العدد 4823 - الجمعة 20 نوفمبر 2015م الموافق 07 صفر 1437هـ

القطان: المتقاعدون لهم حق حماية معيشتهم ووضع تشريعات تغنيهم عن ذُلِّ السؤال

الشيخ عدنان القطان
الشيخ عدنان القطان

أكد إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، الشيخ عدنان القطان، أن المتقاعدين لهم حق حماية معيشتهم، ووضع القوانين والتشريعات التي تغنيهم عن الحاجة وذل السؤال، مؤكداً نهاية عمل المتقاعد هو بداية حياة جديدة، وينبغي على المتقاعد عدم اليأس أو القلق والندم على ما فات.

وفي خطبته يوم أمس الجمعة (20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015)، خاطب القطان المسئولين قائلاً: «من حقِّ هذه الفئة (المتقاعدين) العزيزة علينا، وهذه النفوس الكريمة، التي انتهَى عملُها النظاميُّ، أن تطمئنَّ بعدما جاهَدَت بصحَّتها ووقتها وفِكرِها، وأفنَت أيام حياتها لتبنِيَ أُسرة، وتعمُر وزارة أو إدارة أو مُؤسَّسة، وتخدمَ أمَّةً، فأضاءَت للمُجتمع دُروبَ الخير، وأجرَت ينابيعَ النفع، لا ينبغي أن يتوقَّفَ هذا النفع، أو ينتهي عند أبوابِ التقاعُد...

ليس من الوفاء أن من قدَّم لبلده وأمته زهرةَ عُمره، وأيام جدِّه وحيويَّته، أن يُفرَّط فيه آخرَ عُمره،من حقه علينا أن نضع له التشريعات والقوانين التي تحميه، وتقدر له عمله، وتحفظ له ما قدم في شبابه، وترفع من مستواه المعيشي، وتغنيه عن الحاجة وذل السؤال، وأن يُنظَر فيما يمكن أن يُفيدَ فيه من الفُرص والمجالات، في غير مِنَّةٍ ولا شفقةٍ؛ بل ثقةٍ به واعتِراف بحقِّه وقُدراته».وأشار إلى أن المُجتمع لم يستغنِ البتَّةَ عن عملِ هؤلاء وكفاءاتهم وخِبراتهم، ولكنها المُدَّةُ النظاميَّةُ انتهَت وليس إلا، أما العملُ والكفاءةُ والقُدرةُ والحاجةُ فباقيةٌ مُمتدَّة، والدليلُ الظاهرُ أن كثيراً من الدول والمُؤسَّسات تستعينُ بخبراتٍ تجاوَزَت السنَّ النظاميَّة المحدودة في داخِلِ الدول وخارجِها.

وإن السنَّة العُمَريَّة الراشِدة هي أولُ من خصَّصَ المُخصَّصات للعاجِزين عن الكسبِ من المُسلمين والمُعاهَدين وأهل الذمَّة.

القطان في خطبته التي عنونها بـ «وقفات مع التقاعد والمتقاعدين»، قال: «في كل عام من الأعوام، يبلغ بعض الموظفين والعمال سن التقاعد، فيتقاعدون ويقاعدون عن وظائفهم وأعمالهم، في سن معينة، وكما يقال يحالون للتقاعد...

والتقاعد مرحلة نعيش جوها، إما ببلوغها أو بالعيش مع من بلغها لتمضي سُنّة الحياة، ضَعفٌ ثم قوةٌ ثم ضعف، جيل يعقبه جيل لتتم سنة الاستخلاف، وعمارة هذه الأرض.

وهذا التصنيف الوظيفي متقاعد وغير متقاعد، فرضته أنظمة العمل الرسمي، ليحل موظف بدل موظف آخر، ولكنه ليس حكماً على الإنسان بالموت، ولا منعاً له من العطاء في ميادين أخرى، فهو تصنيف لا يصح أبداً أن يسري إلى بقية حياة المتقاعد».وأضاف «بعد حياة الكد والكدح وهموم العمل، تأتي مرحلة التقاعد، مرحلة الطمأنينة والسكينة والتفكر والتدبر، وحري بمن أدرك مرحلة هذه صفاتها أن يرى الأشياء على حقيقتها، فلا يخطو خطوة إلا وهو يعلم موضع قدمه، ولا يمشي في طريق إلا وهو يلمح نهايته السعيدة، ولا يقدم على فعل إلا وهو يسمو إلى ثمرته اليانعة».ورأى أن «مرحلة التقاعد أهم المراحل لك الآن يا من تتقاعد؛ لأن الأعمال بالخواتيم، فيمكنك أن تزرعها بالرياحين إن كنت زرعت ما قبلها بالأشواك، ويمكنك أن تملأها بالذكر الحسن إن كنت قد ملأت ما قبلها بضده، ويمكنك أن تصحح علاقتك بربك الكريم إن كانت علاقتك به على غير صراطه المستقيم».وخاطب المتقاعد بقوله: «إن لكل مرحلة من العمر جمالها.

