العدد 4843 - الخميس 10 ديسمبر 2015م الموافق 28 صفر 1437هـ

المرزوقي: العملة الخليجية الموحدة مدعومة بمخزن نفطي وغاز ضخم

الرئيس التنفيذي للمجلس النقدي الخليجي رجا المرزوقي - تصوير عيسى إبراهيم
الرئيس التنفيذي للمجلس النقدي الخليجي رجا المرزوقي - تصوير عيسى إبراهيم

قال الرئيس التنفيذي للمجلس النقدي الخليجي رجا المرزوقي: «إن العملة الخليجية ستكون مدعومة بمخزون نفطي وغازي ضخم»، فدول الخليج لديها نحو 40 في المئة من احتياطي النفط العالمي، و20 في المئة من احتياطي الغاز العالمي.

وأضاف في محاضرة بعنوان «اقتصاديات دول مجلس التعاون والآثار الاقتصادية المتوقعة للاتحاد النقدي الخليجي»، أن «الصادرات والإيرادات النفطية ستجعل العملة الخليجية من العملات المهمة التي ستأخذ مكانتها في الأسواق... سيكون للعملة موطئ قدم في الأسواق الدولية».

وأكد أن دول الخليج العربية تشكل منطقة عملة مثلى، وهي تلبي الشروط، لإصدار عملة خليجية موحدة. كما أكد أن «المصرف المركزي الخليجي في حال تشكيله في المستقبل سيكون مستقلاً استقلالاً تامّاً في قراراته وسياساته».


أكد أن المصرف المركزي الخليجي سيكون مستقلاً في قراراته

المرزوق: دول مجلس التعاون الخليجي تشكل منطقة عملة مثلى

الجفير - عباس المغني

قال الرئيس التنفيذي للمجلس النقدي الخليجي رجا المرزوقي، إن دول الخليج العربية تشكل منطقة عملة مثلى، وهي تلبي الشروط، لإصدار عملة خليجية موحدة.

كما أكد في محاضرة بعنوان: «اقتصاديات دول مجلس التعاون والآثار الاقتصادية المتوقعة للاتحاد النقدي الخليجي»: «إن المصرف المركزي الخليجي في حال تشكيله في المستقبل سيكون مستقلاً استقلالاً تاماً في قراراته وسياساته».

وتحدث المرزوق في المحاضرة عن خصائص العملة المثلة، وذكر أن التبادل التجاري أحد عناصر «منطقة عملة مثلى»، وهذا يصلح للدول الصناعية وليس للدول النامية، والدول الأوروبية تناسبها لأنها صناعية وهياكلها الاقتصادية قد اكتملت، أما دول الخليج فهي دول نامية وهياكلها غير مكتملة وهذا العنصر لا يناسبها، فهي تعتمد بشكل كبير على الاستيراد، ونسبة الصناعة في هيكل اقتصاديات الخليج يصل إلى 10 في المئة، لكن دول الخليج تسعى إلى زيادة القطاع الصناعي ومساهمته في الناتج المحلي الإجمالي.

وبيّن أن دول الخليج مفتوحة على التجارة الخارجية، تلبي احتياجاتها من الاستيراد من الخارج، وأغلب صادرات الخليج من النفط، هو ما يعني أن المجال مازال مفتوحاً لتطوير الاقتصاد وإمكانية تغيير هياكله.

أما العنصر الثاني لمنطقة العملة المثلى، حركة عناصر الإنتاج، وحركة رأس المال والعمالة، وأوضح المرزوقي: «إنه إذا كانت هناك دولة فيها بطالة، ودولة أخرى فيها نشاط اقتصادي وتحتاج إلى أيدٍ عاملة، فإن العمالة تنتقل من هذه الدولة إلى الدولة الأخرى، لإحداث التوازن دون أن يتدخل المصرف المركزي، وكذلك ينطبق هذا على رأس المال وباقي عناصر الإنتاج».

وعن عنصر تقارب معدلات التضخم، قال المرزوقي: «هناك تقارب في معدلات التضخم بين دول مجلس التعاون الخليجي»، وهو ما يعني أنها مستوفية أحد شروط العملة.

