العدد 4796 - السبت 24 أكتوبر 2015م الموافق 10 محرم 1437هـ

مطالبات بحوار مجتمعي وتحقيق بيئة استقرار اجتماعي واقتصادي وسياسي لتحقيق «أهداف التنمية المستدامة»

هدى المحمود: ازدياد عدد السكان لا يتناسب مع كم ونوع الخدمات المتوافرة
هدى المحمود: ازدياد عدد السكان لا يتناسب مع كم ونوع الخدمات المتوافرة

طالبت فعاليات وطنية بتحقيق حوار مجتمعي بين الحكومة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، وذلك لتحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ17، التي تمّ اعتمادها مؤخراً من قبل الأمم المتحدة في (سبتمبر/ أيلول الماضي).

واعتبر المشاركون في المنتدى، الذي استضافته «الوسط» بشأن أهداف التنمية المستدامة، أن البحرين أمام 17 معضلة وتحدياً لتحقيق هذه الأهداف، وأن المواطن البحريني يفتقر إلى الوعي بشأن أهداف التنمية المستدامة، وأن المعرفة بماهيتها تقتصر على النخب في المجتمع.

كما أكدوا ضرورة خلق بيئة يسودها الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي؛ لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.


أكدوا أن الفقر في البحرين يتزايد وأن الضغط على الخدمات أدى لتراجعها... العكـــــري والمحمود وفضل في منتدى استضافته «الوسط»:

مطالبات بحوار مجتمعي وبتحقيق بيئة استقرار اجتماعي واقتــــــصادي وسياسي لتحقيق «أهداف التنمية المستدامة»

الوسط - أماني المسقطي

طالبت فعاليات وطنية بتحقيق حوار مجتمعي بين الحكومة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، وبخلق بيئة يسودها الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وذلك لتحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ17، التي تم اعتمادها مؤخراً من قبل الأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول الماضي.

والأهداف الـ17 تتمثل في: القضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان، والقضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائي والتغذية المحسّنة وتعزيز الزراعة المستدامة، وضمان تمتّع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار، وضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلّم مدى الحياة للجميع، وتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات، وضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع، وضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة والمستدامة، وتعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام، والعمالة الكاملة والمنتجة، وتوفير العمل اللائق للجميع.

بالإضافة إلى أهداف: إقامة بنى تحتية قادرة على الصمود، وتحفيز التصنيع الشامل للجميع والمستدام، وتشجيع الابتكار، والحد من انعدام المساواة داخل البلدان وفيما بينها، وجعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة، وضمان وجود أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة، واتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لتغير المناخ وآثاره، وحفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة، وحماية النظم الإيكولوجية البرية وترميمها وتعزيز استخدامها على نحو مستدام، وإدارة الغابات على نحو مستدام، ومكافحة التصحر، ووقف تدهور الأراضي وعكس مساره، ووقف فقدان التنوع البيولوجي، والسلام والعدل والمؤسسات، وتعزيز وسائل التنفيذ وتنشيط الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة.

وشارك في المنتدى الذي استضافته «الوسط» بشأن أهداف التنمية المستدامة، كل من: عضو جمعية الاجتماعيين البحرينية هدى المحمود، والباحثة والكاتبة الصحافية منى فضل، والناشط الحقوقي عبدالنبي العكري.

وفيما يأتي النقاشات التي دارت خلال المنتدى:

ما هو تقييكم لما نفذته البحرين على صعيد أهداف الإنمائية الثمانية للألفية؟

- هدى المحمود: هذه الأهداف تهدف لتحقيق الخدمات الأساسية، ودول الخليج تعتبر من الدول التي حققت إنجازات كبيرة على صعيد الأهداف الثمانية، وخصوصاً في مجالات التعليم والصحة والصحة الإنجابية، بل إنها متحققة قبل حتى تدشين هذه الأهداف، والبحرين وصلت إلى معدلات عالمية في مسألة التطعيمات وإنهاء الكثير من الأمراض الوبائية ووفيات الأطفال والأمهات.

أما فيما يتعلق بهدف تمكين المرأة، فالمجلس الأعلى للمرأة وضع استراتيجية تمكين المرأة، كما تم تشكيل لجان لتمكين المرأة في الوزارات.