فالتقاعد عن العمل الرسمي، هو في حقيقته انتقال من مرحلة إلى مرحلة أخرى من العطاء والعمل، إذ لا توقف في حياة العبد، وصاحب الهمة العالية إذا بلغ هدفاً، بحث عن هدف آخر مثله، أو أعلى منه ليصل إليه، ولا يوقفه عن السباق إلى مجد الدنيا والآخرة إلا توقف نَفَسِه، ولئن توقفت دورة الدوام الرسمي، فلن تتوقف عجلة النفع والانتفاع، بعمل صالح، وصدقة جارية».وأضاف «يجب أن يُفهم كلام العلماء الذين يتحدثون عن الاستعداد للآخرة على وجهه، فحينما يؤمر صاحب هذه السنّ بالذات بالإقبال على الله - تعالى - والدار الآخرة، فهذا لا يعني صورةً محددة من الطاعة، فالعبادات كالصلاة وقيام الليل وقراءة القرآن والصدقة والصيام والحج والعمرة وتعليم الناس كلها لون من ألوان القربات، وكذلك الجهاد بالمال والنفس لون من ألوان القربات، والتصدي لحل مشكلات الناس لونٌ، والشفاعة لمن يحتاجها عند المسئولين لونٌ، المهم أن يجتهد في عمارة وقته بكل قربةٍ وطاعة يستطيعها، وهذا ما فهمه أهل الإيمان من الأوائل والأواخر».ولفت إلى أن «بلوغ سن التقاعد نعمة عظيمة من الله ينبغي شكرها واستثمارها، فإن الفَسْحَ في أجل المؤمن خيرٌ له، فهو فرصةٌ للتزود من الأعمال الصالحة، الدينية والدنيوية.

فبلوغ سن التقاعد يعني تجاوز سن الأشُد وهو سن الأربعين بعشرين سنة».وأوضح أن «تجاوز الستين من العمر، يعني شيئاً آخر، ألا وهو الدخول إلى معترك المنايا».وواصل القطان حديثه للمتقاعد قائلاً: «لا شك أنك ستفقد بسبب التقاعد جزءاً من المال، لكنك ستكسب ما هو أغلى منه، ألا وهو الوقت، فالناس كلهم يبذلون الأموال ليكسبوا الأوقات فيملؤوها بما يحبون.

فاعتبر ما تفقد من مال ثمناً للوقت النفيس الذي سيتاح لك لتعمره بكل خير كنت تـتمنى أن تفعله وتداوم عليه.

أما ما مضى من مراحل فقد ولَّى وراح فلا تستطيع أن تعيده ولا أن تفعل فيه شيئاً.

وزاد في القول: «ما أجمل العطاء وفي سن التقاعد خصوصاً! إنه ينبئ عن فقهٍ صحيح لحقيقة هذا المال الذي عما قريب سينتقل إلى الورثة! فمَالُ الإنسان ما قَدَّمَ، ومالُ وارثِه ما أخَّرَ، فإن كنت ممن وسّع الله عليك، ورزقك من فضله، فكم هو جميل أن تبادر إلى تثبيت صدقةٍ جارية لك، يمتد أثرها لك من بعد موتك.

بادر بها أنت الآن، فلعلك ترى ثمرتها قبل أن تموت، ولا تتأخر وتقول: سأوصي الأولاد أن ينفذوها، فخير البر عاجله، والوصية قد يعتري تنفيذها ما يعتريه، والإنسان عندما يريد السير في طريق مظلمة، فإنه يجعل السراج أمامه لا خلفه».

العدد 4823 - الجمعة 20 نوفمبر 2015م الموافق 07 صفر 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 2:27 ص

      بوعلي

      الحمد لله على نعمة التقاعد انا الحين استلم اكثر من الراتب الي كنت استلمة وانا اكرف الحمد لله على الاعانات التي تقدم للمتقاعد لولاها جان مافكرنا نتقاعد جان حيانتا كلها كرف بااال صدق ولله الحمد لله

    • زائر 1 | 1:36 ص

      زائر

      الشكرك ياشيخ عدنان إنا من المتقاعدين لولا الله ومعاش التقاعدي والمكرمة السامية لجلالة الملك لكنت من الهالكين اللهمَّ دمها من نعمة وانقدنا من الدل اللهمَّ أمين

اقرأ ايضاً