كما أكد وجود تقارب في السياسة النقدية، قائلاً: «هناك استقرار في العملات الخليجية أمام الدولار، وهذا يساعد على التحول من العملة المحلية إلى عملة موحدة».

وأشار إلى التشابه في السياسة المالية بين دول مجلس التعاون، وكذلك تشابه مصادر التأثير، لأن من شروط العملة المثلى أن تكون مصادر التأثير متشابهة ليسهل على السياسة النقدية التعامل معها، ومن الملاحظ أن دول الخليج مشتركة في التأثير المتغير مع أسعار النفط.

وأكد أن دول الخليج العربي مستوفية كل الشروط ماعدا شرط التبادل التجاري.، وما يدعمها اللغة الواحدة، العادات، الدين، الدخل، الأنظمة السياسية والاقتصادية المتشابهة، أسعار الصرف للعملات ماعدا الكويت.

وأشار إلى أن السياسة النقدية في دول الخليج غير فاعلة نظراً لتثبيت أسعار الصرف مع الدولار الأميركي.

وعن الآثار المترتبة على تنازل الدول عن عملتها المحلية لصالح عملة موحدة، قال هناك إيجابيات وسلبيات».

من الإيجابيات الشفافية في الأسعار، تتحول من أربعة أسواق إلى سوق واحدة، فتكون هناك شفافية ووضوح في الأسعار ومقارنتها، وكذلك استقرار الأسعار، وانخفاض التضخم، ومصداقية الأسواق لما يقوم به المركزي إذ إن يمثل أربع دول وليس دولة واحدة.

ومن بين الفوائد خفض تكاليف تحويل العملة، وضرب مثلاً: «إن شركة سعودية استثمرت في الخارج، وعند تحويل العملة من البلد المستثمر فيه إلى العملة السعودي تكبدت خسائر بنحو ملياري ريال بسبب صرف العملة، ولكن بوجود عملة موحدة فلن تكون هناك خسائر في سعر الصرف.

ومن الفوائد تقليل نسبة المخاطر، إذ سيكون هناك تقاسم للمخاطر، كما أن الاستثمارات ستكون أعلى لأن المستثمرين سينظرون إلى سوق عدد سكانه 30 مليون نسمة لأربع دول، وليس سكان دولة واحدة.

وقال: «مثلاً لو أن مستثمراً يريد أن يستثمر في البحرين، فإنه سينظر إلى سوق البحرين بنحو 1.2 مليون نسمة، ولكن إذا تم إصدار عملة موحدة، فإن المستثمر سينظر إلى 30 مليون نسمة».

ومن الفوائد: القدرة التفاوضية، حيث إن الدولة عندما تفاوض لن تفاوض على أنها دولة واحدة، وإنما تمثل أربع دول، تمثل تكتل اقتصادي ضخم يبلغ 1.6 تريليون دولار.

وأكد أن الدول التي تستخدم عملة واحدة، يرتفع فيها حجم التبادل التجاري بينهم، وهذا سيشكل فرصاً هائلة للقطاع الخاص للاستثمار في الصناعات التي تغذي الطلب في التجارة البينية.

وبيّن أن دول الخليج نفطية وتعتمد في تلبية طلبها بشكل كبير على الاستيراد، وهنا سيأتي الاتحاد النقدي كأحد الأدوات والعوامل المساعدة في تنويع واستقطاب استثمارات.

وعن التكاليف من إنشاء عملة موحدة، قال: «التنازل عن جزء من السياسة النقدية لصالح المصرف المركزي الخليجي، ولا يكون تنازل بقدر ما هو مشاركة في القرار، لأن كل دولة سيكون لها نسبة تصويت متساوية مع الأخرى».

وأكد قائلاً: «ما نسميه خسائر ناتجة من إلغاء العملة المحلي لصالح العملة الموحدة، لا أعتبره خسائر أمام الفوائد، فالفوائد كبيرة، وأنا مؤمن بقوة بأن العملية الخليجية هي خيار استراتيجي وأن الظروف مهيئة».

وفي سؤال النائب الأول لرئيس مجلس الشورى جمال فخرو: «هل سيكون البنك المركزي الخليجي مستقلاً تماماً كما هو البنك المركز الأوروبي في قراراته وسياساته».

