العدد 4911 - الثلثاء 16 فبراير 2016م الموافق 08 جمادى الأولى 1437هـ

ناجحون خارج بيوتهم وفاشلون فيها!

حسن المدحوب hasan.madhoob [at] alwasatnews.com

.

حدثتني إحدى الزوجات عن حال زوجها، وقالت انه إنسان ناجح جدا في عمله ومشهور اجتماعيا ومهنيا، لكنه فاشل جدا في بيته؛ لأن كل اهتمامه منصب على عمله.

وليس هذا هو لب الموضوع عندها، قالت إنها مستغربة جدا منه؛ لأنه محاضر ومدرب في مجال التنمية البشرية وتطوير الذات، وله الكثير من المحاضرات المسجلة في تطوير مهارات الأبناء ورعايتهم وابتكار الحلول لمشاكلهم، ويدعو دائما إلى جعل الأسرة في المقام الأول، لكنه على النقيض من ذلك في البيت، فهو لا يعرف عن دراستهم وتحصيلهم وسلوكهم ومشاكلهم؛ لأنه في الغالب يكون مشغولا في عمله، وعندما يكون حاضرا في المنزل يسأل عنهم أسئلة مقتضبة ثم يذهب لإكمال تحضيراته لورشة جديدة سيقدمها إلى الناس!

تقول الزوجة، ما فاجأني أنني كلما أتحدث معه عن موضوع الاهتمام بالأبناء ومشاركتي في رعاية المنزل، يرد علي بأنني أغار من نجاحاته، وأنني احتاج إلى أن أحضر إحدى ورشه التي يقدمها لأتعلم فنون رعاية الأبناء وحفزهم وخلق أفكار الابتكار والتميز في نفوسهم!

وتابعت الزوجة، في إحدى المرات سألته، لو خيروك بين حضور تكريم لأحد أبنائك في المدرسة وبين ورشة ستقدمها للناس ماذا ستختار، أجابني على الفور، سأحضر الورشة طبعًا؛ لأني ملتزم بوقتها أمام الناس، وأنت يمكنك حضور التكريم، وعند عودتي من الورشة سأشتري هدية له!

انتهت المحادثة مع هذه الزوجة. لكن بالتأكيد فإن هذا النمط من التفكير والحياة، سائد لدى العديدين من البحرينيين والبحرينيات على حدٍّ سواء، الذين نسوا أن النجاح شراكة وليس أنانية.

كثيرون منا يلجأون إلى العمل الإضافي بعد انقضاء أوقات أعمالهم الأساسية اليومية أملاً في إعاشة أسرهم حياة كريمة وخاصة في ظل الالتزامات الأسرية والظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها غالبية المواطنين البحرينيين، والبعض الآخر يذهب إلى العمل الإضافي من باب تحقيق الذات أو خدمة المجتمع وما شابه، وكل هذه الأمور مشروعة بل ومحببة وايجابية، لكن عندما تكون على حساب الأسرة والزوجة أو الزوج والأبناء، فإنها تحتاج إلى مراجعة ووقفة صريحة مع الذات!

البعض منا يدرك الآثار السلبية لهذه الالتزامات الإضافية ويحاول جهده في علاجها والتقليل منها، والبعض الآخر يتغاضى عنها، إما لأنه مجبر على ذلك بسبب ظروفه الصعبة، أو بسبب أنانيته في الحياة.

فما فائدة تحقيق الذات وتحقيق النجاحات المهنية مقابل أن يكون ثمنها مستقبل أسرته وأبنائه، وما هو النجاح الحقيقي، هل هو نجاح فرد على حساب بقية أفراد الأسرة؟

علينا جميعًا أن نتأكد أن حياتنا ليست لنا وحدنا، أسرنا وأبناؤنا جزء كبير منها أيضًا، والإنسان الناجح هو الذي يساهم في نجاحات أسرته وأبنائه، كما يجد ويجتهد في بناء نجاحاته الشخصية.

ما نزرعه اليوم في أسرنا سنحصده غدًا، إذا ابتعدنا اليوم عن أبنائنا وزوجاتنا أو أزواجنا، وهم في أمسّ حاجتهم إلينا، ليس ماديا فقط، وإنما عاطفيا ومعنويا وتربويا وأخلاقيا، فقطعا لن نجدهم سندا لنا في الوقت الذي سنكون فيه في أمس الحاجة إليهم غدا، والإنسان الناجح والسوي هو الذي لا يتخلى عن أسرته من أجل نجاحات تتبخر مع الزمن.

