العدد 4828 - الأربعاء 25 نوفمبر 2015م الموافق 12 صفر 1437هـ

البحارنة: الإدارات التقليدية ستنتهي... والمؤسسات المعرفية تقود التنمية المستدامة

المشاركون في المنتدى الفكري الإداري - تصوير عقيل الفردان
المشاركون في المنتدى الفكري الإداري - تصوير عقيل الفردان

قال الوزير السابق والأكاديمي ورجل الأعمال نزار البحارنة، إن «الإدارات التقليدية في المؤسسات ستنتهي، وإن المؤسسات المعرفية تقود التنمية المستدامة في الدول المتقدمة، وهو يتحقق الآن، وذلك بعد أن تنبأ بذلك الأب الروحي للإدارة بيتر دركر».

وأضاف البحارنة «الاعتماد مستقبلاً لن يكون على العامل والموظف الموجود في المؤسسة فقط، فهي ستتفتّت، والكبيرة منها ستعتمد على المؤسسات المتوسطة، والأخيرة ستعتمد على الصغيرة في إنتاج العمل المعرفي».

وشدد البحارنة على ضرورة «استشعار وضعية الإدارة المؤسسية في المستقبل وكيف ستكون عليه، حتى لا تفوتنا المرحلة ونبدأ فيها بوقت متأخر، ولابد أن ننظر ونقيِّم ما سبق من مراحل لخلق مستقبل متميز، فنحن اليوم نلحق بما يفعله مَنْ أمامنا».


نظرية «بيتر دركر» عن الانتقال من الاقتصاد الصناعي إلى المعرفي تحققت

البحارنة: الإدارات التقليدية ستنتهي... والمؤسسات المعرفية تقود التنمية المستدامة

الوسط - صادق الحلواجي

قال الوزير السابق والأكاديمي ورجل الأعمال نزار البحارنة، إن «الإدارات التقليدية في المؤسسات ستنتهي، وإن المؤسسات المعرفية تقود التنمية المستدامة في الدول المتقدمة، وهو يتحقق الآن، وذلك بعد أن تنبأ بذلك الأب الروحي للإدارة بيتر دركر».

وأضاف البحارنة «الاعتماد مستقبلاً لن يكون على العامل والموظف الموجود في المؤسسة فقط، فهي ستتفتّت، والكبيرة منها ستعتمد على المؤسسات المتوسطة، والأخيرة ستعتمد على الصغيرة في إنتاج العمل المعرفي».

وشدد البحارنة على ضرورة «استشعار وضعية الإدارة المؤسسية في المستقبل وكيف ستكون عليه، حتى لا تفوتنا المرحلة ونبدأ فيها بوقت متأخر، ولابد أن ننظر ونقيِّم ما سبق من مراحل لخلق مستقبل متميز، فنحن اليوم نلحق بما يفعله مَنْ أمامنا».

جاء ذلك خلال «منتدى الفكر الإداري»، يوم السبت (21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015) والذي خصص لمناقشة أفكار وآراء عن الأب الروحي لعلم الإدارة الحديثة «بيتر دركر».

الراحل بيتر دركر (1909 - 2005)، وُلد في النمسا وعاش في ألمانيا وبريطانيا قبل أن يعيش معظم حياته في الولايات المتحدة الأميركية. وقد حصل على أرفع الجوائز التقديرية في الولايات المتحدة «الوسام الرئاسي للحرية» في العام 2002، وكان أستاذ الإدارة في كاليفورنيا وقام بتأليف 42 كتاباً من أعظم المؤلفات في مجالات السياسة والاقتصاد والإدارة، وتُرجمت كتبه لأكثر من 20 لغة.

إلى ذلك، أسهب البحارنة: «جميعنا يعرف بيتر دركر، وربما قد مَسَّ ما طرحه هذا المفكر كلَّ شخص من الأشخاص بطريقة معينة، فالنظر من خلاله إلى علم الإدارة ليس من جهة واحدة، بل نظرة إلى علم الإدارة من جوانب كثيرة، وشخصياً، أنظر إليه من الجانب الإنساني أكثر على الرغم من أن الأغلب ينظر إليه من جانب إداري، فهو ركز على الإنسان أولاً من الجانب النفسي بالدرجة الأولى أكثر من الجانب الاقتصادي».

وبيّن البحارنة أن «دركر اعتقد بأن الإدارة ليست علماً مختصاً في الإدارة فقط، بل تعداه إلى شخصية الإنسان ونفسه، وركز على تعاطف هذا الإنسان مع البيئة المحيطة به، وربما الشيء الأبرز الآن أن التحول الوارد حالياً في المؤسسات في اتجاه الشراكة المجتمعية، وهو المبدأ الذي طرحه قبل نحو 50 عاماً دخل أوج مرحلته الآن، وأصبحت كل المؤسسات تتحدث عن الدور الاجتماعي، ولو كلُّ مؤسسة أخذت هذا الدور لما احتاج المجتمع لشيء».

ورأى البحارنة أن «دركر تنبأ عن الكثير من الأشياء على المستوى الإداري، ويجب أن نستشعر نحن اليوم عن وضعية الإدارة في المستقبل وكيف ستكون عليه، وأتوقع شخصياً أن الإدارة التقليدية ستنتهي، وسيكون هناك تغير كبير مازالت الدول العربية بعيدة عنه جداً»، مستدركاً بقوله «ما أرغب في طرحه هو أن الاعتماد قريباً لن يكون على العامل المعرفي knowledge worker الموجود في المؤسسة فقط، فالمؤسسات ستتفتت، والكبيرة منها على سبيل المثال في اليابان ستعتمد على المؤسسات المتوسطة، والأخيرة ستعتمد على الصغيرة في إنتاج العمل المعرفي».

وتنبأ البحارنة بأن «المعطيات الإدارية والاقتصادية وما حولها كلها تشير إلى أن «العالم يتجه الآن إلى الشركات المبدعة الكبرى التي تغذي الشركات المتوسطة، والمتوسطة التي تغذي المؤسسات الصغيرة بالتالي. وأؤكد أنه يجب أن نرى كيفية المستقبل حتى لا تفوتنا المرحلة ونبدأ فيها بوقت متأخر، وكيفية استشعار وضع الإدارة مستقبلاً، وكيف ننظر ونقيم ما سبق لخلق مستقبل متميز، فنحن اليوم نلحق بما يفعله مَنْ أمامنا».

من جانبه، قال رئيس تحرير صحيفة «الوسط» منصور الجمري إن دركر كان يتطرق الى الإدارة كجزء من مجموعة واسعة من الأبواب التي تطرق السياسة والاجتماع والاقتصاد وعلم النفس, وبالتالي فإن قراءة كتب دركر تغني المرء من عدة جوانب، وهو أول من تنبأ بأن العالم انتقل إلى العصر مابعد الصناعي، وأن المعرفة ستكون هي المصدر الأساس للثروة، كما انه أول من تنبأ بأن الحكومات ستتجه للخصخصة، بل إنه أول من طرح مصطلح privatization، كما انه تحدث عن نمو قطاع المتقاعدين الذين سيتحولون الى مصدر للثروة، وهو مانراه يتحقق حالياً».

وذكر الجمري أن «دركر عليه انتقاد بشأن نظريته management-by-objectives وهي نظرية تصلح للخمسينات والستينان من القرن العشرين، ولكنها لا تصلح للعصر المعرفي؛ لأن السرعة هائلة والأهداف تتغير، وبالتالي فإن تحديد أهداف مستمدة من وضع السوق قبل سنة أو سنتين لا يناسب ذلك، بينما يطرح علماء الإدارة مفاهيم بديلة مثل وضع الرؤية والرسالة، وتحديد استراتيجيات ديناميكية للتعامل مع المتغيرات السريعة».

الموالي: دركر بين الفكر الإداري الغربي والياباني

وأمّا مدرب التنمية البشرية جاسم الموالي، فقد تداخل خلال المنتدى مناقشاً زيارة دركر لليابان ومدى تأثيره وتأثره من وفي الإدارة اليابانية، والتي أكد من خلالها أن الباحثين اليابانيين أقروا تأثرهم من فكر دركر وتلقيهم عطاءه في هذا الجانب، كما تأثر هو أيضاً بالفكر الإداري الياباني ونقله للعالم الغربي.

وتطرق الموالي إلى بعض خصائص الإدارة اليابانية، والتي منها الاستقرار الوظيفي، وقال إن «هذه الخاصية في اليابان تعتبر ناجحة باعتبار أن الحياة هناك مبنية على الاستقرار، ولو تطبق هذه الخاصية محلياً لكانت النتائج سلبية»، موضحاً أن دركر أثر وتأثر بالنهج الياباني.

وأسهب الموالي: «الفكر الإداري الياباني يركز على التعليم والتدريب: ففي الغرب سابقاً كان يتم تدريب الموظف في حال تطلبت الوظيفة ذلك، وفي اليابان الحال مختلف، فمعظم الشركات والوزارات تعطي الموظف دورتين سنويتين بحسب اختصاصه أو غير ذلك، وتصر الشركة على بعث الموظف إلى دورة ليست ضمن اختصاصه لإحساس الموظف بأنّ الشركة مهتمة به شخصياً وليس باختصاصه الوظيفي».

