العدد 4802 - الجمعة 30 أكتوبر 2015م الموافق 16 محرم 1437هـ

القطان: سلامة الصدر ونقاؤه مفتاح المجتمع المتماسك الذي لا تهزه العواصف

الشيخ عدنان القطان
الشيخ عدنان القطان

الجفير - محرر الشئون المحلية 

30 أكتوبر 2015

شدد خطيب جامع الفاتح الإسلامي، الشيخ عدنان القطان في خطبته أمس (الجمعة)، على أن «سلامة الصدر ونقاءه، مفتاح المجتمع المتماسك، الذي لا تهزه العواصف».

وتحت عنوان «سلامة الصدور من الأحقاد والكراهية»، قال القطان: «إنّ سعادةَ القلب، وسرور النفس، وطيبَ العيش وصفاء الحياة، غايةٌ يسعى إليها الناس جميعاً، وهدفٌ ينشده الخلق كافة، وأملٌ يرجو بلوغَه العقلاء عامّة، فتراهم يعملون كلَّ وسيلة، ويتَّخذون كلَّ سبب، ويركبون كلَّ مركب، يبلغون به هذه الغايةَ، ويصلون به إلى هذا المراد. غيرَ أنّ من أنار الله بصيرتَه وألهمه رشده، يعلم أن سلامةَ الصدر مِن الأحقاد، وبراءَته من الضغائن، وصيانته من الشحناء والكراهية، هو من أعظم ما يدرك به المرء حظَّه من السعادة، وينال به نصيبه من النجاح».

وأضاف «إنها سلامة الصدر وطهارته التي تبدو واضحةً في حب المسلم الصادق الخير للناس جميعاً، وسروره بما يسوق الله إلى عباده من نِعم، وفي براءة نفسه من حمل الحقدِ على إخوانه وإضمار الضغينة لهم، وفي طهارة قلبه من الفرح بآلامهم، والسرور بما ينزل بهم من مصائب. ولِمَ لا يكون هذا شأنَه وهو يتلو قول ربه الأعلى سبحانه في كتابه حكايةً عن دعاء المؤمنين الصادقين المخبتين، في دعائهم الصادق المخبت: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) ويقرأ قولَ النبي صلى الله عليه وسلم حين سأله أحد أصحابه رضي الله عنه: (أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَان. قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْب؟ قَال: هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ لَا إِثْمَ فِيهِ وَلَا بَغْيَ وَلَا غِلَّ وَلَا حَسَد)».

وذكر القطان أن «سلامة الصدر تعني سلامته من كل غل وحسد وحقد وكراهية وبغضاء على الناس والمسلمين، وهي من أعظم الخصال وأشرف الخلال، ولا يقوى عليها إلا الرجال. إن سلامة الصدر ونقاءه، مفتاح المجتمع المتماسك، الذي لا تهزه العواصف، ولا تؤثر فيه الأحداث والفتن والمحن، وكيف يا ترى يكون مجتمع تسوده الدسائس والصراعات والمؤامرات والفتن، وتمتلئ قلوب أفراده غشاً وحسداً وحقداً وكراهية وأمراضاً؟ أفذاك مجتمع أم غابة وحوش وذئاب؟ الله المستعان، إن سلامة الصدر فيها صدق الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقد كان أسلم الناس صدراً، وأطيبهم قلباً، وأصفاهم سريرة. وشواهد هذا في سيرته كثيرة، ليس أعظمها أن قومه أدموا وجهه يوم أحد، وشجوا رأسه، وكسروا رباعيته، فكان يمسح الدم عن وجهه الشريف ويقول: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)».

وقال القطان: «إن المرء لا ينقضي عجبه من ذلك الجيل الرباني الصالح الكريم الذي رباهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصنعهم على عينه، حيث إن قلوبهم بقيت صافية وسليمة، طيبة السريرة، رغم ما وقع بينهم من فتن كبار، أشهرت فيها السيوف، واشتبكت فيها الصفوف، وقتل فيها من قتل، فلا إله إلا الله، ما أطيب المعشر وأكرمه!».

وأشار إلى أن «لسلامة الصدر أسباباً وطرقاً لابد من سلوكها. فمن تلك الأسباب الإخلاص لله تعالى والإقبال على كتابه الذي أنزله شفاء لما في الصدور، فكلما أقبلت ياعبدالله على كتاب الله تلاوة وحفظاً وتدبراً وفهماً صلح صدرك وسلم قلبك، ومن أسباب سلامة الصدر دعاء الله تعالى أن يجعل قلبك سليماً من الضغائن والأحقاد على إخوانك المؤمنين، وتبتعد عن سوء الظن فإنه بئس سريرة المرء، ومن طرق إصلاح القلب وسلامة الصدر إفشاء السلام بين المسلمين».

وشدد القطان على أنه «لا يكون صلاح ذات البين إلا بسلامة الصدر من تلك الآفات. لذا فإن دين الإسلام قد حرص حرصاً شديداً على تأليف قلوب أبناء الأمة، بحيث تشيع المحبة، وترفرف رايات الألفة والمودة، وتزول العداوات والشحناء والبغضاء والغل والحسد والتقاطع، وحتى تشيع الألفة والمودة بين المؤمنين لابد من سلامة الصدور، ونقصد بسلامة الصدور طهارتها من الغل والحقد والبغي والحسد والكبر، وحب الدنيا والزعامة، وغيرها من الآفات والشبهات والشهوات المهلكة، كما أن سلامة الصدر سببٌ من أعظم أسباب قبول الأعمال الصالحة».

وبين القطان أن «لسلامة الصدر أسباباً وطرقاً لابد من سلوكها بالإضافة إلى ما سبق بيانه، منها - حُسن الظن بالآخرين، وحمل الكلمات والمواقف على أحسن المحامل، ومن الطرق لسلامة الصدر: التماس الأعذار، وإقالة العثرات، والتغاضي عن الزلات، والدفع بالتي هي أحسن، فليس هذا من العجز، بل من القوة والكياسة، ومنها البعد عن الغيبة والنميمة وتجنب كثرة المزاح، ومنها الهدية والمواساة بالمال فإنها تذهب وحْر الصدر، ومنها الإيمان بالقدر، فإن العبد إذا آمن أن الأرزاق مقسومة مكتوبة، رضي بما هو فيه ولم يجد في قلبه حسداً لأحد من الناس على خير أعطاه الله إياه».

العدد 4802 - الجمعة 30 أكتوبر 2015م الموافق 16 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً