تأخرت عن الإنجاب 5 سنوات، وأخرى تأخرت عن الزواج، وثالثة تعاني مشاكل مع زوجها، ورابعة تخاف من حسد فلانة لها وخامسة تعاني صداعًا مزمنًا، فذهبن إلى رجل الدين الفلاني فأعطاهن «حرزا» أو «عملا» وأخبرهن أن السبب هو عمل معمول لهن من فلان وفلانة، فقلن له كم الحساب؟، فطلب 40 ديناراً، أعطينه المبلغ ومضين آملات بتحقيق مطالبهن المتعسرة.

ذهبن إلى منازلهن منبهراتٍ وتحادثن مع قريباتهن وأمهاتهن بأن هذا الشيخ الفلاني أخبرهن بقضايا في حياتهن تؤكد انه صادق وملهم وعالم بالغيبيات، فهذه أخبرها أن لها قريبة عينها «حارة»، وتلك قال لها إن امرأة تركض وراء زوجها لتخطفه منها، والأخرى قال لها إنها تعاني من ضغوط في عملها وهو لا يعرف أنها تعمل، ورابعة قال لها إن سبب تأخرها في الإنجاب هو عمل ملقى في البحر أو دفن في أحد القبور، وهكذا.

جميعهن قلن إن الشيخ الفلاني لا يقدم عملا أو حرزا لهن إلا بالقرآن والاحراز المجربة، وأنهن سينلن ما يردن بعد عدة أشهر، وان من مقتضيات تحقيق آمالهن هو الإيمان بما يقوله ويقدمه إليهن، وأن الشك به سيخرب العمل أو الحرز المقدم لهن، ولن يستفدن منه شيئا!

بالطبع نحن نؤمن بأن القرآن فيه شفاء كل شيء بأمر الله، ولا نشك أن كلمات الله بلسم كل جرح، لكن ليس بهذه الطريقة وبهذا الشكل وبهذا الاستغلال، نحن نستغرب المتاجرة بالقرآن من أجل المال، فلماذا يطلب أحد 40 أو 50 دينارا من أجل أن يقدم حرزا فيه آيات مكتوبة، لامرأة تأخر حملها أو زواجها أو ليزداد زوجها حبا لها؟، ألا يعد ذلك استغلالا لمصائب الناس ومشاكلهم؟، وألا يعد ذلك نصبا باسم الدين والقرآن؟.

نحن لا نلوم بعض النساء على لجوئهن إلى أمثال هؤلاء، المرأة بطبيعتها طيبة وطاهرة وبسيطة ومؤمنة تثق بالدين كثيرا، وعندما تعجز بالطرق السوية من علاج وطب عن حل مشاكلها، وتسمع من الأخريات أنهن استفدن من الشيخ الفلاني والعلاني، فإنها تلجأ إلى الأمور الغيبية ولو من باب التجربة، لكننا نلوم أولئك الذين يتاجرون بالدين والقرآن لاستدرار الأموال والارتزاق من نساء، الله اعلم بحالهن ومعيشتهن وحياتهن!

نعم، تستغرب إذا علمت أن أمثال هؤلاء تحتاج، للدخول عليهم، إلى موعد قد يعطى لك بعد شهر أو شهرين بسبب الإقبال الكبير عليه من النساء غالبا، وبعضهن حائزات شهادات عليا، فأين ذهبت عقول الناس وأين الوعي الذي نتحدث عنه في مجتمعنا البحريني؟!

بحسب رأيي، فإن من هو صادق في مساعدة الناس في مثل هذه الأمور، لا يطلب مبلغا على ذلك لا صغيرا ولا كبيرا، ومتى ما ارتبطت مساعدته لهن بالمال، فعلينا أن نشك في نيته، ومتى ما بطلت نيته فأي فائدة ترجى من زيارته؟.

أمثال هؤلاء هم أقرب إلى النصب والاحتيال باسم الدين، فاحذرن أيتها النسوة منهم.