وبالتالي، حين جاءت أهداف الألفية، كان الأمر بالنسبة للبحرين مجرد تسجيل للإنجازات، وهو ما يعني أن هذه الأهداف غير ملامسة للواقع في عدد البلدان، ولذلك تم تدشين استفتاء «عالمي» الذي نتج عنه توسيع الأهداف لتتضمن 17 هدفاً.

- منى فضل: يجب أن ننظر لهذه الأهداف برؤية جوهرية أكثر، وخصوصاً فيما يتعلق بالتعليم وتمكين المرأة والفقر، وحتى مسألة التشريعات.

لو أخذنا مثلاً التعليم، صحيح أن البحرين تقدمت في هدف التعليم الأساسي، وحتى على مستوى تشييد البنى التحتية، ولكن فيما يتعلق بمخرجات التعليم العالي، هناك اختلالات كبيرة أثبتتها الدراسات والمؤشرات، أبسطها أن المخرجات التعليمية لا تتناسب مع متطلبات سوق العمل، كما أن نسبة الإناث اللواتي يعانين من البطالة في العمل بين خريجات المدارس ترتفع إلى نسبة تفوق 80 في المئة. وبالتالي إذا تحدثنا عما تحقق في مجال التعليم، فهي مسألة نسبية. كما أنه لا يمكن التركيز فقط على مسألة القراءة والكتابة، فالتعليم اليوم يشهد انتقالاً إلى التعليم الإلكتروني، ويجب الأخذ في الاعتبار مدى مواءمته مع متطلبات سوق العمل ومتطلبات المجتمع، وهذا الأمر فيه جانب نسبي، رغم أنه لا ينكر ما تحقق في التعليم الأساسي.

وفي جانب الفقر، هناك سجال كبير في المجتمع على هذا الصعيد، فالجانب الرسمي يدعي أن لا وجود لظاهرة الفقر المدقع التي نراها في المجتمعات الأخرى، بينما مؤسسات المجتمع المدني تتحدث عن وجود ظاهرة الفقر بصورة كبيرة، وبغض النظر عن الحالة السجالية، علينا أن نتوقف عند الكثير من المؤشرات، فإذا قلنا أننا تجاوزنا الفقر، إذاً لماذا هناك نسبة كبيرة من القروض الشخصية؟ فالناس باتت تقترض من البنوك لتلبية احتياجات ضرورية. بالإضافة إلى معاناة الصناديق الخيرية في تلبية احتياجات طلبات المساعدة في ظل قوائم المحتاجين العديدة، ناهيك عن العلاوات والإعانات التي رصدتها الدولة، والتي تعبر عن أن هناك حاجة بسبب المعاناة من الفقر.

صحيح أننا لا ننكر ما أنجزته الدولة، ولكن مازالت هناك الكثير من التحديات، ومنذ بداية الألفية وحتى الآن، تحدثنا كثيراً عن أهمية إيجاد مؤشر محلي للفقر.

أما على صعيد تمكين المرأة، فأعتقد أنه تحقق الكثير، ولكن هناك تراجعات يجب أن تستوقفنا، والبيانات الإحصائية التي تستند عليها الجهات الرسمية، تقتصر على عدد الوزيرات والسفيرات وعضوات البرلمان، مع ملاحظة أن هذا العدد بدأ في التراجع، وخصوصاً مع الإبقاء على وزيرة واحدة فقط في التشكيلة الوزارية الأخيرة.

- عبدالنبي العكري: التقرير الذي وضعه الجهاز المركزي للمعلومات بشأن ما حققته الحكومة على صعيد الأهداف الثمانية، تضمن العديد من الأرقام التي اعتمدت على ما قدمته كل وزارة من معلومات من دون أن تأخذ مجالاً للنقاش، ومن دون أن يتم عرضها على اختصاصيين أو منظمات المجتمع المدني للتأكد من دقتها.

فهذه الأهداف كانت مطروحة لبلدان متدنية جداً في أهدافها، وعلى الرغم من ذلك هناك أهداف لم تحققها البحرين، من بينها تمكين المرأة، بل أن حتى عدد النساء في مواقع صنع القرار شهد تراجعاً.