فأجاب المرزوقي: «نعم، سيكون مستقلاً في قراراته وسياساته، هذا ما تعمل عليه دول الخليج العربي».

ثم عرض متطلبات تحقيق الاتحاد النقدي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بالعمل على تأهيل المنظومة المؤسساتية والتشريعية اللازمة، على أسس الكفاءة والفعالية. وعليه فإن نجاح الاتحاد النقدي وديمومته يرتكز إجمالاً على توافر ما يلي:

1 - الإرادة السياسية: يحظى مشروع الاتحاد النقدي وإصدار العملة الموحدة باهتمام كبير من قبل قادة دول المجلس، تجسد هذا الاهتمام من خلال المتابعة المباشرة والدعم الواضح من خلال عدد من القرارات التي انعكست على مسيرة الاتحاد النقدي، وسجلت ترجمة واضحة للرؤية والإرادة السياسية نحو تحقيق الاتحاد النقدي.

وفي يناير/ كانون الثاني 2010م، استكملت دول المجلس الأعضاء في اتفاقية الاتحاد النقدي المصادقة على اتفاقية الاتحاد النقدي. وفي 27 فبراير/ شباط 2010م، دخلت اتفاقية الاتحاد النقدي حيز النفاذ، وفي 27 مارس/ آذار 2010م، دخل النظام الأساسي للمجلس النقدي حيز النفاذ، وعقد مجلس إدارة المجلس النقدي أول اجتماع له في 30 مارس 2010م بمدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية.

2 - تجانس الهياكل الاقتصادية للدول الأعضاء: تعتبر الدول الأعضاء مرشحاً طبيعياً لتحقيق الاتحاد النقدي، فتجانس هياكلها الاقتصادية يجعل منها نسيجاً اقتصادياً قادراً على التعامل مع القرار الاقتصادي الواحد.

3 - التقارب المالي والنقدي: من المرتكزات الأساسية للاتحاد النقدي، ضرورة أن تحاكي اقتصادات الدول الأعضاء بعضها البعض في سلوكها المالي والنقدي، وذلك حتى يتسنى تحقيق كفاءة السياسة النقدية الموحدة. وقد اتفقت الدول الأعضاء على عدد من المتغيرات التي تضمن تحقيق درجة عالية من التقارب المالي والنقدي وهي كما يلي:

- معيار التضخم: يجب ألا يزيد معدل التضخم في أي من الدول الأعضاء عن المتوسط المرجح (بحجم الناتج المحلي الإجمالي) لمعدلات التضخم في دول المجلس زائداً نقطتين مئويتين (2 في المئة).

- سعر الفائدة: يجب ألا يزيد سعر الفائدة في أي من الدول الأعضاء عن متوسط أدنى ثلاثة أسعار للفائدة قصيرة الأجل (لمدة ثلاثة أشهر) في دول المجلس زائداً نقطتين مئويتين.

- كفاية احتياطيات السلطة النقدية من النقد الأجنبي لتغطية الواردات السلعية: يجب أن تكون احتياطيات السلطة النقدية في كل دولة كافية لتغطية تكلفة وارداتها السلعية لمدة لا تقل عن أربعة أشهر.

- نسبة العجز السنوي في المالية الحكومية إلى الناتج المحلي الإجمالي: يجب ألا تزيد نسبة العجز السنوي عن 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي (طالما كان متوسط سعر نفط سلة الأوبك في حدود السعر المقبول).

- نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي: يجب ألا تتجاوز نسبة الدين العام للحكومة العامة 60 في المئة، ولا تتجاوز نسبة الدين العام للحكومة المركزية 70 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي.

4 - توافق التشريعات المصرفية مع اتفاقية الاتحاد النقدي: يتطلب دخول الدول الأعضاء في الاتحاد النقدي، اتخاذ عدد من الإجراءات التي تضمن تحقيق درجة عالية من التقارب التشريعي بما يضمن فعالية الاتحاد النقدي وتنفيذ سياساته. وقد نصت اتفاقية الاتحاد النقدي على ذلك في المادة (17) «على الدول الأعضاء اتخاذ جميع التدابير والإجراءات لضمان انسجام تشريعاتها الوطنية بما فيها الأنظمة الأساسية لبنوكها المركزية مع أحكام هذه الاتفاقية بما يسمح للبنك المركـزي بممارسة وظائفه وأداء مهامه. وتلتزم البنوك المركزية الوطنية بما يصدره البنك المركزي من تعليمات في المسائل المتعلقة باختصاصات البنك المركزي».

