العدد 4822 - الخميس 19 نوفمبر 2015م الموافق 06 صفر 1437هـ

جناحي: غياب الحريات يؤدي للتطرف... والإرهاب يواجه بالإصلاح

فخرو: «الغرب» كان ومازال سبب مآسي الأمة العربية

الحضور وقفوا لحظة صمت على ضحايا الإرهاب - تصوير عيسى إبراهيم
الحضور وقفوا لحظة صمت على ضحايا الإرهاب - تصوير عيسى إبراهيم

قال نائب رئيس اللجنة المركزية في جمعية وعد عبدالله جناحي إن «غياب الحريات العامة سبب رئيسي في تنامي التطرف»، مشددا على أن «الإرهاب يجب أن يواجه بالإصلاح، وأنه من غير الصحيح تأخير الإصلاحات بحجة مواجهة الإرهاب».

وذكر جناحي في ندوة عقدت بمقر جمعية وعد مساء الأربعاء (18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015) أن «هناك غيابا لإنتاج خطاب بعيد عن التطرف، حيث يجب أن لا يواجه التطرف بتطرف مضاد بل يجب وضعه في مواجهته مع نفسه».

ومن جانبه، أفاد المفكر علي فخرو في مداخلته خلال الندوة، أن «الغرب كان ومازال سبب كل المآسي التي تعيشها أو عاشتها الأزمة العربية».

وفي بداية الندوة، تحدث جناحي، ونبّه إلى أن «الإرهاب قد تمت صناعته ودعمه منذ بداية الحرب الأفغانية مع الاتحاد السوفيتي».

وتابع «جاء وتكرر الدعم من الدول والجهات المختلفة للمنظمات الإرهابية في المنطقة العربية، حتى انقلب السحر على الساحر».

وأكمل جناحي «المفكر محمد الجابري أوضح أن السلفية الجهادية تعيش كواقع حي، وتبحث عن خصوم لها في الحاضر والمستقبل، وهناك كثرة من الكتب تشرح كيفية التأثير على العقول لخدمة أهداف الأنظمة أو الصراع التي تخوضه، وهذا ما يفعله الإرهابيون».

وأفاد «اطلعت قبل عام على كتاب ضخم اسمه «علم العقل والروح»، وأحسست أن هناك الكثير من الوسائل النفسية المستخدمة لإنتاج جيل يحمل عقلا تخديريا وانفعاليا، من اجل استخدامهم في العمليات الإرهابية، وهذا الأمر هو الذي يفسر لنا احد أسباب التطرف، واستمرار تجنيد الشباب، تماما كما كانت حركة «الحشاشون» في تراثنا العربي، حيث كان يتم تخديرهم وإيهامهم بأنهم في الجنة، وأن عليهم تنفيذ اغتيالات والاستشهاد من اجل الرجوع إلى الجنة مجددا».

وأشار إلى أن «المنظمات الإرهابية تستخدم الوسائل النفسية لخلق جيل يحمل عقلاً مخدرا وانفعاليا؛ بهدف استغلالهم للعمليات الإرهابية، وبالتالي فإن التطرف هو الذي ينتج العنف والإرهاب، ويمكن أن يكون له دوافع بشكل مباشر أو غير مباشر في الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي».

وأوضح أن «هناك غيابا في إنتاج خطاب بعيد عن التطرف، حيث يجب أن لا يواجه التطرف بتطرف مضاد بل يجب وضعه في مواجهته مع نفسه».

وشدد على أن «هذه الحركات المتطرفة تستخدم سلاح الدين في معارك وهمية جانبية، وبالتالي الانشغال عن المعارك الحقيقية، وهكذا يقحم الدين وأهله في فتنة تشغل الناس عن دينهم وحياتهم».

وأضاف «ورغم تأكيد المفكر الجابري أن الأمة تتغذى على تاريخها في تغذية صراعاتها، في ظل غياب السياسات العقلانية، وفي ظل غياب خطاب عن التطرف يقوده الموقف العقلاني، نجد أن العقل المتطرف يسبب له حالة من الانحراف الذهني وحالة من الاضطراب العقلي، وبالتالي فإن معظم أفعاله نتائجها غير عقلانية، ولابد من الاعتراف بوجود التطرف أولا، والاهتمام بمعالجة أسبابه معالجة حقيقية، وعدم اعتبارها نتيجة بل سببا».

وواصل جناحي «يرى المفكر الجابري أن علاج الإرهاب يجب أن يبدأ بمعالجة أهم سببين له وهو الفقر والظلم، وأن أي إصلاح لا يؤدي إلى القضاء على الفقر والتوسيع من حجم الطبقة الوسطى، وعدم التمييز ليس إصلاحا حقيقيا، كما لابد من بناء دولة مدنية حديثة تحمي الحريات والحقوق».

وبيّن أن «الحريات العامة هي جوهر أي إصلاح سياسي، وبغيابها يقاد المجتمع إلى التطرف، كما لابد أن يوجد في المجتمعات سلطات يمارس من خلالها الناس دورهم في القرار، ويعبرون عن إرادة الشعب باعتباره مصدر السلطات جميعا».

