العدد 4830 - الجمعة 27 نوفمبر 2015م الموافق 14 صفر 1437هـ

كشكول مشاركات ورسائل القراء

الإنسان وسياسة «الاستخلاف»

بعد التطور الهائل لأساليب الحياة وبعد الطفرة التكنولوجية التي يشهدها العالم يومًا بعد يوم، أصحبت البيئة حولنا شيئًا فشيئًا متبينة بالشكليات لا العمق، وأصبح كل شيء مرتبطًا بتحويل البشر بعض النعم إلى نقم من خلال التعدي على حقوق الغير والبيئة حولهم، ونسي البعض كونه جزءاً من كُلّ في منظومة الحياة، بل ظن أنه هو الكل وما حوله جزء فصال وجال في كِبر بالغ، مسخرًا لسانه وفعاله لمصلحته أولاً في جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية.

إن السياسة ما هي إلا إدارة الأنماط المتعددة لنشاط التفكير الإنساني ضمن استراتيجيات محددة ولا يشترط أن تكون نتاجًا لعلاقة بين إنسان وإنسان، بل قد تكون علاقة إنسان بحيوان أو نبات أو حتى جماد، ومن هذه الأنماط علاقة الإنسان ببيئته، وعلاقته بالأرض وما يملك عليها، فإعمار الأرض مثلاً يقتضي حماية البيئة ومكوناتها ومنع إتلاف طيباتها التي رُزقنا إياها وذلك يعد جزءًاً من سياسة الإنسان ببيئته.

قد نرى البعض يعيث في الأرض فسادًا ويلوث ويتلف، وهنا تجدر بنا الإشارة إلى أن علاج التلوث البيئي لا يمكن أن يعالج بسن القوانين والتشريعات؛ لأن التلوث البيئي مرتبط بأمراض نفسية: كالطمع والجشع، وغياب الرؤية الصحيحة. كل ذلك متجذر في داخل الإنسان، فإذا أردنا علاجه علينا معالجة النفس أولاً وتلقينها جيدًا لكيلا تتسبب في هلاكنا إذا ما ظلت على تلك الشاكلة.

عزيزي القارئ، تذكر أن هذا الكون ليس ملكك، وهذه الأرض ليست ملكك إنما أنت مستخلف فيها، بل تلك الأرض هي بيت الله فلا تلوث أرض الله، وكأنك لست مكلفًا بحمايتها، بل كن كما خلقك الله: مستخلفًا معمِّرًا للأرض.

إن دور الإنسان في الحفاظ على الثروة النباتية والحيوانية يعد سبيلاً للحفاظ على التوازن البيئي بشتى أنماطه، وكذلك هي سياسة التشجير (الاستزراع) التي تعد من أبرز التكاليف لمناصري الحفاظ على البيئة، وسبيلاً لتحقيق النظافة البيئية بعيدًا عن أوساخ التحضر.

أما النظافة فهي مسألةٌ أخلاقيةٌ في المقام الأول، فأخلاقنا يجب أن تبعدنا تلقائيًّا عن كل قذارة وترشدنا نحو التحلي بأخلاق المؤمن النظيف قلبًا وقالبًا.

خلاصة القول تكمن في أن الفرد منا يجب أن يتعاطى مع بيئته على حسب المذهب الاستنفاعي وروح الإعمار من خلال تحقيق التوازن بين الاستفادة من مواردها وبين الرؤية التي تقتضي ضرورة إعمارها، أي أن يتعامل كل فرد مع بيئته في جهتين آخذًا ومُعطيًا، على أن يكون التعاطي استخلافيّاً إعماريّاً وليس استخداميّاً لتلبية احتياجاته المادية والمعنوية فقط. ولابد أن يعي كل فرد أن ملكيته لكل ما رزقه الله به ما هي إلا ملكية اعتبارية وذلك لا يعني أبدًا إتاحة حرية التصرف له بما يظن أنه يملك وإتلافه لبيئته أو تسببه لضرر ما لجزء من البيئة مهما يكن بسيطًا أو صغيرًا.

إن ثمار الحضارية ليس حصاد الأمس وإنما هوية تمتد منذ الأزل، أي منذ بدء الخليقة ما يعني أننا لسنا نحن من زرعنا أشجار الحضارة وزينا البلاد بها كما يعتقد البعض، بل كان كل شيء يشبه كينونته اليوم، من سياسة واقتصاد، أو تعليم أو صحة، لكنه يختلف في تقنية توظيف الموارد البيئية والمادية والبشرية وكيفية التعاطي مع البيئة من حوله.

