العدد 4830 - الجمعة 27 نوفمبر 2015م الموافق 14 صفر 1437هـ

صنقور: تقرير «تقصي الحقائق» صالح لأنْ يكون منطلقاً لحلحلةِ الأوضاع في البحرين

الشيخ محمد صنقور
الشيخ محمد صنقور

الدراز - محرر الشئون المحلية 

27 نوفمبر 2015

قال الشيخ محمد صنقور، في خطبته بجامع الإمام الصادق (ع) في الدراز أمس الجمعة (27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015): «إن تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق صالح لأنْ يكونَ مَدخلاً ومُنطلَقاً لحلحلةِ الأوضاعِ المأزومةِ في البحرين».

وبدأ صنقور خطبته، بنقل حديث للإمام علي بن أبي طالب (ع) في عهِده لمالكِ الأشترِ عندما ولَّاه على مصر، قال فيه: «ولْيَكُنْ أَحَبَّ الأُمُورِ إِلَيْكَ أَوْسَطُهَا فِي الْحَقِّ، وأَعَمُّهَا فِي الْعَدْلِ، وأَجْمَعُهَا لِرِضَا الرَّعِيَّةِ، فَإِنَّ سُخْطَ الْعَامَّةِ يُجْحِفُ بِرِضَا الْخَاصَّةِ، وإِنَّ سُخْطَ الْخَاصَّةِ يُغْتَفَرُ مَعَ رِضَا الْعَامَّةِ، ولَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الرَّعِيَّةِ أَثْقَلَ عَلَى الْوَالِي مَؤونَةً فِي الرَّخَاءِ، وأَقَلَّ مَعُونَةً لَهُ فِي الْبَلَاءِ، وأَكْرَهَ لِلإِنْصَافِ وأَسْأَلَ بِالإِلْحَافِ، وأَقَلَّ شُكْراً عِنْدَ الإِعْطَاءِ وأَبْطَأَ عُذْراً عِنْدَ الْمَنْعِ، وأَضْعَفَ صَبْراً عِنْدَ مُلِمَّاتِ الدَّهْرِ، مِنْ أَهْلِ الْخَاصَّةِ، وإِنَّمَا عِمَادُ الدِّينِ وجِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ، والْعُدَّةُ لِلأَعْدَاءِ الْعَامَّةُ مِنَ الأُمَّةِ، فَلْيَكُنْ صِغْوُكَ لَهُمْ ومَيْلُكَ مَعَهُمْ، ولْيَكُنْ أَبْعَدَ رَعِيَّتِكَ مِنْكَ وأَشْنَأَهُمْ عِنْدَك أَطْلَبُهُمْ لِمَعَايِبِ النَّاسِ».

وذكر صنقور أن «هذه المقطوعةُ من عهدِ الإمامِ عليٍّ (ع) لمالكِ الأشتر متصدِّيةٌ لبيانِ ما ينبغي أنْ تكونَ عليه طبيعةُ العلاقةِ بينَ الحاكمِ والرعيةِ، وقد صَنَّفَ الإمامُ (ع) فيها الرعيَّةَ إلى صِنفينِ، عبَّرَ عن الصِنفِ الأولِ بالخاصَّةِ، وهم الطبقةُ المُترَفةُ والمُتنفِّذَةُ الذينَ يَحظونَ بامتيازاتٍ خاصَّةٍ إمَّا بسببِ العلاقةِ النسبيَّةِ أو لأنَّهم تَبوؤا مناصبَ نافذَة في الدولةِ، والصِنفُ الثاني من الرعيَّةِ عبَّرَ عنهم الإمامُ (ع) بالعامَّة، وهم السَوادُ الأعظمُ من الناسِ بمختلفِ مستوياتِهم الثقافيَّةِ والاجتماعيَّةِ، فهم العُمَّالُ والزُرَّاعُ والصُّناعُ والحِرفيُّونَ والأطباءُ والمُهندِّسونَ والمُعلِّمونَ والباعةُ وصِغارُ التُّجارِ وغيرُهم من فِئاتِ المجتمع».