ولفت إلى أنه «يجب تجنب ردود الفعل غير العقلانية في معالجة هذه الظاهرة يكون عبر التعليم والثقافة، لأن البديل لهذا التطرف لا ينمو إلا في بيئة تصنعه الثقافة ويصقله العلم، حيث أن الغالب في أنماط التعليم الحالية أنها تتمحور حول التعليم الفني والتلقيني، فيما يغيب التعليم النقدي الذي يقود أسئلة «لماذا وكيف».

وأردف «العقل العربي يتلقى المعلومات على شكل أساطير، والتربية الوطنية عبارة عن مراسيم بروتوكولية، والتربية الدينية كأنها قشور دينية، لذلك مع غياب العقل النقدي يبقى الباب مفتوحا على مصراعيه للتطرف، وإذا توافرت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية إلى التطرف تحول الإعجاب به إلى انتماء».

وقال: إن «تنامي الإرهاب يقودنا إلى الحديث عن الإصلاح لمواجهته، بدلا من تعطيل الإصلاح بحجة أن المعركة أولا هي مع الإرهاب».

وتابع «وبإسقاط الكلام الذي ذكرناه على الواقع، نجد أن السحر انقلب على الساحر، حيث نقلت المنظمات الإرهابية عملياتها من الوطن العربي إلى عمق الدول الأجنبية كنيويورك أو باريس، وبغض النظر عن نظريات التآمر الغربي مع القاعدة والتنظيمات الإرهابية، فإن هذه الدول ضحت بشعوبها من أجل تحقيق مصالحها الخاصة».

وشدد على أن «مجزرة باريس تؤكد أنه حان الأوان لإعادة النظر في إستراتيجيات دعم أنظمة عربية استبدادية، ففي جوهر بنيتها ضد الحداثة والتقدم عبر سياسات تعليمية ودينية، وقد بدا الإرهاب الذي تم صنعه ليتم الانقضاض على عالمنا العربي، أنه انقلب على خالقه؛ بسبب لا عقلانية من صنعوه، وبسبب انفعالية العقل الإرهابي، ليخلق المزيد من الأعداء له، وقد أحست الدول الغربية أن الوحش الذي خلقوه لمواجهة الأمة العربية، انقض عليهم، لذلك فقد تداعى أعضاء الجسد الغربي لمواجهة وحشٍ خلقوه».

واعتبر جناحي أن «التحول الغربي نحو مواجهة الإرهاب هو تحول إيجابي، ونتيجته لصالحنا، كي نتحالف من اجل إنهاء الإرهاب، حيث أن ما يجري بات يدفع الجميع للذهاب إلى تحالف دولي؛ لأن الإرهاب عدو أصبح متضرراً منه حتى خالقه وهم الغرب».

وختم بقوله إن «الكيان الصهيوني أصبح صانعا وداعما للإرهاب، وكل الشواهد توضح أن الإرهاب الداعشي لم يمس مصالح هذا الكيان، بل يخدمه، ولأنه كيان مارس الإرهاب أصلا في محيط عربي يرفضه ويرفض التعامل معه؛ لذلك فإن أول خطوة عربية هي إزالة هذا الكيان، باعتباره وجها للإرهاب، فيما تكون داعش الوجه الثاني للإرهاب، الذي يجب مواجهته».

ومن جانبه، قال المفكر علي فخرو: «ما يهمني ليس كلمة التطرف، بل كلمة داعش والنصرة والقاعدة، اعتقد انه يجب أن نسمي الأسماء بأسمائها، مشكلة الأمة العربية الحالية هي هذه التنظيمات».

وأضاف فخرو «إذا كنا سندخل في معركة مع هذا الفكر، فلابد أن نحدد اسمه، هناك سلفية تقليدية، وهناك سلفية جهادية، هم يتفقون مع السلفية التقليدية في كثير من الأمور، ولكن هناك جانبان أساسيان جعلت الطرفين يختلفان، الأول أن الجهاد هو قضية أساسية في فكر السلفية الجهادية، ضد كل ما يمس الدين بنظرهم، لذلك تراهم في جهاد ضد المرأة والغرب والشرق، والأمر الثاني عندهم شيء اسمه فقه الضروريات، وهذا الأمر يعني انه يقولون انهم اجتهدوا في قراءة الفقه، كما قرأه البغدادي والزرقاوي».

وأردف «لماذا أقول هذا الأمر، لأنني أؤمن انه لا ينبغي الدخول في معركة مع السلفية التقليدية، بل يجب حصرها مع السلفية الجهادية، لأن من المهم أن نعرف ضد من نتوجه. وبالمناسبة، فإن السلفية الجهادية هي ضد الإخوان المسلمين، ولم يأخذوا منهم موضوع الحاكمية الذي طرحه حسن البنا».

وختم فخرو «قضية تباكي الغرب مما يجري هو كلام فارغ، الغرب يضع يديه في كل مصيبة حلت أو تحل على الأمة العربية عبر القرنين الماضيين بكاملهما، لا توجد ارض يستبيحها الغرب كهذه الأرض، ربما إلى أن ينتهي النفط حيث بعدها قد يتركنا قطعا جافة».

جناحي متحدثاً في ندوة «وعد»
جناحي متحدثاً في ندوة «وعد»

العدد 4822 - الخميس 19 نوفمبر 2015م الموافق 06 صفر 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً