العدد 5162 - الإثنين 24 أكتوبر 2016م الموافق 23 محرم 1438هـ

البحرين وتونس... عينٌ على الحاضر وأخرى على المستقبل

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

طويلاً ما سعى بعض المُغرِضين والمتشدّدين من كلا البلدين إلى التشويش على العلاقات البحرينيّة التونسيّة سواء خلال الأشهر الأولى من الربيع التونسيّ العام 2011، أو في ختام اجتماعات الدورة الـ33 لمجلس وزراء الداخلية العرب في مارس/ آذار الماضي. غير أنّ الحفاوة التي استقبل بها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، أخاه رئيس الجمهورية التونسية الباجي قائد السبسي خلال الزيارة التاريخية إلى مملكة البحرين مطلع العام الجاري، وعودة الروح إلى اللجنة المشتركة التونسية البحرينية من خلال انعقاد دورتها السادسة منذ يومين بتونس، بمشاركة وفد بحريني رفيع المستوى ترأّسه وزير الخارجية البحريني، الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، تؤكدان أنّ العلاقة البحرينية التونسية، وعلى أعلى المستويات، كما هي بين شعبي البلدين الشقيقين، ستعيش رغم كل شيء لأنها أرفع وأسمى من أن تنالها بعض المواقف المعزولة.

وتستند العلاقات السياسية بين البلدين، إلى إطار قانوني ثريّ متكون من 13 اتفاقًاً وبرنامجاً تنفيذياً، تغطي المجالات الاقتصادية والفنية والاجتماعية والإعلامية والثقافية والصحية، وإلى هياكل تعاون متعددة، على غرار اللجنة المشتركة التونسية البحرينية، ولجنة المتابعة والتشاور السياسي، ومجلس رجال الأعمال المشترك التونسي البحريني.

وقد تُوِّجَت، منذ يومين، أشغالُ الدورة السادسة للّجنة المشتركة التونسية البحرينيّة، بالتوقيع على 15 اتفاقيّة تعاون ومذكرة تفاهم، شملت معظم مجالات التعاون الثنائي، الاقتصادية منها والثقافية والأمنية، ومجالي الكهرباء والديوانة. وخلال الزيارة التقى الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، رئيس الجمهورية التونسي في قصر قرطاج، كما التقى رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر الجمعة 21 بقصر باردو.

وتأتي هذه اللقاءات في سياق إقليمي ودولي دقيق؛ فمكافحة الإرهاب، ولا سيما ما كان مصدره بعض التيارات التكفيرية المتشدّدة، حاجةٌ ملحّة ومشتركة تستدعي من أعضاء الجسد العربي الواحد مزيداً من التكاتف والتلاحم وتقريب وجهات النظر على مستوى المواقف وآليات التصدي لهذا الخطر المحدق بالجميع، والاستفادة من التجارب الحاصلة في هذا البلد أو ذاك. ولعلّ تجربة تونس في التصدي للإرهاب أمنياً ورفض احتضانه اجتماعياً، فضلاً عن استقرارها السياسي عقب تجربتين انتخابيتين ناجحتين سنتي 2011 و2014 يجعل منها نموذجاً على وقع ما تشهده المنطقة العربيّة من أزمات، بل ربما هي الأمل الوحيد المتبقي لبعض الدول العربية التي شهدت تغييراً سياسياً في السنوات الأخيرة.

كما تتزامن أشغال الدورة السادسة للّجنة المشتركة التونسية البحرينيّة مع ظرف اقتصاديّ عالميّ حادّ ودقيق يستدعي البحث عن بدائل أخرى لتطوير اقتصادات البلدين، ولمزيد دعم كل مبادرات الاستثمار وتوفير الظروف الملائمة لها وتحويلها من مجرد أفكار ومقترحات إلى مشاريع على أرض الواقع. وفي هذا السياق صرّح الوزير البحريني الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة عقب اللقاء بالرئيس التونسيّ خلال زيارته «إن بلاده تواصل دعم تونس في جهودها لتحقيق التنمية، وستشارك بصفة فاعلة في المؤتمر الدولي لدعم الاقتصاد والاستثمار» الذي تنظمه تونس يومي 29 و30 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. وعبّر عن تفاؤله بنجاح هذا المؤتمر مؤكداً حرص بلاده على المشاركة الفعالة فيه من خلال وفد يضم قسماً حكومياً ورجال أعمال. وتشهد تونس إصلاحات اقتصادية تدعّمت بالمصادقة أخيراً على قانون الاستثمار الجديد ما يشجّع رجال الأعمال على بعث المشاريع والرفع من نسق الاستثمار في تونس.

إنّ ما يجمع تونس بالبحرين أقوى وأكبر ممّا يمكن أن يباعد بينهما، فقد عُرفت البحرين كتونس على امتداد التاريخ بالاعتدال والانفتاح على الآخر بحكم إطلالهما على البحر؛ حيث كانت دانة الخليج العربي في المشرق ودُرّة المتوسط مغرباً، محطتي عبور الكثير من الحضارات على امتداد آلاف السنين. وقد تميّز أهل البلدين بالتعايش مع الآخر مع الحفاظ على الخصوصية التي تشكّلت تدريجياً؛ إذْ يرى الكثير من الباحثين أنّ تونس كما البحرين، تمثّل الوجه الحقيقيّ للعالم العربيّ، فكلٌّ من البلدين يجمع بين التمسّك بالهويّة والأصالة والانفتاح على العصر. فضلاً عن كونهما يراهنان على الإنسان بوصفه رأس المال الحقيقيّ للأمم، ما يجعل التنمية البشريّة في سلّم أولويات البلدين. لذا فإنّ مستقبلاً واعداً مشرقاً ينتظرهما.

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 5162 - الإثنين 24 أكتوبر 2016م الموافق 23 محرم 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 3:00 م

      جميييييل شكرا بارك الله سعيك

    • زائر 5 | 5:32 ص

      كل الشكر لك ولجهودك السخية

    • زائر 4 | 5:30 ص

      عاشت مملكة البحرين...عاشت تونس...عاشت الأخوة التونسية البحرينية

    • زائر 3 | 3:44 ص

      وشائج التقارب ستظلّ أقوى من غيرها ..والتّاريخ يشهد بالجسور التي امتدت ومازالت
      شكرا استاذ سليم.

    • زائر 2 | 1:32 ص

      كل الاحترام والتقدير لمملكة البحرين. شكرا أخي سليم على هذه الكلمات الصادقة.

    • زائر 1 | 1:15 ص

      راااااائع استاذ الله يحفظ البلدين

اقرأ ايضاً