ما يهم الناس الآن هي الـ17 هدفاً، وهي المحك الآن، لأن الفارق ليس فقط في عددها وإنما في ترابطها مع بعضها البعض، فحين نتحدث عن الهدف الذي يتعلق بالحوكمة والمحاسبة، فهو هدف ضروري لتحقيق بقية الأهداف، والتي باتت أكثر وضوحاً في معاييرها، الأمر الذي يتطلب الإلحاح على ضرورة تعاون القطاع الخاص والمجتمع المدني مع الحكومات في تنفيذ هذه الأهداف.

والسؤال هنا: ما هي نسبة إسهام البحرين في صياغة هذه الأهداف؟ إذ من المعروف أنه طُلب من الأمم المتحدة إشراك شريكين أساسيين في تحقيق الأهداف، وهما المجتمع المدني والقطاع الخاص.

وهل تم إشراككم فعلاً كمنظمات مجتمع مدني في صياغة هذه الأهداف؟

- العكري: البحرين استعانت بالخبير في الإسكوا أديب نعمة، والذي طرح دراسة بشأن ما بعد أهداف الألفية، وكان من المقرر أن تُعقد حوارات مع المجتمع المدني للأخذ بآرائه، وهو ما لم يتحقق، إذ لم يجرِ على امتداد عامين أي حوار حقيقي بين مؤسسات المجتمع المدني والسياسي والقطاع الخاص مع الحكومة، رغم أننا ألححنا على وزارة التنمية وطلبنا منها المشاركة في الاجتماع الذي عُقد قبل أشهر بشأن أهداف الألفية، وعلى امتداد أربع سنوات عُقدت مؤتمرات إقليمية أخرى، ومشاركاتنا في هذه المؤتمرات كانت تتم بصفة شخصية لا عبر الحكومة.

- فضل: الشراكة هي المفتاح الأساسي على مستوى البحرين، وللأسف أن الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني، في حالة انحسار وتراجع، وخصوصاً بعد أحداث العام 2011، وذلك بسبب القيود والضغوطات التي تواجهها هذه المؤسسات، ناهيك عن إنشاء مجاميع من المؤسسات المحسوبة على الجهات الرسمية لتنافس تلك المؤسسات المستقلة. وهذا يعني أن التوجه السائد هو إنشاء الكم لا النوع من مؤسسات المجتمع المدني، والتي باتت أشبه بالهياكل العظمية من دون روح. بل تمت محاربة الكثير من المؤسسات الأهلية الناجحة والتي تقدم عملاً نوعياً يخدم المجتمع، وبالتالي أصبحت هذه الجمعيات مهمشة ولا تدعى إلى الاجتماعات الرسمية ولا يؤحذ برأيها، ويتم دعوتها بصورة شكلية للمشاركة في الفعاليات الخارجية.

وما هو تقييمكم لأهداف التنمية المستدامة الـ17 التي أُقرت مؤخراً في نيويورك؟

- العكري: هذه خطة عالمية، وكل دولة تنفذها حسب ظروفها، ولكن في ظل الوضع الحالي، لا أعتقد أن الدول قادرة على تنفيذها.

... بما فيها البحرين؟

- العكري: نعم بما فيها البحرين، الدول التي يمكن أن تنجح في تنفيذها هي الدول الناهضة، كالصين والهند والبرازيل...

وما الذي يعيق الدول الأخرى من تنفيذ هذه الأهداف؟

- العكري: هناك ثلاثة عناصر أساسية، إذا لم تتوافر، فهذا يعني عدم إمكانية الدولة تحقيق هذه الأهداف، الأول هو تعزيز النمو الاقتصادي المضطرد، لأن القضاء على الفقر والجوع، يتطلب أن يكون هناك نمو اقتصادي مضطرد وشامل للجميع والعمالة الكاملة والمنتجة، والمشاركة السياسية والمجتمعية، وإتاحة إمكانية وصول الجميع للعدالة، وتعزيز وسائل الشراكة العالمية، وهذا يفرض وجود عولمة جديدة.

ولكن ما يؤسف له، أن الواقع يكشف اتساع رقعة النزاعات، وعدم إيقاف هذه الحروب أو القيام بعملية إصلاح بحسب الهدف الـ16، يعني عدم إمكانية تحقيق هذه الأهداف، وخصوصاً أن تحقيقها لا يمكن أن يتم بقرارات حكومية فوقية ومن دون مشاركة المجتمع.

لذلك ربما تكون وجهة نظري متشائمة بعض الشيء، إذ أرى أن هذه الأهداف لن تتحقق، وإن كانت قابلة للتحقيق في بعض البلدان التي عزلت نفسها عن الأزمات، كأميركا اللاتينية التي حققت علاقات جيدة فيما بينها، ولذلك حققت البرازيل خطوات هائلة على صعيد تنفيذ توصيات الأهداف الإنمائية للألفية، بالإضافة إلى الصين والهند.

- فضل: مازلت أعتقد أن نظرة العكري متشائمة، وتصور الأمر وكأننا في دائرة مغلقة. ولكن ما استوقفني في الأهداف، إعادة تكرار مسألتي الفقر والتعليم، بالإضافة إلى الإشارة إلى أنماط الاستهلاك، والتي أعتقد أنها مسألة بحاجة لإعادة نظر ومقاربتها مع واقعنا الاقتصادي وتراجع العائدات النفطية في المنطقة، إذ لا شك أن لهذا الأمر تأثيرات كبيرة، وخصوصاً في دول المنطقة التي يسودها النظام الريعي.

وأرى أنه من الضرورة بمكان عدم اقتصار النظر إلى الأهداف الـ17 برؤية نقدية للدول والحكومات وما تنفذه من برامج، وإنما يجب أن نأخذ في الاعتبار أيضاً ممارسات الأشخاص أنفسهم، فوفرة العائدات النفطية خلال العقد السابق والحالي أثرت على نمط استهلاك الناس، وأصبح هناك نمط استهلاكي غير منتح ولا مبالٍ، وكلها ستشكل تحدٍ كبير.

بالنسبة للتعليم، فإن استمرار النظام التعليمي التلقيني واعتماد الموازنات الضخمة التي قد ترصد أحياناً للتعليم على موضوعات، وإن كانت أساسية، إلا أنها تأتي على حساب العملية التعليمية، فمثلاً، على الرغم من مضي نحو عشرين عاماً على بدء استخدام الإنترنت، إلا أن التعليم لم يتحول إلى إلكتروني بعد، وهذه إشكالية كبيرة أمام المجتمع في تحقيق هذا البند، ومن المهم إثارة النقاش بشأنه.

المحمود: الأهداف الـ17 ستشكل تحديات أمام البحرين، لأنها تركز على الفقر، وخصوصاً في مسألتي الكم والكيف، وقد يكون الكم عولج عبر العلاوات المتعددة والمساعدات المالية التي تقدمها وزارة التنمية للرفع من دخل الأسرة نوعاً ما، وهو ما رفع قليلاً من مستوى المعيشة لقطاع كبير من ذوي الدخول المحدودة، ولكن ما يقلق هو التوجه الرعوي لدى الحكومة. وعند الحديث عن هدف القضاء على الفقر بمنحى تنموي، فهذه المساعدات المقدمة لا تتم بمنحى تنموي، ولا توجد مشروعات حقيقية تنقل الأسرة من مستوى الاعتماد على هذه المساعدات، وخصوصاً أن هذه المساعدات باتت مهددة في استمراريتها، وهذا قد يعيد هذه العائلات مرة أخرى إلى خانة الفقر التي انتُشلت منها.

وقليلون من استلموا رؤوس أموال بسيطة للبدء بمشروعاتهم، بل أن الغالبية باتت تشهد تشابهاً في مشروعاتها، وهذا ما يهددها ويحد من حاجة المجتمع لها، وهو ما يشكل تحدياً أمام الحكومة في أن تنحى منحى تنموي حقيقي، وبالطبع لن تتمكن من تحقيق ذلك من دون مشروعات إنتاجية.

وهنا يبرز تساؤل: ما الذي ستفعله وزارة العمل والتنمية الاجتماعية التي تقدم مساعداتها إلى آلاف الأسر في ظل ظروف التقشف الحالية؟ وما هي البدائل في عدم التأثير على وضع من حسنت معيشته؟ والمشكلة في مسألة التقشف أن معظم الدول التي أخذت بهذا التوجه، ارتفعت نسب البطالة والفقر والتفاوت الطبقي فيها.

أما على صعيد تمكين المرأة، فالمجلس الأعلى للمرأة كان جاداً على صعيد قانون أحكام الأسرة ويعمل على إصدار الشق الجعفري، ووضع استراتيجية كاملة مناهضة للعنف الأسري، إلا أن ما يؤسف له أن قانون العنف الأسري صدر ناقصاً لأنه يخلو من العقوبات.

باختصار، يمكن القول أن البحرين أمام 17 معضلة وتحدٍ لتحقيق هذه الأهداف.

هل صحيح أن البحرين أمام 17 معضلة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة؟

- العكري: البحرين مثل أي بلد نامٍ، تواجه معضلتين أساسيتين، الأولى غياب الحل السياسي، والثانية هي عملية التغيير الديموغرافي التي أنهكت الخدمات والاقتصاد المقدمة من الدولة إلى المواطنين، إذ تدهورت نوعية هذه الخدمات، ولا أدل على ذلك من إعلان الجهات الرسمية قبل أيام عن وصول الطلبات الإسكانية إلى 70 ألف طلب إسكاني، كما أن أي شخص يتعامل مع المؤسسات الصحية يمكنه أن يرى تراجع مستواها عن السابق، بالإضافة إلى الضغط على المواصلات، وكل ذلك يثبت أن هناك ضغطاً وشداً على الموارد المحدودة، بالإضافة إلى مشكلة هبوط أسعار النفط التي ستتطلب سياسة تقشفية من قبل الدولة.

ما هي الأهداف التي ترون أن البحرين ستواجه صعوبة في تنفيذها؟

- العكري: جميعها تقريباً، ولكن الخروج من الأزمة هو ما يطالب به الناس في البحرين، وسيسهم في إمكانية تنفيذ هذه الأهداف، بالإضافة للحاجة إلى إعادة النظر في سياسة التغيير الديموغرافي، كما أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب أن يكون هناك وضع إقليمي غير متوتر.

فأهداف التنمية المستدامة تختلف عن أهداف الألفية الثمانية التي وضعت في الأساس لتحسين أوضاع الدول الفقيرة والمتدهورة، وإنما هذه الأهداف تواجه تحدياً عالمياً.

- المحمود: يجب أن يكون هناك حوار مجتمعي لا حوار سياسي فقط، وردم هوة الثقة بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني بشكل عام، لأن ذلك بداية الشراكة، ليس فقط على المستوى الإقليمي والعالمي وإنما أيضاً على مستوى محلي. إذا لم يكن هناك نوع من الالتقاء والشفافية والحوار بين الطرفين الرسمي والأهلي، فإن ذلك سيعيق تنفيذ هذه العملية التنموية المستمرة.

لو أخذنا الأهداف الـ17 كل حدة، ما هي توقعاتكم لإمكانية تحقيق البحرين لكل هدف منها؟

- العكري: بالنسبة للهدف الأول المتعلق بالقضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان، فهناك مؤشرات على زيادة الفقر، والدليل تزايد عدد البيوت الآيلة للسقوط، وارتفاع نسبة البطالة، وإحلال الأجانب محل البحرينيين في كثير من الوظائف، فمؤشرات سوق العمل تقول إن الفرص الوظيفية المتاحة تذهب للأجانب بصورة أعلى من البحرينيين، وخصوصاً الوظائف ذات الدخول المرتفعة.

كما أن المتسولين مازالوا يجولون في الشوارع، بخلاف قوائم العائلات المحتاجة المسجلة لدى الصناديق الخيرية.

نعم هناك فقر حقيقي، ولذلك لا تريد الدولة أن تقوم بمسح ميداني من جهة يعتد بها، لتبين نسبة الفقر بمعايير الحياة اللائقة لا معايير حجم استهلاكه من المواد الغذائية.

- فضل: يجب ألا ننسى أيضاً عمال الفري فيزا الذين لا نعرف أوضاعهم المعيشية، لأننا نجهل أرقامهم الحقيقية، ولذلك يمكن أن يكونوا قنبلة موقوتة في المجتمع، وهي جميعها أوضاع تؤثر على ظاهرة الفقر الموجودة في المجتمع.

- العكري: فيما يتعلق بالهدف الثاني، المعني بالقضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائي والتغذية المحسّنة وتعزيز الزراعة المستدامة، فصحيح أننا لا نعاني من مشكلة الجوع، ولكن هناك اختلالات غذائية بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية نتيجة رفع الدعم الحكومي عن بعض السلع.

- فضل: الأمن الغذائي له علاقة بظاهرة التضخم الاقتصادي، ولذلك نحتاج لإحصائيات وبيانات بهذا الشأن.

- المحمود: بشأن الهدف المعني بضمان تمتّع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار، يمكن القول ان الخدمات الصحية متوافرة، ولكن ازدياد عدد السكان لا يتناسب مع كم ونوع الخدمات المتوافرة، وهو ما أدى إلى انخفاض جودة الخدمات الصحية.

- فضل: أرى أن الخدمات الصحية المقدمة مقارنة بدول أخرى بنفس مستوى دخل مجتمعنا، تعتبر جيدة، وكنا حتى العام 2010 نسير في الاتجاه الصحيح على هذا الصعيد، ولكن لاحظنا بسبب زيادة التجنيس، بدأ الضغط على هذه الخدمات، وهو ما يحد من تطورها، ولا شك أن تراجع العائدات النفطية، سيؤثر بشكل أو بآخر على مستوى الخدمات المقدمة للمواطن.

- العكري: بالنسبة لهدف ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع، لا شك أن خدمات الصرف الصحي لا تغطي كل البحرين، بالإضافة إلى تهالك الشبكات، والمشكلة المقبلة هي رفع تعرفة الكهرباء والماء.

- المحمود: للأسف أن البحرين تنتج مياه ولكنها تهدر بسبب تهالك شبكات المياه.

- العكري: فيما يتعلق بهدف ضمان حصول الجميع بكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة والمستدامة، فلا شك أن الجميع بدأ بالحديث عن بدائل الطاقة، ولكن البحرين لم تحقق شيئاً يذكر على هذا الصعيد، وأبوظبي على سبيل المثال بدأت بالاعتماد على هذا النوع من الطاقة، كما أن قبرص التي تتعرض لأشعة الشمس بنسبة تقل إلى نصف ما تتعرض له البحرين، إلا أنها معتمدة على الطاقة الشمسية بصورة كبيرة.

- فضل: يمكن القول أن دور القطاع الخاص غائب جداً على هذا الصعيد.

- المحمود: أرى أن الهدف الثامن المتعلق بتعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام، والعمالة الكاملة والمنتجة، وتوفير العمل اللائق للجميع، يعتبر أكبر تحدٍ أمام البحرين، وخصوصاً في ظل تزايد الدين العام، وحالة التقشف التي تمر بها البلاد، والتي لا شك ستزيد من معدل البطالة.

- فضل: بالنسبة للهدف المتعلق بإقامة بنى تحتية قادرة على الصمود، وتحفيز التصنيع الشامل للجميع والمستدام، وتشجيع الابتكار، فأعتقد أن شبكة المواصلات الموجودة لا تتناسب أبداً والنظام الاقتصادي ولا الانفتاح الذي تعيشه البحرين، إذ تزايدت أعداد السيارات من دون أن يواكبها تحسين للطرقات.

- العكري: البنية التحتية تسهم في تحفيز التصنيع الشامل للجميع، وكانت هناك مشروعات كبيرة أنجزت في السابق، مثل المنطقة الصناعية وميناء سلمان وميناء خليفة، ولكننا لا نسمع حالياً عن خطط لإنشاء بنى تحتية مناسبة للتصنيع الشامل وتشجيع الابتكار.

- فضل: بالنسبة للهدف المتعلق بالحد من انعدام المساواة داخل البلدان وفيما بينها، يجب أن نلاحظ أن الطبقة الوسطى في المجتمع آخذة في التقلص، ولا توجد دراسات بشأنها تبين حقيقة وضعها الآن.

- العكري: أما بشأن الهدف المعني بجعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة، فيمكن القول أن ما يحول من دون تحقيق هذا الهدف هو أن البلد يعيش في حالة أزمة، فالهدف يعني تمكين الأشخاص من التجول في أي مكان، كما أن الحديث عن الاستدامة يعني تكامل خدمات الماء والكهرباء والصرف الصحي في البحرين.

- المحمود: نحتاج لاستكمال الخدمات الأساسية في الشوارع وتجميل المدن.

- فضل: يجب أن نشير هنا إلى انتشار الأسلاك الشائكة والتي ربما تحول دون تحقيق هذا الهدف.

- العكري: ولتحقيق الهدف المتعلق بالسلام والعدل والمؤسسات، نحن بحاجة للديمقراطية التشاركية.

