات عجاف بدل سنوات الرفاهية التي كان بعض ابناء دول الخليج يتمتع بها وذلك لسوء استخدام الموارد النفظية وتنويع مصادر الانتاج من النفظ.

    • زائر 9 | 2:45 ص

      في البحرين

      محد سمع عن طفرات نفطية، الا نعرفه بس سرقات

    • زائر 8 | 2:43 ص

      متألق دائماً

      حتى في الاقتصاد متمكن ولديك مخزون معرفي رائع
      انت كاتب نموذجي وشامل

    • زائر 7 | 2:42 ص

      نعم انها بداية النهاية

      انتهى مشوار العبث بالمال ويندخل مشوار التقشف الناتج عن ذلك العبث

    • زائر 6 | 2:12 ص

      البحرين ارض الخلود

      البحرين ارض الخلود ، الجنة الابدية التي وجد فيها جلجاميش زهرة الخلود التي ترمز الى انها ارض الحب والسعادة والجمال

    • زائر 4 | 1:12 ص

      حتى الكويت التي ظنناها تخطّط للأجيال القادمة لم تكن خطتها كما يجب

      حدث تلاعب كبير وضخم بعائدات البترول وحيث لا حسيب ولا رقيب فبد ان توجه عائدات النفط لاستثمارات تنفع الاجيال مستقبلا اصبحت تصب في جيوب محدودة حتى اصبحت تلك الجيوب ملياراديرية بينما الشعوب بقيت كما هي

    • زائر 2 | 10:57 م

      نهاية كل سهل

      نحن في البحرين مقبلون على نهاية كل شي سهل الحين لا منصب في الدولة واا تقاعد ولا قروض بنكية راح يصعب علينا كل شي.
      والحمد لله من قبل ومن بعد

    • زائر 1 | 10:14 م

      الكاسر

      قال ليهم ولي العهد وأعد دراسة لغاية 2030
      بتنوع الدخل ولكن لا من مجيب
      ما أشوف شي تغير هدة هية البحرين بنايات شاهقة مافي حد ساكننهم

اقرأ ايضاً