واعتبر الموالي «أن من ضمن مميزات الفكر الإداري الياباني هو خاصية أولوليات الجماعة على الفرد teamworking، وهي من السمات البارزة للمجتمع الياباني الذي يذوب من خلالها الفرد في المجتمع، بحيث تكون أولويات الجماعة أهم من الأفراد، وتبدأ الأهمية من أسفل الهرم إلى أعلاه».

ومن جهتها، قالت الاستاذة الجامعية فرزانة الأنصاري: «منذ أن قام دركر بكتابة أول كتاب عن مفهوم المؤسسة في العام 1946 إلى آخر كتابة حول كيفية صنع إدارة فعالة والذي حصل على درجة مكانزي، رأى أن الإدارة هي من أكبر التحديات والابتكارات في القرن العشرين، وهي كائن بشري وليست مادة جامدة، ففي ذلك الوقت كانت الإدارة تعتبر كائناً اقتصادياً بحتاً. كما تحدث كثيراً عن قوة الفكرة المشتركة وألا تكون هناك قرارات مركزية، بحيث تكون القرارات عبر مختلف الاختصاصات في المؤسسة».

وبيّنت الأنصاري أن «دركر انتقد المركزية في صنع القرار وأكد على ضرورة التسلسل، وقدم فكرة الإدارة بالأهداف، وذهب إلى وضع هدف على المستوى البعيد بحيث يتم التوصل إليه خلال مراحل متباعدة». مشيرةً إلى كتابه «مستقبل رجل الصناعة»، بأنه «لفت انتباه إحدى الشركات الصناعية الرائدة التي طلبته حين كانت شركة صغيرة لتنميتها إدارياً، وبفعل إدارته وخبرته نجحت هذه المؤسسة وأصبحت من كبريات المؤسسات عالمياً حتى هذا اليوم».

وركزت الأنصاري على 11 مبدأ قالت إنه لابد أن تتعلمه المؤسسات والمبتكرون للأعمال، وسردتها كالتالي:

- العثور على البديهي: بحث دركر عن الأشياء البديهية كي يحدد ويُعَرِّف أكثر حاجات ورغبات الناس الأساسية ذات أهمية، وهذا الأمر يحتاج إلى تنظيم من أجل تحديد هذه الرغبات، ما يؤدي في النهاية إلى أن تعثر على فرص نمو رائعة تفيد في المشروعات الصغيرة.

- مساعدة الموظفين على تنمية أنفسهم ودَلِّهم في المشروع الصغير على الطريق لأن يتعلموا كل جديد، فبيتر دركر يرى أن الاقتصاد العالمي يعتمد بشكل كبير على المعرفة، ولا سبيل للنمو فيه سوى عن طريق التعلم المستمر.

- التدريس: حيث قام بيتر دركر بدراسة التاريخ الأميركي والفنون اليابانية والإحصاء، خلال مشواره العلمي، ذلك لأن التدريس يتطلب تعلم مبادئ جديدة دوماً، لا مجرد حقائق جامدة.

- قياس قراراتك عند اتخاذ قرار مصيري: الكتابة في ورقة جميع التوقعات لفوائد اتخاذ مثل هذا القرار، ثم العودة لهذه الورقة بعد مرور تسعة شهور ومعاينة كيفية الأمور مقارنة بالتوقعات المسبقة لها. وقد حافظ دركر على القيام بهذه المقارنات بانتظام، من أجل تحديد نقاط الضعف والقوة فيه كمتخذ قرارات.

- الفضول: على كل صاحب مؤسسة كبيرة أن يحرص على إمطار موظفيه بالأسئلة التي من شأنها أن تجعلهم مركزين انتباههم على تحقيق أهداف المؤسسة، بينما على خبير التسويق القادم من خارج المؤسسة ألا يسأل عن شيء قبل أن يحرص على مراقبة كل ما يحدث بعينيه لفترة كافية.

- الثبوت على المبادئ: البحث عن أيِّ وكلِّ تعارض وتضارب بين ما يجب أن يكون وبين ما هو كائن بالفعل، ثم الحرص على التوافق بين الأمرين وإعادة الأمور إلى نصابها بالشكل الذي يكون مناسباً.

