العدد 5085 - الإثنين 08 أغسطس 2016م الموافق 05 ذي القعدة 1437هـ

سينما أيام لوّل... التسلل الهادئ للفن السابع

وسام السبع wesam.alsebea [at] alwasatnews.com

حسناً فعلت اللجنة الثقافية بأسرة الأدباء والكتّاب باستضافتها منصور محمد سرحان للحديث ضمن برنامجها الثقافي لهذا العام عن واحد من المواضيع التي اهتم وكتب فيها سرحان مؤخراً وهو موضوع تاريخ السينما في البحرين.

واذا كان سرحان اهتم بتاريخ المكتبة حتى صار بطل هذا الميدان واستحق بجدارة لقب مؤرخ الكتاب والمكتبة البحرينية بلا منازع، فانه انصرف أيضاً لتوسيع نطاق اهتماماته البحثية لتشمل الكثير من القضايا المغفلة في تاريخ البحرين الحديث والمعاصر، كالكتابة في حقل السيرة والمذكرات، والببلليوغرافيا الوطنية، والإسهامات الفكرية للمرأة البحرينية، ومكانة النخلة في مجتمع البحرين، كما أعدّ معجمًا للمؤلفين البحرينيين، وليس انتهاءً بتاريخ السينما في البحرين.

استعرض سرحان في محاضرته مساء الأحد قبل الماضي (31 يوليو/ تموز الماضي) بمقر الجمعية في الزنج محطات فاصلة في تاريخ السينما التي عايش جزءاً كبيراً منه بشكل شخصي وسرد ما يتذكره من تلك الأيام بطريقة شيقة وعفوية.

المحاولة الأولى تحققت على يد محمود الساعاتي، وكيل الاسطوانات الصوتية في الفترة من (1925 – 1932) والذي نجح في افتتاح أول دار عرض للأفلام الصامتة مشيدة بسعف النخيل (برستج) في موقع مبنى المحكمة السابق، وقد كانت تلك المنطقة مملوءة بالمقاهي التي يرتادها الناس وهم ينتظرون عودة السفن والأهالي من رحلات الغوص التي كانت تتواصل من ثلاثة الى أربعة أشهر، وكان هذا البرستج مجهزاً بثلاثين مقعداً، وسعر التذكرة آنذاك «آنتين) (الروبية كانت وقتها 16 آنة)، وكان يعرض فيه فليم أميركي وكانت هذه المبادرة الطموحة تمثل أول احتكاك بمنتجات الغرب الفنية في عشرينات القرن الماضي.

مبادرة الساعاتي هذه مهدت الطريق لفترة الثلاثينات والأربعينات عندما تأسست البداية الفعلية لتواجد السينما في البحرين ومنطقة الخليج في العام 1938 عندما أسس الثلاثة: عبدالله الزايد، وحسين يتيم والشيخ علي بن عبدالله بن عيسى، أول دار عرض للأفلام حيث تم تأجير أرض في العام 1930 لمدة 99 سنة، وانطلقت حركة السينما بشكلها الحقيقي في العام 1939 بعرض فيلم «وداد» لأم كلثوم، وقد شدّ هذا المشروع اليه كبار الشخصيات في الخليج، وعندما حلّ الملك عبدالعزيز آل سعود ضيفاً على شقيقه الشيخ حمد بن عيسى في البحرين شاهدا معاً هذا الفيلم في هذه السينما.

وهذه البداية لوجود السينما في البحرين، قوبلت بترحيب كبير من الأهالي ولم تتعرض لاعتراضات حادّة، كما أوضح سرحان، وذلك يرجع إلى ثلاثة عوامل رئيسية:

- وجود التعليم النظامي المبكر في البحرين بدءًا من العام 1899 عبر جهود الارسالية الأميركية وحتى التأسيس الفعلي لانطلاق التعليم الأهلي في البحرين في العام 1919 والمتمثل بمدرسة الهداية الخليفية.

- نشاط الأندية، وفي مقدمتها نادي إقبال أوال الذي كان يقود نشاطه الثقافي عشرة من الشخصيات الأدبية والمثقفة في المنامة والمحرق.

- الحراك الثقافي والأدبي والفني الذي أحدثه وجود المسرح المدرسي منذ العام 1925 وخصوصاً في المدارس الداخلية، والذي كان خلفه قامات أدبية رفيعة مثل عبدالرحمن المعاودة وإبراهيم العريض وآخرين.

- سرحان استعرض بعض المواقف التي لم يخلُ بعضها من فكاهة، فعندما تحدث عن مرحلة الستينات، وجاء على ذكر «السينما الأهلية» التي اشتهرت بعرض الأفلام التراثية كفيلم «عنتر وعبلة»، و»وإسلاماه»، ووجدت أن أفضل وسيلة لإعلان عرض هذه الافلام هي عبر ربط «حصان» عند بوابة السينما طيلة النهار ليعرف الجمهور أن مساء ذلك اليوم هو موعد عرض الفيلم!

- محاضرة سرحان كانت حافلة بالكثير من المعلومات المثيرة التي رافقت مسيرة تاريخ السينما، في مرحلة تاريخة ماجت بالكثير من التحولات والأحداث، وأعتقد أن المحاضر وفق إلى حدّ بعيد في معالجته لموضوعه.

- مداخلات بعض من حضر طرحت ما ظنّت أنها الحلقة الناقصة من محاضرة سرحان، واستعرضت حركة الإنتاج السينمائي في البحرين، رغم أن العنوان كان واضحاً؛ تاريخ السينما كدُور عرض، وليس حركة الإنتاج السينمائي البحريني.

- غير أن ما كان غائبًا حقًّا في طرح سرحان هو رصد أصداء هذا الفن العجيب في وقته، وردود الأفعال التي قوبل بها هذا الوافد الجديد من الأهالي، وأتصور أن هذه النقطة بالذات هي ما يتعين رصدُها بدقة دون خجل، فهذه حقائق أصبحت ملكاً للتاريخ، ولا ينبغي يحملنا الحماس لفكرة أن نتناسى أو نتجاهل ما واجهته من معوقات وعوائق واعتراضات، وليس من المعقول أن المجتمع البسيط الأمي في أغلبه، والذي اعترض على التعليم، والأندية، وعلى لبس البنطال، وعلى الدراجة الهوائية (خيل ابليس)، يحتفي بالسينما كل هذا الاحتفاء من دون ممانعة أو تحفظ! أشك والموضوع يحتاج إلى متابعة أعمق للوصول إلى نتائج أكثر دقة.

إقرأ أيضا لـ "وسام السبع"

العدد 5085 - الإثنين 08 أغسطس 2016م الموافق 05 ذي القعدة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً