العدد 5005 - الجمعة 20 مايو 2016م الموافق 13 شعبان 1437هـ

التضامن‭ ‬الإفر‬وآسيوي‭ ...‬إلى‭ ‬أين؟

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

شاركت ضمن وفد اللجنة البحرينية للتضامن الآسيوي الإفريقي (تحت التأسيس) في المؤتمر السابع والعشرين لمنظمات التضامن العربية والذي انعقد في القاهرة خلال (11 - 12 مايو/ أيار 2016) بعد انقطاع سنوات عن اجتماعات منظمة التضامن الآسيوي الإفريقي. وذلك تحت عنوان: «معاً ضد الارهاب»، أول ما لفت انتباهي هو أن معظم المشاركين هم ممن تجاوزوا الثمانين بمن فيهم قيادة المنظمة، حيث تناوب على رئاسة المنظمة التي تأسست في (1 يناير/كانون الثاني 1958) خمسة انتهت رئاسة أربعة، وهم يوسف السباعي، وعبدالرحمن الشرقاوي، ومراد غالب، وأحمد حمروش بالموت، ويرأسها حاليّاً حلمي الحديدي وسكرتيرها العام من الستينات نوري عبدالرزاق، حيث تناط الرئاسة بمصري بحكم الأمر الواقع. أما الظاهرة الثانية فهي أن ممثلي المنظمات العربية الحاضرة، وهم مصر والمغرب وتونس وفلسطين والعراق والبحرين فيها تمثلت بأعداد محدودة. فيما تمثلت سورية وليبيا بمقيمين في القاهرة، فيما غابت كل من الجزائر وموريتانيا والسودان والأردن وسورية والكويت كليًّا، ذلك يعكس حالة الضعف لمنظمات التضامن العربية وينعكس بالتالي على المنظمة الأم، وحركة التضامن العربية ككل، هذا وتستعد المنظمة لعقد مؤتمرها العاشر المقبل في المغرب في (أكتوبر /تشرين الأول المقبل)، والذي يفترض أن ينظر جديّاً في أوضاع المنظمة المتراجعة، فيما هناك مقترح لدعوة منظمات من أميركا اللاتينية للانضمام إليها، وبالتالي تغيير طبيعتها، وهو مقترح طرح في اجتماع اللجان العربية، ولم يعترض عليه أحد، وأول من تقدم بالطلب للعضوية لجنة التضامن الكوبية، فيما هو معروف أن كوبا تحتضن منظمة القارات الثلاث التي أسسها الشهيد المهدي بن بركة في الستينات، وتصدر مجلة فصلية بذات الاسم باللغتين الاسبانية والانجليزية.

جدول الأعمال شمل اربعة بنود، هي:

1 - جلسة الافتتاح حيث ألقيت كلمات من قبل حلمي الحديدي (الرئيس)، ونوري عبدالرزاق (السكرتير العام)، وحسين سعد الدين (ممثل الخارجية المصرية)، فيما تغيب ممثل الجامعة العربية.

2 - كلمات الوفود في مناقشة موضوع المؤتمر وهو «الارهاب» وتقديم فقرات البيان الختامي والتوصيات.

3 - مقترح من اللجنة المغربية لمناقشة خطاب الملك المغربي في قمة مجلس التعاون (20 إبريل/ نيسان2016) في الرياض، وفي سابقة هي الأولى في تاريخ المنظمة لستين عاماً مناقشة خطاب ملك أو رئيس.

4 - قراءة البيان الختامي والتوصيات وإقرارها.