- تعلم كيف يفكر المستهلكون: هنا يجب تتبُّع الابتكارات لا البَدع، فالابتكارات تخلق قيمة مضافة، بينما الابتداع يخلق تسلية. وحتى يتم تحديد الفرق ما بين الاثنين، لا تسأل نفسك هذا السؤال: هل أحب هذا، بل ليكن السؤال هل سيدفع المستهلكون من أجل الحصول على هذا؟

- التفكير بمقياس كبير: الاختبار الفعلي لأي قائد أو مدير ليس محصوراً على ما سيفعله هذا القائد خلال بقائه في وظيفته، بل يمتد ليشمل مرحلة ما بعد رحيله عنها، فأهم شيء هو تأثير القادة على حياة مَنْ حولهم.

- ابتكار أنظمة جديدة: الفاعلية المثلى هي تحسين ما هو كائن بالفعل. ويجب هناك معاينة جميع جزئيات وملامح عمل المشروع الصغير، ثم تحديد بشكل منظم كيف يمكن أداء كل جزئية منه بشكل أفضل.

- تعلم تنظيم الوقت: وقتنا هو أغلى مواردنا، وما لم نُدِرْهُ بشكل فعال فلن نتمكن من إدارة أي شيء. ويجب التركيز على وقت الإبداع، فهذه هي الأشياء التي لها كبير التأثير على المشروع الصغير.

- الحرص على الوحدة الواحدة: ما لم يتحقق الالتزام، فكل ما هنالك هو الوعود والآمال بدون أفعال. ما يعني ضرورة التأكد من التزام فريق العمل (الموظفين) بتحقيق كل هدف من أهداف المؤسسة، وأهدافهم هم أيضاً.

وعرج الرئيس التنفيذي السابق لشركة ألمنيوم البحرين (ألبا)، أحمد النعيمي، على فكرة تبنّي المسئولية الاجتماعية، وقال: «لو اعتمدت فكرة المسئولية الاجتماعية التي ركز عليها دركر بصورتها الصحيحة سيكون مردودها في المدى الطويل أكبر، وأن تحويل مفهوم هذا المبدأ إلى علاقات عامة يعني إفساده وتجريده من محتواه القيّم. ولابد من العمل بهدف واضح وبمعايير».

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة «ريف» محمود الكوفي: «باعتقادي الشخصي أن كل عنوان من عناوين أفكار دركر بحاجة إلى جلسة حوارية منفردة، ولكننا نحتاج إلى تطوير الأفكار المطروحة لكي نستفيد منها في البحرين، وبحيث يمكن للإداريين إضافة قيمة مباشرة إلى كيفية إدارة المؤسسات وتطويرها بما يخدم برامج التنمية المستدامة»

الأب الروحي للإدارة الحديثة بيتر دركر - نزار البحارنة
الأب الروحي للإدارة الحديثة بيتر دركر - نزار البحارنة
أحمد النعيمي - محمود الكوفي
أحمد النعيمي - محمود الكوفي
جاسم الموالي - فرزانة الأنصاري
جاسم الموالي - فرزانة الأنصاري

العدد 4828 - الأربعاء 25 نوفمبر 2015م الموافق 12 صفر 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 12:57 م

      ريادة الاعمال

      أينما ترى تجارة ناجحة ، فحتماً هناك من اتخذ قراراً شجاعاً.
      بيتر دراكر

    • زائر 7 | 12:56 م

      كُن الأفضل

      كُن الأفضل في عملك او اتركه"معلم الإدارة بيتر دراكر

    • زائر 6 | 12:54 م

      الوقت هو أندر الموار

      الوقت هو أندر الموارد ، إذا لم تتمكن من إدارته .. فلن تتمكن من إدارة أي شيء آخر .
      - بيتر دراكر .

    • زائر 5 | 12:50 م

      الثقافة تأكل الإستراتيجية

      "الثقافة تأكل الإستراتيجية على الإفطار" - بيتر دراكر

    • زائر 4 | 12:48 م

      صناعة المستقبل

      كتب خبير الإدارة "بيتر دراكر" يوما:
      "إن الطريقة المثلى لأن تتنبأ بالمستقبل هي أن تصنعه"! = تحمّل المسئولية كاملة !

    • زائر 3 | 12:47 م

      الشخص الناجح

      الشخص الناجح يركز أكثر على فعل الشيء الصحيح،
      لا على فعل الشيء بشكل صحيح
      - بيتر دراكر

    • زائر 2 | 12:46 م

      يمكن تعلم القيادة وليست بالولادة

      القيادة يمكن تعلمها .. و يجب تعلمها.
      - بيتر دراكر

    • زائر 1 | 12:15 م

      من تويتر

      حدد "بيتر دركر" عمل المدير بخمسة وظائف هي:
      تحديد الأهداف
      ترتيب وتنظيم المجموعات
      التحفيز والاتصال
      التقييم والقياس
      تطوير الأفراد

اقرأ ايضاً