هذه الأنماط الفكرية أعلاه لو سرنا عليها ستعود علينا آثارها أضعافًا مضاعفة من جميع الجهات، وتؤدي بنا إلى طريق الإعمار الذي خُلقنا لأجله بدايةً، ولو لم نفعل فنحن من سنتسبب في اندثار سياسة الإعمار وبذلك اندثار الإنسان.

رسالة من إنسان: اجعل من بصيرتك تعتاد الرؤية الاستخلافية الإعمارية للكون لا الاستخدامية فقط، وعزز في نفسك نظرة الرحمة والشفقة التي يجب أن ينظر بها كل إنسان إلى الكون حوله، وإياك وتحويل النعم إلى نقم من خلال التوظيف السلبي لموارد الأرض، واسعَ لتحقيق السلام بينك وبين بيئتك لتحيا في سلام.

سوسن يوسف

نائب رئيس فريق البحرين للإعلام التطوعي


بحر الحكايات مفتاح للعيش في واقع آخر

ثمة واقع مؤلم نريد الفرار منه فنجعل الروح تتوه في عالم الروايات فتتجرع من كأس الحروف والكلمات لتعيش حياة مغايرة تنفس عن همومها وخواطرها، منا من يتوق لقراءة الروايات الخيالية ليحقق رغبات ذاته التي يحلم بها، ومنا من يعشق الروايات الاجتماعية التي تحكي عن المحيط الذي ترعرع فيه ليتوصل لحل عقدة المشاكل التي يمر بها بشكل منطقي ومنا من يحب الروايات الرومانسية للتحليق في فضاء الهيام الذي يفتقده.

وكل كاتب في أدب الروايات له أهداف يريد إيصالها للناس بالكتابة فيخط إبداعه على الورق طارحاً قضية فكر أرهقت مجتمعه على مدى السنين التي تربعت فيها على عاتقه، ولكن كل شخص يتذوق الأفكار المتناثرة من حوله على حسب طريقته وعقليته الخاصة كالطعام الذي نتناوله ولكن بأذواق مختلفة، أحياناً الكلمات تترجم ما يجول في داخل قلوبنا عندما يغيب الأخلاء وعندما لا نجد آذاناً تصغي لمعاناتنا فنتجه لمنحى الروايات التي تنسج حكايانا بإتقان مترابط وقوي.

وفي أثناء وجودنا في قوقعة القراءة المستمرة نشعر بأننا نسبح في بحر من الحكايات الزاخرة بالعظة والعبرة ونتخيل سلسلة الأحداث، وخصوصاً إذا قرأنا أنفسنا في شخصية من الشخصيات فنتقمص الدور إلى النهاية، وعندها نعي أن الكاتب نجح في سرد المضمون الذي يود إرساله لعقولنا لأنه جعل الذاكرة تبرمج الأحداث كمسلسل تلفزيوني تشاهده الأعين.

الروايات هي أكثر الفنون الأدبية التي تستقطب مختلف الأعمار ولكن لكل رواية جمهور مختلف ومعين، فعلينا انتقاء ما يناسبنا ويناسب عقلية أبنائنا لاستيعاب الفكرة قدر الإمكان وبالشكل السليم لكي لا ننحرف عن مساراتنا ومبادئنا وليس ما نقرأه يمثلنا بل يعلمنا دروساً تحمينا من شرارات الحياة وغدرها.

وأخيراً... لابد على الجميع أن يقرأ بشكل يومي لأن القراءة تنمي العقل وتزيد المعارف وتغذي الفكر وتؤثر على سلوكياتنا في الطريق الأفضل إذا أحسنّا الاختيار للروايات التي تناسبنا.

حميدة صباح


طفلة تحاكي السماء...

في بلد يستصرخ ومن قريب استنزفت مقدراته، وفي ضاحيةٍ قد غلبها الدمار وبجانب أحد أشباه البيوتات، وفي العراء وعلى الأنقاض المتناثرة وزفير الشتاء القاسي الذي ينذر باقتراب المآسي، في أجواء سادتها اللوعة، جلست طفلة صغيرة لفتها الدهشة من جانب والخوف والحنين من جانب آخر تدور بطرفها يمنة ويسرى تبحث عن ضالة لها فخنقتها العبرة وعلا نشيجها المتقطع.

تتأوه حسرة تمر بطيفها الصغير على ذكريات مع أحبةٍ لها، قسمات البراءة على وجنتيها الشاحبتين وقد تملّكها الذعر من مستقبلٍ مجهول وتقطعت بها السبل، رمقت السماء بطرفها وشفتاها الذابلتان تتمتمان بعبارات امتزجت بدموعٍ تتحدر بحرقة البراءة الضائعة، تحاكيها...

رباه إني خائفة... رباه إني جائعة...

فاستذكرت أياماً جميلة ورددت: كان لي منزل صغير يجمعنا ويحمينا من البرد والحر نشأت وترعرعت بين جوانبه المتصدعة... وكان لي والدٌ مشفق يمسح بيديه الحانيتين على شعري يتودد إليّ، يرفع عني ويلات العوز والحرمان ويقف حائلاً بيني وبين النازلات... انتظرتهُ طويلاً فلم يعد... رباه.. أعد لي والدي تقر به عيني ويسكن خاطري...

سكتت برهة وتعالى نشيجها وقالت: كان لي إخوة صغار نلهو معاً ونملأ المكان غبطة بضحكاتنا نجري ونتراشق بعض الحصيات من زقاقنا الضيق.

نقبض قبضة من ترابه نشمها... آه... ما أجمل عبق الأرض... رباه أعدهم لي...

فعاودت الصمت هنيئة وعلا بكاؤها، كانت لي أم رؤوم أكاد اسمع نبضات قلبها حين تضمني إلى صدرها الدافئ...

تلازمني إذا مرضت فلا تبرحني وكانت تقص علي القصص في المساء وتخبرني أنك الأقوى... إلهي، وأنك لا ترد دعاء الصغار رباه...

رباه أعد لي والدي وإخوتي... رباه أعد لي وطني.

نهاية الحواج

العدد 4830 - الجمعة 27 نوفمبر 2015م الموافق 14 صفر 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 4:10 ص

      ابو ناصر .

      الفال ليكم ان شاء الله ماقصرو حصلت بيت الف الحمد لله. مترين في متر .

    • زائر 6 | 1:25 ص

      اعجبني

      اعجبني ما كتبتي حميده صباح

    • زائر 11 زائر 6 | 5:11 ص

      ههههههه

      تدري انك شغال ويهم ههههه .

    • زائر 5 | 10:09 م

      اي موضوع لحم

      لقد طار اللحم وطار النائب مع اللحم من زمان ليش توكم تعرفون ان النواب لايستطيعون تحريك سكن فى البحرين نعم تقول دولة الكويت بان النائب يستطيع مناقشة اي موضوع مع الحكومة وليس فى البحرين

    • زائر 4 | 9:42 م

      مجلس النواب

      يا مجلس النواب اين الوعود بناسبة الى المواطن حسب قولكم سوف تتناقشون مع الحكومة بخصوص الدعم عن موضوع اللحم ؟

    • زائر 3 | 9:40 م

      العلاقات العامة فى وزارة الاسكان

      السئوال مطروح الى وزارة الاسكان وقسم العلاقات العامة لماذا لاترد وزارة الاسكان مثل باقى الوزارات على المواطن فى الجريدة ؟؟؟ فقط سؤال واتمني الجواب ومشكورة يا جريدة الوسط

    • زائر 2 | 9:35 م

      وزارة الاسكان

      ياوزارة الاسكان الم يحين الاوان الى اصحاب الطلبات القديمة للحصول على الوحدات السكنية حسب الجدول المدرج لديكم فى الوزارة فقط وعود طلبات اكثر من 25 عام فى الانتظار

    • زائر 1 | 9:32 م

      وزارة الاسكان واصحاب الطلبات القديمة

      ياوزارة الاسكان نحنون اصحاب الطلبات القديمة والتي تجاوزات 30 عام فى الانتظار والعام اقترب على الانتهاء ونترقب اي اتصال من الوزارة وبعد مراجعتي تقول الوزارة سوف تحصل على الوحدة السكنية يعني بيت العمر ولاكن ليس مع الدفع وعليك الانتظار واريد اعرف وبع صبري لمدة 30 عام اليس لى الحق فى الحصول على المنزل مثل باقى المواطنين الشرفاء ويوجد ناس اكثر مني فى الانتظار تجاوز طابهم 35 سنة اذا اين لجنة المتابعة فى وزارة الاسكان ( منالمواطن ع ح ع ص ) وطلبي من عام 1986 واشكر جريدة الوسط جزيل الشكر والتقدير

اقرأ ايضاً