- المحمود: يتوجب على الجهات المعنية إزالة أية مجالات للتمييز، بما في ذلك التعيين في المناصب الذي لا يمس إلا النخب، صحيح أننا تميزنا بتعيين النساء في مناصب قد لا تحصل عليها النساء في دول عربية أخرى، ولكن هذا لا يعني أن المرأة ممكنة، لأننا ننظر إلى السواد الأعظم من النساء اللواتي لا يتم تمكينهن أو سماع صوتهن كالأخريات.

- فضل: نحتاج إلى تمثيل حقيقي، وعدم احتكار والتسلط على المؤسسات التعليمية على سبيل المثال وتطويعها للحكومات، كما أن عملية التعيين في هذه المؤسسات تخضع لمعايير الولاء وغيرها من المعايير.

- العكري: أما الهدف الأخير والذي يتحدث عن تعزيز وسائل التنفيذ وتنشيط الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة، فالأمر يتطلب التعاون عل صعيد خليجي وعربي وعالمي، ولا يمكن القفز إلى الشراكة العالمية قبل تحقيق الشراكة المحلية.

ما هو المطلوب من الحكومة لتحقيق هذه الأهداف؟

- المحمود: من المهم أن يتم دعوة منظمات المجتمع المدني المعنية بالتنمية للمشاركة في المؤتمر الذي ستستضيفه البحرين في شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل بشأن التنمية المستدامة، وما يؤسف له أن جميع المنظمات التي ستشارك في تقديم أوراق عمل المؤتمر هي إقليمية وليست محلية، فلماذا لا يتم السماح للمنظمات المحلية للمشاركة في أعمال المؤتمر؟ هذا الأمر يناقض الهدف الأخير من أهداف التنمية المستدامة، الذي يدعو إلى الشراكة، في حين يتم إبعادنا كمنظمات محلية عن المشاركة في تحقيق هذه الأهداف.

- فضل: كيف يتم دعوة المنظمات الإقليمية لمؤتمر تستضيفه البحرين من دون السماح للمنظمات المحلية بذلك؟

- المحمود: هذه التحديات تواجه الجميع، وخصوصاً في في ظل الظروف الحالية التي تمر بها المنطقة، نتيجة انكماش الاقتصاد العالمي، وتراجع أسعار النفط التي أدت إلى حدوث التقشف في دول الخليج ككل، وحتى إقليمياً، وبالتالي فإن تبعات كل ذلك ستشمل الجميع، الحكومات والمنظمات والشعوب، ومن باب أولى أن يتم تحقيق التوافق بين جميع هذه الأطراف في إطار حوار مجتمعي.

- فضل: نحن بحاجة أيضاً إلى حل سياسي للأزمة، بما يهيئ لبيئة استقرار اجتماعي واقتصادي وسياسي، وهي ما تتطلبها ضرورة تنفيذ هذه الأهداف، فدون الاستقرار لا يمكن إيجاد حل للفقر أو لتطوير التعليم وغيرهما من الأهداف.

ما هو تقييمكم لمستوى إدراك المواطن البحريني العادي بأهداف التنمية المستدامة؟

- فضل: لا يوجد وعي كافٍ لدى المواطن البحريني العادي بشأن هذه الأهداف، وإنما يقتصر ذلك على النخب في المجتمع، وحتى النخب والمؤسسات المعنية بالتنمية المستدامة، يكون اهتمامها في العادة موسمياً، كما أنها تفتقر إلى وجود آليات رصد ومتابعة لهذه الأهداف.

- المحمود: إشراك المجتمع في تنفيذ هذه الأهداف، يتطلب أولاً رفع وعيه بشأنها.

...وعلى من تقع مسئولية ذلك؟

- المحمود: الدولة ومنظمات المجتمع المدني بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة في المنطقة.

عبدالنبي العكري: الدول غير قادرة على تنفيذ توصيات التنمية المستدامة في ظل الظروف الحالية
عبدالنبي العكري: الدول غير قادرة على تنفيذ توصيات التنمية المستدامة في ظل الظروف الحالية
منى فضل: لا وعيَ كافياً لدى المواطن البحريني بشأن أهداف التنمية المستدامة وإنما يقتصر ذلك على النخب
منى فضل: لا وعيَ كافياً لدى المواطن البحريني بشأن أهداف التنمية المستدامة وإنما يقتصر ذلك على النخب
المشاركون في منتدى «الوسط»: البحرين تواجه 17 تحدياً لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة - تصوير عقيل الفردان
المشاركون في منتدى «الوسط»: البحرين تواجه 17 تحدياً لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة - تصوير عقيل الفردان

العدد 4796 - السبت 24 أكتوبر 2015م الموافق 10 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 12:08 م

      البلد ابخير

      كل شي زين وابو علي ما يقصر.