وبين صنقور أن «الصِنفُ الأولُ وهمُ الخاصَّةُ فوَصفَهمُ الإمام علي (ع) بأنَّهم أثقلُ مؤونةً في الرخاءِ، فحوائجُهم ورواتبُهم وأُعطياتُهم وأسبابُ معايشِهم ووسائلُ الرفاهِ لهم تُكلِّفُ الدولةَ باهظاً، فقد يفوقُ ما يَتقاضونَه من نفقاتٍ مَجموعَ ما يتقاضاهُ العامَّةُ مُجتمعينَ، ورُغمَ ذلك فهم -كما يقولُ الإمامُ- أقلُّ مَعونةً في البلاءِ، إذ إنَّ بناءَ الدولةِ يكونُ بسواعدِ غيرِهم، وعلى غيرِهم يكونُ المعوَّلُ في حمايةِ مقدَّراتِها ونموِّ اقتصادِها، وهم مع ذلك لا يشكرونَ العطاءَ بل يطمحونَ أبداً في المزيدِ، ولا يَقبلونَ العذرَ، فأيَّاً كانتِ الظروفُ فإنَّهم لا يقبلونَ باجتزاءِ شيءٍ كانوا يتقاضونَه، ولا يصبرونَ عندَ مُلمَّاتِ الدهرِ، فحينَ تُلِمُّ بالدولةِ نازلةٌ فإنَّ أعباءَها وتَبعاتِها يَجبُ أنْ يتحمَّلَها غيرُهم، فهم في سِعةٍ من جهتِها، إذ لا يَرضونَ بأنْ يُنتقصَ شيءٌ من امتيازاتِهم، ثم وصفَهم الإمامُ (ع) بأنَّهم يكرهونَ أنْ تُساسَ الرعيةُ على قاعدةِ العدلِ والإنصافِ بل وصفَهم بأنَّهم الطبقةُ الأكثرُ خشيةً وكراهيَّةً لتعاطي العدلِ والإنصافِ في إدارةِ شئونِ الناس».

وأوضح صنقور أن «الصِنفُ الثاني من الرعيَّةِ هم العامَّةُ فبِهمْ تَنتظمُ الأمورُ، وعليهمْ وبهمْ تقومُ الأسواقُ، وعلى كواهلِهم تنتعشُ المصالحُ والمنافعُ والمعايشُ، وعليهمْ مع ذلك كلِّه المعوَّلُ وهم -كما أفاد أميرُ المؤمنينَ- العمادُ لو دَهَمَ البلادَ خَطْبٌ أو ألمَّتْ بها نائبةٌ، فهم العُدَّةُ في درءِ الأخطارِ وباجتماعِهم تكونُ المِنعةُ والعِزَّةُ، وباسترضائِهم تنعمُ البلادُ بالأمنِ والاستقرارِ، وحينَ يسخطونَ يَنتقضُ النظمُ، ويسودُ الاضطرابُ، ويَدبُّ الضَعْفُ، ويَعُمُّ الشِقاقُ والنِزاعُ، ولهذا شدَّدَ أميرُ المؤمنينَ (ع) على لزومِ الإصغاءِ للعامَّةِ والتحرِّي الوثيقِ لآرائِهم وتطلعاتِهم وهواجسِهم، وليس ذلك وحسب بل أكَّدَ على لزومِ الميلِ لهم والتغليبِ لمصالحِهم على مصالحِ الخاصَّةِ، وأفاد إنَّ ذلك هو ما يَقتضيهِ الحقُّ والعدلُ، وهو الأجمعُ لرضى الرعيَّة».

وشدد صنقور على أن «الدولةَ المَنيعةَ والعصيَّةَ على الابتزازِ من أيِّ طرفٍ هي الدولةُ التي تستطيعُ أن تحتجَّ على كلِّ قرارٍ تتَّخذُه بأنَّه قرارٌ فرضتْه الإرادةُ الشعبيَّة ولا مناصَ من اعتمادِه، حينذاك لا يسعُ من أحدٍ ابتزازُها، بل هي مَن تفرضُ احترامَها وتقديرَها على كلِّ أحدٍ».

وتابع «وحتَّى لا نُحلِّقَ بعيداً فثمةَ تقريرٌ تمَّ اعتمادُه محليَّاً ودوليَّاً وتمَّ التوافقُ على التنفيذِ لتوصياتِه، هذا التقريرُ هو الذي صاغتْه لجنةُ تَقصِّي الحقائقِ منذُ 4 سنواتٍ، وقد أقرَّتِ الأممُ المتَّحدةُ بِمُصداقيَّتِه، وهو يحظى بقبولٍ مشتركٍ، لذلك فهو صالحٌ لأنْ يكونَ مَدخلاً ومُنطلَقاً لحلحلةِ الأوضاعِ المأزومةِ في البلد، ثم يتمُّ البناءُ عليهِ للخروجِ بصيغةٍ توافقيَّةٍ تَضمنُ المعالجةَ الجذريَّةَ القادرةَ على حمايةِ حقوقِ أبناءِ البلدِ بكلِّ أطيافِه وفي مختلفِ مواقعِه، إنَّ ما ينقصُنا هو الجِدِّيةُ والوثوقُ بقابليَّةِ هذا التقريرِ للبناءِ عليه والخروجِ به ممَّا نحنُ عليه من أوضاعٍ تضرُّ في مآلها بمصلحةِ الوطن».

العدد 4830 - الجمعة 27 نوفمبر 2015م الموافق 14 صفر 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً