العدد 5174 - السبت 05 نوفمبر 2016م الموافق 05 صفر 1438هـ

شركات عربية عملاقة!

جعفر الصائغ

باحث اقتصادي بحريني

أحد المدراء الكبار في شركة ال جي (LG) الكورية العملاقة وهو السيد كيم، قضى في دبي أكثر من ست سنوات، عرف البيئة الاقتصادية في المنطقة، وفهم عوامل نموها ومصادر قوتها وضعفها، ونوع وطبيعة المستثمرين الخليجيين وهيكلية الشركات العائلية.

سألوه عمّا يحول دون قيام شركات عربية عملاقة، على رغم وجود الطاقات البشرية ووفرة رأس المال والمناطق الجغرافية الشاسعة، بينما نجدها في دول صغيرة نسبياً مثل كوريا وسنغافورة التي بدأت نهضتها الاقتصادية بموارد أقل بكثير من الدول العربية. فقال إنهم، أي رجال الأعمال العرب، لا يثقون في بعضهم البعض، تسيّرهم العاطفة... وأن المسئولية في الشركات العائلية تعطى في المقام الأول إلى الابن، وفي الحد الأقصى لابن العم أو لابن ابن العم، بحيث تبقى الشركة مغلقة ملكاً وإدارياً، ولا يمكن أن تنفتح إلى المواهب والكفاءات الخارجية كما هو الحال في الشركات العائلية الأوروبية، والسبب هو أنهم لا يثقون في تلك المواهب.

فمن الصعب أن يكون المدراء التنفيذيون أو صاحب القرار من خارج العائلة، حيث يفضل رجال الأعمال أن تبقى ملفات شركتهم سرية بين أفراد العائلة. وبهذه الوضعية يقول السيد كيم، لا يمكن أن تتوقع أن تستمر مثل هذه الشركات إلى عقود من الزمن أو أن تتحول إلى شركات كبيرة مثل LG وغيرها. إنهم لا يستطيعون إنشاء شركة مساهمة عامة، بدون انفتاح على المواهب المحلية والعالمية. العرب عاطفيون جداً وليسوا علميين مثل الألمان والأميركان الذين يتسمون بالهدوء وأكثر تنظيماً وحنكةً في الأعمال.

السيد كيم يريد من أرباب العمل العرب أن يثقوا في الكفاءات الإدارية المحلية، وإعطاءها فرصةً لمساعدتهم في بناء وتطوير أعمالهم وتوسعتها، وتعزيز قدراتهم التنافسية وأن يشركوها في عملية اتخاذ القرارات والعمل بمبدأ الشفافية، ومن دون ذلك لا يمكن أن تحقّق مثل هذه الشركات النجاح الذي يمكنها من البقاء كباقي الشركات العالمية.

إن ما قاله السيد كيم يعبّر عن الواقع الذي تعيشه الشركات العائلية في الخليج، فغياب الثقة ببعضنا البعض، ووجود العاطفة الأبوية أو العائلية في بيئة العمل، وخاصةً في عملية اتخاذ القرارات المستقبلية، ساهمت بشكل كبير في ضياع كثير من الاستثمارات، وتحجيم الشركات العائلية وانهيار كثير منها، حيث أصبحت هذه الشركات تعمل برؤية قصيرة المدى لا تتعدى عمر الجيل الأول، وبحد أقصى الجيل الثاني. وكما ذكرنا في المقال السابق أن العمر الزمني لأغلب الشركات العائلية الخليجية لا يتعدى الثلاثين سنة كحد أقصى، وهو ما يعني أن الشركة تنتهي بوفاة المؤسس، والقليل منها تبقى لما بعد الجيل الثاني. فعندما تنعدم الرؤية المستقبلية ويصبح طموح المستثمر لا يتعدى سنوات عمره، فمن الطبيعي أن تنتهي المؤسسة مع توقفه عن العمل، فالمؤسسة تكون قد أنشئت في الأساس بعمر افتراضي محدود الأجل.

أكثر الشركات العالمية التي تجول العالم، وتتحكّم في الأسواق العالمية بمنتجاتها المتنوعة، كانت في الأساس شركات عائلية أسست على يد شخص واحد، ولكن لم يرتبط مستقبل تلك الشركات بعمر أو فكر ذلك الشخص، ولم تكن مغلقةً إدارياً؛ بل كانت تتنافس على استقطاب المواهب والكفاءات الإدارية لإدارة شركاتهم؛ بل تحوّلت إلى شركات مساهمة.

إقرأ أيضا لـ "جعفر الصائغ"

العدد 5174 - السبت 05 نوفمبر 2016م الموافق 05 صفر 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 4:11 ص

      العرب أهل الإرث والتوارث والكوارث

      بالعادة بعد وفاة المؤسس تتقسم الشركات لإرث وتنهتي باستهلاك هذا الإرث

    • زائر 2 | 1:11 ص

      لم يفلحو ولن يفلحو في شيء

    • زائر 1 | 12:06 ص

      الغربب انهم بتعاملو مع هذه الشركات العمﻻقه وﻻ يتعلمو منهم

اقرأ ايضاً