      خلاص ما نبي شي

    • زائر 15 | 11:08 ص

      متاخر

      من المستفيذ من التجنيس فى البحرين سؤال فقط ؟ واتمني الجواب الحقيقي

    • زائر 7 | 3:18 ص

      وين و زير العمل يسمع

      وين وزير العمل يسمع أن الفقر في ازدياد لو يحتاج الكلام الى مترجم

    • زائر 10 زائر 7 | 3:47 ص

      لن تحدث تنمية

      بسبب غلطة التجنيس لن يكون هناك أي تنمية والاقتصاد راح يكون في النازل دائما وبشكل أكبر مع مرور الوقت لأن هؤلاء ينجبون والشعب الأصلي ينجب إلى جانب المقيمين من غير الاجانب واقتصاد مصدره الوحيد النفط ورقعة البلد صغير..والسؤال هو أين الحكمة في التجنيس؟

    • زائر 12 زائر 7 | 4:45 ص

      زائر 10 | والسؤال هو أين الحكمة في التجنيس؟

      الجواب على سؤالك أخي الكريم هو:
      تغير التركيبة السكانية والدموغرافية لكي ترجح كفة ويزيد عددها على الاخرى
      تقبل مروروي

    • زائر 14 زائر 7 | 9:42 ص

      إذن شنو استفاد الشعب

      ولا شيء. . غير هموم و فقر و أمراض و وجع قلب ولا طرف استفاد .. غير البحرينيون الجدد

    • زائر 17 زائر 7 | 1:26 م

      نعم وهو كذلك يا زائر 14 |

      تقبل مروري

    • زائر 4 | 12:19 ص

      إسم الله عليكم ،، بس أنتم تعرفون معان التنمية المستدامة

      الشعب البحراني من أرقى وأكثر الشعوب ثقافة ،، التأريخ القديم والجديد يشهد له .
      أما من يظن نفسه المثقف الوحيد فهو مخطئ ،، ليأتي للمجتمع ويختلط ويتناقش في أماكن تواجده كما تفعل بعض الجمعيات السياسية.

    • زائر 8 زائر 4 | 3:19 ص

      قضية التجنيس

      اصبحت معضلة حقيقية ولابد ان تكون بوابه للدخول لحوار سياسي جاد بلا و ايقافه دليل على صدق نوايا الحكومة لحلو الازمة فلا...

    • زائر 9 زائر 4 | 3:22 ص

      كابوس التجنيس

      فاصل من الزمن وقد حاطتنا الزلم والخيل في بما يسمى بهورة سند اراضي الاباء والاجداد استيطان حقيقي شبيه بالاستيطان الاسرائيلي فيا لها من مصيبة. اي حل بدون الغاء هذه الجناسي وارجاعهم لبدانهم هو طامة كبرى

    • زائر 3 | 12:14 ص

      لا اجتماع ولاهم يحزنون

      فقط لعودة الحياة الطبيعية وعودة الامل للمواطن هو ان كل من جنسوا الغاء جنسياتهم وعودتهم الى بلدانهم ولا تتعبون نفسكم في اجتمآعآت ومضيعة للوقت

    • زائر 11 زائر 3 | 4:38 ص

      (ازدياد عدد السكان لا يتناسب مع كم ونوع الخدمات المتوافرة)

      مجرد يومين اللأجئين قامو يدفقون على أوروبا بدون لا يجنسون أحد منهم ضجو
      وتضايقو منهم حتى بعض الدول قامو يبنون لهم سياج لأن ما يبغونهم يدخلون
      ويضايقون المواطن بالرغم ان الدول الاوربية امكانيتها هائلة ومساحتها أكبر من
      البحرين بملايين المرات - عيل ليش يلومون أهل البحرين لين ضجو ورفضو الاجنبي؟

    • زائر 13 زائر 3 | 8:28 ص

      عشم ابليس.

      احلم.

اقرأ ايضاً