العدد 5023 - الثلثاء 07 يونيو 2016م الموافق 02 رمضان 1437هـ

«الداخلية»... خطوة في الاتجاه الصحيح

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

حسناً فعلت وزارة الداخلية عندما أعلنت يوم الأحد (5 يونيو/ حزيران 2016)، عن أنها «اتخذت الإجراءات القانونية تجاه نشر صور على وسائل التواصل الاجتماعي تتعلق بواقعة إحباط محاولة هروب مطلوبين ومحكومين إلى إيران».

هذه القضية ليست جديدة، بل تكررت كثيراً وتحدثنا عنها كثيراً، وطالبنا كثيراً من قبل تفعيل الأدوات القانونية اتجاه من يقومون بنشر صور متمهين أو مطلوبين لحظة القبض عليهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي دون أيِّ سند قانوني.

مَن نشروا تلك الصور، بالتأكيد ليسوا أُناساً عاديين، بل هم أفراد في الأجهزة الأمنية كانوا يمارسون دورهم الوظيفي، وهم معنيّون بالمحافظة على سرّية كُلِّ المعلومات الموجودة لديهم.

القضية برمّتها ليست جديدة بل تكررت من قبل، فقد أحدث اعتقال الشاب المحكوم حالياً رضا الغسرة، بمنطقة بني جمرة، في 23 مايو/ أيار 2013 وهو أحد الهاربين من التوقيف بتاريخ 8 مايو 2012، ضجة كبيرة في الشارع البحريني، لفظاعة الصورة التي سُرِّبَت أو نُشرَت وهو ملقى على الأرض ومُكبَّل اليدين من الخلف، والدماء تسيل من فمه.

لا نستغرب ولا نلوم مواطناً التقط هذه الصورة من بعيد، أو صوّرها بكاميرته الشخصية، أو تسلّل بعدسته المخفيّة، وجاء بها، ولكن اللوم كُلّ اللوم أن تخرج هذه الصورة من قبل أفراد يعملون في الأجهزة الأمنية، ويتفاخرون بنشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

صورة التُقطت لحظة التوقيف، وفيها تظهر أحذية وظلال لأفراد قريبين من الشاب، وبالتأكيد فهذه الأحذية والظلال لأفراد ينتمون للأجهزة الأمنية، وليس لأهالي القرية مثلاً، إذ إن الشاب يُعَدُّ «غنيمة أمنية» مطلوبة منذ عام تقريباً.

تزامناً مع تلك الصورة لرضا الغسرة، نُشرَت صورة أخرى لسلاح ناري يُعرَض على عدسة الكاميرا، وسبق بذلك حتى التصريح الرسمي لوزارة الداخلية على لسان مدير عام الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية وبساعات طويلة، إذ انتشرت صورة السلاح الذي قيل إنه ضُبط في حوزة الشاب الغسرة، قبل أن تعلن عن ذلك وزارة الداخلية وتعمِّم صورة السلاح.

الحركة ذاتها تكررت أيضاً لحظة إحباط محاولة هروب مطلوبين ومحكومين الأحد الماضي، وتمّ تصوير أولائك المطلوبين لحظة أعتقالهم ونشر الصور في مواقع التواصل الاجتماعي!

نعم كان السؤال واضحاً منذ العام 2013 وحتى يوم الأحد الماضي، للقائمين والمسئولين بوزارة الداخلية: هل يجوز للعاملين في المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية، نشر أدلة جنائية، وصور للمتهمين والمعتقلين والمطلوبين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو بأي طريقة من طرق العلانية؟ ألا يُعَدُّ ما حدث من نشر الصور، إهانة لكرامة الإنسان حتى وإن كان مطلوباً أمنيّاً؟

قد يذهب البعض للقول، بأنّ الناس تنشر صوراً كثيرة الشبه بهذه الصورة، ولمواقف قريبة، وتحظى بتأييد وقبول الشارع، ولكن الأمر مختلف لأنّ أولئك أناس عاديون، ليسوا مُلزَمين بما يُلزَم به أفراد الأمن المنوط بهم تطبيق القانون باسم الدولة وحفظ كرامة الإنسان لحظة اعتقاله.

