العدد 4922 - السبت 27 فبراير 2016م الموافق 19 جمادى الأولى 1437هـ

ضياع «الشباب» عن «الشباب»

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الانفجار الذي وقع في العاصمة الصومالية (مقديشو) يوم الجمعة (26 فبراير/ شباط 2016) يؤكد ظاهرة متكررة. فهذا الانفجار الذي أودى بحياة 12 شخصاً على الأقل، وذلك بعد استهداف فندق وحديقة عامة في وسط مقديشو، تبنَّته «حركة الشباب الإسلامية». وهذه الحركة هي ذاتها التي طُردت من مقديشو في 8 أغسطس/ آب 2011، عبر القوة العسكرية الإفريقية المسنودة دولياً. ومنذ أن خسر هؤلاء «الشباب» القسم الأكبر من معاقلهم، كانوا قد انتقلوا من القتال التقليدي إلى العمليات والاعتداءات الانتحارية.

هذا هو النمط الذي اتبعته حركة «طالبان» في أفغانستان، التي كان من المفترض أنها دُحرت بعد القصف الأميركي (بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001)، ولكن تلك الحركة اختفت بين القبائل والمناطق والحدود الوعرة، ونقلت عملياتها إلى داخل باكستان (التي كانت تسندها من قبل)، ومن ثم عادت لتحتل مناطق في أفغانستان... والآن ستضطر الحكومة الأفغانية (المدعومة من الأميركان) إلى التحاور معها، في الوقت ذاته الذي تستمر فيه عملياتها الإرهابية.

هذا هو النمط المتوقع من التنظيمات الإرهابية في كل من سورية والعراق بعد دحرها عسكرياً. فتلك التنظيمات ستنتقل إلى بلدان مجاورة، ومن ثم ستقوم بعمليات في تلك البلدان، وبعدها ستشنّ هجمات إرهابية على المناطق التي ستكون قد فقدتها. في كل الأحوال، فإن حركة «الشباب» من المفترض أنها تتكون من شباب في مقتبل العمر يقبلون على الحياة من أجل تعميرها والمساهمة في إنجازات يفخرون بها. كما إن حركة «طالبان» من المفترض أنها حركة «طلاب» المدارس الدينية التي نشأوا فيها، ومن المفترض أن الطلاب هم أكثر من يعشق الحياة. كما إن تنظيمات إرهابية مثل «داعش» تعتمد على الشباب من كل البلدان، وهؤلاء (بعضهم تخرج كطبيب) أيضاً يرتحلون آلاف الكيلومترات من أجل تفجير أنفسهم وقتل الآخرين في الأسواق والمساجد وفي أي مكان يتواجد فيه بشر لا يتبعون نهجهم المتطرف.

ما الذي يجعل شباباً في مناطقنا العربية والإسلامية يتحوّلون إلى قنابل مملوءة بحماس من أجل قتل البشر وتدمير البلدان؟ وكيف لا تتمكن بلداننا من احتضان الشباب وتحويلهم إلى طاقة لإجراء التغيير الذي يحقق سعادة لهم ولغيرهم؟ ولعلّه لا يوجد جواب واحد فقط، إذ إننا نرى كيف تخلق الحكومات والمجتمعات (في مناطق العالم الأخرى) شراكة مع الشباب، لتمكينهم من المهارات اللازمة لخلق حيوية ثقافية ورياضية واقتصادية وبيئية، وكيف توفر لهم وسائل الانخراط مباشرة في تنمية وإسعاد المجتمع الذي يعيشون فيه، وكيف توفر لهم فرصة ممارسة أدوار كبيرة تؤهلهم للعب أدوار سياسية أو ريادية في أي مجال. ولكن، فعلى العكس من ذلك، ترى مسمى «الشباب» ضائعاً عن «الشباب»، ومسمى «الطلاب» ضائعاً عن «الطلاب»... وهذا الضياع هو الذي يدفعهم لتضييع طاقتهم وتضييع البلدان والمجتمعات التي من المفترض أنهم ينتمون إليها.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4922 - السبت 27 فبراير 2016م الموافق 19 جمادى الأولى 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 6:47 ص

      مايحدث في المنطقة بين الدول الإسلامية من فتنة وتحارب طائفي خطير ليست بسبب السياسة أو مصالح مادية هذا الدول الأجنبية نظرتهم لتأييد هذه الدول أو تلك على حسب مصالحها

    • زائر 9 | 6:31 ص

      الاختلافات السياسية شئ طبيعي تحدث حتى في الدول الديمقراطية بين الأحزاب المدنية فيها بس هذا لا يولد الكراهية أو الحقد أو الإرهاب أو الفتنة

    • زائر 7 | 2:43 ص

      الفراغ

      ليست السياسة الخاطئة هي المسئولة الوحيدة عن ضياع الشباب بل هناك التربية الغير صحيحة والغير جدية ف تربيتهم للأولاد فتراهم غير مكترثين بأوقاتهم الثمينة .

    • زائر 6 | 2:25 ص

      إلا رهاب والإجرام والفتنة الطائفية التي تعني منه الأمة الإسلامية والعربية كانت تعني منه الدول الأوربية المسيحية إلى أن انعدوا دياناتهم ومذاهبهم عن السياسة ووجدوا الديمقراطية التي لا تخص أي ديانة أو مذهب عند اذا أسفرت وبدأ الازدهار فيها

    • زائر 5 | 12:56 ص

      ليس الدين هو السبب حيث جميع اﻷديان السماوية والمذاهب المختلفة تدعو إلى محبة الله ومحبة الناس والعيش مع البعض في محبة وسلام وإنما المشكلة في السياسات هي التى أوجدت وزرعة الكراهية والحقد بين المذاهب اﻹسلامية للأهداف سياسية بعيدة جدا عن القيم الدينية والإنسانية

    • زائر 4 | 12:25 ص

      ابحث عن السبب

      والسبب المناهج العابرة للقارات السبب المال الوفير العابر للقارات السبب توفير ملذات آمنة ومناطق تدريب لهم السبب إظهار الاعلام الموجه بانهم إسلاميون السبب انهم يملكون الوعاظ والمساجد المدعومة ماليا من البيئة الحاضنة لهم في ...

اقرأ ايضاً