العدد 4978 - السبت 23 أبريل 2016م الموافق 16 رجب 1437هـ

مطالبات ودعوات كالهباء المنثور

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

حينما يعالج بعض الكتاب، الموقف من بعض القوانين، تراهم يُضللون المواطنين، بالتجني تزويراً على النصوص القانونية، ليستبدلوها بمفردات من الكلمات اللغوية، للتعبير عن دواخلهم، بنتيجة عرض مواقفهم ما بين مع أو ضد، أو بين اللوم والتبجيل، لهذا الطرف السياسي أو ذاك، لتنتهي العبارة الى النهج الطائفي، بالمقارنة بين الموقفين المختلفين، سواء في المضمون أو التوقيت، أو النيل بالمثالب، ومن ثم الخلوص الى «إننا الشارع الفلاني وإنهم الشارع الفلاني» و«مشايخنا ومشايخهم»، ومن ثم الانحدار الى «إنهم أهل الكفر والبدع» و«نحن أهل السنة والجماعة»، لتنتهي الى عبارات الموقف السياسي «إنهم الخونة والمجوس والصفويون، المُستَقْوُون بالخارج لدى منظمات الأمم المتحدة، ونحن المحبون للوطن والقيادة، وحيَّ على الجهاد».

حتى مناقشات ذات المواضيع، أسموها مناقشات الأوساط السنية ومناقشات الأوساط الشيعية، من أجل المفاضلة بينهما أو إعابة أحدهما، بما في النفس المريضة، كالمريض النفسي الذي لا يعلم أنه مريض، وذلك في معالجة بعضهم للموقف من اتفاقية السيداو، التي حَوَّروا فيها اسم المرسوم بقانون تعمداً لا جهلاً، من أجل جمع الفريقين في مثلبة واحدة، من أجل الادعاء أنهم عن الجميع مختلفون، في ترويج عباءة براءتهم التي يَدَّعون أنها تجمع المكونين السني والشيعي، في دعاية انتخابية كاذبة ماكرة مبكرة، لاحظ انهم مازالوا يصنفون، المواطنين البحرينيين الى الفروع بحسب الطائفة، على حساب الأصل في المواطنة.

ولأن (الدين)، هو الغالب عندهم على (المواطنة)، كون المواطن ينفرد بالمواطنة ليجتمع بها مع باقي المواطنين، ولكنه يتعدد في الأديان ومذاهبها، تجدهم يطبقون رأيهم الديني الخاص، على حساب إهمال الحق المدني العام للمواطن، بما يشي ببواطن عقليتهم التي يجهدون في إخفائها ويفشلون، بما تبدو مفضوحةً مواقفهم تجاه اتفاقية السيداو، التي حوروا الإشارة الى عنوان «مرسومها بقانون» الذي أصله «المرسوم بقانون رقم (5) لسنة 2002 بالموافقة على الانضمام إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة» والموضوع هو مرسوم تعديله بحسب النص «المرسوم بقانون رقم (70) لسنة 2014 بتعديل أحكام المرسوم بقانون رقم (5) لسنة 2002 بالموافقة على الانضمام إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة»، فعنونوا قرار مجلس النواب «عدم رفض أو قبول المرسوم بقانون رقم (70) لسنة 2014 بتعديل أحكام المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 2002 ...»، الا أن مجلس النواب لم يستطع حصد الـ 21 صوتاً لرفض «المرسوم بقانون برفع بعض التحفظات» على اتفاقية السيداو، نعم هكذا، لم يشيروا الى عدم حصد مجلس النواب عدد الأصوات لرفض «المرسوم بقانون رقم (70) ...»، بل لرفض «المرسوم بقانون برفع بعض التحفظات»، وذلك على خلاف الحقيقة والواقع، من حيث إن المرسوم رقم (70) لم يشر، لا في عنوانه ولا مَتْنِه، الى ما يَدَّعون.

بحصيلة أن من بين، الحد الأقصى لحضور النواب، جلسة الثلثاء (5 إبريل 2016)، للنظر في «المرسوم بقانون رقم (70) لسنة 2014 بتعديل المرسوم بقانون رقم (50) الخ كما عاليه»، فإن الحضور في أحسن الحالات، لم يتجاوز عدد 31 نائباً انقسموا الى 11 نائباً موافقاً على المرسوم و18 نائباً اعترضوا عليه أو رفضوه، وامتناع نائبين عن التصويت، فاكتسب الشرعية القانونية قرار الـ 11 نائباً وفشل في اكتسابها قرار الـ 18 نائباً، تطبيقاً للمرسوم بقانون رقم 54 لسنة 2002 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب، المحصن بالمادة رقم 121 البند (ب) من الدستور.

كما تتحَصَّن المراسيم بقوانين، التي تصدر في الإجازات النيابية، أو في مُدَد حل مجلس النواب الدستورية، بشرط رفضها عوضاً عن شرط قبولها، على خلاف مبدئية باقي قرارات المجلس الأخرى، وذلك برفض أغلبية أعضاء المجلس (21 عضواً).

فيخلص بعض هؤلاء الكتاب وأمثالهم الى استخدام الأدوات غير الأخلاقية، مثل تخوين الآخر سياسيّاً أو الطعن في عرضه اجتماعيّاً، أو المس بدينه ومذهبه دينيّاً، ثم التقول عليه إنه (أي الآخر) طائفيّاً، ليس لأمر مضاد جلل، بل لاختلاف التوقيت، فقط التوقيت ما بين صبيحة وضحاها، في الاعتراض على الانضمام إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، على رغم أنهما الاثنان معترضان، بخلاصة أن الآخر لن يكون صاحبه ما حيا، متهماً المعارضة السياسية البحرينية، بعدم قدرتها على التواصل والاتفاق، مع ثلاثة تحديداً، «الموالاة» و«الفاتح» و«الشارع السني»، على المستويات السياسية والدينية والاجتماعية.

