العدد 5110 - الجمعة 02 سبتمبر 2016م الموافق 30 ذي القعدة 1437هـ

«ألعن أبوكم»... أيها الإخوة!

سعيد محمد saeed.mohd [at] alwasatnews.com

هل أدرك «العشرات» من علماء ومفكري الأمة الإسلامية أن الصراعات الطائفية والمذهبية في الدول الإسلامية هي نتاج تآمر بعض القوى الإقليمية والدولية التي استعانت (بمشايخ طين) لتنفيذ مخططهم التدميري؟ وهل جاء هذا الإدراك متأخرًا أم أنه مجرد ظاهرة صوتية في مؤتمر ينعقد وينفضُّ والسلام؟

قبل أيام، اختتم في العاصمة الشيشانية (غروزني) مؤتمر لعلماء المسلمين بحثوا فيه على مدى ثلاثة أيام (من 25 إلى 27 أغسطس/ آب 2016) قضايا في غاية الخطورة وعلى أعلى قائمتها ما يحيط بالأمة الإسلامية من مخاطر وتشويه للدين وربطه بالإرهاب وبتهديد الحياة الآمنة للبشر، لكن هذا المؤتمر، على رغم حضور ما يزيد على 200 من العلماء وأهل الفتوى من مختلف الدول العربية والإسلامية، لقي هجومًا وتشكيكًا وانتقادًا من جانب فريق (مناوئ) ليس من كوكب آخر أو من دولة معادية للإسلام، بل ممن يطلقون على أنفسهم مشايخ وعلماء وطلبة علوم دينية... الهجوم أساسه هو جزء من آلة الصدام والخلاف التي يجب أن تعمل بلا توقف في المجتمع الإسلامي.

سواء كان المشاركون يمثلون الدين، أم الطائفة أم المذهب، فذلك لا يبرر الهجوم والتشكيك، بل ولا يسوغ الشتائم من جانب الشيخ (فلان) أو الدكتور (علان) لأنهما لم يتسلما دعوةً للحضور، حتى أن أحد هؤلاء تحدث في إحدى الفضائيات بكل غضب مدعيًا أن كل من اجتمع في مؤتمر الشيشان إنما هم (متآمرون) على صحيح الإسلام وصحيح العقيدة وصحيح التوحيد! هكذا وأكثر، حتى أنه لم يتورع - حين اشتد به الغضب واحمرت عيناه - من القول: «يلعن أبوكم أيها الإخوة (....) فأنتم ترتكبون خطأً فادحًا!»، أما الخطأ الفادح من وجهة نظره فهو (وجوب العمل الصادق (....) للتنبيه والتحذير والوقوف صفًّا واحدًا في وجه الطوائف والملل والمذاهب الإسلامية (التي لا تتفق معه) في المدرسة الفقهية أو العقائدية! تصوروا؟.

المؤتمر، اتفقنا أو اختلفنا مع التنظيم والمشاركين ومنشأ فكرته، لم يكن ينعقد في الكهوف أو القاعات السوداء، أو في خبايا دهاليز مكاتب الاستخبارات، بل كان شاهرًا ظاهرًا نقلته العديد من الفضائيات ووسائل الإعلام وقناة «اليوتيوب»، وكان لافتًا بالطبع تصدر موضوع التصدي للفكر التكفيري المتشدد ومنهجه المتطرف الذي أولد الجماعات الإرهابية الدموية من رحم المجتمعات الإسلامية، ومع أن تلك النماذج من التطرف هي نتائج بيئات حاضنة ومناهج تعليمية ودينية مغذية، إلا أن المشاركين ربطوا بين تلك النماذج وبين دور بعض القوى الإقليمية والدولية التي تسعى إلى خلق صراعات طائفية ومذهبية في الدول العربية والإسلامية. عبارة (فئران تجارب) كانت ربما هي الأخرى مباغتة! فبيان افتتاح المؤتمر شرح أن «تجمع العلماء في الشيشان سيسهم بشكل جاد في إطفاء الحرائق والحروب اللاإنسانية، التي تتخذ من أجساد العرب والمسلمين وأشلائهم (فئران تجارب) دموية، وتشعلها أنظمة استعمارية جديدة تقدم بين يدي نيرانها نظريات شيطانية مرعبة»، (انتهى الاقتباس)، لكن السؤال هو: «لماذا امتلأت العديد من وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية بحملات الهجوم على المؤتمر؟، وكيف اشتعل غضب كل هؤلاء من المؤتمر في ذات الوقت وبذات الأسلوب وعلى أساس ذات الأسباب السخيفة؟».

الجواب جاء أيضًا في سياق العديد من الكلمات وأوراق العمل التي نوقشت في جلسات المؤتمر، وتوقعت مثل هذا الهجوم القادم من اللحى والمنابر التي تحمل الفكر التكفيري والتطرف المتشدد، والتي نجحت في خداع الأمة بما تمتلك من تمويل دولي، لأن تكون غطاءً لتحقيق أغراض سياسية ومكاسب طائفية وأطماعاً توسعية لإذكاء نوازع الفرقة بين المسلمين واشعال الفتن.

الخلاصة المؤسفة هي أن الدواعش وأفكارهم ومنهجهم ليس محصورًا، في مجتمعاتنا، في (الإرهابيين وذوي القابلية للفوز بالجنة والحور العين في أسرع وقت)، بل هو منهج قائم حتى في جامعات ومؤسسات وهيئات رسمية في البلاد الإسلامية، وهي الأقدر على أن (تلعن) بعضها بعضاً وتصارع بعضها بعضًا وتصرع بعضها بعضًا.

إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"

العدد 5110 - الجمعة 02 سبتمبر 2016م الموافق 30 ذي القعدة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 31 | 4:21 م

      هذا مؤتمر المخابرات الروسية تم تحت إدارة الرءيس الشيشاني رمضان قادروف المتهم الاول في اغتيال مجموعة من الصحافيين وتنظيم جراءيم منظمة ضد سياسيين ورجال فكر معارضين .. لا تنس ان نفس العاصمة غروزني تعرضت لتدمير منهجي في التسعينات من القرن الماضي علي أيدي الجيش الروسي الذي أحالها الي خراب . السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم ينعقد الموتمر في إحدي العواصم الاسلامية الكبري وانعقد في الشيشان الذي لا يتجاوز عدد سكانها الاثنيين مليون؟ تنظيم مخابراتي اخر فهلوة

    • زائر 32 زائر 31 | 7:52 م

      لأن الدول العربية والإسلامية هي حامية وراعية التكفير والإرهاب والتفرقة الطائفية وهي حواضن داعش وكل الإرهاب الذي يشوه الدين الإسلامي الحنيف والشكر لصحيفة الوسط والأخ الكاتب على الموضوع المهم الذي كشف لنا الكثير من أصحاب النهج الداعشي

    • زائر 28 | 8:29 ص

      نتمنى يا استاذ سعيد من ملكنا ملك الحزم والعزم ومن سمو ولي العهد الأمير محمد بن نايف ومن سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظهم الله أن يقدموا مبادرة لإيقاف النار الطائفية في الأمة فهم قيادتنا الحكماء وهم الأمل. ..يا استاذ سعيد كفيت ووفيت وتأكد أن الملك سلمان الله يحفظه لن يسمح بتفتيت الأمة على يد أهل الإرهاب والتكفير أعداء الإسلام. ..اختكم من الرياض أم نواف الحربي.

    • زائر 23 | 5:09 ص

      هههههههههههههههه. .
      يبدو أن مقالك يا استاذ سعيد اوجع الدواعش وساداتهم
      يزاك الله خير

    • زائر 22 | 5:00 ص

      مؤتمر المخابرات الروسية!
      هذا القاصر المخابرات الروسية أصبحت تحدد من هم أهل السنة و الجماعة.
      كانت بالفعل محاولة رخيصة من بوتين لإضفاء الشرعية على قتله المسلمين في سوريا... الحمد لله أن اللعبة لم تمر .. كل من حضر هذا المؤتمر المشبوه وضع نغسه في دائرة الشك و الاتهام.

    • زائر 24 زائر 22 | 5:11 ص

      ..قالوا لكم سنصنع لكم دين أمريكي جديد وعليكم التمويل

    • زائر 21 | 4:54 ص

      اشكرك أستاذ سعيد. ..انا مواطن سعودي سني المذهب ومن المؤيدين لإبعاد المتشددين والتكفيريين والمتطرفين من الشيعة والسنة ومعاقبتهم بالعدالة دون تمييز. .

    • زائر 20 | 4:24 ص

      ياريت المسلمين كل واحد يعيش على طقوس دينه ومذهبه ويترك عنه الطائفيه الى دمرت المسلمين وخصوصا هؤلاء اصحاب ................هؤلاء انه اعتبرهم جهله وتفكيرهم انهم على صح وكل المسلمين على خطا ولابد من قتلهم الله يخلصنه من الجهله

    • زائر 19 | 3:57 ص

      مقااال ممتاز تسلم اخ سعيد

    • زائر 16 | 3:36 ص

      حقيقة المؤتمر ذو مخرجات ايجابية
      و ظهر كالمسطرة او المعيار الذي يراد من خلاله قياس الحركات والتيارات ليطرح تصنيف واقعي تكون على اساسه مقاييس التكفير والتطرف مستقبلا
      و ان قلنا انه تأخر كثيرا كثيرا في اعلانه الا اننا لا يمكن ان نعتبره صحوة او اكتشاف جديد
      بل هو خيط من النسيج العالمي المطروح حاليا في الحرب على التطرف و التكفير والارهاب.
      ولا اظن ان هذا المؤتمر منفصل عن الحركة الدولية و الحرب الاقليمية التي بدا انها تتحول ضدالتكفير والارهاب
      وما هذا المؤتمر الا صيغة تعبوية مساندة في الحراك العام

    • زائر 12 | 2:21 ص

      مؤتمر إسلامي برعاية من روسيا فعلاً شيء مضحك ان يتم الترويج ان مجموعه من ...هم من يمثلون الاسلام الحقيقي

    • زائر 18 زائر 12 | 3:55 ص

      وين الغلط..غالبية الحكومات العربية والإسلامية تحت رعاية الأميركان من سنين طويلة. شي مضحك لو لا..جت على مؤتمر في الشيشان يعني

    • زائر 11 | 1:47 ص

      اي نعم تابعت الحلقة على قناة وصال وهذا شيخ مصري معروف عنه يتاجر بالطائفية. ...

    • زائر 10 | 1:42 ص

      أخي سعيد
      شكرا على المقال. أنت ذكرت أن الكثير من الناعقين لم يعجبهم الوضع فراحوا ينهقون وينعقون ويصرخون د المؤتمر لأنه استثناهم! الحمد لله أن المؤتمر لم يعقد في إيران ولم تنظمه إيران وإلا لنشبت الحرب.
      باعتقادي أن العام الإسلامي بدأ يستشعر الخطر التكفيري على الإسلام والمسلمين وعلى العالم والسلم العالمي، ولهذا جاء ها المؤتمر وإن جاء متأخرا ثلاثين عاما أو أكثر وبعدما طحنت ملايين الأجساد وانتزعت ملايين الأرواح.

    • زائر 8 | 1:07 ص

      العالم كله يتحدّث عن منابع الارهاب ومصادره وهذه الخطوة متواضعة لأنّه وحسب ما أرى على الشعوب والدول الاسلامية كلّها ان تقوم بواجبها تجاه هذا الفكر الضالّ المضلّ والذي ينسب للإسلام وهو اكثر ما يشوّه صورة الاسلام.
      كفى تشويه للإسلام فالدول الكبرى تلاعبت بعقول بعض المسلمين خاصة من الشباب وزجتها في محارق الحروب تحت مسميات الجهاد ونحن كمسلمين تسيرنا الدول الغربية كأننا قطيع من الاغنام تأخذ خيراتنا وتتلاعب بعقول شبابنا وتشعل الحروب في بلداننا بأموالنا ليهلك شبابنا وتدمّر بلادنا

    • زائر 7 | 12:58 ص

      المؤتمر جاء متأخرا وخيرا أن تأتي متأخرا من أن لا تأتي وذلك بعد أن ذهبت أرواح عشرات الآلاف من الشباب المسلم في حروب طاحنة لا ناقة لهم فيها ولا جمل تلاعبت بعقولهم قوى تحت مسمّى الدين والجهاد ولأهداف وأغراض دنيوية واطماع وجشع بعض الحكومات الغربية

    • زائر 5 | 12:40 ص

      هم تضايقوا عسكريا وسياسيا وإقتصاديا وآخرها دينيا.. .

    • زائر 4 | 12:02 ص

      عن أبي جعفر عليه السلام قال:
      خطب أمير المؤمنين عليه السلام الناس فقال:
      أيها الناس إنما بدئ وقوع الفتن أهواء تتبع, وأحكام تبتدع, يخالف فيها كلام الله, يقلد فيها رجال رجالا, ولو أن الباطل خلص لم يخف على ذي حجى, ولو أن الحق خلص لم يكن إختلاف, ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معا, فهنالك إستحوذ الشيطان على أوليائه ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى.
      المصدر: المحاسن للبرقي ج1-ص208-ح74 وفي ص 218-ح114
      بحار الأنوار ج2-ص315-ح83

    • زائر 3 | 11:57 م

      *****

      أليسوا هم بدأوا ذلك بتفريق وتمزيق الأمه من خلال فتاويهم التي ليست من الإسلام بشئ.. إنها عدالة الله في الأرض، لا يهم من ينعق هنا وهناك لقد أجمع ..على براءتها من (التطرف) التي جرت الويلات على أمة العرب والمسلمين.

    • زائر 2 | 11:55 م

      قاتلين روحهم على الحور العين ومابحصلون الا النار والعار.....(خسر الدنيا والآخره ذلك هو الخسران المبين)

    • زائر 1 | 10:59 م

      ليش يقتل نفسه علشان حور العين
      انصحهم جميعا الذهاب الي اورپا او دول الشرقية فيه حور العين جمال الله في الطبيعه والبشر لا يقتل خلق الله ولا يقتل نفسه

    • زائر 6 زائر 1 | 12:50 ص

      المشكلة أن بعض التكفيريين عايشين في أروبا؛ عندهم النعمة والحلال ويرفسونها !

    • زائر 9 زائر 6 | 1:35 ص

      من مزق الامه هم العلماء الذين دينهم دينارهم .

اقرأ ايضاً