الحقيقة أنه وعلى امتداد تاريخ التضامن مع بعض الاستثناءات، فلم تكن لجان التضامن العربية أو الآسيوية أو الافريقية ذات طابع أهلي فعلي، ومنبثقة من إرادة الناس؛ بل كانت امتداداً للأحزاب والسلطة الحاكمة، بل إن الاحزاب والأنظمة الحاكمة في الدول الاشتراكية عمدت إلى تشكيل لجان تضامن كأدوات خدمة لسياستها الخارجية والترويج للنظام الاشتراكي. وحتى انهيار الاتحاد السوفياتي وتفكك النظام الاشتراكي، فقد كان الاتحاد السوفياتي وبدرجة ثانية يتحمل إلى جانب مصر معظم نفقات وتبعات منظمة التضامن الآسيوي الافريقي، وبعد ذلك أضحى تمويل المنظمة مقتصراً على وزارة الخارجية المصرية، ولذلك ليس غريباً أن تتوافق المنظمة مع السياسة الخارجية المصرية في تحولاتها، وحقبها ورؤسائها والوضع الحالي ليس استثناء، بل إن توقف المساهمة السوفياتية والاشتراكية عموماً ماديّاً ومعنويّاً، جعل المنظمة منكشفة، وأسهم في تراجعها. ومع انهيار وتراجع الأنظمة العربية الحليفة لموسكو سابقاً فقد تراجع حماس هذه الأنظمة لمنظمات التضامن الوطنية ولمنظمة التضامن الأم، وهو ما يعكس تلاشي بعضها وتراجع غالبيتها، وتراجع النشاط والفعاليات والتأثير، فمثلاً تصدر المنظمة المصرية عدداً يتيماً سنويّاً، فيما كانت تصدر أربعة أعداد سابقاً، أما المنظمة الأم فقد توقفت مجلاتها، وتقتصر مطبوعاتها على اصدار كتيبات في فترات متباعدة حول المؤتمرات والندوات التي تقيمها المنظمة أو بالتعاون مع منظمات الأعضاء.

البيان الختامي للمؤتمر هو عبارة عن كلمة الافتتاح لرئيس المنظمة حلمي الحديدي، أما التوصيات فهي مجموع التوصيات التي تقدمت بها الوفود حول بلدانها، ولم يجرِ جدل بشأنها باستثناء سورية وليبيا وبالنسبة إلى مملكة البحرين فقد تقدم اقرار توصية تؤكد على دعوة مملكة البحرين لتنظيم حوار وطني يضم مكونات المجتمع ويشمل الحكومة والمعارضة والموالاة السياسية والمجتمع المدني؛ لإخراج البلاد من أزمتها السياسية والحقوقية نحو إصلاحات شاملة لمملكة دستورية ديمقراطية.

الفائدة المضافة من هذا الاجتماع هي اللقاءات الثنائية مع ممثلي منظمات التضامن الوطنية للبلدان الحاضرة والاطلالة على أوضاع بلدانها السياسية وغيرها في ظل أوضاع عربية خطيرة، ومقاربة أفضل للبيئة الحاضنة للتيارات والمنظمات التكفيرية والمتطرفة حتى في بلدان عرفت بالاستقرار والاعتدال مثل تونس وتجديد العلاقات معها.

والحقيقة أنه من خلال النقاشات داخل القاعة وخارجها فقد تبلور فهم أفضل للأزمة العربية الحضارية الشاملة في مختلف البلدان العربية وعلى امتداد الوطن العربي، فأبرز تجلياتها الحروب الأهلية والأنظمة الاستبدادية والعمليات الارهابية وتجسد الحركة التكفيرية الارهابية في دولة داعش في سورية والعراق وولايات «داعش «و»القاعدة» في أكثر من بلد عربي، كما أنه من خلال النقاشات فقد تبلور اتفاق على أن المواجهة العسكرية والأمنية لداعش وأخواتها لن يؤدي الى استئصال التنظيمات والحركات التكفيرية، مادامت الأوضاع العربية على حالها، وتشكل حاضنة للأفكار التكفيرية والمتطرفة، ولذلك فان الحل يكمن في ايقاف الحروب الأهلية ولو بحلول وسطى، ومباشرة الاصلاحات الشاملة والعميقة، والاستناد إلى الشعوب وقواها الديمقراطية وليس تهميشها ومحاربة قوى الديمقراطية والتحديث، كما كانت فرصة للاطلاع على وضع مصر الحبلى بالتطورات، وهذا له مقال آخر.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 5005 - الجمعة 20 مايو 2016م الموافق 13 شعبان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً