العدد 5007 - الأحد 22 مايو 2016م الموافق 15 شعبان 1437هـ

أن تفقد أمٌّ ابنها!

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

في الأسبوع الماضي نشرت الصحف نقلاً عن موقع «ديلي ميل البريطاني» حادثة غير عادية. الخبر أشار إلى أن امرأةً صينيةً زوّجت ابنها المتوفّى من فتاة متوفاة منذ ثلاثة أعوام، معلّلةً ذلك برغبتها في الاطمئنان عليه بعد مماته، ولكي لا يبقى وحيداً في حياته الأخرى!

ويشير الخبر إلى أن السيدة تيان زيوان، فقدت ابنها زانج (15 عاماً)، في أبريل/ نيسان الماضي بعد تعرّضه لضرب مبرّح حتى الموت على يد مجموعة من المراهقين. وقالت إن اختيار الفتاة جاء مناسباً لابنها، فقد توفيت عن عمر 16 عاماً منذ 3 سنوات.

أُقيمت مراسم الدفن الخاصة احتفالاً بزفاف العروسين المتوفيين، والذي تكلّف نحو 11 ألف دولار، واستمر عدة دقائق فقط، وحضره أقارب الصبي والفتاة في قريتهم بمقاطعة شانشي الصينية، دُفِن خلالها الصبي مع الفتاة في مقبرة واحدة، على بعد مئات الأمتار من منزله، وقامت العائلة بوضع صورة، تم تركيبها، تجمع الزوجين سوياً على مذبح خشبي خلال الاحتفال.

ربما تعد هذه الأخبار غريبة على معتقداتنا وأفكارنا، ولكنها وحين يتعلق الأمر بالمشاعر الإنسانية تبدو مقبولة وأقل غرابة؛ فالفقد من الأمور التي تجعل المرء يحاول أن يقوم بأي شيء يجبر أحاسيسه التي تهشّمت بعد أن طال الحزن قلبه، واكتست روحه بأثواب الحداد.

أن تفقد أمٌ ابنها، فذلك يعني أنّ لها قلباً لن ينسيه كل الفرح في الكون أساه؛ وأنّ لها روحاً تنزف لأن جزءاً من كيانها قد رحل. ومهما مرّت الأعوام وتوالت، لن يسمح الزمن لهذا الجرح أن يبرأ أو يُنسى. ربما تخف وطأة إلحاحه، ربما يختفي خلف الظل قليلاً ولكن ما إن تشرق شمس الذاكرة حتى يعود من جديدٍ ناصعاً، ولا يمكن لنا أن نلوم أماً في حبّها وحنينها لابنها المفقود.

ومهما كان عمر الأبناء، فإن الأمهات يسعين دائماً إلى محاولة الاطمئنان عليهم، وإسعادهم، ومساعدتهم، ويظللن قلقات على حاضرهم ومستقبلهم. ومن هذا المنطلق سعت الأم الصينية إلى تزويج ابنها بعد مماته حسب الأعراف السائدة لديهم؛ إذ أن ما يمنعنا نحن من القيام بهذا هو ثقافتنا الدينية والعقيدية التي تربينا عليها، والتي تجعل مثل هذا الفعل أمراً مستغرباً وأحيانا مستهجناً لدى البعض.

أعرف أمهات مازلن يحتفلن بأعياد ميلاد أبنائهن الراحلين، وأخريات مازلن يشعرن بهم حولهن حتى بعد مرور أعوام على رحيلهم، وأعرف أمهات مازلن يحدثن أبناءهن بكل حادثة في كل ليلة وبكل موقف وألم يعشنه؛ لأنهن لا يستطعن استيعاب رحيل أبنائهن.

الشعور بالفقد، حالة إنسانية يصعب علينا استيعابها، يصعب على أي علم تحليلها كما تعاش، لأنها خليط من مشاعر وذكريات وفكر وذاكرة ولحظات من العمر لن تعود أبداً.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 5007 - الأحد 22 مايو 2016م الموافق 15 شعبان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 3:50 ص

      لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم اللهم طول الله في اعمار اولادنا واولادكم ولا نرى اي مكروه فيهم بحق محمد وال محمد

    • زائر 5 | 2:38 ص

      امهات الشهداء

      على مستوى العالم العربي والاسلامي عظم الله اجورهن وانتقم لهن عاجلا

    • زائر 4 | 2:25 ص

      فعلا لا يمكننا نسيان من فقدناهم من العريزين على قلوبنا
      ساعد الله قلب كل فاقد

    • زائر 3 | 2:20 ص

      أبكيتني، رحم الله أخي وكان الله بعون أمي

    • زائر 2 | 2:02 ص

      أيه والله الله يمسح ع قلب الامهات الفاقدات ويصبرهم ع فراق فلذات كبدهم , لله الحمد ع كل حال , نحن كمسلمين نسلم بالقضاء والقدر نعتبرهم أمانه عندنا من الله وأذا أنتهى وقت أمتحانهم بالدنيا الدنية ترجع الامانه لله سبحانه , اللهم لا أعتراض . خاتون

    • زائر 1 | 9:59 م

      ما أقول لك يا سيدتي الا الحمد لله على نعمة الايمان

اقرأ ايضاً