العدد 4991 - الجمعة 06 مايو 2016م الموافق 29 رجب 1437هـ

قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

هل تتذكرون الفتاة الجامعية التي ظلّت لأيامٍ، تبيع قناني المياه المعدنية؟ كانت تقف أمام إحدى الإشارات الضوئية في شارع حيوي في العاصمة. لم يضايقها أحدٌ لأيام، وصولاً إلى استجوابها من قبل الجهات المختصة، وما تم نشره من ترتيبٍ تم مع الجهة المختصة بالعمل، واختفت تلك التفاصيل بعدها بأيام حتى يومنا هذا.

قضية الفتاة الجامعية هي قصة آلاف العاطلين عن العمل من الجنسين، ممن يبحثون عن مورد رزق من غير تنطّع أو تسوّل أو العيش عالةً على من حولهم.

تلك قضية ضمن آلاف القضايا التي ربما لا تلجأ إلى الأسلوب نفسه بعد استنفاد الحلول والبحث عن المعالجات؛ علاوةً على خصوصية بعض الحالات.. حرجها وظروفها المركّبة.

تلك قضية، قضية أخرى تتعلق بما نشرته الصحف قبل أيام عن مطالبة أحد النواب جهةً حكوميةً بمراقبة حسابات على موقع التواصل الاجتماعي «الانستغرام». حسابات يعتاش أصحابها منها ويديرون شؤون واحتياجات ومتطلبات عائلات وأُسر. المطالبة جزمت أن الحسابات التي تعد أطباقاً ووجبات هي غير مستوفية للشروط الصحية. لم نسمع عن النائب نفسه أنه من المهتمين بتلك الشريحة ممن فتحت تلك الحسابات، ومعظم الذين يقفون وراءها إما عاطلون عن العمل أو ممن تم فصلهم من أعمالهم، أو من الأرامل أو المطلقات أو ربات بيوت لا عائل لهن، أو ممن لم يستوفوا الشروط أو الحظ للالتحاق بوظيفة ذات أجر ثابت، أو - وذلك حق طبيعي - ممن يبحثون عن تحسين أوضاعهم المادية بما يرفدهم بمصدر رزق إضافي، ولا جريمة في ذلك يعاقب عليها القانون مادامت مشروعة ولا تهدد السلْم الأهلي!

بعض الحسابات مرّ على تدشينها سنوات، ولم تتلق جهات رسمية شكاوى تتعلق بذلك الافتراض النيابي الذي خرج به على الملأ أحدهم؛ لأنها لم تتلقَ أساساً شكاوى سُجّلت ضدها دعوات وصلت إلى المحاكم ببلوغها حالات التسمم!

نكرّر معظم تلك الحسابات تبحث عن تحسين أوضاع معيشتها، بحكم الظروف التي تعانيها لأكثر من سبب، وتلك الحسابات تحرص أكثر من غيرها على اشتراطات الصحة والسلامة؛ لأن ما تسوِّقه للناس هو مصدر رزقها الوحيد أحياناً الذي سيهدّد تلبية احتياجاتها وتحسين أوضاعها في حال الإخلال بأدنى الشروط، من بينها التأخير في توصيل الإعداد وتوصيل الطلبات، ومن باب أولى الحفاظ على الاشتراطات الصحية والنظافة في مصدر الرزق نفسه.

وفي موضوع الاشتراطات الصحية والرقابة الصارمة التي طالب بها النائب، ومعه حق إذا وقف على حالات متكررة، علينا أن نتذكر أن عدد الحالات التي سجلت عن تعرض مرتادين لمطاعم شهيرة وبعض الفنادق الكبرى تطغى على ما تم تسجيله من قضايا ضد أصحابها - لم يتم تسجيل حالة واحدة حتى الآن ترتبط بحسابات على انستغرام - ولسبب بسيط: بعض المطاعم والفنادق تخزّن ما تطبخه، فيما تلك الحسابات تنجز طلباتها أولاً بأول، وصولاً إلى مراحل التوصيل إلى الجهات المرتبطة بها، وبالتالي لا يمكن لهذا الاكتشاف الخطير والفريد من النائب المذكور، أن يضيف إلى الاقتراحات شيئاً أو أن يصمد أمام حرص تلك الفئات وواقع ما تعيشه من جهة أخرى. وعلينا أن نتذكر: قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق بما يشبه الاستهداف الذي تمت الإشارة إليه.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4991 - الجمعة 06 مايو 2016م الموافق 29 رجب 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 2:01 ص

      لا تزعلي أكو النواب راح يصوتون على قطع رواتب المسقطة جنسيتهم مضاعفة في التنكيل بهم

    • زائر 3 | 1:03 ص

      في البلدان التي تدار بحكومات تمثل الشعب، توجد الحكومة مخارج للشعب ليعيش.. اما في بلدنا.. فبرلمانها يتصيد الافكار من الشعب لتزيد تجارته

    • زائر 2 | 12:59 ص

      الكاسر

      ام قيس كل شخص ينظر للطوفة الهبيطة لكي يعبر عليها للجهة الآخري اما الطوفه الرفيعة يصعب على الشخص اجتيازها الا بشق الانفس المواطن طوفه هبيطة

    • زائر 4 زائر 2 | 1:50 ص

      الفاشل لا يملك إلا أن يتصيد ويتتبع الناجحين

    • زائر 1 | 12:49 ص

      لا بل المثل بدّلوه وغيروه في البحرين

اقرأ ايضاً