إقرأ أيضا لـ "حسن المدحوب"

العدد 4911 - الثلثاء 16 فبراير 2016م الموافق 08 جمادى الأولى 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 7:49 ص

      باب النجار

      على قولة اخوانة المصريين باب النجار مخلع

    • زائر 10 | 7:49 ص

      التربية الاخلاقية وتأسيس الشخصية الاجتماعية المتزنة هما اللذان يتأثران من انشغال الآباء
      خصوصا لما يصل الطفل لمرحلة المراهقة يكون بأمس الحاجة إلى من يتحدث معه ويرافقه في مسيرة الحياة باطمئنان مع
      وجود المغريات السيئة الأخرى.
      أحسنت

    • زائر 8 | 4:36 ص

      المدربين زادو في الديرة ....... نصبو احتيال بطريقة منمّقة

    • زائر 9 زائر 8 | 6:45 ص

      ناج

      ناجحون في الجامعه بمتياز راسبون في الوزاره كيف يصير

    • زائر 7 | 2:13 ص

      الطرفان

      الزوج والزوجة هما جناحين للأبناء لا غنى واحد عن الآخر فالطفل يحتاج إلى حنان الأم واشفاق الأب فترى مثلا الولد اليتيم يتحسس من فقدان الأم أو الأب رغم أشباع حاجاته المادية.

    • زائر 3 | 1:04 ص

      الام لا تعوض أبدا

      في وجود شخص الأب لا يمكن أن تعوض فالأبناء يحتاجون الأب كما الام اما حالات الفقد الطبيعي والقسري هنا يستجيب الأبناء أكثر لمفهوم غياب الأب من تجربة رغم الرعاية يظل هناك جزء في الطفل مكسور هو بحاجة لحضن الأب ورعايته وتوجيهه هو احتياج نوعي وليس كمي

    • زائر 1 | 10:15 م

      تصرف الزوج خطأ كبير و تصرف الزوجة بنقل ما يحصل في البيت الى الغرباء أو الخارج خطأ اكبر . ما غاية المرأة من الحديث عن زوجها الى الغير هل هو أصلاحه أم التشهير به أم مجرد فضفضة . من هنا تبدا المشاكل الاسرية حيث ينبري من في قلبه مرض ليلعب دور الرجل الشهم ليكون بديل الزوج أو تكون المرأة التي فضفض لها الرجل المرأة البديلة يعد ما تقنعه أو هكذا يريد ان يقتنع انها المرأة المفصلة بالمواصفات التي يريدها.

    • زائر 2 زائر 1 | 11:11 م

      اتفق معك ماعدا

      خطأ الزوج عادي جدا وممكن تعويضه بوجود الام وحسن تصرفها

    • زائر 6 زائر 2 | 1:21 ص

      احبتي نحن هنا ليس لإساءة النوايا في تصرف الزوجة فهذا حكماً مسبق ان لم نقل بهتان ، فلربما استنفدت كل الحلول، ولذلك وصل الامر الى هنا، فتصرف الزوج واضح تصرف اناني للشهرة، وطلب الزوجة حق طبيعي لكون السيطرة على الابناء لاتقوم الا على رب الاسرة،حيث انه الشخصية الاقوى في ادارة الاسرة، وهذا الزوج يعتبر حتى من الناحية الشرعية ،حيث في الحديث خيركم لاهلة ، اما يترك الاسرة ويذهب جل وقته للاخرين هذا خطأ كبير ، فبعد الاستهلاك من قبل المجتمع ، سيرى الضياع هو واسرتة، وعليه القيام بالواجب ،قبل فوات الاوان.

    • زائر 5 زائر 1 | 1:11 ص

      الزوجة

      يا أخي الزوجة لم تتكلم الا بعد معاناة في ازواج قمة في الاخلاق والتدين لكن شوف معاملته وكلامه مع الزوجة والاولاد ما تصدق هذا الزوج نفسه الي يصلي اول صف في المسجد واذا تكلمت الزوجة قالوا اطلع اسرار بيتها

اقرأ ايضاً