5 - المشاريع التكاملية الأخرى: إن ضمان تحقيق الفائدة القصوى من الاتحاد النقدي، يتطلب اكتمال تنفيذ مشروعي الاتحاد الجمركي والسوق المشتركة. وقد خطت الدول الأعضاء خطوات مهمة في تنفيذ هذين المشروعين المهمين.

6 - تهيئة البنى المتعلقة بنظم المدفوعات ونظم تسويتها اللازمة للعملة الموحدة: يتطلب وجود عملة موحدة نظام مدفوعات موحد لتسوية المعاملات المالية التي تتم بهذا العملة بصفة آنية كما لو كانت تتم في بلد واحد. وتعمل اللجنة الفنية لنظم المدفوعات حالياً على تطوير خيارات التصميم المتاحة لهذا النظام، حيث تم تعيين شركة متخصصة للقيام بدراسة مشروع ربط أنظمة المدفوعات لدول المجلس، والذي يعتبر من المشاريع الاستراتيجية الكبيرة التي تعمل لجنة المحافظين على تنفيذها. وهناك جهة مشرفة مكوّنة من ممثلين عن جميع الدول الأعضاء.

7 - بناء منظومة إحصائية موحدة ومتكاملة للوفاء بمتطلبات الاتحاد النقدي، وتهدف هذه المنظومة إلى ما يلي:

- تفعيل الرصد المنتظم للبيانات الإحصائية، ما يساهم في تسهيل إجراءات الدراسات التحليلية والمقارنات الإحصائية المنتظمة.

- توافر إحصاءات متكاملة ومتجانسة بين الدول الأعضاء وهي ضرورة لاحتساب معايير تقارب الأداء الاقتصادي بموضوعية.

- المساهمة في فعالية السياسة النقدية، وتنسيق السياسات الإشرافية لمؤسسات الاتحاد النقدي في المرحلة المقبلة فمن خلال التأكد من مدى جودة تجانس وتناسق الإحصاءات ذات العلاقة وطرق احتسابها.

- تفادي النتائج السلبية المترتبة عن تفاوت آلية رصد وجمع البيانات ذات العلاقة بالاتحاد النقدي بين الدول الأعضاء.

8 - تبني تشريعات مصرفية وقواعد مشتركة في مجال الرقابة المصرفية بما يحقق الاستقرار النقدي والمالي.

عندما قررت الدول الأعضاء تحقيق الاتحاد النقدي، أخذت على عاتقها أن تقوم هذه الدول مجتمعة بحماية منطقة العملة الموحدة من الأزمات المالية بصورة مشتركة، والتأكد من وضع شبكة أمان موحدة لنظامها المالي، وعلى هذا الأساس فإن توحيد وتنسيق منظومة الإشراف والرقابة على الجهاز المصرفي تعد من أهم اشتراطات الاتحاد النقدي في دول مجلس التعاون، كما وضحتها اتفاقية الاتحاد النقدي، فالإشراف والرقابة على الجهاز المصرفي هو خط الدفاع الأول ضد الأزمات المالية، ولذلك فإن دول المجلس، الأعضاء وغير الأعضاء في الاتحاد النقدي، تعمل على بناء قواعد موحدة للإشراف على قطاعها المصرفي.

وفي الاجتماع الرابع والخمسين للجنة محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية بدول المجلس، الذي عقد في 19 مارس 2012 ، اعتمد العمل «بالمعايير الاسترشادية للرقابة المصرفية الموحدة لدول المجلس» بصفة استرشادية لمدة سنتين، كما تقرر تمديد العمل بها لفترة سنتين أخريين وذلك لاستكمال البنود غير المطبقة والمطبقة جزئياً ومراجعة البنود الواردة في الوثيقة بهدف مواءمتها مع تطورات بازل 3.

العدد 4843 - الخميس 10 ديسمبر 2015م الموافق 28 صفر 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً