العدد 5010 - الأربعاء 25 مايو 2016م الموافق 18 شعبان 1437هـ

بعض المحن بداية للنجاح!

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

«ستون» هو شاب أوغندي، كان موهوباً جداً في لعب كرة القدم. كان يطمح في احتراف اللعب في هذه الرياضة لتكون له باب شهرة وتميّز خارج بلاده، فيستطيع من خلالها أن يساعد أهله ويخرجهم من فقرهم المدقع.

قضى كثيراً من الوقت واكتسب خبرةً كبيرة، وشارف على تحقيق حلمه، قبل أن يتعرّض لإصابةٍ متعمدةٍ في إحدى المباريات أعطبت ركبته بشكل دائم، وقضت على حياته الكروية، فانهار أمامه حلمه في طرفة عين، وتبدّدت آماله.

قد يتبادر إلى الأذهان أن «ستون» اختار الإحباط والألم والحقد والكراهية بعد هذه الحادثة، إلا أنه قلب كل التوقعات من حوله، واختار أن يتسامح مع ذاته قبل غيره، ويتفوّق على حزنه وإعاقته على رغم تبدّد حلمه وانكسار أمانيه، فأوغل في الدخول إلى خبايا نفسه، مقرّراً أن يتغيّر وأن يغيّر الآخرين.

اختار «ستون» أن يكون مدرّباً ومعلّماً لمحبي الكرة، خصوصاً الصغار منهم، وذلك عن طريق نقل خبرته وموهبته إليهم، مما جعله يحقّق أحلامه من خلال مساعدة الآخرين وإيصال بعضهم إلى عالم الاحتراف .

أحياناً يتحوّل المرء نتيجة موقفٍ أو ظرفٍ قاسٍ يتعرّض إليه، من موقع التلقي السلبي إلى موقع الفعل الإيجابي. يصبح متفاعلاً مع جرحه أو ظرفه بشكل مختلف. يحاول أن يتغيّر نحو الأفضل، فيغيّر من حوله من دون قصد، فكيف به إذا جعل من هذه المهمة هدفاً له؟

بعض البشر يعرف تماماً ما يملك من مواهب وقدرات، ولكنه غير قادر على توظيفها توظيفاً سليماً يمكن أن يجعله عنصراً فاعلاً له حضور مختلف ومميز، ويترك أثراً أينما حل، ويترك ابتسامةً حتى على وجوه من لا يعرفونه حين يمر بهم.

بعضهم لديه قدرة كبرى على إحداث الأثر الإيجابي، وخلق روح من التفاعل والإرادة والعزيمة في نفوس الآخرين حين يستمعون إليه، ويرون ما قدّمه من إنجازاتٍ لنفسه قبل غيره، فكم من شخصٍ من ذوي الإعاقة صار اليوم متحدثاً ملهماً وخطيباً مميزاً بعد أن حقّق إنجازات لا يستطيع غيره تحقيقها؟

كم من شخصٍ أخفق في تحقيق حلمه في أمرٍ ما، ثم نقل تجربته إلى غيره بعد أن نجح في مجالات أخرى لدرجة أن بعض هؤلاء باتوا علامات فارقة في عالم التدريب وتنمية الذات؟

كم من رجل أعمال صار اليوم مثالاً يحتذى به، بعد أن حوّل معاناته وفقره إلى طموح ومثابرة، فنجح وحقّق كثيراً من الإنجازات وصار ينقل خبراته لغيره كلما رأى أو صادف متخاذلاً أو محبطاً؟

نحن بحاجةٍ إلى الالتقاء دائماً بهذه النماذج التي تعطينا دروساً في الحياة، كحاجتنا إلى التعليم والقراءة، خصوصاً وأنها أمثلة حية نراها بأم أعيننا.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 5010 - الأربعاء 25 مايو 2016م الموافق 18 شعبان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 3:29 ص

      سبحان الله , كل انسان عنده موهبة ف مجال ما عليه معرفتها وتطويرها وصقلها , أحيانا النجاح يكون بعد فشل عدة محاولات , هذا النجاح الذي له طعم , والعقل والقراءة والتفكر هي من أهم مفاتيح النجاح والتميز . خاتون

    • زائر 3 | 2:55 ص

      صحيح كلام واقعي فمشوار الألف ميل يبدأ بخطوة وأجمل هندسة في الحياة بناء جسر من الأمل فوق بحر من اليأس

    • زائر 2 | 2:03 ص

      مقال ملهم

    • زائر 1 | 1:08 ص

      نحن بحاجة لمثل هذه الأمثلة التي تزرع بداخلنا روح الأمل والمثابرة والسعي لتحيم الحواجز الداخلية واظهار روحنا الحقيقية التي كسبناها من آباءنا وأجدادنا رغم صعوبة الحياة وضنك العيش .. مقال موفق وإلى الأمام

اقرأ ايضاً