اليد الواحدة لا تصفق، هذا قول في بعضه صحيح، لكن ليس فيما يدعيه أولئك الكتبة من الاعتراض المطلق على الانضمام إلى اتفاقية السيداو، التي كشفت بما لا يدع مجالاً للشك، معايير وأفكار وتوجهات، جماعات أولئك الكتبة المُدارَة بموازين الطائفية الدينية ثم المذهبية، عوضاً عن الموازين المدنية الحديثة، المطورة لحداثة التطبيقات الدينية، بما يعكس حقيقة عدالتها ومساواتها بين البشر، بل الصحة فيما أوجب التعاون فيه والتكامل، ألا وهو التوافق على الخروج من الأزمة الدستورية والسياسية، بما يساوي بين جميع المواطنين، في الحقوق والواجبات، ويقضي على حتى أصغر الممارسات التمييزية والطائفية في المجتمع، وأولها التمثيل الشعبي الحقيقي في مجلس النواب، على مستوى الوطن كوحدة واحدة، وليس وطناً مجزأً الى مناطق انتخابية، وتلك المناطق بدورها مشرحة تشريحاً، بمشرط الطائفية الى دوائر انتخابية، تموت العدالة في تمثيلها في مجلس النواب، إحداها بنائب عن 16 ألف مواطن، وأخرى بنائب عما يقل عن 800 مواطن، فما يصلح للتمثيل البلدي للإدارات المحلية، لا يصلح للإنابة الحكومية والإنابة التشريعية والرقابية.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4978 - السبت 23 أبريل 2016م الموافق 16 رجب 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 9:32 ص

      كفوا عليك استاذنا

      والله كﻻمك ابرد الخاطر انا معاك هذا اللي يحب البلد ويتمنى ليها الخير

    • زائر 9 | 9:05 ص

      الهباء المنثور .

    • زائر 8 | 8:44 ص

      عند ما يكون كل نائب في البرلمان ممثلاً عن كل الشعب وليس عن فئة من الناس أو جماعة. فالإنسان الواعي الراشد العاقل لا يرضى لغيره إلّا ما يرضاه للناس ولنفسه ولأقاربه ولأصحابه والشلة أما أن يكون نائب في مجلس الخبراء اي شورى خري مري -خبراء تشريع أي يسمح أو لا يسمح أم الشورى فهى أعلى خبره ودرايه بالمسموح والممنوع والمحرم. فمن غير المعقول أن تكون حالة الطواريء في مكان بسبب كارثة غير معلن فيها إلّا حالة الطواريء القصوى لإنعاش الإختصاد المتردي بسبب الإهمال و عدم الدرايه ولا الإداره السليمة.اليس كذلك؟

    • زائر 7 | 8:34 ص

      متى يذهب العمل إلى حالة الهباء المنثور أي مشتت أو لا قيمة له لأنه لا يعود على الناس إلّا بالضرر. فلا ضرر ولا ضرار ليست من المخفيات اليوم وإنما ما خفي كان أعظم. فالتخفي اليوم وراء الأعمال الخيرية من قبل بعض الناس والتستر وراء حجاب الدين اللا دين فدين الله الإسلام ولا يعقل أن يدعو الله الناس للإحتراب والإقتتال من أجل أن يدعو الناس إلى دينه أي ملة إبراهيم عليه السلام.فمقولة التحصن بمادة ما هي إلّا مخترع جديد من أجل إعطاء شرعيه للفرار بلا عقاب وهذه جمبزة. اليس كذلك؟

    • زائر 6 | 4:50 ص

      لقد كان لديكم فرصه في وعد و التقدمي ان توحدوا الشعب في ٢٠١١ لو اخترتم طريق ثالث.. نحن بحاجه ماسه لاغلاق الجمعيات الثيوقراطية فهم أساس البلاء في البحرين فقبلهم كنّا شعب واحد له هم واحد و لكن بعدهم للأسف صرنا .. انا لن اقبل ان تحكمني العمامة أبداً و كذلك اخي الشيعي لن يقبل أبداً ان تحكمه اللحيه الطويلة و الثوب القصير

    • زائر 4 | 2:20 ص

      ماتقوله صحيح هذا واقعنا بالضبط وحتى ما يجري في منطقتنا العربية يزيد الشقاق بيننا ومن لا يزيد الديقراطية يفكر هو الريحان من تفرقتنا بس الواقع الجميع خسران فهل نزيل ما يفرقنا ونعمل في السياسة كشعب واحد

    • زائر 3 | 1:42 ص

      المشكلة في البطانة ...

    • زائر 2 | 1:22 ص

      شكراً أستاذ يعقوب سيادي كثر الله من أمثالك الذين يريدون للوطن ان يتعايش بجميع طوائفه بدون اقصاء او تهميش او تخوين احد مكوناته وكلنا اخوان سنة وشيعة يجمعنا رب واحد ونبينا واحد وقرائننا واحد وكعبتنا واحدة

    • زائر 1 | 12:09 ص

      انا مع السيداو و لكن اذا كنت انت يا سيدي من مؤيدي هذا القانون فأنا من اليوم ضده

    • زائر 5 زائر 1 | 2:56 ص

      لكذا التعدي على الكاتب المحترم

      إذا تقدر ترد على الكاتب بالمنطق و الإقناع ولا ترى تعليقك مالة داعي و يظل الأستاذ و باقي كتاب العمود في الوسط عمالقة الكلمة

اقرأ ايضاً