إنّ القرار رقم (14) لسنة 2012 بشأن إصدار مدوّنة سلوك رجال الشرطة نَصَّ بوضوح على أن «رجال الشرطة هم في الحقيقة يمثلون الدولة وأداتها الفاعلة في ممارسة حقها لتحقيق الاستقرار للصالح العام، بما يضفي على عملهم نوعاً من القداسة والمهابة نظراً لما يُسنَد إليهم من صلاحيات مهمة وخطيرة تتصل بالإنسان وقد تنال من حُرّيته في أحيان كثيرة بالقانون وباسم الدولة».

ما قام به أفراد الأمن من نشر صور لمطلوبين لحظة اعتقالهم مخالفة قانونية، ولا يأتي ضمن «القداسة والمهابة» أو أن ذلك ضمن «الصلاحيات المهمة والخطيرة التي أوكلت لهم باسم القانون والدولة».

ترى مُدوّنة السلوك أيضاً أن «الهدف الأساسي لهذه المدوّنة هو إحداث ثقة متبادلة بين رجال الشرطة والمجتمع»، فعن أيّة ثقة يمكن الحديث، عندما تنتهك بممارسة أدوار، ونشر صور لمواطنين، سواءً كانوا متهمين أو مدانين أو حتى مطلوبين، بالطريقة التي شهدناها مؤخراً؟

تلزم المُدوّنة في باب واجبات رجال الشرطة بحماية صحة الأشخاص المحتجزين في عهدتهم، كما تلزمهم بأن يحترموا في أداء واجباتهم الحقوقية والدستورية والقانونية معايير حقوق الإنسان في التعامل مع الشهود والمتهمين والمشتبه بتورطهم في ارتكاب جرائم.

وتفرض المُدوّنة على رجال الشرطة الحفاظ على سرّية ما في حوزتهم من أمور ذات طبيعة سرّية ما لم يقتضِ خلاف ذلك الاقتضاء أداء الواجب أو متطلبات العدالة، وتحظر على رجل الشرطة استغلال ما لديه من معلومات بسبب العمل في تحقيق مصالح أو مكاسب شخصية، ونشر أية وثائق أو معلومات تتصل بالعمل بهدف الربح أو تحقيق مصالح شخصية أو الاحتفاظ بأيّة أوراق رسمية مما يقع تحت يديه.

هذه باختصار نصوص وبنود مُدوّنة سلوك الشرطة التي يجب على رجال الشرطة الالتزام بما جاء بها، على اعتبارها مرشداً وهادياً لهم في أداء واجباتهم، وبمثابة عقد اجتماعي بينهم وبين المجتمع البحريني، وخطوة على الطريق نحو مستقبل أفضل في ظل الاحترام والثقة المتبادلة بين المجتمع والشرطة.

«أنْ تصل متأخراً خيراً من أنْ لا تصل»، وبالتالي فإنّ الإجراءات القانونية الأخيرة التي أعلنت وزارة الداخلية اتخاذها ضد مَنْ نشر صور مطلوبين لحظة القبض عليهم بادرة جيدة تستحق الشكر عليها، وخطوة في الاتجاه الصحيح، ومحاسبة منتسبي الأمن الذين لا يحترمون سرّية المعلومات، والخصوصيات التي تقع بين أيديهم، تلك الخطوة كنا نطالب بها منذ مايو 2013، ونتمنى أن لا نشهدها تتكرر بعد الآن.

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 5023 - الثلثاء 07 يونيو 2016م الموافق 02 رمضان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 45 | 9:49 م

      ما دام قلت انت خطوة في الاتجاة الصحيح احس انهم على غلط

    • زائر 43 | 4:11 م

      «أنْ تصل متأخراً خيراً من أنْ لا تصل» بعدهم ما وصلوا يبي لهم مشوار طويل

    • زائر 42 | 4:10 م

      الديرة تسير بالمقلوب جت على هذي بس

    • زائر 41 | 4:09 م

      الكثير من الاحداث تقع وتصريحات الداخلية لا تتنفذ على ارض الواقع
      هل سيتم محاكمة من نشر الصور علانية؟؟؟؟ لا اعتقد ذلك

    • زائر 40 | 4:08 م

      لن يتم محاسبتهم مجرد حركة للاعلام

    • زائر 39 | 4:08 م

      ولد الفردان يمدح بس يذم في ذاق الوقت ماليك حل

    • زائر 38 | 4:07 م

      مقال رائع فيه الكثير من الامور التي تحتاج لتوضيح

    • زائر 36 | 11:24 ص

      كلا الطرفين غير متنازلين ..

    • زائر 34 | 6:47 ص

      يا هاني الفردان اشكرك لانك عريت اللي امسويين روحهم مقاومه وهاربين من السجن ومطلوبين وإذا كان على التصوير ما اعتقد فيها شي انتوا اتعرف من اللي يصور قوات الامن وهم يقذفون بالملوتوف والاسياخ الحيديه والقنابل المزروعه وشهد شاهد من أهلهاز

    • زائر 44 زائر 34 | 8:00 م

      يا حبكم للشماته؟!! لكنما هي الأيام نداولها بين الناس
      ومن يده في الماء ليس كمن يده في الطين
      لله ذركم يا شعب البحرين المظلوم

    • زائر 33 | 6:20 ص

      انت لايهمك الشعب والازمة التى فى البلاد فقط مصلحتك الشخصيه عمرك ما قلت كلمة حق

    • زائر 32 | 6:18 ص

      استاد هانى الداخليه لن تقبض عليهم مجرد اعلام هل حكمو على الذين قتلو الشهداء طبعا لا خرجو برائه والى الان يمارسون التعذيب انهم لايريدون حل للوطن انهم يعاندون ونحن نقول اليهم الحراك مستمر وما عدنه شى نخسره

    • زائر 27 | 4:32 ص

      ابراهيم الدوسري

      انت تتحدث عن الجزء الأخير الذى يهمك أما جوهر القضيه فهو بالنسبه لك تحصيل حاصل

    • زائر 29 زائر 27 | 5:47 ص

      مساء الخير
      نبغي نعرف الجوهر للأفاده
      وشهر رمضان كريم

    • زائر 26 | 4:27 ص

      طيب ليش زعلانين

    • زائر 23 | 3:21 ص

      بنصبر وبنشوف والميّة تكذّب الغطاس والأيام حبالى

    • زائر 22 | 3:20 ص

      خطوة في الاتجاه الصحيح؟ الأيام بيننا وابو طبيع ...

    • زائر 21 | 3:14 ص

      ليس ادنى ثقة في التزامهم بما يقولون والواقع يفند ذلك وستتكرر الاختراقات تحت ذرائع منها تصرّف شخصي وغيرها من التبريرات

    • زائر 20 | 3:14 ص

      ههههههه..هانى انته خوش كاتب الى يقرء يقول قاعد تمدح واقعا انته عريتهم كالمعتاد ..حفظك الله وسدد خطاك

    • زائر 18 | 2:53 ص

      لو صحه قصه الهروب ليش ما نسال عن سبب محاوله الهروب و التعرض للمخاطر لو لم يكن في داخل السجن ما هو اسوا و في الاساس ليش ابن الوطن يسجن وغيره متنعم بخيرات وطنه

    • زائر 17 | 2:32 ص

      التجاوزات كبيره وكثيره بعض العاملين في الأجهزة الامنية يرون انفسهم هم القانون وانه لا يحق لاحد ان يسائلهم والا
      ليش يسبون اثناء الاعتقال هل هناك اوامر بذلك لا اعتقد

    • زائر 16 | 2:30 ص

      من يومين.. سيارة مدنية وقفت وسط دوار القدم.. ونزل منها ثلاثة مدنيين. لبسوا قمصان صفر مكتوب عليها الامن وبدأوا يهينون الرجل الذي في السيارة اللي بعدهم لانه كان يطالبهم بالسير..
      رجال الامن سلطة لا حاكم لها!

    • زائر 19 زائر 16 | 2:58 ص

      الشعب البحريني بجميع أطيافه يتطلع بحوار جاء من الطرفين لحل الأزمة التي تعاني منها المملكه من2011 مما أثر على الإقصاد

    • زائر 25 زائر 16 | 4:09 ص

      لأن صاحبك شاف أقمصة الأمن

    • زائر 14 | 1:39 ص

      كم معتقل تم تهديده بنشر خصوصياته؟؟؟؟؟

    • زائر 13 | 1:38 ص

      نسيت ما قلته عن الحسابات ....على تويتر، كلهم .... وكلهم ينشرون اسرار المعتقلين

    • زائر 12 | 1:37 ص

      يا ولد الفردان... وانت من صدقك انه سيتم محاسبتهم
      تصريحاتهم للاعلام بس

    • زائر 11 | 1:36 ص

      كلام سليم، لماذا يستغل الشرطة وظيفتهم في الكثير من الاعمال غير القانونية ولا يحاسبهم أحد

    • زائر 10 | 1:35 ص

      لو شنو تقول.. بيقولون عنك انك تهاجمهم وبس

    • زائر 9 | 1:35 ص

      انزين هذا الي في التواصل الاجتماعي ويش عن الي في التلفزيون والجرائد الصفراء

    • زائر 8 | 1:24 ص

      مجرد حبر على ورق والهرب ليس الا ولا شيئ راح يتغير

    • زائر 7 | 1:19 ص

      بين السطور

      الغموض الذي يلف كل قضية يتم فيها القبض على عدد من المطلوبين والتي عادة ما تكون بعد حادثة كبيرة يضع علامات إستفهام أمام كل التفاصيل التي تليها ..

    • زائر 35 زائر 7 | 8:25 ص

      أين التصوير بكاميرات الأمن أثناء عملية الهروب لا يمكن عدم وجود كاميرات على بوابات السجن بينما توجد على بعض الناس حتى في بيوتهم

    • زائر 6 | 1:09 ص

      اه يا قلبي على عيال ديرتي

    • زائر 4 | 1:02 ص

      ولكن هل يحاسبوا ؟واقصد طبعا رجال الداخليه ومن نشر الصور! أمسيماطلوا وكعادتهم الى ان تنسى القضيه كما يعتقدون؟

    • زائر 2 | 10:59 م

      هاني

      كلامك عسل عسل وألف شكر إليك آلله يوفقك يا غالي . من غازي حسين

    • زائر 1 | 6:24 م

      خطوة صحيحة في طريق المليون ميل
      ونرجو ان لا تعقبها خطوات متراجعة كالعادة

    • زائر 5 زائر 1 | 1:02 ص

      نعم

    • زائر 24 زائر 5 | 3:57 ص

      قبل عام تسرب تسجيل صوتي لشرطة مدنيين وهو يقبضون على ناس مطلوبين وهم يشتمونهم بألفاظ نابية يندا لها الجبين.. في قضية اعتقال شباب من دمستان..... اين المحاسبة والتسجيلات موجودة واذا احد يقدر يساعدنا في توصيل هالتسجيلات لقسم الشكاوى بوزراة الداخليه.. خوب تعرفون اليوم تروح تشتكي يرمونك في ابو زعبل.

اقرأ ايضاً